كاتب مصري مغالطات مقصودة ومفروضة على الساحة المصرية ، عندما تنحاز الأغلبية المصرية للتيار الإسلامي الذي ظل طوال العقود الماضية يعتمد الوسطية والاعتدال بعيداً عن الغلو والسلمية بعيداً عن العنف والتدرج بعيداً عن الانقلاب والشراكة والإيمان العملي بحق الآخر بعيداً عن العزلة والغلبة والاكتساح ، ثم تصر النخبة العلمانية على ممارسة الإرهاب الفكري والابتزاز السياسي بهدف ترويع وتخويف الرأي العام "الأغلبية" من التيار الذي ينحاز إليه قلباً وقالباً ، تمارس النخبة العلمانية نفس الأساليب غير الأخلاقية لنظام الحكم البوليسي البائد ، إشكالية النخبة العلمانية أنها بفعل بل بسحر الميكرفونات التي تجلس خلفها والإعلام المتاح بل المسخر لها نسيت أو تناست أمرين مهمين الأول : تاريخ التجربة العلمانية في العالم العربي عامة ومصر خاصة الثاني : التناقض بين مبادئ الديمقراطية وممارسة الإرهاب الفكري والابتزاز السياسي تاريخ التجربة العلمانية مرت النخبة العلمانية المصرية بعدة مسارات منذ بدايات القرن الماضي منها : مرحلة النزوع للاستعمار"مرحلة الشعور بالدونية والتبعية للغرب" حين وجدت نفسها تعيش واقعاً عربياً مأساوياً متخلفاً على المستويين المدني والحضاري ووجدت أن الفرق صار شاسعاً بين الواقع والطموح الغربي فانطلقت الأفكار من هنا وهنا تبشر بالمشروع الغربي المنقذ من التخلف والجهل والمرض لدرجة طالب البعض باتباع الغرب شبراً بشبر وذراعاً بذراع إذا أردنا النهوض والتقدم ورأى البعض أن الدين الإسلامي وحده هو سبب التخلف والتراجع وبالتالي علينا خلعه كما نخلع الثياب حتى نساير التقدم الغربي مرحلة الاستقلال والدولة الوطنية عندما التفت هذه النخبة حول منظومة الحكم ودوائر صنع القرار أملاً في تنفيذ المشروع الحلم والذي يهدف إلى: ** تكوين قوميات مستقلة وفقاً للمفاهيم والقيم الغربية بعيداً عن المفاهيم والقيم العربية والإسلامية بدعوى أنهما سبب التخلف والتراجع. ** إحداث تنمية اقتصادية وفقاً للنموذج الرأسمالي لتوفير واقع معيشي مميز. ** توفير مناخ ديمقراطي على غرار النموذج الغربي. * * إعداد قوى عسكرية قادرة وفاعلة تحمى البلاد وتحجز دور إقليمي فاعل ومؤثر. لكن لاعتبارات كثيرة ورغم إتاحة كافة الفرص من الوقت كل الوقت والإمكانات كل الإمكانات إلا أن الواقع أثبت فشل التجارب وسقوط الشعارات لسبب حيوي هو عدم اعتبار هوية شعوب هذه المنطقة من العالم ومحاولة استنساخ نموذج أو مولود لن تكتب له الحياة في هذه البيئة. مرحلة ظهور النخبة العربية ذات التوجه الإسلامي. وهي مرحلة الصحوة الإسلامية منذ سبعينيات القرن الماضي بقيادة الحركة الإسلامية بجناحيها الإحيائي والإصلاحي وفي القلب منها حركة الإخوان المسلمين والتي استهدفت إقامة مشروعها التغييري على المرجعية الإسلامية. ومن هنا انتقل التيار الليبرالي إلى مربع الخصومة معها متمثلاً في: ** الانحياز لأنظمة الحكم المستبدة تشرعن الاستبداد وتقنن الفساد لدرجة غير مسبوقة تجلت في التعديلات الدستورية التي تمت بكثير من البلدان العربية بهدف تأبيد السلطة بل وتوريثها (مصر واليمن وليبيا والجزائر) وإقصاء المعارضة الإسلامية ** الانحياز لطبقة رجال الأعمال الذين قفزوا إلى دوائر الحكم وصنع القرار في مرحلة تزاوج السلطة بالثروة ما أهدر ثروات مصر المادية والفكرية والمعنوية ** الانحياز للمشروع الصهيوأمريكي الذي يدير المنطقة ويدعم شرعية أنظمة الحكم العربي الذي تفتقد الشرعية الشعبية ،بل كانت هذه النخبة أكثر غلواً حين تطابقت رؤيتها مع الرؤية الصهيونية في موقفها من قضايانا المركزية خاصة فلسطين، فضلاً عن خلط الأوراق بتحديد من العدو ومن الصديق التناقض بين مبادئ الديمقراطية وممارسة الإرهاب الفكري والابتزاز السياسي ويتمثل في عدة نقاط منها : ** مناخ الترويع والتخويف المفروض إعلامياً على الرأي العام المصري من الإسلاميين وتسخير غالبية وسائل الإعلام المسمي بالقومي والخاص للقيام بهذه المهمة التي تبدو وكأنها معركة مقدسة تخوضها النخبة الإعلامية ضد الإسلاميين ** محاولات الانقضاض على المواد الدستورية التاريخية المحددة للغة وهوية ودين الدولة ومحاولة استقطاب الكنيسة المصرية في هذه المعركة الخطيرة وقد سبق تناول أمور أخرى منها حذف خانة الديانة من بطاقات الهوية وحق الأقباط في الالتحاق بجامعة الأزهر وبعض الأمور الأخرى التي تتحرش بالأغلبية المسلمة دون سبب أو مبرر ** فرض الوصاية عل الأغلبية واتهامها بعدم النضج السياسي واستسلامها لدغدغة المشاعر والخضوع للشعارات الدينية في الوقت الذي أعلن فيه البعض عن تأسيس حزبه من داخل الكنائس المصرية "راجع إعلان الباحث عمرو حمزاوي للحزب المصري الديمقراطي من داخل الكاتدرائية المرقسية بالعباسية" خلاصة الطرح ..... أن التيار العلماني المصري قد أخذ فرصته كاملة من الوقت والحكم والإمكانات وكانت النتيجة فشل التجارب وسقوط الشعارات و لم ينجح في تحقيق ما وعد به فضلاً عن انهيار طموحات المصريين في حياة حرة كريمة بل أفرزت التجربة هذه النظم البغيضة من الاستبداد والفساد والقمع ، لذا فمحاولات الترويع والتفزيع من الآخر خاصة الإسلامي غير مجدية بل أن خطابهم المتكرر يستدعي تجارب وممارسات ضياع الأحلام وحضور الكوابيس .