سامي «سقط» من سيارة الإسعاف أثناء نقله من المستشفى إلى السجن تحت حراسة مشدّدة الضحية كان مكبّلا بالاغلال وبداخل السيارة حارسان فكيف سقط ومن فتح له الباب الخلفي؟ مسيرة صامتة أولى في «أنقولام» ويوم الاربعاء مسيرة ثانية أمام المحكمة مهاجر تونسي آخر يموت بين أيادي أعوان السجون أو الأمن الفرنسي.. مهاجر آخر يلقى حتفه في ظروف مسترابة بإحدى المدن الفرنسية. فبعد عبد الحكيم العجيمي ( 22سنة) الذي قتل على يد البوليس الفرنسي وزعمت فرنسا وفاته بأزمة قلبية حتى قبل فحص الجثة وشهاب السميري الذي تعرض لاعتداء وكسرت أربعة من أسنانه داخل السجن وادعت السلطات الفرنسية انتحاره قبل شهرين فقط من خروجه وسالم المصلي (41 سنة) الذي توفي داخل معتقل فانسان بسبب الاهمال وزعمت فرنسا وفاته جراء أزمة قلبية جاء منذ أيام الدور على المهاجر التونسي سامي الجلاصي (من مواليد 5 جوان 1981) ليلقى حتفه في ظروف جد مسترابة بمدينة «أنقولام» الفرنسية (140 كلم شمال بوردو) أثناء نقله من المستشفى الى السجن على متن سيارة إسعاف إذ «سقط» أو «أسقط» من السيارة وهي تسير وهو مكبّل بالاغلال ليلفظ بعد ساعات من زمن وقوع الحادثة أنفاسه الاخيرة وهو ما أثار موجة من الغليان في أوساط الجالية العربية «بأنقولام» في ظل الصمت الذي تعاملت به السلطات الفرنسية مع القضية. تساؤلات فماذا جرى؟ كيف مات سامي؟ هل ألقى بنفسه من السيارة وهي تسير أم دفع من طرف أحد الحارسين اللذين كانا يحرسانه؟ ثم لماذا كانت سيارة الاسعاف تسير وأبوابها مفتوحة؟ وما جدوى إلقاء سامي بنفسه وسيارة الاسعاف تسير امام سيارة أمنية؟ وما الدافع الى أن يلقي الشاب التونسي بنفسه وهو الذي لم يرتكب جُرما من الوزن الثقيل ؟ كلها تساؤلات طرحتها عائلة الضحية من بينها خطيبته الفرنسية «اليزابيت» التي جاءت الى تونس لتودعه الوادع الاخير بمسقط رأسه بتونس الكبرى- أثناء لقائنا بها: ولد بفرنسا يقول عاطف الجلاصي (شقيق الضحية) أنّ والده هاجر منذ 44 سنة الى فرنسا حيث ولد جميع اخوته بينهم سامي الذي زاول دراسته الى حدود السنة الثالثة ثانوي ثم دخل معترك الحياة وبدأ يعمل في قطاع البناء «وكانت حياتنا مستقرة اذ خطب شقيقي الاصغر سامي فتاة فرنسية وبدأ يهيء نفسه للزواج ولكن حصل فجأة ما عكر صفو هذا الاستقرار». اعتداء فانتقام تتدخل هنا الآنسة «اليزابيت» (خطيبة الضحية) قائلة: «لقد تعرض خطيبي يوم 29 أفريل الفارط لاعتداء بالعنف من قبل ثلاثة شبان جزائريين وعندما نجح في الفرار من قبضتهم حزّ في نفسه هذا التصرف والاعتداء فقرر الانتقام لنفسه وبعد نحو ساعة من الزمن اعترض سبيل أحد معنّفيه واعتدى عليه والحق به إصابات فتوجه الاخير الى المستشفى ثم تقدم بشكاية في الغرض ألقي القبض إثرها على خطيبي وأودع بسجن «سان روك» وظل موقوفا دون محاكمة». اعتداء جديد وواصل عاطف الحديث الينا عن الواقعة: «داخل السجن نشبت خلافات بين أخي وشبان جزائريين فاعتدوا عليه بالعنف الشديد وهو ما ألحق به إصابات بليغة استوجبت نقله الى مستشفى «جيراك» حيث احتفظ به إذ لحقت به إصابات في العين والأنف والفم وقد زرناه وكان متفائلا بقرب مغادرته السجن ولكن حصل ما لم يكن في الحسبان ومات أخي في ظروف مسترابة. حادث غامض «بعد تحسّن حالته الصحية أذن الطبيب المباشر بإعادته الى السجن وفعلا قام حارسا السجن بوضع الاغلال في يديه وساقيه واقتاداه الى سيارة اسعاف خاصة تحت حراسة أمنية قصد إعادته الى سجن سان روك ولكن على مستوى أحد الشوارع بأنقولام» يتابع محدثنا «وقع الحادث المأسوي الذي لم نتلق أية توضيحات حوله الى اليوم». نزيف قاتل واضاف عاطف بأن «مدير السجن اتصل بنا في حدود الساعة التاسعة من مساء يوم 26 جويلية الفارط واعلمنا بأن سامي ألقى بنفسه من سيارة الاسعاف وأنه نقل الى المستشفى حيث احتفظ به تحت العناية المركزة ولكن بتحولنا الى المؤسسة الصحية علمنا أنه فارق الحياة نتيجة إصابته بنزيف دموي حاد في الرأس جراء ارتطامه باليابسة فحاولنا حينها معرفة ملابسات الحادثة ولكننا لم نتلق أية معلومة ثابتة ويصدقها العقل إذ أعلمنا وكيل الجمهورية بأن سامي ألقى بنفسه من السيارة بناء على اعترافات حارسي السجن اللذين كانا يحرسانه داخل السيارة وهو مقيّد بالاغلال وقال: «لقد أعلمنا ايضا بأن الحارسين تفطنا لمحاولته الالقاء بنفسه من سيارة الاسعاف فطلبا منه التراجع ولكنه نفذ ما خطط له حسب أقوالهما المسجلة لدى وكيل الجمهورية». تساؤلات وتساءل عاطف: «هل يعقل أن يلقي أخي بنفسه وهو مقيد اليدين والساقين بالاغلال وممددا داخل السيارة وتحت أنظار حارسي سجن إضافة للسيارة الأمنية التي ظلت تسير خلف سيارة الاسعاف التي ظلت أبوابها مفتوحة دون موجب ثم ما الدافع حتى يلقي أخي بنفسه الى الموت.. نحن كعائلة نشكك في الرواية الفرنسية ونعتقد بأن الحادثة بفعل فاعل ونرجح أن يكون سامي تعرض لاستفزازات عمد إثرها الحارسان أو أحدهما الى دفعه والسيارة تسير ونطالب بفتح تحقيق رسمي لكشف الحقيقة كما نناشد السلطات التونسية التدخل ومساعدتنا على بلوغ الحقيقة». مسيرتان تطالبان بالحقيقة وفي سياق متصل ذكرت صحيفة فرنسية أن مسيرة صامتة شارك فيها نحو 120 شخصا توجهت نحو سجن سان روك للمطالبة بفتح تحقيق حول ملابسات وفاة المهاجر التونسي سامي الجلاصي كما أعلمنا شقيقه بأن مسيرة ثانية ستنتظم يوم الاربعاء القادم ستجوب شوارع مدينة «أنقولام» وتتوقف أمام قصر البلدية والمحكمة للمطالبة بالحقيقة حتى لا يحصل ما لا يحمد عقباه خاصة وأن اصدقاء الضحية صدموا لوفاته بهذه الطريقة الغامضة» على حد قول ابن عم الضحية سليم. صابر المكشر