بعيد عن السياسة.. الثقافة تعانق نفسها بقلم :علجية عيش أكدت التجربة أن ثقافة أمة معينة هي عنوان هويتها و أصالتها و في الثقافة تلتحم كل الأفكار و الرؤى مشكلة كيانا واحدا يعبر عن هوية ألأمة و أصالتها.. الأسبوع الثقافي القسنطيني التلمساني الذي ينظم بالجزائر العاصمة حدث جعل الجميع يحج قوافل لحضور الحدث الثقافي و الحضاري رغم الرعب و الجو الماطر للإطلاع على ما جادت به أنامل بني جلدتهم في العطاء الفني و لن يتوقف المشهد عن أبناء الشرق و الغرب بل قد تلتحم الروح الثقافية بأبناء الكاهنة و تنهنان و يشكلوا من الروح الأمازيغة تمثالا للتفاهم و التحاور الثقافي و يرسمون لوحة حية تعبر عن صفاء و نقاوة أبناء الجزائر ، و تؤكد للجميع دون استثناء أن اختلاف وجهات النظر لا يفسد للود قضية بل لابد للعطاء المتبادل و تنوع المجالات..وزراء و متخبين و غيرهم أبوا إلا أن يحضروا هده التظاهرة متخلين عن قبعتهم الحزبية واضعين سياسة الحزب جانبا ، فلا حزب فلان أو حزب علان و لا مجال للتطاحن الحزبي و السياسي ما دام الهدف واحد و هو تقارب الأفكار و تلاحمها.. ، إلى جانب الحضور القوي لمنتخبي الأفلان و على رأسهم مير قسنطينة الدكتور عبد الحميد شيبان و الدكتور رابح بوصوف رئيس المجلس الشعبي الولائي و نجيب أعراب و غيرهم..أن تكون مثقفا هذا يعني أن تكون قادرا على التعامل مع مختلف طبقات الشعب و فئاته.. أن تكون مثقفا يعني أن تكون لك قدرة التغيير و شرائطه و أن تجعل من مصطلح" الفراق" " وفاقا " و أن تمزج كل الأزمنة من غابرها إلى حديثها و تصبها في قالب واحد" ماضي المستقبل.."..قد تتصور مجتمعا بلا سياسة لكن لا يمكن أن تتصور مجتمعا بلا ثقافة، و ليست الثقافة في معناها الحديث بل الثقافة في مفهومها البدائي ، و قد تجتمع هذه المفاهيم و المصطلحات في عبارة مختصرة هي الفن" الفلكلوري "القائم في كيان كل مجتمع و الوسيلة الوحيدة للتواصل بين الأجيال، لاسيما و هذا الفن ما يزال إلى يومنا هذا يؤدي وظائفه المجتمعية مثله مثل باقي الفنون لاسيما المالوف و العيساوة التي تعتبر إحدى أشكال الفلكلور و هذا ما يدعو من سلطاتنا مسؤولينا إلى وجوب الدعوى إلى التحرر خاصة الفرق الثقافية الأصيلة و اكتسابها حق ممارسة العمل الثقافي بالطريقة التي تراها هي، ذلك أن التراث الثقافي هو الحفاظ على أصالة مجتمع معين و النضال في سبيل ذلك يشكل قمة الأخلاق الثقافية..لقد مورست في الأوساط الثقافية الجزائرية كل أشكال العنف الثقافي إن صح أن نطلق عليها مثل هذا الوصف لتضارب المصالح و غياب الوعي في مناقشة القضايا الثقافية والمساهمة في طرحها و مناقشتها و اقتراح الحلول المناسبة لها مثلما حدث في بعض المشاريع الثقافية التي أجهضت و هجرت خارج ولاية قسنطينة و نذكر على سبيل المثال مهرجان المالوف و العيساوة، و كأن أهل هذا التراث رعية مطواعة لجهة معينة تتصرف بأمورها كما تشاء..إن من الحقائق الثقافية أن الأمة التي لا تحافظ على ماضيها و تراثها أمة مهزومة، فهل وجب على الجهة المسؤولة و على رأسها وزارة الثقافة أن تدعو بدورها إلى دمقرطة الثقافة ، لأن الفن و الثقافة إبداع و لا حدود لهذا الأخير، و لا ينبغي حصره في أطره الضيقة و هو ما يدعو إليه الغلاة و المتطرفين، لكن في ألأطر الأخلاقية الإسلامية البعيدة عن الشبهات و بالتالي إلغاء مصطلح" فوبيا" الثقافة من قاموس البعض لاسيما الذين يكبروننا سنا..الكثير أصبح مصاب بفوبيا الثقافة أمام الانتشار الواسع لبعض الأنواع الثقافية مثل الهيب الهوب، و فن الراب و الجاز و الغناء الغير ملتزم و غيرها من الأنواع الثقافية الحديثة التي تسعى إلى الربح المادي على حساب القيمة الفنية..و بما أن الثقافة مؤنث فالأسبوع الثقافي القسنطيني التلمساني شهد حضورا قويا للمرأة، و قد جاءت هذه ألأخيرة لتؤكد أن المجتمع الثقافي لا يتشكل من الرجال وحدهم ، و إنما من الرجل و المرأة كون كلاهما يشكلان الحلقة الأساسية للحياة الثقافية من عروض أزياء إلى فن الطبخ و تسريحة الشعر و تجميل الوجه ، كل هذه الفنون تخص المرأة تضاف إليها الإبداعات الفكرية و ما تجود به المخيلة في مجال الحب و الجمال، و هي حالات تندفع فيها المرأة بصورة طبيعية و تلقائية و كم هن عدد النساء اللواتي وصلن إلى احتلال مراكز ثقافية مرموقة و اللواتي ساهمن في بناء الحياة الثقافية فهن اليوم إلى جانب الوزيرات أديبات و شاعرات بدءأ من خليدة تومي ، لويزة حنون، زهور ونيسي، أحلام مستغانمي، رجاء الصديق و الشاعرة المتألقة منيرة سعدة خلخال رئيسة جمعية أصوات المدينة ..لن تكون المرأة في هذا المجال مجبرة على أن ترتدي لباس الرجل و تتقمص سلوكاته لتثبت جدارتها في ألأعمال الفكرية الإبداعية طالما لهما قاسم مشترك و هو العقل و ربما تفوق المرأة الرجل في بعض النقاط، لاسيما و هي تتمتع بالحس الجمالي العاطفي أكثر من الرجل لدرجة تجعلها تفقد السيطرة على مشاعرها و عواطفها مهما كانت ميزاتها في الذكاء و العبقرية و هي الميزة التي يتفوق فيها الرجل على المرأة بشكل عام، و هكذا يبقى للكاتب المبدع قلمه الذي يكتب به، و للفنان آلته التي يعزف بها، و للرسام ريشته التي يرسم بها و للحرفي أداته التي يصنع بها تحفته الفنية هي قوته و سلاحه الوحيد الذي يصنع به الحدث الثقافي، و بهذا التنوع يمكن للمثقف و الفنان و المبدع أن يصلوا جميعا كما قال القاص مصطفى نطور إلى قمة الجمال الفني…