نواكشوط : ندد تجمع منظمات حقوق الإنسان في موريتانيا بالظروف التي يعيشها اللاجئون الموريتانيون العائدون إلى بلدهم بعد نحو عشرين سنة من الإبعاد والترحيل خارج موريتانيا.وقال التجمع الذي يضم 17 منظمة إنه بالرغم من عودة أكثر من أربعة آلاف لاجئ موريتاني منذ انطلاقة عمليات إعادة اللاجئين إلى أراضيهم في التاسع والعشرين من يناير/كانون الثاني الماضي، فإن الأوضاع التي يعيشها هؤلاء ما تزال مأساوية. وتم إبعاد عشرات آلاف الزنوج الموريتانيين إلى السنغال ومالي من قبل نظام معاوية ولد سيدي أحمد الطايع من 1989 إلى 1991، عقب أحداث عرقية شهدتها البلاد، وقطعت بعدها العلاقات الدبلوماسية بين موريتانيا والسنغال. وظل نظاما ولد الطايع ثم النظام العسكري الذي حكم البلاد بعده يرفضان تنظيم عودة هؤلاء اللاجئين، غير أن الرئيس الحالي سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله قرر إعادتهم، وتعويضهم عما لحق بهم من أضرار. وأعلن ولد الشيخ عبد الله في التاسع والعشرين من يونيو/حزيران 2007 اعتذارا باسم الدولة الموريتانية لهؤلاء المبعدين وذويهم، كما أعلن أن عودة كريمة وإيواء مناسبا سيتم لصالح هؤلاء المبعدين. غير أن متحدثا باسم تجمع منظمات حقوق الإنسان الموريتانية قال مساء الجمعة في تجمع بمناسبة اليوم العالمي للاجئين إن الظروف التي يعيشها هؤلاء بعد العودة ليست إطلاقا في مستوى التعهدات، بل إنها تنذر بحدوث "أزمة إنسانية" وتعد انتهاكا للحقوق الأساسية لهذه "المجموعات الضعيفة". وقال مسؤول انتهاكات حقوق الإنسان في التجمع سيداتي ولد دمبا للجزيرة نت إن هناك تباطؤا في برنامج إعادة الدمج الذي تعهدت السلطات الموريتانية بتنفيذه، مؤكدا أن هناك عدم ثقة بالمستقبل بالنسبة لهؤلاء العائدين، وأن غياب أية إجراءات لتصحيح هذا الوضع من شأنه أن ينذر بتكرار خروقات حقوق الإنسان لهذه "المجموعات الضعيفة". وقالت القيادية في التجمع ورئيسة جمعية النساء معيلات الأسر آمنة بنت المختار إنها متشائمة بمستقبل عودة بقية المبعدين نتيجة للظروف التي يعيشها العائدون منهم، وأضافت في حديث مع الجزيرة نت أن منظمتها قامت في الأيام الماضية بجولة في قرى إيوائهم بالجنوب الموريتاني، وأن الوضعية التي تكشفت لها تمثل مأساة حقيقية "فالظروف غاية في الصعوبة والقسوة". ونددت بنت المختار بعزل العائدين في قرى خاصة باعتبار ذلك لا يحقق هدف الاندماج والتلاحم المرجو بين فئات ومكونات الشعب الموريتاني، مشددة على ضرورة إعادة الأراضي "المغتصبة" إلى ذويها العائدين بعد عقدين من طردهم منها. وطالب عدد من السياسيين والحقوقيين أثناء هذا التجمع بالإسراع في تسوية مشاكل العائدين خصوصا منها ما يتعلق بتوفير التعليم لأبنائهم ودعم قراهم بمنشآت صحية وتعليمية. وحذر رئيس حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية ذي التوجه الإسلامي محمد جميل منصور من أن فشل هذه العملية (عودة وإيواء اللاجئين) يمثل إعادة للتوتر وتمزيقا للحمة وتماسك المجتمع، وطالب بتسريع إعادة المتبقين خارج البلد. وقام رئيس الوزراء الموريتاني يحيى ولد الواقف الجمعة بتدشين بعض آبار الشرب، وبعض المشاريع الخاصة في قرى الإيواء التي أنشأتها حكومة موريتانيا لصالح هؤلاء العائدين. وكانت السلطات الموريتانية قد حصلت على أكثر من ستين مليون دولار من هيئات دولية ودول صديقة من أجل تمويل عمليات إعادة ودمج ما يزيد على عشرين ألف لاجئ موريتاني، يعيش أغلبهم في السنغال، بينما يوجد منهم حوالي ستة آلاف في دولة مالي.