دافع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، خلال زيارة الدولة التي يقوم بها إلى تونس، عن مشروعه الخاص بإطلاق «الاتحاد المتوسطي»، وحرص على الاشادة بسياسة الرئيس التونسي زين العابدين بن علي في مكافحة الإرهاب والتأكيد أن تونس تمنع وصول نظام «من نوع طالبان» في شمال افريقيا قد يهدد أمن أوروبا وفرنسا. وقال ساركوزي خلال عشاء الدولة الذي أقامه بن علي على شرفه وزوجته كارلا، مساء الإثنين، إن الطاقة النووية، طاقة المستقبل، ينبغي أن تكون بمتناول دولة مثل تونس لأنها طاقة تمكّن من التنمية والتطوير، وهما شرطان لإبعاد البؤس والفقر اللذين يمثلان أرضاً خصبة للإرهابيين الذين يتغذّون بالفقر والبؤس. وهذه المرة الأولى التي يربط فيها الرئيس الفرنسي بين الطاقة النووية المدنية ومكافحة الإرهاب عبر التنمية والتطور. وأشاد ساركوزي بجهود بن علي في الاصلاحات في بلاده، وما أحرزته تونس من تقدّم على صعيد حقوق المرأة والتقدم في التعليم. ودافع عن فكرته إنشاء اتحاد للمتوسط على أساس متساو، قائلاً إن الخطأ في الماضي تمثّل في أن الضفة الشمالية للمتوسط كانت تقرر وتفرض قراراتها على الضفة الأخرى الجنوبية، موضحاً أن فكرته هي وحدة المتوسط على أساس متساو، مع رئاسة للجنوب ورئاسة للشمال وأمانة عامة للشمال وأخرى للجنوب. أما بن علي فدعا إلى «مشاركة أوسع لدول جنوب المتوسط في وضع الخطط واتخاذ القرارات وإلى انشاء آليات لانجاز المشاريع»، مشيراً إلى استعداد تونس للمشاركة في وضع آلياتها. واقترح بن علي على الدول النفطية المشاركة في جهد التضامن العالمي عبر «اقتطاع دولار واحد عن كل برميل نفط تساهم به في دعم الصندوق العالمي للتضامن الذي أقرّته الأممالمتحدة». وتكلّلت زيارة ساركوزي لتونس والتي تنتهي اليوم الأربعاء، باتفاق تجاري تضمّن شراء 16 طائرة من طراز «ايرباص» لشركة الطيران التونسية. ووقّع وزير الهجرة الفرنسي بريس أورتوفو اتفاقاً مع وزير الخارجية التونسي عبدالوهاب عبدالله لتسهيل تنقّل المواطنين التونسيين بين فرنساوتونس وذلك من خلال اعطاء تسهيل منح تأشيرات من سنة إلى خمس سنوات، وأيضاً تسهيل دخول الكوادر التونسية المختصة ببعض المجالات إلى سوق العمل في فرنسا حيث هناك طلب على العمالة التونسية المختصة (سيشمل ذلك أكثر من 9000 محترف تونسي في مجالات الإعمار والفندقية والمطاعم). ويهدف الاتفاق إلى مكافحة الهجرة غير المشروعة، وايضاً دعم أعمال مشتركة بين البلدين من أجل التنمية والتضامن. ووقّع البلدان أيضاً «اتفاق - إطار» في المجال النووي المدني، مثلما حصل مع كل من الجزائر والمغرب وليبيا. ويضع هذا الاتفاق شروطاً للتعاون في تطوير الطاقة النووية المدنية في مجالات الطاقة وتحلية المياه والبحوث وتدريب الكوادر، وهو اتفاق مدّته 20 سنة، مع تشكيل لجنة مشتركة. ومثّلت زيارة ساركوزي لتونس تكريساً لعلاقة فرنسية - مغاربية متوسطية «مميزة»، كون ساركوزي استمر في الاشادة بكل ما قام به بن علي على صعيد اقتصاد بلاده وانفتاحه، خصوصاً تسامحه الديني (صافح بن علي حاخام باريس جوزف ستروك الذي كان مرافقاً في وفد ساركوزي في تونس). ويزور ساركوزي اليوم آثار قرطاج، ثم يكرّر أمام طلاب المعهد العلمي في تونس سياسته الخاصة بإنشاء اتحاد متوسطي. إلى ذلك، التقت أمس وزيرة شؤون حقوق الإنسان الفرنسية رما ياد في فندق اقامتها في تونس رئيس لجنة حقوق الإنسان مصطفى ريفي، وألغت في اللحظة الأخيرة موعداً كانت حدّدته للمسؤولة عن حركة النساء الديموقراطيات خديجة شريف. تونس - رندة تقي الدين