مجلس نواب الشعب : جلسة عامة غدا الثلاثاء للنظر في اتفاق قرض بين تونس والبنك الإفريقي للتنمية    سعر "علّوش العيد" يصل 1800 دينار بهذه الولاية.. #خبر_عاجل    عاجل/ وزير اسرائيلي: نحن بصدد احتلال غزة وعلى الإسرائيليين تقبّل كلمة "الاحتلال"    الرابطة المحترفة الاولى : برنامج الجولة 29    سليانة: 2735 تلميذا وتلميذة من 22 مؤسسة تربوية يشرعون في إجراء اختبارات البكالوريا التجريبية    عاجل/ قتلى في اصطدام سيارة تونسية بشاحنة ليبية    عاجل/ حملة أمنية في سيدي حسين تُطيح بعناصر خطيرة مفتّش عنها    محمد رمضان يشعل جدلا على طائرته    تتمثل في أجهزة التنظير الداخلي.. تونس تتلقى هبة يابانية    تونس تتلقى هبة يابانية تتمثل في أجهزة التنظير الداخلي    رفض مطلب الإفراج عن النائب السابق وليد جلاد في قضية فساد مالي    الدورة الاولى لتظاهرة 'حروفية الخط العربي' من 09 الى 11 ماي بالقلعة الصغرى    الرّابطة الثانية : برنامج مباريات الدُفعة الثانية من الجّولة 23.    دوّار هيشر: السجن 5 سنوات لطفل شارك في جريمة قتل    تونس تحصد 30 ميدالية في بطولة إفريقيا للمصارعة بالدار البيضاء منها 6 ذهبيات    الهند توقف تدفَق المياه على نهر تشيناب.. وباكستان تتوعد    بداية من الغد: اضطراب وانقطاع توزيع المياه بهذه المناطق..#خبر_عاجل    المديرة العامة للمنظمة الدولية للهجرة في زيارة عمل إلى تونس بيومين    تصنيف لاعبات التنس المحترفات: انس جابر تتراجع الى المرتبة 36    وفد من هيئة الانتخابات في رومانيا لملاحظة الانتخابات الرئاسية    الإدارة العامة للأداءات تُحدد آجال إيداع التصاريح الشهرية والسنوية لشهر ماي 2025    قيس سعيّد يُجدّد دعم تونس لفلسطين ويدعو لوحدة الموقف العربي..    عاجل/شبهات تعرّض سجين للتعذيب ببنزرت: هيئة المحامين تُعلّق على بلاغ وزارة العدل وتكشف..    عاجل -فلكيا : موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى المبارك 2025    كل ما تحتاج معرفته عن ''كليماتيزور'' السيارة ونصائح الاستعمال    تقلبات جوية متواصلة على امتداد أسبوع...تفاصيل    مفتي السعودية يوجه رسالة هامة للحجاج قبل انطلاق الموسم بأيام    بطولة مدريد المفتوحة للتنس للأساتذة: النرويجي كاسبر رود يتوج باللقب    البطولة الفرنسية : ليل يتعادل مع مرسيليا 1-1    عاجل : دولة عربية تعلن عن حجب 80% من الحسابات الوهمية    محرز الغنوشي: حرارة صيفية الظهر وأمطار منتظرة    ترامب يأمر بفرض رسوم بنسبة 100% على الأفلام غير الأمريكية    الرحيلي: الأمطار الأخيرة أنقذت السدود... لكن المشاكل الهيكلية مستمرة    العثور على جثث 13 موظفا من منجم للذهب في بيرو    سوريا.. انفجار الوضع في السويداء مجددا.. اشتباكات وقصف ب"الهاون"    معرض تونس الدولي للكتاب: الناشرون العرب يشيدون بثقافة الجمهور التونسي رغم التحديات الاقتصادية    بوسالم.. فلاحون يطالبون بصيانة و فتح مركز تجميع الحبوب بمنطقة المرجى    بورصة تونس تحتل المرتبة الثانية عربيا من حيث الأداء بنسبة 10.25 بالمائة    رئيس اتحاد الناشرين التونسيين.. إقبال محترم على معرض الكتاب    الرابطة الثانية (الجولة العاشرة إيابا)    معرض تونس الدولي للكتاب يوضّح بخصوص إلزام الناشرين غير التونسيين بإرجاع الكتب عبر المسالك الديوانية    بوشبكة.. حجز أجهزة إتصال متطورة لدى اجنبي اجتاز الحدود بطريقة غير قانونية    طقس الليلة.. أمطار رعدية بعدد من الجهات    ثنائية مبابي تقود ريال مدريد لمواصلة الضغط على برشلونة المتصدر بالفوز 3-2 على سيلتا فيغو    انتفاخ إصبع القدم الكبير...أسباب عديدة وبعضها خطير    هام/ بالأرقام..هذا عدد السيارات التي تم ترويجها في تونس خلال الثلاثي الأول من 2025..    الفول الأخضر: لن تتوقّع فوائده    رفع اكثر من 36 الف مخالفة اقتصادية الى أواخر افريل 2025    هام/ توفر أكثر من 90 ألف خروف لعيد الاضحى بهذه الولاية..    النفيضة: حجز كميات من العلف الفاسد وإصدار 9 بطاقات إيداع بالسجن    الدورة الاولى لصالون المرضى يومي 16 و17 ماي بقصر المؤتمرات بتونس العاصمة    سوسة: الإعلامي البخاري بن صالح في ذمة الله    لبلبة تكشف تفاصيل الحالة الصحية للفنان عادل إمام    صُدفة.. اكتشاف أثري خلال أشغال بناء مستشفى بهذه الجهة    تونس: مواطنة أوروبية تعلن إسلامها بمكتب سماحة مفتي الجمهورية    الأشهر الحرم: فضائلها وأحكامها في ضوء القرآن والسنة    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هموم قفصيّة
نشر في الفجر نيوز يوم 24 - 06 - 2008

لمّا قرأت ما كتبه النفطي حولة وإسماعيل دبارة وغسّان الماجري وغيرهم من أصحاب الأقلام المنحازة إلى أهل تونس عمّا يجري في منطقة الحوض المنجمي وخاصّة في مدينة الرّديّف الجريحة النازفة المحاصرة، قفز إلى ذهني ما نبّهت إليه بلقيس حاكمة سبأ بقولها الذي ذكره الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم: "إنّ الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلهآ أذلة" والذي أيّده الله سبحانه وتعالى بقوله: "وكذلك يفعلون"، فمَلك تونس، وهو يدخل قرية من قراه التي حاولت أن تجعل منه – بتنبيهه إلى بعض الخلل - خادما للخير والعدل والإعمار، يصدّق قول بلقيس بالعمل. فيهبّ في "القرية" معربدا، وقد أطلق أيادي "عناصر الأمن" تكسر الأقفال وتخلع الأبواب وتنهب ما تبقّى من ممتلكات النّاس في دكاكينهم المتواضعة المفتقرة أصلا إلى الكثير من الموادّ الضرورية لسير الحياة، والتي حرموها نتيجة السياسات المائلة عن الحقّ.
وقد ساءني أن أجد اتّفاقا بين الكتبة يحكي عن عدم حياديّة الجيش "الوطني" الذي بشّر عند مباشرته المهمّة بإمكانيّة إنقاذ الوضعيّة ب"القرية"، غير أنّه سرعان ما انقلب على أعقابه فأمست مهمّته مجرّد "ترويض المواطنين وتهيئة الظروف المناسبة لتدخل البوليس"، تماما كما فعل قائده الأعلى لمّا روّض التونسيين جميعا بالحديث عن الديمقراطيّة و"لا ظلم بعد اليوم" و"لا مكان لرئاسة مدى الحياة" و"أنّهم قد بلغوا مستوى من الوعي" يؤهّلهم إلى أن يُعاملوا معاملة تليق بهم... فهذا المرؤوس كذاك الرّئيس، والنّاس على دين ملوكهم كما يُقال... (*)
الجديد في تدخّل الجيش هذه المرّة هي التغيّرات التي أحدثها "التغيير" في المجتمع، فقد وقعت تصفية صفوفه مِن كلّ مَن له مقدار من رُنوّ إلى قيمة إنسانيّة مَا، وهو ما يفسّر قبوله، بإشارة بنان، أن يكون خادما لجهاز البوليس الفاسد... لقد كان الجيش في السابق في عهد بورقيبة (والأحداث السابقة كلّها قد وقعت في عهد بورقيبة)، يتمتّع – رغم ضعفه والاحتقار الذي يُعامَل به – بقدر من الشهامة والوطنيّة (**) يمنعه من أن يكون خادما للظلم المطبق، فيجتهد أفرادُه – كما بيّنت سابقا – في تنوير المواطن لثنيه عن التورّط فيما يُرديه. كما كان يمتنع بوضوح كبير، كما وقع في بعض الجهات عند أحداث الخبز، عن خدمة البوليس الفاسد، وكان يصرّ على إبعاده من الميدان الصاخب حتّى قبل بدء العمل...
ساعد هذا الجيش الفاقد للمصداقيّة إذن في الحصار ومكّن البوليس والقوّادة من الرتع في "القرية" لجعل أهلها أذلّة كما أراد المَلِك الغازي، ما جعل رموز الحركة الاحتجاجيّة السلميّة يقعون في الأسر وما دفع الكثير من الشباب إلى الالتحاق بالجبال هروبا بأجسادهم المثخنة. وسوف تشهد الأيّام القريبة القادمة – إن لم يرعو الملك الغازي – حديثا عن عصابات خارجة عن القانون اتّخذت الجبل منطلقا لها بدل أن تجلس بتقدّميّة إلى موائد الحوار الفعّال الذي أرساه المَلِك الغازي وخصّص له سنة بكاملها، سال حولها الحبر الكثير وتكلّم عنها المختصّون والمتخصّصون. وسوف نرى صيحات فزع تنطلق من "المخلصين من أهل الجهة" تندّد بهذا الشباب الذي اختار - بلا وعي - الانحياز إلى عدم الشرعيّة فسمع إلى عدنان الحاجّي وصحبه ممّن غرّروا بهم في خيانة واضحة لسماحة المَلِك الغازي وجنوده الحريصين على سيادة القانون... وقد يطلع علينا بعض المخرجين أصحاب المهمّات الصعبة بالحديث عن كفاءات قفصيّة نادرة متخصّصة في الرقص الإيقاعي أو في صيد الأسماك الملكيّة النّادرة التي لا تعيش إلاّ في شطّ الجريد المتاخم...
إنّه الاستهزاء والاستخفاف بنا ونحن في أرضنا وبين أهلنا... إنّها خيانة الأمانة في الحكم وفي التربيّة وفي القضاء وفي المواطنة وفي الإعلام... إنّه الفساد والإفساد في كلّ مجالات الحياة... إنّه الكذب الذي يقترفه حتّى الكبار في هذا العالم الرّديء… وعلينا رفض كلّ ذلك، والبداية تكون بتحرير رموزنا وعدم إسلامهم وسوف تكون النّهاية - بإذن الله - انكسارَ الظالم البليد الذهن... فبشّرونا يا أهلنا في الرّديّف بإطلاق سراح الموقوفين وفي مقدّمتهم عدنان وبعودة شباب الجبال إلى دورهم كي يرسموا البسمة من جديد على ثغور أمّهاتهم وآبائهم وأهلهم أجمعين (ونحن من أهلهم) وكي يفحموا الملك فيُظهروا كذبه للعيان، واغفروا لنا قلّة حيلتنا فإنّا لا نملك لكم إلاّ الدّعاء بظهر الغيب...
(*): كتبت هذا المقال قبل قراءة مقال "خيبان الرّديّف"، الأديب الثائر، الذي لا يجامل في الحقّ، والذي لا يرحم في التقريع، فقد قال عن الجيش: ".. فتصوّروا الجيش الوطني يصبح خادما للبوليس الوطني.. ولا ضير، ماداما يبحثان عن مصلحة الوطن.. فكلاهما وطني كما يدل الاسم. ومصلحة الوطن تقضي بإبادة أعداء الوطن وهم في مدينة الرديف يعششون ويفرخون.."، وأقول: تعس بلد أوكل مهمّة الدّفاع عنه إلى خَدَمِ كاشفي العورات ومنتهكي الحرمات!...
(**): صرت - للأسف - أكره استعمال هذا المصطلح "الوطنية والمواطنة والوطني"، لارتباطه في بلدي بالإجرام...
المصدر بريد الفجرنيوز


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.