الانقلاب الصيفي يحل اليوم السبت 21 جوان 2025 في النصف الشمالي للكرة الأرضية    بايرن ميونخ يفوز على بوكا جونيور و يتأهّل إلى ثمن نهائي كأس العالم للأندية (فيديو)    بعد فوزه على لوس أنجلوس... الترجي الرياضي يدخل تاريخ كأس العالم    موجة جديدة من الصواريخ الإيرانية على إسرائيل: ضربات على تل أبيب، حيفا وبئر السبع، أكثر من 100 جريح    كأس العالم للاندية.. الترجي ينتصر على لوس انجلوس الامريكي    نتائج الباكالوريا 2025: تفعيل خدمة الرسائل القصيرة، والتوجيه الجامعي يسير بخطى ثابتة    أسرة عبد الحليم حافظ تُقاضي مهرجان "موازين" الدولي بالمغرب    في واقعة نادرة.. استخراج هاتف محمول من بطن شاب بعد عامين من ابتلاعه    كيف سيكون طقس السبت 21 جوان 2025؟    8 علامات تشير إلى بيع بياناتك الشخصية عبر الإنترنت.. احذرها    باجة: إستقبال شعبي لقافلة الصمود [فيديو]    وزارة الثقافة تنعى فقيد الساحة الثقافية والإعلامية الدكتور محمد هشام بوقمرة    وزير الاقتصاد.. رغم الصدمات تونس لا زالت جاذبة للاستثمارات    ترامب: قد أدعم وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل إذا سمحت الظروف.. مستعد للحديث مع طهران    22 سنة سجناً مع النفاذ العاجل في حق الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي وقيادات سابقة    في اختتام مهرجان « Bhar Lazreg Hood» منطقة البحر الأزرق .. معرض مفتوح لفن «الغرافيتي»    بين طموح التميز وشبح الإقصاء .. النموذجي... «عقدة » التلاميذ !    "الستاغ" تعتذر من حرفائها..وهذه التفاصيل..    الأحد: فتح المتاحف العسكرية الأربعة مجانا للعموم بمناسبة الذكرى 69 لانبعاث الجيش الوطني    باجة: نسبة تقدم الحصاد بلغت 40%.    بلاغ جديد من النجم الرياضي الساحلي    السبت 21 جوان تاريخ الانقلاب الصيفي بالنصف الشمالي للكرة الأرضية    قابس: أكثر من 250 مشاركا في الدورة 41 لمعرض قابس الدولي    وزارة الصحة تجدد دعوة الأطباء المقيمين إلى اختيار مراكز العمل    طبربة: إيداع مربي نحل السجن من أجل تسببه في حريق غابي    صحتك النفسية فى زمن الحروب.. .هكذا تحافظ عليها فى 5 خطوات    سحر البُن.. وعبق الإبداع والفن    زيارة وفد نيابي الى المركب الصحي بجبل الوسط: تراجع خدمات المركب بسبب صعوبات عدة منها نقص الموارد البشرية وضعف الميزانية والايرادات    ارتفاع لافت في مداخيل السياحة وتحويلات التونسيين بالخارج... مؤشرات إيجابية للاقتصاد الوطني    عاجل : أزمة جديدة تلاحق محمد رمضان    ارتفاع درجات الحرارة يسبب صداعًا مزمنًا لدى التونسيين    عاجل/ العامرة: إزالة خامس مخيّم للمهاجرين يضم 1500 شخصا    إزالة مخيم ''العشي'' للمهاجرين في العامرة..التفاصيل    وزير السياحة يؤدي زيارة إلى ولاية جندوبة    منصّة "نجدة" تساعد في انقاذ 5 مرضى من جلطات حادّة.. #خبر_عاجل    منتدى الحقوق الاقتصادية يطالب بإصلاح المنظومة القانونية وإيجاد بدائل إيواء آمنة تحفظ كرامة اللاجئين وطالبي اللجوء    هجمات اسرائيل على ايران: السعودية تحذّر.. #خبر_عاجل    "ليني أفريكو" لمروان لبيب يفوز بجائزة أفضل إخراج ضمن الدورة 13 للمهرجان الدولي للفيلم بالداخلة    النادي الإفريقي يعلن عن موعد الجلسة العامة الانتخابية    عاجل: اتحاد الشغل يطالب بفتح مفاوضات اجتماعية جديدة في القطاعين العام والوظيفة العمومية    من مكة إلى المدينة... لماذا يحتفل التونسيون برأس السنة الهجرية؟    حملة لمراقبة المحلات المفتوحة للعموم بدائرة المدينة وتحرير 8 مخالفات لعدم احترام الشروط القانونية (بلدية تونس)    ''مرة الصباح مرة ظهر''.. كيف يتغيّر توقيت اعلان نتيجة الباكالوريا عبر السنوات وما المنتظر في 2025؟    المنتخب التونسي للكرة الطائرة يختم تربصه بإيطاليا بهزيمة ضد المنتخب الايطالي الرديف 3-1    ''التوانسة'' على موعد مع موجة حرّ جديدة في هذا التاريخ بعد أمطار جوان الغزيرة    الأستاذ عامر بحببة يحذّر: تلوّث خطير في سواحل المنستير ووزارة البيئة مطالبة بالتدخل العاجل    عاجل/ عقوبة سجنية ثقيلة ضد الصّحبي عتيق في قضية غسيل أموال    كأس العالم للأندية: الترجي الرياضي يواجه الليلة لوس أنجلوس الأمريكي    بطولة برلين : من هي منافسة أنس جابر اليوم الجمعة ؟    كاس العالم للاندية : ريال مدريد يعلن خروج مبابي من المستشفى    عاجل/ طهران ترفض التفاوض مع واشنطن    تقص الدلاع والبطيخ من غير ما تغسلو؟ هاو شنو ينجم يصير لجسمك    عاجل/ سعيّد يكشف: مسؤولون يعطلون تنفيذ عدد من المشاريع لتأجيج الأوضاع    الأوركسترا السيمفوني التونسي يحتفي بالموسيقى بمناسبة العيد العالمي للموسيقى    بالفيديو: رئيس الجمهورية يشرف على اجتماع مجلس الوزراء...التفاصيل    خطبة الجمعة... ذكر الله في السراء والضراء    ملف الأسبوع...ثَمَرَةٌ مِنْ ثَمَرَاتِ تَدَبُّرِ القُرْآنِ الْكَرِيِمِ...وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ    أمل جديد لمرضى البروستات: علاج دون جراحة في مستشفى الرابطة.. #خبر_عاجل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفجرنيوز: تنشر تفاصيل وأسرار مباحثات التهدئة الفلسطينية "الإسرائيلية"
نشر في الفجر نيوز يوم 17 - 05 - 2008

الزهّار فرض اتفاقه حول التهدئة مع المصريين على قيادة "حماس" بدمشق
مشعل طلب من الفصائل عدم التقاء كارتر بالقاهرة ورفع سقف مواقفهم في الحوار مع سليمان
..إتهم الجهاد ب "الرخاوة" خلال المحادثات مع القاهرة فصحح له الزهار بأنه طلب منهم ذلك
الجهاد غابت عن أول جلسات التهدئة بعيد اغتيال مغنية واعتراضا على محاولة عزل قيادة الخارج
الجهاد ترفض الجوهر السياسي للتهدئة ولن تكون عقبة أمام دخول السلع الغذائية للناس في غزة
مصر معنية بفتح معبر رفح وإقرار التهدئة خشية تسليم اسرائيل لها كامل المسؤولية عن القطاع
دمشق شاكر الجوهري الفجرنيوز:
ما هو الرد الذي عاد به عمر سليمان مدير المخابرات المصرية من اسرائيل، على مساعيه المتعلقة بالتهدئة المطلوبة بين فصائل المقاومة واسرائيل..؟
أحدا من قادة الفصائل الفلسطينية في دمشق لم يكن يعرف تفاصيل هذا الرد كافة، وإن تحدث بعضهم عن بعض عناوينه العريضة:
أولا: أن الباب الإسرائيلي لم يغلق أمام التهدئة، كما روي عن لسان خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس".
ثانيا: عودة سليمان بشرط اسرائيلي جديد يقضي بوقف الفصائل الفلسطينية لمساعيها الرامية إلى تطوير صواريخها محلية الصنع، خاصة من حيث المدى، وزنة العبوة المتفجرة التي تحملها..!
ثالثا: اطلاق سراح الجندي الإسرائيلي الأسير جلعاد شاليط، ضمن "صفقة التهدئة"..أي دون مقابل يتمثل في الإستجابة لمطالب "حماس" المتعلقة بإطلاق سراح 1500 أسير فلسطيني.
رابعا: موافقة "حماس" على قصر التهدئة في قطاع غزة، دون الضفة الغربية، وهو ما ترفضه حركة الجهاد الإسلامي، والجبهة الشعبية/القيادة العامة، ومنظمة طلائع حرب التحرير الشعبية/الصاعقة.
لا يعني ذلك وجود خلاف حول هذه النقطة بالذات بين "حماس"، وبقية الفصائل الفلسطينية..ذلك أن مشعل طلب من الفصائل الأخرى صراحة رفع سقفها في الحديث مع المصريين، قائلا إن "حماس" وافقت تحت ضغط الظروف، وعليكم أن ترفعوا سقفكم كي تخففوا الضغط عنا. ويبدو أنه تحت ضغط الظروف وافقت "حماس" أيضا على أن يمثلها قادة الداخل في الحوار مع المصريين، دون قادة الخارج، على الأقل في المرحلة الأولى، بعكس حركة الجهاد الإسلامي التي أصرت على أن تتم مخاطبتها عبر "عنوانها الصحيح"، ممثلا بقيادتها المعترف بها، والموجودة في دمشق.
وبذا، يكون مشعل قد اتعظ من تجربة ياسر عرفات، الرئيس الفلسطيني السابق، وخلفه محمود عباس، اللذان أصرا دوما على التزام جميع الفصائل بما يتعهدان به لإسرائيل.
تباين المواقف بين الحركتين يتمثل كذلك في جملة نقاط أخرى سنبينها في مواضعها في سياق هذا التقرير، مع أن مسؤولا في الحركة وفقا لمصادر وثيقة الإطلاع يصف علاقة حركته ب "حماس" حاليا، بأنها أكثر انسجاما من أي وقت مضى، مضيفا.. هناك تعايش بين الحركتين، وتقاطع حول الموقف من المقاومة، ولا مشاكل مع "حماس".."العلاقة جيدة الآن، وأفضل مما كانت عليه في السابق".
هل يمثل رفض الجبهة الشعبية/القيادة العامة لموافقة "حماس" على قصر التهدئة في مرحلتها الأولى على قطاع غزة، دافعا لإعلانها مسؤوليتها مع لجان المقاومة الشعبية/قوات الناصر صلاح الدين، عن اطلاق صاروخ يوم الإربعاء على مجمع تجاري في مدينة عسقلان..؟
قد يكون ذلك، وفقا لمسؤول فلسطيني رفيع..!
عزل قيادة الخارج
على كل، الرد الإسرائيلي يفترض أن يكون عمر سليمان مدير المخابرات المصرية قد سلمه لوفد "حماس" في القاهرة، أو أنه في طريقه لتسليمه، وذلك بعد أن تباينت الروايات بشأن موعد وصول الوفد، وتشكيلته، وما إذا كانت ستقتصر على قيادة الداخل، أو أنها ستشمل قادة من الداخل والخارج معا.
وقضية تشكيلة الوفد ليست شكلية البتة، في ضوء المعلومات التي تؤكد أن سليمان سعى من أجل عزل قيادة الخارج، حين بدأ جهوده لتحقيق التهدئة، فوافقت "حماس"، ورفضت الجهاد..!
في التفاصيل، بدأت جهود سليمان بعد أيام قليلة من اغتيال اسرائيل للمرحوم عماد مغنية، القائد العسكري لحزب الله في دمشق، وذلك بتاريخ 12 شباط/فبراير الماضي، حيث طلب اللواء محمد ابراهيم، نائب عمر سليمان مدير المخابرات المصرية من حركتي "حماس" والجهاد عقد محادثات مع المخابرات المصرية في مدينة العريش المصرية القريبة من حدود قطاع غزة، حول التهدئة مع اسرائيل.
عقد في هذا لإطار ثلاثة لقاءات في العريش، لم يسفر اولها عن اتفاق مع المصريين، خاصة وأن حركة الجهاد تغيبت عنه، لسببين، كما تقول المصادر:
الأول: عدم مناسبة التوقيت، حيث كانت قد مضت فقط عدة أيام على اغتيال اسرائيل للمرحوم الشهيد عماد مغنية، القائد العسكري لحزب الله، وكان الحزب وقادته يهددون بالتصعيد ضد اسرائيل انتقاما للقائد الأسطوري الذي رحل. ولذا، وجدت حركة الجهاد أنه من غير المناسب ابرام تهدئة مع اسرائيل في ظل هذا الظرف.
الثاني: اعتراضا على محاولة القاهرة حصر تمثيل الفصائل الفلسطينية بقياداتها في قطاع غزة، حيث تم الإتصال مع قادة الداخل، ومحاولة عزل ومحاصرة قيادتها الرسمية الموجودة في دمشق، وإدارة ظهر الفصائل الفلسطينية لسوريا في وقت تم فيه اغتيال مغنية في عاصمتها، وذلك في خطوة (عزل قادة الداخل) موازية للحصار الإقتصادي والحياتي الذي تساهم مصر في فرضه على القطاع، تهدف إلى استثمار نتائجه لجهة بذر الشقاق بين قيادتي الداخل والخارج.
تقول المصادر أن قيادة الجهاد في دمشق فهمت الخطوة المصرية على هذا النحو. ولذا، فقد تغيبت الحركة عن اللقاء الأول في العريش، فيما شاركت في اللقاء الثاني. كما شاركت الحركتان في اللقاء الثالث الذي تمت فيه حوصلة نتائج الحوار بين الحركتين ومصر.
اتصال مشعل مع رمضان
الدكتور محمود الزهار، قيادي "حماس" البارز في غزة، حين علم بأن الجهاد تعتزم عدم المشاركة في جلسة الحوار الأولى، بادر إلى الإتصال مع خالد مشعل في دمشق طالبا منه العمل على اقناع الجهاد بإرسال وفد من قيادتها في غزة للمشاركة. وبدوره اتصل مشعل بالدكتور رمضان عبد الله أمين عام حركة الجهاد ناقلا له رغبة الزهار، فكان رد عبد الله "هذا خطأ وطعم لا نريد أن نبلعه، وعلى المصريين أن يتصلوا مع العنوان الصح.. حركة الجهاد موجودة في الضقة والقطاع، ولها قيادة في هاتين الجغرافيتين، كما لها قيادة جامعة في الخارج".
المصريون كرروا المحاولة مع قيادة الجهاد في الداخل ثانية قبيل بدء جلسة الحوار الثانية، فطلبت قيادة الداخل منهم الإتصال مع الأمين العام في دمشق. وحين اتصل اللواء محمد ابراهيم مع زياد نخالة في دمشق طالبا مشاركة الجهاد في لقاء العريش، أجابه بأن "حماس بتسد، وإذا اتفقتم معها لن تكون هناك مشكلة"..!
لكن اللواء ابراهيم أصر على حضور ومشاركة الجهاد. وقد كرر الجانب المصري في هذه الجلسة طرح وجهة نظره التي سبق أن طرحها على وفد "حماس" في الجلسة الأولى، وتقضي ببدء تهدئة أخرى بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي. وعاد الوفدان إلى غزة، مؤكدان على ضرورة أن تكون التهدئة متبادلة ومتزامنة في هذه المرة، وأن تشمل قطاع غزة والضفة الغربية.
بعد أسبوع عقدت الجلسة الثالثة بطلب مصري، حيث شكل الوفدان من قيادات الصف الثاني، إذ مثل "حماس" محمد أبو هاشم، ومثل الجهاد خالد البطش. وكان المغزى من مستوى التمثيل واضحا، خاصة حين تكرر ابلاغ رفض المبادرة للجانب المصري، دون أن يكون الوفدان مخولان التفاوض بشأنها.
اتفاق الزهار سليمان
أواسط نيسان/ابريل الماضي خرج الدكتور محمود الزهار من غزة على رأس وفد من "حماس" للقاء الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر في القاهرة، وهو في طريقه إلى دمشق للقاء خالد مشعل والمكتب السياسي ل "حماس". ولم يكن هذا اللقاء مقررا في برنامج زيارة كارتر، غير أن مصر عملت مجددا على محاولة ابراز قيادة الداخل بالتوازي مع قيادة الخارج. وهي لم تكتف بذلك، لكنها حاولت اختطاف زيارة كارتر من مشعل و"حماس" ودمشق، عبر توجيه دعوة لجميع الفصائل الفلسطينية لتلتقي الرئيس الأميركي الأسبق في القاهرة..!
وقد اتصل مسؤولون مصريون مع قادة الفصائل في دمشق طالبين منهم ترشيح ممثلين لفصائلهم من غزة ليلتقوا كارتر.
كان أكثر المستائين من التحرك المصري هو خالد مشعل، الذي سارع للإتصال مع قادة الفصائل الفلسطينية في دمشق متحدثا لهم عن "مؤامرة تهدف إلى افشال اللقاء المرتقب بينه وبين كارتر".
وتضيف المصادر أن مشعل كانت لديه مخاوف من أن تؤدي الخطوة المصرية إلى الغاء اللقاء المخطط له بينه وبين كارتر في دمشق.
أما حركة الجهاد فلم تكن مبالية للأمر..ذلك أنها لم تكن راغبة أصلا بلقاء الرئيس الأميركي الأسبق.
المهم، لم تنجح المحاولة المصرية. واقتصر لقاء كارتر في العاصمة المصرية على وفد من "حماس" دون بقية الفصائل، التي استجابت لطلب مشعل بعدم الذهب للقاهرة.
على هامش زيارة الزهار للقاهرة للقاء كارتر، عاود عمر سليمان مدير المخابرات المصرية فتح موضع التهدئة معه. وفي اللقاء الثنائي مع "حماس"، وافق الزهار في هذه المرة على خطة تهدئة مصرية من 12 بندا طرحها سليمان، وحملها معه إلى دمشق محاولا فرضها على مشعل..وهي النقاط التي سبق للزهار أن اعلنها في مؤتمر صحفي.
مشعل يحذر من مؤامرة
رئيس المكتب السياسي لم يكن مرتاحا تماما لما توصل له الزهار مع سليمان في القاهرة. وقد عبر عن ذلك في لقاء جمع قيادة "حماس" مع قيادة الجهاد الإسلامي، بحضور الزهار، محاولا تحميل الجهاد الإسلامي مسؤولية "رخاوة" الموقف الفلسطيني. قال مشعل مخاطبا قيادة الجهاد: "ليش جماعتكم كانوا رخوين في اللقاء مع المصريين..؟"..فرد عليه الزهار مؤكدا "احنا طلبنا منهم ذلك"..يقصد عدم تصليب الموقف.
وتشير المصادر إلى أن الزهار قصد بكلامه أن "حماس" معنية ب "حلحلة" الوضع المعيشي للناس عبر التوصل إلى تهدئة تضمن توفيرالطعام والدواء لأهالي غزة المحاصرين، ما دامت قبلت أن تكون هي المسؤولة عن السلطة في القطاع.
وترى المصادر أنه بسبب من تولي "حماس" السلطة في غزة فقد أصبح بإمكان اسرائيل أن تخيّر الفلسطينيين الآن بين المقاومة و لقمة العيش، في حين كانت سلطة عباس إدارة مدنية بيد الإحتلال، جعلت أبو مازن مجبرا على توفير الإحتياجات اليومية للناس على حساب رفضه للمقاومة.
بعد موافقة مشعل والمكتب السياسي ل "حماس" على "مبادرة الزهار"، اتصلت مصر بقادة الفصائل الفلسطينية الأخرى تطلب حضور وفود منها للقاهرة لتناقش المبادرة وتقرها. وكان الزهار التقى خلال زيارته دمشق قيادتي الجهاد الإسلامي، والجبهة الشعبية/القيادة العامة.
في اللقاء الموسع حرص اللواء محمد ابراهيم على الدفاع عن "حماس" مؤكدا للفصائل الأخرى أن المبادرة المطروحة عليهم هي مقترحات مصرية لم تصغها "حماس"، كما سبق لأحمد أبو الغيط وزير الخارجية المصري أن أعلن.
والجديد في الصياغة التي ابلغت بها وفود الفصائل هو أن التهدئة باتت مطلوبة فقط في قطاع غزة دون الضفة الغربية.
الجهاد ملتزمة اجتماعيا وتعارض سياسيا
زياد نخالة نائب الأمين العام لحركة الجهاد، الذي ترأس وفدها هذه المرة سأل اللواء ابراهيم: هل تقبلون الفصل بين القطاع والضفة..؟ موضحا وجهة نظر حركته في أنه للتهدئة وجهان: سياسي واجتماعي. وأضاف سياسيا نرى أن التهدئة خطأ، وتمثل التفافا على كل الثوابت الفلسطينية. وطالب بدعوة جميع الفصائل الفلسطينية للقاهرة لتناقش مشروع التهدئة بشكل جماعي كي لا يحدث انشقاق فصائلي.
وتكشف المصادر هنا عن أن "حماس" لم تفكر بعقد لقاء جماعي للفصائل مع مصر، وأنها كانت ترغب بإخراج اتفاق التهدئة من خلال ارسال وفد من قيادة الخارج يعلن موافقة قيادتها المركزية في دمشق على التهدئة..مؤكدا سلطة قيادة الخارج.
أما اجتماعيا وانسانيا، فقال نخالة لن نكون عقبة أمام دخول السلع الغذائية للناس في غزة، مع أننا نرفض جوهر التهدئة..مؤكدا على أنه في حالة خرقت اسرائيل التهدئة وواصلت العدوان على الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية، فإن حركة الجهاد سترد على ذلك عسكريا، ما دامت ترفض سياسيا وأخلاقيا شعور مجاهديها في الضفة بأن اخوانهم في غزة قد باعوهم.
اللواء ابراهيم رد على ذلك قائلا "طبعا..طبعا..نحن لا نقبل هذا، وسنضغط على اسرائيل لكي تقبل".
لكن اللواء ابراهيم حاول مع ذلك "تزريق تهدئة من طرف واحد"..!
كيف..؟
تقول المصادر إن وفد حركة الجهاد الإسلامي سأل الضابط المصري الكبير: ما هي ساعة الصفر لبدء سريان التهدئة..؟
وكان الرد مفاجئا: "انتو هدّوا واحنا نشوف مع اسرائيل".
رد عليه وفد الجهاد: لا..يجب أن يتم تحديد ساعة للصفر مع اسرائيل يتوقف عندها الجانبان عن العمل العسكري. ووعد وفد الجهاد بعدم تخريب التهدئة. واعتبر ابراهيم أن حركة الجهاد موافقة على التهدئة، وأنها لن تطلق صواريخ على اسرائيل.
ولاحقا طلبت اسرائيل عدم تطوير الفصائل الفلسطينية للصواريخ خلال التهدئة.
مخاوف مصرية
إلى ذلك، ترى المصادر أن مصر معنية بالتهدئة لجملة أسباب لا تقتصر على خشيتها من عقابيل استمرار العدوان الإسرائيلي على امنها الداخلي، واحتمالات امتداد المد الإسلامي إلى داخل اراضيها على نحو أكثر خطورة مما أظهرته نتائج الإنتخابات البرلمانية المصرية العام الماضي..
فهي إلى جانب كل ذلك، تخشى من أن تضطر إلى فتح معبر رفح من جانب واحد، على نحو يفسح المجال أمام اسرائيل لتعلن تسليمها قطاع غزة للإدارة المصرية مجددا، خاصة وأن اسرائيل غير متمسكة بتبعية قطاع غزة لها، وأنها تخطط منذ وقت طويل من أجل حصر الدولة الفلسطينية في قطاع غزة، ولما كانت "حماس" انفردت بحكم القطاع بعد الحسم العسكري، وكان محمود عباس عاجز عن استرداد سلطته في القطاع، ومصر معنية بإنهاء سلطة "حماس"، فإن المخرج الإسرائيلي من كل ذلك يتمثل في إعادة القطاع للإدارة المصرية، وتحميل مصر مسؤولية توفير كل مستلزمات مواطني القطاع بدلا عنها كدولة احتلال، وبدلا عن سلطة عباس التي كان مطلوبا منها اسرائيليا تحمل مسؤوليات سلطة الإحتلال..!
لكل ذلك، فإن مصر معنية بفتح معبر رفح في إطار اتفاق تهدئة يعفيها من خرق التزاماتها اتجاه اسرائيل واميركا، ويبرئها من مسؤولية اغلاقه، ويفسح لها المجال لأن تتنصل من مسؤوليتها الأخلاقية عن هذا الإغلاق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.