قال الكاتب الصحافي الجزائري محمد بن شيكو ان الأسباب التي أوردتها وزيرة الثقافة خليدة تومي لمنع كتابه 'دفاتر رجل حر' لا أساس لها من الصحة، مشددا على أن الكتاب غير معاد للسامية، كما أنه لم يسئ إلى ثورة التحرير ولم يمجد الاستعمار، مثلما قالت الوزيرة. وأضاف بن شيكو في تصريح ل'القدس العربي' امس الاربعاء ان كلام الوزيرة تومي يتضمن شقين، الأول 'اعترافها أنه في جزائر عام 2008 يمكن الزج بكاتب في السجن بسبب كتاباته، هذا بينما تدعي السلطة أن الجزائر دولة الحق والقانون والديمقراطية'. واعتبر أنه 'حتى في الأنظمة الأكثر ديكتاتورية التي عرفتها البشرية، لا يمنع كتاب لا يزال في مرحلة المخطوط'، مشيرا إلى أن ما قالته الوزيرة 'يدل على أنها قرأت المخطوط الخاص بالكتاب، وهذه ليست تصرفات الوزراء وإنما ممارسات رجال البوليس'. وكانت السلطات الجزائرية منعت صدور الكتاب الاسبوع الماضي. وقال بن شيكو ان الشرطة طوّقت المطبعة، وان هناك من أبلغه بأن 'جهات عليا' في الحكم أمرت بمصادرة الكتاب الذي يتضمن يومياته منذ خروجه من السجن قبل نحو سنتين ونصف السنة. ونفى بن شيكو كل الاتهامات التي كالتها الوزير خليدة تومي لكتابه، مؤكدا أن كتابه ليس معاديا للسامية ولم يتضمن أية إساءة إلى الثورة التحريرية، كما أنه أبعد ما يكون عن تمجيد الاستعمار الفرنسي الذي ارتكب جرائم فظيعة في الجزائر، معتبرا أن 'تومي اخترعت هذه التهم لتبرير قرار منع صدور الكتاب'. ودعا إلى قراءة مقتطفات من الكتاب على موقعه الخاص على شبكة الانترنت، مشيرا إلى أنه إذا كان الكتاب قد أساء إلى شيء، فإنه 'يسيء إلى الديكتاتورية والحكم المطلق والتضييق على الحريات الفردية والجماعية'. وبن شيكو صحافي عمل رئيس تحرير صحيفة 'لوماتان' الناطقة بالفرنسية الى غاية 2004 تاريخ الحكم عليه بالسجن سنتين بتهمة تتعلق بسندات مالية وُجدت بحوزته في المطار. ونفى هو التهمة معتبرا ان خلفياتها سياسية تعود الى معارضته الشديدة للرئيس بوتفليقة. ولاحظ بن شيكو التناقض الموجود بين تصريحات وزير الإعلام الناطق باسم الحكومة وبين تصريحات وزيرة الثقافة، مشددا على أن وزير الإعلام عبد الرشيد بوكرزازة أراد، في مؤتمره الصحافي الاسبوعي الثلاثاء، أن 'يقزم القضية ويربطها بمسألة مخالفة الإجراءات التنظيمية، حتى ينفي التهمة عن الحكومة'. وأوضح أن وزيرة الثقافة 'ناقضت (في نفس اليوم) زميلها في الحكومة بقولها انها صاحبة قرار منع الكتاب، أي أنها تعيد القضية إلى إطارها السياسي وتعيد الكرة مجددا إلى ملعب الحكومة بعد أن سعى وزير الإعلام لإخراجها منه'. واعتبر بن شيكو أن كتابه منع لأسباب 'ذاتية وغير موضوعية بما يتعارض مع الاستراتيجية الحكومية'. وتمسك المصدر ذاته بأقواله السابقة فيما يتعلق بالجهة التي تقف وراء منع كتابه، مؤكدا أن القرار صدر من 'جهات عليا'، لذلك اضطرت الوزيرة أن تقول كلاما لا أساس له من الصحة لتبرير ما حدث. واعترفت وزيرة الثقافة خليدة تومي مساء الثلاثاء في مؤتمر صحافي بأنها صاحبة قرار منع الكتاب، مشيرة إلى أنها هي من اتخذ هذا القرار لأن الكتاب 'معادٍ للسامية ومسيء لثورة التحرير'. وقالت: الكاتب شبّه وزير الداخلية الحالي نور الدين يزيد زرهوني بالجنرال الفرنسي 'ماسو' الذي أباد وشرّد المئات من الجزائريين خلال فترة الاستعمار الفرنسي للجزائر. وأضافت الوزيرة أن الكتاب تضمن أيضا اتهامات لشخصيات في الدولة بالسرقة دون أن يقدم الدليل، مؤكدة على أنها بصفتها مسؤولة في الدولة لن تسمح لأي كان أن يتهمها أو يتهم غيرها. ومضت قائلة: لقد اتصلت بعدد كبير من المحامين الذين أكدوا لي أن الكتاب يتعارض مع قانون العقوبات، وأنه قد يؤدي بصاحبه إلى السجن. وخلصت وزيرة الثقافة إلى أن تدخلها لمنع طبع وصدور الكتاب أنقذ بن شيكو من المحاكمة والسجن، موضحة أنه سبق للكاتب الصحافي أن أصدر ديوان شعر الصيف الماضي، ولم يتعرض لمقص الرقابة. جدير بالذكر أن اعترافات وزيرة الثقافة جاءت بعد ساعات قليلة من اعلان وزير الإعلام أن الحكومة بريئة من منع كتاب بن شيكو 'براءة الذئب من دم ابن يعقوب'.