بقلم : محمد بن عبدالرحمن آل ثاني ..تعرضت قوانين الأحوال الشخصية في بعض الدول العربية لتغيير لتنسجم مع الاتفاقيات الدولية في هذا الشأن، منها تقييد الزواج بسن معينة وسفر الزوجة دون إذن زوجها، وتقييد التعدد.. ومنها ايضاً الدعوة الي تقييد الطلاق. حيث الطلاق في الإسلام يقع بالإرادة المنفردة للزوج وشفاهة. والمراد هو جعله لدي المحكمة حيث المحكمة هي التي تعلن الطلاق بناء علي طلب أحد الزوجين.. ومعني ذلك أن من طلق لا يقع طلاقه مع أن الإجماع أن الطلاق يقع بلفظ المطلق. وإن كان هذا لم يحصل إلا في دولة أو اثنتين ممن تعلمنت قوانينها الشخصية، إلا ان العمل جارٍ علي قدم وساق حيث ينشط هؤلاء الدعاة في كل بلد يفتح لهم طريق الي ذلك. وها نحن نسمع دعوات لتقييد الطلاق بتعديل قانون الأسرة ليستجيب لذلك. كما أنه كانت هناك محاولات في السابق في بعض الدول العربية لتقييد الطلاق والتعدد. قال رئيس دولة عربية راحل في هذا السياق: إن هذه المسألة اجتماعية تعالج بالتوجيه والإرشاد لا بالقوانين. نعم.. متي القوانين عالجت مشكلة أو حسمت أمراً. كلما سن قانون ظهرت مشكلات أخري، منها علي سبيل المثال، سألت مواطناً من تونس في الثلاثين من عمره إن كان متزوجاً فأجاب قائلاً: لست بحاجة الي الزواج الآن فأنا عندي أربع عشيقات في ولايات مختلفة وبرر ذلك ان اجراءات الطلاق وما يترتب عليها معقدة جداً عندهم فضلاً عن الأمور المالية الكبيرة التي يتحملها الزوج من جراء الطلاق. ذكر صاحب كتاب المرأة بين القرآن وواقع المسلمين أن حصر الطلاق بيد القاضي أمر أثبتت التجارب عدم جدواه ويقول: ان عدد حالات الطلاق - في تونس - لم ينقص بل علي العكس لقد ارتفع رغم ان المبرر الذي قدم لانتزاع سلطة الطلاق من يد الزوج وإيكالها الي القاضي هو حماية الأسرة بإتاحة فرصة للقاضي ليراجع فيها الزوجين ويحاول الصلح بينهما فإن الواقع يثبت ان نسبة المصالحات ضئيلة جداً. ولنذكر للقراء قصة طريفة في هذا السياق: دعا رجال وزارة العدل في تونس أحد المستشرقين الفاهمين ليلقي محاضرة يزكي بها قانون الأحوال الشخصية لأبي رقيبة، فبهتهم بقوله: إنني لم أفهم أن هذه أحكام إسلامية، وهي أقرب ما تكون أحكاماً كنسية، لأن الأحكام الإسلامية تبيح الطلاق وتعدد الزوجات والكنسية هي التي تقيدهما، فسموا قانون الأحوال الشخصية عندكم قانونا، ولا تقولوا إنه قانون إسلامي. إن حصر الإسلام الطلاق في يد الزوج إنما يعود لعدة أسباب من أهمها كونه المتضرر الأول من الطلاق من الناحية المادية فهو الذي يجب عليه المهر والنفقة لمطلقته ولعياله طوال فترة العدة والحضانة أو وجود مؤخر صداق، فضلاً عن مصاريف ونفقات زوجة أخري، وهذا الأمر يجعله أكثر ضبطاً لنفسه من المرأة التي قد لا يكلفها أمر رمي يمين الطلاق شيئاً. إن حصر الطلاق في يد الزوج وعدم إعلانه للقاضي إلا في حالات قصوي مثل الطلاق للضرر انما يعود لمبدأ التستر الذي يدعو إليه الاسلام، لأن معظم أسباب الطلاق تتمثل في أمور لا يصح إعلانها، حفاظاً علي كرامة الأسرة وسمعة أفرادها ومستقبل بناتها وبنيها. وقفنا علي بعض حالات اجراءات الطلاق في احدي دول المغرب العربي، التي تقيد الطلاق، حيث يحضر الزوجان أمام القاضي الذي بدوره يسألهما أو احدهما عن سبب رغبته بالطلاق، ولا بد ان يكون ذلك باللفظ الصريح لا خفاء فيه، وكان الزوج يعلل رغبته بالطلاق بسبب عدم طاعة الزوجة له، وعندما ألح عليه القاضي في معرفة السبب الحقيقي حيث قال (....) بما معناه: انها تعايره بعدم قدرته علي إشباعها عاطفياً. وحالة اخري كان سببها الغيرة الشديدة من الزوجة وما صاحب ذلك من تفاصيل حتي ان الزوجة احمر وجهها خجلاً واختنقت بكاء. كما أنه عندما شدد وقوع الطلاق وجعله أمام القاضي وبتهمة الزنا فقط، كان الأزواج اذا أرادوا فك قيد الزوجة يتهمون بعضاً أو أحدهما الآخر بالزنا! لمجرد وقوع الطلاق. فأي الحالتين أكرم وأحسن وأليق بالكرامة؟ لا يتم الطلاق بدون فضائح؟ أم أن يتم إلا بعد الفضائح. والواقع أن هذه الطروحات حول الطلاق لا تخرج كثيراً عما يدعو إليه الغرب.