استقبل المواطنون الفلسطينيون في الضفة الغربية، شهر رمضان المبارك لهذا العام، على وقع الارتفاع الجنوني في الأسعار، وخاصة أسعار الخضراوات والمواد الغذائية، وهو أمر بات يلمسه كل مواطن فلسطيني، كما تحوّل إلى مصدر إزعاج للكثيرين، وخاصة أصحاب العائلات الكبيرة، التي بات عليها أن تستغني عن كثير من أصناف الطعام التي كانت تحويها موائد الفطور والسحور، والاقتصار على عدد محدود من الأصناف. ويقول رئيس جمعية حماية المستهلك الفلسطينية بمدينة رام الله، ماهر الدسوقي، إنّ أوضاع الأسرة الفلسطينية أضحت صعبة جداً، لدرجة أنّ هناك أسراً فلسطينية لم يعد لديها أي مصدر دخل على الإطلاق، وهي تعتاش الآن على بعض الإعانات العاجلة وبعض المساعدات من هنا وهناك، تقدمها بعض اللجان الشعبية والأهلية. وأضاف الدسوقي في تصريح خاص ل"قدس برس"، أنّ الفقر والبطالة في الأراضي الفلسطينية في ازدياد، إضافة إلى الحصار المشدد والتضييق من جانب جيش الاحتلال "الإسرائيلي" على المواطنين الفلسطينيين وأسرهم، مما يحد من حركة المواطن الفلسطيني في طلب العمل. وأوضح الدسوقي أنّ "الجميع رفع شعار القضاء على البطالة والفقر، إلاّ أنّ الانتفاضة كشفت المستور، وتبيّن أنه لم يكن هناك أي خطة لمتابعة هذه المواضيع، ولا خطة طوارئ لمتابعة أوضاع المواطنين بشكل عام، والفقراء والمحتاجين بشكل خاص"، على حد تقديره. ودعا الناشط الاجتماعي إلى "وقفة جدية"، مشيراً إلى أنّ "هناك أسراً فلسطينية لا تجد على مائدة الإفطار إلاّ الماء وبعض الشوربات، وربما قليلاً من الشاي أو القهوة ويكونوا شاكرين لله". وقال الدسوقي إنّ "الفلسطينيين لم توجد لهم بعد بنية اقتصادية واجتماعية وثقافية وقانونية من أجل تحقيق التنمية الاجتماعية، كما ورد في العناوين العشرة التي دعت إليها قمة كوبنهاغن والتي صدرت في عام 1995 ووقعت عليها السلطة الفلسطينية، ولا توجد عندنا سياسات ولا خطة طوارئ لمواجهة هذه الأوضاع"، وفق تأكيده. وأضاف الدسوقي أنّ "مكافحة الفقر والبطالة هو التزام وطني من جانبنا، وليس اشتراطاً خارجياً"، مشيراً إلى أنّ "الشعب الفلسطيني يعاني من مشكلتين: الأولى هي الاحتلال وما يفرزه من حصار وإغلاق، والثانية تتمثل في عدم وضوح ترتيب أوراقنا الداخلية مما يخلق إشكاليات كبيرة أمام المواطنين"، داعياً إلى "البحث عن حلول سريعة لهذه الإشكاليات، إذ ليس من المعقول أن يدفع المواطن الفقير دمه وقوت يومه وبيته، ويستمر في دفع هذه الفواتير الباهظة، بينما البعض لا يلتفت إليه"، حسب ما ذكر. من جهته طالب النائب في المجلس التشريعي الفلسطيني، عيسى قراقع، الحكومة الفلسطينية بالعمل على دعم السلع الأساسية وتحديد أسعارها، وربط رواتب الموظفين بجدول غلاء المعيشة. وأوضح قراقع، في تصريح خاص ل"قدس برس"، أنّ أسعار المواد الأساسية ارتفعت بشكل كبير جداً في الآونة الأخيرة، بما تزامن مع افتتاح المدارس والالتحاق بالجامعات وحلول شهر رمضان المبارك مما فاقم معاناة المواطنين. وأشار قراقع إلى أنّ 90 في المائة من المواد الأساسية ارتفعت بأسعار متفاوتة، مثل ارتفاع كيس الطحين من 110 شيكل إلى 170 شيكل، ولتر الزيت من 15 إلى 23 شيكل، وقد أصبح الوضع الاقتصادي كارثي بكل معنى الكلمة، وتضرّرت من ذلك طبقة الموظفين وذوو الدخل المحدود. وأضاف قراقع "أنّ على الحكومة أن تتحمل مسؤولياتها في تخفيف معاناة المواطنين من خلال تخفيف الضرائب ودعم السلع الأساسية، ورفع رواتب الموظفين مما يتناسب مع غلاء المعيشة". وفي غضون ذلك؛ أشار تقرير إحصائي أصدره الجهاز المركزي الفلسطيني للإحصاء، إلى أنّ أسعار المستهلك في الأراضي الفلسطينية سجلت ارتفاعاً بلغ 121.28 في المائة، حيث بالمتوسط كانت نسبة الارتفاع 10.20 في المائة خلال الأشهر الستة الأولى من العام 2008 مقارنة مع الفترة المناظرة من العام 2007. وأوضح التقرير أنّ السبب الرئيسي لهذا الارتفاع هو ارتفاع أسعار معظم السلع الأساسية كأسعار الطحين والأرز والخبز واللحوم والدواجن ومنتجات الألبان والحليب والخضروات الطازجة.