القاهرة – فيما وصفتها ب"مبادرة صلح تاريخي"، دعت الجماعة الإسلامية في مصر النظام الحاكم إلى تشكيل تحالف بينهما، وطالبت بمنحها إطارا شرعيا لممارسة . دور دعوي واجتماعي فقط، بعيدا عن أي دور سياسي واستبعد خبراء بشئون الجماعات الإسلامية في تصريحات لشبكة "إسلام أون لاين.نت" الأحد 5-10-2008 إمكانية قبول النظام الحاكم بالمبادرة الجديدة، ووصف أحدهم هذه المبادرة بأنها "هروب إلى الأمان". المبادرة التي طرحتها الجماعة الإسلامية في بيان على موقعها على شبكة الإنترنت بعنوان: "برقيات عاجلة"، حثت "أهل الحكم" على مصالحة تاريخية قائلة: "لن تعود أمتنا إلى سابق عزتها إلا حين يصطلح السلطان مع القرآن، ويلتئم شمل أهل الدين مع أهل الحكم، وتتصالح الحركة الإسلامية مع الدولة والمجتمع". طالع أيضا: الجماعة الإسلامية بمصر تطلب "الدعوة بالمساجد"
وتجيء هذه المبادرة في إطار مراجعات الجماعة الإسلامية الفكرية والفقهية للعودة عن العنف، والتي بدأت في عام 1997، وأعلن عنها في عام 2001. وتوجه المبادرة، المزيلة بتاريخ الأول من أكتوبر الجاري، رسائل مفتوحة لكل من يهمه أمر العلاقة بين الحركة الإسلامية والمجتمع والدولة بقولها: إن "هذه العلاقة تحتاج إلى تصحيح وتطوير، بحيث تخرج من طور الصدام إلى إطار أوسع وأشمل من التعاون في القضايا التي تهم الإسلام والأوطان.. وتحافظ على الأمن القومي لبلادنا في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها". وشددت الجماعة على أن الهدف الأساسي من التحالف المقترح هو "الحفاظ على مصالح الإسلام والأوطان العليا". دور دعوي وضمن المبادرة الجديدة، دعت الجماعة الإسلامية منحها مساحة مشروعة "للقيام بواجبها تجاه وطنها في الدعوة إلى الله والتربية والإصلاح بعيدا عن أي شكل من أشكال العنف". وسعت لطمأنة "أهل الحكم" بعدم انزلاقها مجددا إلى العنف أو مساعي الوصول إلى السلطة بالقول: إن "الجماعة تنشغل بوظيفتها الأساسية في إقامة الدين في نفوس أبناء وطنها، وفي إصلاح مجتمعاتها، وإن سعيها للتحالف مع النظام ليس تزلفا لحاكم، أو طلبا لدنيا، أو رغبة في جاه". وأقرت الجماعة بارتكاب أخطاء وإخفاقات، محاولة تبرير ذلك ب"أنهم بشر يصيبون ويخطئون، وأن ما قاموا به في الماضي لم يكن يعبر عن الإسلام كدين معصوم من الخطأ". ومضت قائلة: إن "الحركات الإسلامية خاضت صراعا مريرا مع أهل الحكم في بلادها امتد لعقود، ولم تجن الجماعة منه شيئا سوى إراقة الدماء وإهدار الطاقات". وعلق القيادي بالجماعة الإسلامية سمير العركي على هذه المبادرة بأنها بمثابة "إعلان لعقد اجتماعي مأمول ومنتظر بين الحركة الإسلامية وبين الدولة والمجتمع". وأردف العركي على موقع الجماعة أن "الحركة خسرت كثيرا بصدامها مع الدولة.. كما أن المجتمع خسر كثيرا نتيجة حالات التغييب الطويلة للحركة داخل السجون". "هروب إلى الأمان" وشكك خبراء بشئون الحركات الإسلامية في إمكانية قبول النظام الحاكم بهذه المبادرة، ورأى عمرو الشوبكي، الخبير بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية في مؤسسة الأهرام، أن بيان الجماعة الإسلامية يمثل "هروبا إلى الأمان، ويعكس التجربة الفاشلة للجماعة في العمل المسلح في الماضي". واستبعد الشوبكي استجابة النظام الحاكم بالإيجاب لهذه المبادرة قائلا: إن "قبول المبادرة الجديدة من قبل النظام الحاكم غير وارد حتى لو اكتفت الجماعة بالعمل الدعوي، فحتى هذا العمل أصبح من المحظورات التي يمنعها النظام". كذلك استبعد عصام العريان، مسئول القسم السياسي بجماعة الإخوان المسلمين، قبول النظام الحاكم لهذه المبادرة برغم إعلان الجماعة الإسلامية عدم سعيها إلى الحكم. وقال العريان: "لا يوجد عمل دعوي لا يتطرق إلى السياسة، فكيف سيتم إصلاح أخلاق المجتمع دون التطرق للفساد والظلم في البلاد؟!". "دعوة مرحلية" ومتفقا مع سابقيه، رأى كمال حبيب، الباحث في شئون الإسلام السياسي، والقيادي السابق بالجماعة الإسلامية، أن "سماح الدولة للجماعة بالعودة إلى العمل الدعوي وأن يكون لها مساجدها لهو أمر مشكوك فيه". وأردف حبيب قائلا: إن "الدولة أممت الدين لصالحها، ولن تسمح بأن يشاركها فيه أحد بما في ذلك الأزهر والجماعات الإسلامية". وأخذ على الجماعة الإسلامية قولها في المبادرة إنها لا تسعى إلى السلطة، معتبرا أنه "من المهم أن يسعى الإسلاميون إلى السلطة؛ لأننا بحاجة إلى سلطة عادلة بعدما تحلل النظام الحاكم في مصر". ورأى حبيب أن هذه الدعوة من جانب الجماعة الإسلامية ربما تكون مرحلية؛ نظرا لتجربتها السابقة قائلا: إن "خيار الجماعة الإسلامية بالعمل الدعوي فقط هو ردة فعل عكسية لما مورس ضدها داخل السجون" التي غادرها معتقلو وسجناء الجماعة بعد إعلان قبولهم بالمراجعات الفكرية.