فيينا (4 تموز/يوليو)(آكي)-الفجرنيوز:شدّد وزير الدفاع النمساوي الأسبق كارل بليخا على "أهمية الحوار الإيجابي والبناء والشامل بين ممثلي معتنقي الأديان والثقافات والحضارات المستمدة من تعاليم ومبادئ وأحكام الأديان السماوية الثلاثة، وأكد أن "تكريس التعايش المشترك بين اليهود والمسيحيين والمسلمين، ولا سيما في المرحلة الراهنة، كفيل بالمساهمة الفعالة في نشر الأمن والسلام والتنمية في منطقة الشرق الأوسط". ورأى بليخا أن هناك الكثير من القواسم بين اليهودية والمسيحية والإسلام، ولكن ينبغي تفعيلها وتعميمها في صفوف الشباب من خلال الحوار والتفاهم، مع التركيز على أهمية المسائل والقضايا المشتركة وهي كثيرة، وتجاهل نقاط الخلاف وهي قليلة" على حد وصفه وأشاد بليخا وهو رئيس جمعية الصداقة النمساوية العربية بمبادرة إنشاء مركز يهودي مسيحي إسلامي مشترك في العاصمة النمساوية فيينا يحمل اسم "المركز النمساوي لتلاقي الثقافات والأديان"، وأعرب عن اعتقاده بأن مثل "هذه الخطوة تشكل نقلة نوعية على صعيد إثراء التعايش الديني والحضاري والثقافي المتنوّع بين الشباب في النمسا. وفي حديث أدلى به لوكالة (آكي) الإيطالية للأنباء، بعد انتهاء حفل الاستقبال الذي أقامته الجمعية العمومية للمركز النمساوي لتلاقي الثقافات والأديان، الليلة الماضية، أعرب عن "اعتقاده القوي بإمكانية إقامة مجتمع نموذجي للتعايش المتنوّع بين معتنقي الأديان السماوية الثلاثة، وتكريسه على أساس العديد من القواسم المشتركة بين اليهود والمسيحيين والمسلمين، ولا سيما تلك التي تدعو إلى المحبة والتآلف والتعايش الحضاري والثقافي المتنوّع" على حد تعبيره وأوضح رئيس جمعية الصداقة النمساوية العربية أن النمسا تعتبر أرضية خصبة لتعزيز التعايش الثقافي والديني والعرقي المتنوّع، وذلك من منطلق سجلها التاريخي الذي يقوم على التسامح والانفتاح، وتأمين الحريات العامة، وفي طليعتها العدالة والمساواة وسيادة القانون وحرية الفكر وممارسة المعتقدات الدينية واحترام حقوق الإنسان، مشيراً إلى أن "حولي 45% من التلاميذ في المدارس النمساوية خلال مختلف مراحل التعليم الابتدائي والإعدادي والثانوي هم تلاميذ ينحدرون من عائلات ليست اللغة الألمانية لغتهم الأم". وأكد بليخا قوله "من هذا المنطلق، ينبغي على السلطات النمساوية أن تركز على ضرورة تسهيل انخراط هؤلاء التلاميذ وإدماجهم في مجتمع نمساوي، تسوده المحبة والتسامح والتنوّع الثقافي والديني والحضاري، ويؤمن للشباب والأجيال حرية المساهمة في تعزيز الأمن الاجتماعي وصنع السلام وتحقيق التنمية والرخاء" حسب قوله كما أكد بليخا على ضرورة قبول جميع أبناء معتنقي اليهودية والمسيحية والإسلام لبعضهم البعض كما هم وليس كما يريد هذا الفريق أو ذاك، ومن ثم التركيز على سبل مواجهة التحديات والعقبات، ولا سيما المعتقدات الأيديولوجية التي تحض على العنف والتطرف وتأجيج الأحقاد والعداوة، وأشار إلى أن المواقف والسياسات المتطرفة لا يمكنها أن تساعد على إيجاد حلول للمشاكل والخلافات المزمنة بين إسرائيل والفلسطينيين من جهة، وبين إسرائيل والدول العربية من جهة ثانية، بل ستزيدها تعقيداً، على حد وصفه ونوّه بليخا بأهمية الدور البارز الذي يقوم به رجل الأعمال السعودي الشيخ محمد بين عيسى الجابر، المدير الفخري لمؤسس الجابر الثقافية وقال "نحن بحاجة ماسة إلى مسؤولين وشخصيات كبيرة على مستوى الشيخ الجابر الذي يساهم في نشر ثقافة العلوم والمعارف، ودعم التعليم الجامعي في صفوف الشباب الطموح، سواء من العرب أو المسلمين أو المسيحيين أو اليهود، من خلال مشروع نموذجي رائد يهدف إلى تأمين العلم لجميع الشباب وفي مختلف أنحاء العالم، وبغض النظر عن هويتهم أو انتمائهم الديني أو الثقافي أو العرقي وكان تحدث في حفل الاستقبال الذي رعاه حاكم مقاطعة فيينا ميخائيل هويبل، كلٌ من وزيرة العدل النمساوية السابقة كارين غاستنغر، سفير الفاتيكان لدى النمسا، والبروفسور بول هابر أستاذ العلوم الإنسانية والدينية في جامعة فيينا، وعضو الهيئة الإسلامية ومجلس الشورى فؤاد ساناتش، وممثل الجمعية اليهودية ادوارد يوسوبوف، ومدير المعهد النمساوي لتلاقي الثقافات والأديان ميخائيل غاليبوف، وأجمعوا على الإشادة بإنشاء المركز النمساوي للقاء بين الثقافات والأديان السماوية الثلاثة، وأعربوا عن الأمل بأن يساهم المعهد في تكريس الحوار بين ممثلي مختلف معتنقي الأديان الإبراهيمية الثلاثة وهي اليهودية والمسيحية والإسلام، وركزوا على العديد من القواسم المشتركة فيما بينها وقد تخلل حفل الاستقبال تسليم نخبة من الوزراء السابقين والسياسيين النمساويين واليهود والمسلمين، وجميع الأعضاء المؤسسين أوسمة تقديراً لدورهم في إثراء ثقافة السلام والحوار والتسامح بين معتنقي مختلف الأديان والثقافات. كما تخلل الحفل، وصلات موسيقية وأغاني لمطربين يهود وأتراك تدعو إلى المحبة والسلام والتعايش الديني والثقافي المتنوّع وجدير بالذكر أن المعهد النمساوي للتلاقي بين الثقافات والأديان اتخذ من الصليب ونجمة داوود والهلال، شعاراً له، وهو ما اعتبره المراقبون هنا أول سابقة من نوعها في تاريخ النمسا الحديث والقديم. ومعلوم أن حوالي 80% من النمساويين هم من المسيحيين الكاثوليك، في حين يوجد في النمسا حوالي نصف مليون مسلم غالبيتهم ينحدرون من أصول تركية وبوسنية وألبانية وجنسيات عربية وآسيوية وأفريقية مختلفة، بينما يقدر عدد أبناء الجالية اليهودية في النمسا حوالي 10 آلاف شخص