سيدي بوزيد: لأول مرة عملية إزالة كيس من الكبد تحت مراقبة المفراس بالمستشفى الجهوي    كورياالشمالية تدين الضربات الأمريكية على منشآت إيران النووية    تونس تدين الاعتداءات الصهيونية على ايران، وتدعو الى ايقاف العدوان    أمريكا تصدر تحذيرا 'عالميا' لمواطنيها...التفاصيل    كأس العالم للأندية 2025: ريال مدريد يتغلب على باتشوكا المكسيكي 3-1    فرضيات تأهّل الترجي و تشلسي إلى ثمن نهائي كأس العالم للأندية    طقس اليوم: الحرارة تصل إلى 39 درجة    طقس اليوم: قليل السحب والحرارة تتراوح بين 30 و39 درجة    ترامب: إذا كان نظام إيران غير قادر على جعلها "عظيمة مرة أخرى" لماذا لا يكون هناك تغيير فيه    زيلينسكي يشيد ب "حسم" ترامب في الشرق الأوسط    هل استطاعت قنابل أمريكا اختراق تحصينات المنشآت النووية الإيرانية؟    كأس العالم للأندية : التعادل السلبي يحسم مباراة الهلال السعودي و سالزبورغ النمساوي (فيديو)    الهلال السعودي يفشل في تحقيق انتصاره الأول في كأس العالم للأندية.. ترتيب المجموعة الثامنة    بعد دفع الفلاحين والمصنعين 120 مليارا في 12 سنة: لماذا غاب دعم صندوق النهوض بالصادرات؟    تحصّل على 80 ميدالية في جينيف ... زيت الزيتون التونسي يؤكد تفوّقه عالميا    في اجتماع مجلس وزاري: إطلاق منصّة رقمية لمتابعة تقدم المشاريع العمومية    حرفاؤه كانوا من بنزرت إلى بن قردان .. بومنديل لم يعد سوق «الزوّالي»!    النجم الساحلي: موعد استئناف التمارين    فرنسا ترسل طائرة عسكرية لإجلاء مواطنيها من إسرائيل    عاجل : فوضى في الأجواء الخليجية... وتأثير مباشر على المسافرين التونسيين    في مهرجان الفيلم العربي بالدار البيضاء: محمد مراد يُتوّج عن دوره في فيلم «جاد»    عانت من ضعف التمويل وسوء التسيير .. هل تتجاوز المهرجانات الصيفية مشاكلها؟    الممثلة المسرحية نورس العباسي ل«الشروق»: يستهويني عالم التدريس    مدٌّ أحمر في المنستير: تحذير من نفوق الأسماك وتوصيات للمواطنين    تونس صدرت منتوجات بيولوجية بنحو 420 مليون دينار الى موفى ماي 2025    نفوق الاسماك بخليج المنستير يعود الى انخفاض الاكسجين الذائب في مياه البحر (وزارة الفلاحة)    النجم الساحلي :ضبط القائمة النهائية للإطار الفني لفريق أكابر كرة القدم    مونديال كرة اليد تحت 21 عاما - المنتخب التونسي يواجه غدا نظيره البحريني    ضخ كميات إضافية من مادة الفارينة المدعمة لمجابهة الطلب في الصيف (وزارة التجارة)    الهيئة الوطنية للسلامة الصحية تدعو سكان المناطق الساحلية الى عدم استهلاك الأسماك النافقة لخطورتها على الصحة    مدينة قليبية تعيش على وقع الدورة 38 لفيلم الهواة من 16 إلى 23 أوت 2025    معهد 9 أفريل للمكفوفين بضفاقس يحقق نسبة نجاح ب100 بالمائة في الدورة الرئيسية للباكالوريا 2025    صفاقس الأولى وطنياً في باكالوريا 2025: نسبة نجاح تتجاوز 55%    تحذير صحي عاجل: ''لا تستهلكوا الأسماك النافقة بسواحل المنستير''    في مسابقة دولية بلشبونة: تتويج التونسية ملاك العبيدي بجائزة أفضل مؤلف عن الطبخ في العالم    دعوة سُكّان المناطق الساحلية إلى عدم استهلاك الأسماك النافقة لخطورتها على الصحة    إحباط تهريب أكثر من 22 ألف حبة "إكستازي" و2.2 كلغ من الكوكايين بمعبر رأس جدير    الحرس الديواني يحجز بضائع مهربة بقيمة تتجاوز 900 ألف دينار    مبابي يغيب مجددًا عن ريال مدريد    قرى الأطفال "أس و أس": 21 ناجحا في الدورة الرئيسية للبكالوريا..    تركيز رادارات جديدة في النقاط السوداء بولاية تونس للحد من الحوادث    مدنين: من أرض عطشى شابة تقطر زيوت الأعشاب لتروي بشرة الإنسان    عاجل: دليل التوجيه الجامعي 2025 متاح الآن.. وكلمة العبور بداية من هذا التاريخ    بداية من غرة جويلية القادم تطبيق العقوبات الخاصة بنظام الفوترة الالكترونية    توقعات بصمود الصين أمام الصدمات التجارية العالمية    المعهد الوطني للتراث:انجاز نشاط ميداني حول مشروع بحث عن موقع تابسيس الاثري    ارتفاع طفيف في درجات الحرارة الأحد لتتراوح بين 29 و38 درجة    صيحة فزع    رانيا التوكابري تتوّج بجائزة ''النجاح النسائي'' في مجلس الشيوخ الفرنسي    عاجل/ نفوق أسماك بشواطئ المنستير.. ووزارة الفلاحة تدعو إلى الحذر..    مدنين: 56 مريضا ينتفعون من عمليات استئصال الماء الابيض من العيون في اليوم الاول لصحة العيون    وزير السياحة: التكوين في المهن السياحية يشهد إقبالاً متزايداً    اليوم: أطول نهار وأقصر ليل في السنة    اليوم: الإنقلاب الصيفي...ماذا يعني ذلك في تونس؟    الانقلاب الصيفي يحل اليوم السبت 21 جوان 2025 في النصف الشمالي للكرة الأرضية    الأحد: فتح المتاحف العسكرية الأربعة مجانا للعموم بمناسبة الذكرى 69 لانبعاث الجيش الوطني    السبت 21 جوان تاريخ الانقلاب الصيفي بالنصف الشمالي للكرة الأرضية    ملف الأسبوع...ثَمَرَةٌ مِنْ ثَمَرَاتِ تَدَبُّرِ القُرْآنِ الْكَرِيِمِ...وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العبيد الجدد في سوق العمل" الإسرائيلي"
نشر في الفجر نيوز يوم 11 - 08 - 2008

تعرفون أن العمال الفلسطينيون هم الشريحة الأكثر تضررا من الاحتلال "الإسرائيلي" وخاصة في مراحل النهوض الوطني، ففي الوضع الطبيعي تحملت الطبقة العاملة الفلسطينية عبء مقاومة الاحتلال ودفعت الثمن الأكبر من دمها، وعندما نتحدث عن عمال فلسطين نستحضر أكثر من مليون أسير فلسطيني اعتقلوا منذ عام 1967 في سجون الاحتلال ومئات آلاف من الشهداء والجرحى، ناهيك عن حالة الذل التي عاشها العامل الفلسطيني بممارسة العمل الأسود في بناء المستعمرات الإسرائيلية على ارض فلسطين المحتلة إلا أنة تجاوز هذا التناقض المتمثل ببناء المستوطنات وضرورة مقاومة الاحتلال بممارسة الفعل الوطني المنسجم مع تطلعات الشعب الفلسطيني ومصالحة كركيزة أساسية لهذا الشعب.

بعد اتفاقية أوسلو انقلبت أوضاع الشعب الفلسطيني رأسا على عقب، وخاصة بعد تبخر الوعود والآمال التي اشبع بها الشعب كذبا وتضليلا وخاصة من الناحية الاقتصادية التي ارتبطت بصراعنا مع دولة الاحتلال التي أحكمت سيطرتها على أسباب حياتنا وأدخلتنا في الزاوية الحرجة وبالتحديد في المجال الاقتصادي المرتبط بالقوت اليومي للأسرة الفلسطينية التي تعتمد على العامل الذي يبيع قوة عملة في سوق العمل "الإسرائيلي" الذي استغل الحاجة الفلسطينية بسبب إدراكه عجز الفلسطينية عن إيجاد أسباب التنمية الاقتصادية وتحقيق الحد ألأدنى من الاستقلال الاقتصادي عن دولة الاحتلال "الإسرائيلي" .

وقد جاءت انتفاضة الأقصى لتكشف عن مدى التبعية والفوضى والخطر الذي يحدق بالأسرة الفلسطينية المعتمدة على سوق العمل الإسرائيلي، وخاصة بعد القرار "الإسرائيلي" ببناء جدار الفصل والنهب للأراضي الفلسطينية الذي كانت له تداعيات خطيرة على وحدة المجتمع الفلسطيني اجتماعيا واقتصاديا وروحيا، فناهيك عن سرقة عشرات آلاف من الدونمات التي تعتبر السلة الاقتصادية للضفة الغربية والمجال الأوسع للعمل الزراعي الذي استوعب آلاف العمال الزراعيين الذين فقدوا مصدر رزقهم وانضموا إلى جيش العاطلين عن العمل واجهت القرى الزراعية الفلسطينية مشكلة عدم التواصل مع الأرض والإنسان وحشر الفلسطينيون في قراهم خلف بوابات تتحكم بالحياة والموت وكم من سيدة ومسن استشهدوا بانتظار أن يسمح لهم حراس البوابة من جيش الاحتلال للمرور للولادة أو العلاج.

بعد أن كشفت دولة الاحتلال عن وجهها البشع وتنكرت لاتفاقية أوسلو رغم الظلم الذي لحق بالفلسطينيين جراء توقيعها من منظمة التحرير الفلسطينية جاءت الإجراءات العقابية بحق الفئات المسحوقة من الشعب الفلسطيني وعلى رأسهم العمال الذين ضاقت بهم سبل الحياة بسبب شحه فرص العمل في ارضي السلطة الفلسطينية والتضيقات الموجهة من "الإسرائيليين " بوضع اشتراطات تعجيزية للحصول على تصاريح للعمل داخل الأراضي المحتلة عام 1948 وهذه الجزئية من أوضاع العمال الفلسطينيين الذين طرحوا في سوق النخاسة وإخضاعهم لعمليات البيع من قبل سماسرة العرب الفلسطينيين في مشهد عبودي عاشه الإنسان في بداية تكوين المجتمعات الإنسانية، هذه الجزئية من الحياة الفلسطينية لطبقة دفعت ولا زالت ثمن الاحتلال الذي يستهدفها ويفر أسباب امتهان كرامتها وقهرها.

العامل المحظوظ في فلسطين يكد 15 ساعة يوميا، وقد فسر لي احد الأخوة العمال هذه الأحجية الغربية على اعتبار أن ساعات العمل المتعارف عليها عالميا 8 ساعات، لكن العامل الفلسطيني وكما أوضح صديقي العامل يخرج من منزلة بعد آذان الفجر ومنهم من يصلي على الحاجز الإسرائيلي الذي يحلو للبعض تسميته"محسوم"، ويعود سبب الخروج المبكر للعمل في القدس على سبيل المثال والتي لا تبعد عن مدينة بيت لحم أكثر من 4 كم الحصول على مكان متقدم على الحاجز الإسرائيلي الذي يخضع العمال للتفتيش الدقيق وبالطبع المذل، وإذا كان العامل محظوظا يسمح له بعبور الحاجز ليصل مكان عملة مرهقا لينتهي في الساعة الثالثة والنصف ويخضع مرة أخرى للتفتيش على الحواجز في رحلة العودة وحسب المجربين يصل العامل إلى بيته الساعة الخمسة مساءا يتناول ما تسمونه العشاء وإذا استطاع الجلوس مع أولادة ساعة لا بأس بذلك ثم ينام ويعيد الكرة في اليوم التالي.

العامل الأقل حظا في فلسطين ينتمي لشريحة المغامرين الذين يقتحمون الخطر ليلا عبر الجبال والوديان والأنفاق للوصول إلى ورش العمل، هم عرض للاعتقال والتنكيل من ما يسمى بحرس الحدود الإسرائيلي الذي يرابط في المناطق التي يمرون منها، المحظوظ الذي يعبر الخطر ويصل
إلى الورشة التي لن يعود منها قبل شهر، هو يعمل ويأكل وينام بشكل غير قانوني، بمعنى أن ورش العمل معرضة في كل لحظة لمداهمة شرطة الاحتلال التي تلاحق العمل الذين يختفوا بطرقهم الخاصة لأنهم يدركوا معنى القبض عليهم من قبل شرطة ما يسمى بحرس الحدود الإسرائيلي، فالهراوة والاعتقال والغرامة المالية نصيب من يقبض علية.

لا تتوقف معاناة العامل الفلسطيني عند هذا الحد، وخاصة أن السماسرة الفلسطينيون و"الإسرائيليون "يقفون له بالمرصاد، فقد استمعت قبل أيام لحوار غريب عجيب بين مقاول يعمل في شركة إسرائيلية و"صنايعي" بخصوص توفير فرصة عمل، ومربط الفرس في الحوار أن السيد المقاول وعلاقة غير بريئة مع الشركات الإسرائيلية يستطيع أن يوفر تصريح عمل للفلسطيني الذي يتوق للعمل في الو رشات الإسرائيلية، والثمن وكما يقال غير مقطوع بمبلغ محدد، فالعرض والطلب والحاجة قانون قاسي يفرض نفسه بقوة على العامل الذي يجبر على الموافقة للعمل مقابل 150 شيكل أي ما يعادل 45 دولار، لكن الأجر الحقيقة 300 شيكل تذهب نصفها لجيب السمسار العربي "والمعلم" الإسرائيلي، وبالطبع المبلغ الذي يتقاضاه العامل الفلسطيني يتقلص إلى 80 شيكل لأنة يدفع مواصلات وطعام فهو ممنوع من المرور عبر الحاجز الإسرائيلي ومعه طعام وعلية الشراء من السوبر ماركت الإسرائيلي، وما ينطبق على العامل الفلسطيني العادي ينطبق على الصنايعي فهو مضطر لتقاسم دخلة بنسبة ما مع السمسار الفلسطيني وسيدة الإسرائيلي بالالتفاف على السلطة الفلسطينية بما يسمى ضريبة المقاصة التي تدفعها دولة الاحتلال للسلطة الفلسطينية.

أنة سوق"العبيد" والاضطهاد الموجة للغالبية العظمى من الشعب، ولا يخفى على احد نسبة البطالة في أوساط العمال الفلسطينيين والتي تجازون الخمسين بالمائة بكثير وخاصة في ظل حالة الكساد التي عصفت بالسوق الفلسطيني الملحق أصلا بعجلة الاقتصاد الإسرائيلي والمكبل باتفاقيات اقتصادية كاتفاقية باريس التي أعطت دولة الاحتلال إمكانية السيطرة على السوق الفلسطيني وأدت لانهيار قطاعات إنتاجية أساسية بالنسبة للفلسطينيين، وجاء الحصار الاقتصادي المفروض على الشعب الفلسطيني ليزيد من تفاقم الوضع الاقتصادي للعامل الفلسطيني وبالتحديد في قطاع غزة وخاصة في ظل البطالة التي وصلت لأعلى مستوياتها ليضطر العامل لممارسة الأعمال المميتة للحصول على لقمة العيش، وما العمل في الأنفاق التابعة للطبقة المسيطرة في القطاع والمخاطر التي يتعرض لها عشرات العمال ألا دليل على تعاسة الحالة العمالية، فعمال الأنفاق سيئة الذكر يتلقون أجور متدنية ويعملون على مدار الساعة في نوبات عمل طويلة ومهددين بانهيار الأنفاق على رؤوسهم وحدث ذلك أكثر من مرة واقع العديد من القتلى والجرحى والمفقودين تحت الرمال .

إن ظاهرة التعامل مع الطبقة العاملة الفلسطينية ألأسوأ تنظيما بين مثيلاتها تؤكد عقم السياسات الاقتصادية للحكومات الفلسطينية المتعاقبة وفشل مؤسسات المجتمع المدني ونقابات العمال المتحالفة مع أصحاب العمل في فلسطين والصامتة عن الممارسات القمعية للعمال، وبلا شك فقد سقطت كل الرهانات على طبقة التكنوقراط التي ورطتنا في الوهم، ولا زلت اذكر تصريحات الدكتور سلام فياض رئيس وزراء حكومة تسير الأعمال بعد تسلم مهامه عندما قال سننافس إسرائيل اقتصاديا، إلا ان العتمة لم تأتي على قد.............. وكان الفشل حليف هذه الحكومة كسابقاتها، وبالطبع ستأتي حكومات جديدة ولن تفكر ولو مجرد التفكير في وضع الخطط الاقتصادية التي من شانها تحقيق بعض الكرامة الاقتصادية لشعبنا.
المصدر:بريدالفجرنيوز


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.