باريس - بالرغم من مقاطعة فيدرالية مسجد باريس المركزي للانتخابات وبالرغم من الانتقادات التي وجهت إلى عدم احترام الآجال القانونية لتقديم القوائم الانتخابية، فإن المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية (الممثل الرسمي للمسلمين بفرنسا) ينظم اليوم الأحد ثالث انتخابات له منذ تأسيسه لتجديد ممثليه وسط جدل حول حصيلة خمس سنوات من بعثه للوجود. وتنظم انتخابات المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية في 25 منطقة من المناطق التي تشكل فرنسا من أجل انتخاب قائمتين؛ الأولى محلية من أجل المجالس الجهوية (الإقليمية التابعة للمجلس) والثانية قائمة وطنية رئيسية تمثل الأعضاء الذين سيكونون ممثلين على مستوى فرنسا كلها، هذا في الوقت الذي ينتظر أن ينتخب الرئيس الجديد للمجلس يوم 22 من يونيو القادم. 3 مرشحين للرئاسة ويترشح هذه السنة ثلاثة أشخاص لخلافة دليل أبو بكر عميد مسجد باريس المركزي والرئيس الحالي للمجلس، وهم "حيدر دميريك" ممثل الأتراك، ومحمد موساوي ممثل عن تجمع مسلمي فرنسا (القريب من المغرب)، وفؤاد علوي والذي يشغل الآن نائب رئيس اتحاد المنظمات الإسلامية بفرنسا (قريب من الإخوان المسلمين). وترأس دليل أبو بكر رئاسة المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية منذ سنة 2003 وكان تعيينه في الانتخابات السابقة بمثابة اختيار توافقي بالنظر إلى أنه كان محل رضا من قبل السلطات الرسمية الفرنسية باعتباره يمثل "الإسلام المعتدل"، غير أن توافق معظم القوى المعنية على البحث عن رئيس جديد للمجلس جعل كونفدرالية مسجد باريس المركزي التي يرأسها دليل أبو بكر تقرر مقاطعة الانتخابات، كما يجمع المراقبون. وتقدم كونفدرالية مسجد باريس تفسيرا آخر لمقاطعتها الانتخابات بقولها إنها جاءت نتيجة "عدم القبول بطريقة الانتخابات والتي تتمثل في أن عدد المندوبين الذين يشاركون في الانتخابات يكون وفقا لمساحة كل مسجد بحساب مندوب واحد لكل مائة متر مربع". ويعتبر ممثلو مسجد باريس أن هذه الطريقة لا تمثل مسلمي فرنسا. ويشارك في انتخابات هذه السنة والتي تعتبر الثالثة منذ تكوين المجلس سنة 2003 ما مجموعه 4862 مندوبا يمثلون ما مجموعه 1039 مسجدا تشارك في العملية الانتخابية. وقالت مصادر من داخل المجلس ل"إسلام أون لاين.نت" أن مقاطعة كونفدرالية مسجد باريس لم تؤثر على عدد المندوبين بشكل كبير حيث لوحظ أن هناك انخفاضًا بنسبة 7% فقط مقارنة بعدد المندوبين الذين شاركوا في الانتخابات الماضية التي جرت سنة 2005. أمام مقاطعة مسجد باريس المركزي فإنه "لا خيار لنا إلا أن نتقدم للانتخابات وأن نواصل العمل لأن وجود المجلس ومستقبله متوقف على مضينا قدما في المشاركة في هياكله".. هكذا يعلق في تصريحات لشبكة "إسلام أون لاين.نت" حيدر دميريرك نائب رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية ورئيس لجنة تنسيقية أتراك فرنسا والذي قدم ترشحه هذه السنة لخلافة دليل أبو بكر الرئيس السابق للمجلس الفرنسي للديانة الإسلامية وعميد مسجد باريس المركزي. وحول مقاطعة مسجد باريس المركزي للانتخابات، يقول حيدر دميريرك: "طبعا غياب مسجد باريس عن تركيبة المجلس القادم سيؤثر على أعمال المجلس؛ لأن هذا الهيكل وجد أساسا لتمثيل كل شرائح وحساسيات مسلمي فرنسا، غير أني لا أشاطر الأسباب التي دفعت مسجد باريس لمقاطعة هذه الانتخابات، حيث إن القرار جاء قبل بضعة أسابيع من الشروع في تكوين القوائم الانتخابية، أي لأسباب انتخابية شعر بموجبها مسجد باريس أن وجوده سيكون محدودا في المجلس القادم وخاصة ما يتعلق برئاسة المجلس". تدخلات ومخاوف من جهته، يقول التهامي إبريز رئيس اتحاد المنظمات الإسلامية بفرنسا والتي تدخل هذه السنة في تنافس كبير مع تجمع مسلمي فرنسا ل"إسلام أون لاين.نت": "إن انتخابات هذه السنة تجرى في ظروف غير ملائمة تماما وخاصة أمام الضغوط والتدخلات التي قامت بها بعض القنصليات والسفارات الأجنبية بفرنسا من أجل إيجاد موطئ قدم لبعض البلدان في المجلس القادم". ولا يخفى أن قنصليات وسفارات كل من المغرب والجزائر وتركيا تلعب دورا كبيرا في دعم هذا الطرف أو ذاك من المنظمات والجمعيات المسلمة بفرنسا في العملية الانتخابية حيث تسعى هذه البلدان للتأثير على ما تعتبره "مخزونها البشري المهاجر بفرنسا" حيث يرفع "تجمع مسلمي فرنسا"، والذي يدخل هذه الانتخابات بقوة مدعوما من السلطات المغربية شعار مكافحة الإرهاب والمحافظة على الجالية المغربية في فرنسا من الانزلاق فيه. ووسط رهانات محلية محورها تنافس المنظمات المسلمة ورهانات إقليمية منشؤها تدخل بعض السفارات في تحديد القوائم الانتخابية، تجرى انتخابات هذه السنة ولكن هناك تخوفات وخشية من أن تؤدي كل هذه الرهانات إلى إفساد العملية الانتخابية برمتها فيما بعد. ويوضح التهامي إبريز أنه "نتيجة تأخير وتجاوز بعض الآجال لتقديم القوائم، نخشى أن تقدم طعون من شأنها أن تبطل العملية الانتخابية فيما بعد الانتخابات". لكن إبريز يؤكد أنه "لا خيار لنا إلا أن نتقدم للعملية الانتخابية لأن مقاطعتها لن يفيد شيئا ولن يخدم مستقبل المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية والذي نريده أن يستمر". بدوره، يقلل حيدر دميريك من مسألة إبطال العملية الانتخابية بالطعن في الانتخابات فيما بعد "لأنه كانت هناك طعون أمام المحاكم في كل الانتخابات السابقة و لم تمنع من أن يقع اعتماد الانتخابات". ويضيف دميريك: "الحل ليس في الطعون أو في أن نجمد عمل المجلس ونتوقف على العمل بل إن كل المصاعب التي واجهتنا مفيدة لنا وتدفعنا إلى التفكير في المستقبل من أجل تلافي هذه النقائص، والقيام بإصلاحات من أجل تعديل الطريقة الانتخابية والقيام بإعادة الهيكلة دون أن نعود إلى نقطة الصفر، أي العودة إلى وجود إسلامي بفرنسا دون ممثل رسمي".