باريس – بعد حوالي ثلاثة أشهر من استضافتها للنائبة الهولندية السابقة "أيان هرسي علي" المعروفة بنقدها للإسلام، قامت السلطات الفرنسية بتكريم الكاتبة البنغالية "تسليم نسرين" المتهمة بمهاجمة المقدسات الإسلامية بجائزة "سيمون دي بوفوار" التي تمنح للمناضلات من أجل حقوق المرأة. وأثناء تسليمها الجائزة للكاتبة البنغالية أمس الأربعاء21 – 5 – 2008 قالت رحمة ياد الوزيرة الفرنسية المكلفة بحقوق الإنسان: "إن فرنسا التي تستقبلك اليوم هي فرنسا فولتير (فيلسوف فرنسي نادى بالحرية) وفيكتور هوجو (أديب فرنسي) وشارل ديجول (زعيم سياسي كبير)، وهي فرنسا الكتاب الذين خاضوا جميعهم من أجل الكرامة و الحرية". وتلقت نسرين جائزة الكاتبة الفرنسية سيمون دي بوفوار (1908 - 1986) التي تحتفي فرنسا هذه الأيام بالذكرى المئوية الأولى لميلادها. والكاتبة البنغالية بصدد إصدار كتابها الجديد الذي يحمل عنوان "من سجني" وتحكي فيه دخولها في حالة من السرية والاختفاء جراء التهديدات بقتلها والتي جاءت بعد صدور كتابها الأول "الحشمة" سنة 1994 والذي أثار ردود فعل غاضبة في بلدها الأصلي بنجلاديش؛ حيث اتهمت الكاتبة بأنها تهاجم المقدسات الإسلامية. وتطالب نسرين بإلغاء قانون الأحول الشخصية البنغالي والذي تعتبره منقصا بمكانة المرأة، بينما يعتبر منتقدوها أنها "تهاجم الإسلام" مما جعل كل كتبها ممنوعة في بنجلاديش وباكستان. و تحمل نسرين (40 سنة) مؤهلا في الطب.. وألفت حوالي 20 كتابا معظمها يدور حول وضع المرأة في البلدان الشرق آسيوية وخاصة في بلدها بنجلاديش و باكستان والهند. عرض الجنسية الفرنسية وعلم مراسل "إسلام أون لاين.نت" من مصادر إعلامية في وزارة الخارجية الفرنسية أن مسئولين فرنسيين "عرضوا على نسرين إمكانية منحها حق الإقامة بفرنسا، خاصة أنها تعاني من عدم الاستقرار ببلد بعينه". وتقيم نسرين حاليا في الهند بوثيقة إقامة مؤقتة مدتها ستة أشهر، ومطالبة بتجديدها في شهر أغسطس المقبل، وترفض السلطات الهندية منحها بطاقة الإقامة الدائمة خوفا من ردة فعل المسلمين الهنود، الذين يتجاوز عددهم 100 مليون نسمة. ويعتبر عرض الإقامة على نسرين هو الثاني من نوعه بعد أن بحثت نفس السلطات إمكانية منح الجنسية الفرنسية ل"هرسي علي" التي كانت نائبة في البرلمان الهولندي قبل أن تسحب منها الجنسية الهولندية، وتلجأ إلى الولاياتالمتحدة بعد اكتشاف السلطات الهولندية أنها كذبت فيما يتعلق بظروف قدومها إلى هولندا و أنها لم تعش الاضطهاد في الصومال بلدها الأصلي. حماية ساركوزي ودفعت فرنسا أثناء زيارة "هرسي علي" باريس في فبراير الماضي بمشروع إلى الاتحاد الأوروبي من أجل حماية النساء اللاتي يتعرضن إلى الاضطهاد والتهديد بالقتل من أجل حمايتهن الجسدية وهو المطلب الذي طالبت به المرأة الصومالية. وحصلت هيرسي خلال تلك الزيارة على جائزة "سيمون دي بوفوار". ويرى المراقبون أن هرسي تعدت انتقاد الظاهرة الإسلامية إلى نقد الإسلام ذاته ورموزه؛ حيث وصفت الإسلام ب "الفاشية". ووعد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أثناء حملته قبل أن يصبح رئيسا على أن يكون سندا لكل النساء المضطهدات في العالم، وقال حينها إنه مستعد لكي يمنح الجنسية الفرنسية لكل امرأة تلجأ إلى بلاده وتثبت أنها كانت عرضة للاضطهاد في بلدها. وعلى غرار "هرسي علي" و"تسليم نسرين" تحتفي الطبقة السياسية والإعلامية في البلدان الأوروبية بشكل عام بكل النماذج من هؤلاء النساء على اعتبارهن رائدات في نقد التقاليد والقوانين الدينية وهو الأمر نفسه الذي ينطبق على الكندية من أصول باكستانية "إرشاد مانجي"، والألمانية من أصول تركية "ناصيل كليك"، والفرنسية من أصول إيرانية " شاريدوت دجافان". وإن كان الدفاع عن حقوق المرأة هو الغطاء الرئيسي لهذا الاحتفاء، إلا أن المراقبين يقولون إن الأمر لا يخلو من توظيف إعلامي وسياسي غربي، في مواجهة ما يسمونه "حركات الإسلام السياسي" أو التيارات الدينية "المتشددة" في العالم الإسلامي بوجه عام.