كشف الخميس، عن أن حكومة حزب العمال برئاسة غوردون براون أنهت استعدادتها لاجراء تعديل جذري على الدستور البريطاني على نحو سيغير الى حدٍ بعيد من شكل النظام الملكي والطريقة التي يتم بها توارث العرش، بالغاء، تشريعات يعود تاريخها الى 300 عام من شأنها أيضاً أن تقلص نفوذ الأسرة المالكة والطبقة الأرستقراطية واضعافها أكثر فأكثر، وتفتح الطريق مستقبلاً أمام تعديلات اضافية بالنسبة الى وراثة العرش من جانب أفراد من الأسرة المالكة حتى لو كانوا معتنقين ديانات أخرى غير المسيحية، كاليهودية والاسلام والهندوسية. وكتبت صحيفة «الغارديان»، أن التعديلات الدستورية المتعلقة بالملكية ستطرح على البرلمان بمجلسيه اللوردات والعموم أي النواب، حالاً بعد الانتخابات النيابية المقبلة والمتوقع اجراؤها في موعد أقصاه مايو المقبل. وذكرت أن التعديلات المقترحة قُدِّمت الى مجلس الوزراء بعد اعدادها من لجنة كلفها براون بذلك. ومن المنتظر في حال اقرارها أن يبدأ العمل بها حالاً بعد تولي الأمير وليام نجل ولي العهد الامير تشارلز. وقال رئيس اللجنة التي أعدت التعديلات المقترحة النائب العمالي كريس بريانت، أن التعديلات ستضع حداً للتمييز ضد اناث الأسرة المالكة وحرمانهن من وراثة العرش حتى لو كن أكبر سناً من الذكور من اخوتهن. كذلك سيُلغى البند الذي يحرم الكاثوليك من أبناء الأسرة المالكة من وراثة العرش ويضع حداً لاقتصار وراثة العرش على المنتمن الى المذهب الأنغليكاني البروتستانتي المعمول به حالياً، ما سيترك أثراً كبيراً على العلاقة بين الملكية والكنيسة، حيث أن العاهل البريطاني ملكاً كان أم ملكة، هو رئيس الكنيسة الأنغليكانية، ما يعني أن التعديلات الدستورية الجديدة ستخلق أزمة جدية بالنسبة للكنيسة الأنغليكانية التي من غير المعقول ان تقبل برئيس كاثوليكي لها. وبالتالي فان التعديلات الجديدة ستدفع الكنيسة الى الانفصال عن الأسرة المالكة، وهي خطوة من شأنها أن تضعف الطرفين وتترك آثاراً سلبية على كل منهما. وقال جوفري روبرتسون، الخبير القانوني برتبة مستشار ملكي، أن التعديلات الجديدة المقترحة تشكل تحدياً جدياً للمؤسسة الملكية، معتبراً أن هذا التغيير اذا حصل سيضع حداً لاقتصار وراثة العرش على البروتستانت الانكليز من أصل الماني، كما هي الحال الآن، ويفتح المجال مستقبلاً ليس فقط أمام الكاثوليك من أبناء الأسرة المالكة، بل غيرهم حتى لو كانوا منتمين لديانات كاليهودية والاسلام والهندوسية والرستافيرية. وأضاف أن التعديلات المقترحة ستقرب المجتمع البريطاني أكثر من الهدف الأسمى، ألا وهو «القضاء على ظاهرة بقاء رئاسة الدولة محكومة بنظام وراثي». يشار الى أن الدستور الحالي يحرم أفراد الأسرة المالكة من وراثة العرش، اذا كانوا متزوجين من أتباع المذهب الكاثوليكي، كذلك يحرم الأبناء المتبنين منهم من وراثة العرش، فيما تشترط الكنيسة الأنغليكانية فوق كل ذلك ألا يكون رئيسها، ملك أم ملكة، متزوجاً أو متزوجة من مطلق أو مطلقة، مثلما هي الحال مع ولي العهد الحالي تشارلز بعد زواجه من كاميلا، دوقة كورنوول، الذي تواجه وراثته للعرش معارضة من جانب الكنيسة، وتضع علامات سؤال حول مستقبله كملك بعد والدته الملكة اليزابيث الثانية. وكانت شخصيات بارزة من أبناء أسرة آل ويندزور المالكة حُرمت من وراثة العرش في الماضي بسبب هذه القيود، على نحو جعل الكثير من المؤرخين يشيرون الى الخسارة التي لا تعوّض التي تكبدتها بريطانيا على مر القرون الثلاثة الماضية بسبب تفضيل أشخاص غير مناسبين لوراثة العرش، وأحياناً ذوي عاهات ومحدودين ذهنياً، فقط لأسباب تعتبر سطحية. فيما يشار الى أن أفراد من الأسرة المالكة ممن هم على قيد الحياة مثل الأمير مايكل أوف كينت، ابن عم الملكة، والايرل أوف سانت أندروز، هما من المستثنين من وراثة العرش لزواجهما من سيدتين كاثوليكيتين. أما بيتر فيليبس، نجل الأميرة آن، كريمة الملكة اليزابث الثانية، فقد احتفظ في موقعه ضمن قائمة أصحاب الحق في وراثة العرش الحالي فقط بعد أن وافقت زوجته الكاثوليكية أوتامن كيلي على اعتناق المذهب البروتستانتي الانجليكاني في وقت سابق من العام الحالي. وتابعت «الغارديان» أن التعديلات المقترحة خطوة نوعية تتماشى مع القوانين البريطانية والدولية المتعلقة بحقوق الانسان، نظراً لأنها تضع حداً للتمييز على أساس الجنس والدين في المؤسسة الملكية التي ما زالت تتمتع بنفوذ كبير في الحياة السياسية والعامة في البلد. وقالت ان الوضع الحالي لوراثة العرش يتناقض مع البند التاسع من معاهدة حقوق الانسان التي تتيح لجميع المواطنين حرية التفكير والمعتقد الديني والبنود التي تحرّم التمييز على أساس الجنس. من جهتها، أشارت صحيفة «دايلي ميل» الى أن العائلة المالكة تواجه أزمة مالية خانقة بسبب الأزمة المالية العالمية، وأن الحكومة رفضت طلباً سرياً تقدمت به الملكة الى الحكومة من أجل الاسراع في زيادة المخصصات الحكومية للعائلة المالكة. وتوقعت الصحيفة أن تظهر آثار الأزمة المالية التي تعاني منها العائلة المالكة في شكل واضح في عام 2011. ونقلت الصحيفة عن مسؤولين في القصر الملكي أنه تم ابلاغ الحكومة بالعجز المالي الذي أصاب ميزانية القصر نتيجة للأزمة المالية التي تجتاح العالم، وأنه ما لم تزيد الحكومة من الموازنة المخصصة للعائلة المالكة سيكون من الصعب في المستقبل على الملكة القيام بواجباتها الرسمية والمحافظة على القصور. واضافت الصحيفة، أن المسؤولين في القصر الملكي ذكّروا الوزراء في الحكومة أن من واجبهم دستورياً المحافظة على الدوام على الأمن المالي للعائلة المالكة. وطالبوا الحكومة بزيادة الميزانيتين اللتين تقررهما الحكومة سنوياً بموافقة من البرلمان لصيانة الأملاك التابعة للعائلة المالكة والتي تبلغ 15 مليون جنيه، ولدفع رواتب الموظفين العاملين لدى الأسرة المالكة والتي تبلغ 7.9 مليون جنيه. ففي ضوء الأزمة المالية الحالية من المتوقع أن يتضاعف حجم الرواتب التي تدفعها العائلة المالكة لموظفيها خلال السنوات الثلاث المقبلة، مما يعني أن العائلة ستواجه مشكلة في دفع رواتب الموظفين ما لم تتلق نجدة من الحكومة. علاوة على ذلك يشير مسؤولون في القصر الملكي الى حاجة العائلة الى 32 مليون جنيه اضافية بأسرع وقت لترميم وصيانة القصور.