كعادتهم دائما وعود جوفاء تلقى جزافا... لا ترقى أبدا إلى ما تعارف عليه الآدميون من احترام للعهد و الوفاء به.. هذا ما يمكن أن يقوله من يحترم نفسه عندما يعلم أن السيد محمد التومي المنصوري يعود من جديد إلى مراكز الإيقاف... انتظر طويلا عسى بعض الضمائر تصحو...انتظر طويلا عسى درجة الحقد تخف و تتقلص..انتظر طويلا عسى... لكن هيهات هيهات!! فمن شب على شيء شاب عليه... و من ملأ الحقد و العجز كيانه لا تنتظر منه مواقف المروءة و الشهامة.. السيد محمد التومي المنصوري، السجين السياسي السابق و القيادي في حركة النهضة، عانى ما عانى داخل السجون التي نقلوه بين غياهبها، ثم غادرها على أمل أن يعيد بسمة إلى شفاه أطفال حرموها قرابة عقد و نصف..لكن الأطفال الذين تركهم يرتادون المحاضن و روضات الأطفال أصبحوا رجالا يرتادون الجامعات.. و بعدما عانى من الاضطهاد في السجون ما عانى جاء دور مقصلة المراقبة الإدارية لتذيقه الأمرين.. صبر و صابر...كتب من الرسائل و البرقيات كثيرا وجهها لكل الجهات التي يرجع إليها بالنظر و متى كانت هذه الرسائل و البرقيات تحظى برد عندهم؟؟ دخل في إضراب عن الطعام في بداية الصيف الماضي (12جويلية)و استمر الإضراب قرابة شهر أو يزيد...نقل إلى المستشفى المحلي بالقصور و منه إلى المستشفى الجهوي بالكاف... تدخل أصدقاؤه و قد تدهورت حالته الصحية و أنذرت بتدهور سريع قد لا تحمد عقباه...واستجاب مكرها لكن مشكورا... كان يأمل أن يلتحق بأبنائه بمدينة سوسة حيث يزاول اثنان منهم تعليمهما هناك.. كانا و لا يزالان غير متمتعين بمنحة جامعية مثل أبناء كافة المساجين في إطار سياسة التضامن و التراحم و التعاطف... " و التونسي للتونسي رحمة"... لكنك أسمعت لو ناديت حيا... و استوى عنده الأمران: إقامة في السجن الصغير أو أخرى في السجن الكبير... لم يشعر أن في وجوده فائدة تذكر لأبنائه و عائلته فهو المنهدس الفلاحي مهمش و معطل عن العمل يستوي في ذلك مع الأميين الذين لم يجلسوا على مقاعد فصولنا المدرسية يوما واحدا أو من أولائك الذين لم يبذلوا قطرة عرق واحدة في سبيل عزة هذا البلد و كرامة أهله و هويته و نموه... قرر الانتقال إلى مدينة سوسة في أجل ضربه لنفسه بعد أن رفضوا التعامل معه بما هو أهل له و جدير به و بما هو أفضل ألف مرة و مرة... و حمل ما خف من ثيابه و توجه إلى بيت أصهاره بمدينة سوسة يوم 02 أكتوبر الماضي مهنئا بالعيد و مطلعا على أحوال أبنائه و باحثا عن عمل... و إن كان قد هنأ أصهاره و اطلع على شيء من أحوال أبنائه فإن رحلة البحث عن عمل لا تزال متواصلة.. و كانت "الأعين التي لا تنام" بالمرصاد له و لأمثاله...و وقع إيقافه من جديد يوم الثلاثاء 21 أكتوير على الساعة السادسة مساء... و كان يومها يشكو من مغص بالمعدة... و لا أدري كيف سمح له بالعودة للبيت لأخذ بعض أمتعته يحتاجها هناك وراء القضبان... .................... مر يوم الأربعاء دون جديد... و مع اقتراب نهاية التوقيت الإداري ارتأى ابنه البكر أن يذهب إلى منطقة الأمن بسوسة ساعيا إلى معرفة مصير والده... و هناك لم يظفر بطائل...لم يجد من يجيب...و في نهاية الأمر وقع طرده ... هل السيد محمد التومي المنصوري موقوف الآن بسوسة أم وقعت نقلته إلى مدينة الكاف؟؟؟ أسئلة قد تجد جوابا غدا يوم الخميس... و إن غدا لناظره لقريب... جرجيس في: 22 أكتوبر 2008 عبدالله الزواري