كييف - احتضن المركز الثقافي الإسلامي في العاصمة الأوكرانية كييف أعمال طاولة مستديرة ناقشت فكر وتوجهات التيارات الإسلامية المعاصرة في العالم ككل وفي أوروبا وأوكرانيا بشكل خاص. وحضر أعمال الطاولة -التي دعا إليها اتحاد المنظمات الاجتماعية، وهو أكبر مؤسسة رسمية تعنى بشؤون الإسلام والمسلمين في أوكرانيا- حشد من كبار المثقفين والمستشرقين في البلاد، وممثلون وطلاب عدة جامعات استشراقية في شتى المدن، ووزارتا أديان العاصمة كييف وإقليم القرم. وتضمنت أعمال الطاولة طرحا تعريفيا علميا بأهم التيارات الإسلامية المعاصرة، ومناقشة لنقاط الاختلاف الفكرية والمنهجية فيما بينها. وكان من أبرز ما طرح بحث تفصيلي قدمه الأستاذ سيران عاريفوف مدير مركز الرضوان الإسلامي في القرم عن تاريخ نشأة هذه التيارات وأصولها وفروعها، وكذلك تفاعل الحكومات العربية والإسلامية وغيرها مع نهجها. ظروف النشأة وفي حديث مع الجزيرة نت قال عاريفوف إن أهمية بحثه تكمن في كونه "يبين الظروف التي نشأت خلالها هذه التيارات والنهج الذي اتبعته لاحقا"، مشيرا إلى أن "أوكرانيا وغيرها من دول الاتحاد السوفياتي السابق تحتضن العديد من ممثلي هذه التيارات وأتباعها، لكن القليل من أبنائها يعرفون عنها". وأضاف "البحث تضمن تعريفا بأكثر التيارات انتشارا (الصوفية، الإخوان، السلفية)، وكذلك بعض التيارات الأخرى المنشقة عنها أو الأقل انتشارا أو حتى المثيرة للجدل (حزب التحرير، الأحباش)". موضوع ما يسمى بالإرهاب و"التطرف الإسلامي" فرض نفسه، رغم أنه لم يكن ضمن خطة عمل الطاولة، فناقش المجتمعون الظروف التي أدت إلى ظهور بعض الحركات التي تتهم عالميا بكونها "إرهابية" كالقاعدة وطالبان وغيرهما. البروفيسور يوري كوتشوبي -رئيس مركز الدراسات والبحوث العلمية والأكاديمية في أوكرانيا والسفير السابق لدى فرنسا- تحدث للجزيرة نت عن أهمية مثل هذه الطاولة التي ستسهم في خلق تصور عن الحركات الإسلامية في تلك المنطقة من العالم ومدى تأثرها بمثيلاتها في العالم الإسلامي. وشدد على أن أهمية معرفة تلك الحركات وأفكارها ومناهجها "تأتي لكونها موجودة على أرض الواقع، وإن لم تكن بتلك النسب التي هي عليها في بعض الدول العربية والإسلامية". وتحدث كوتشوبي عن ما سماه بالوجود الضعيف والمحتشم للحركات الإسلامية في أوكرانيا، مشيرا إلى أن الطابع العام لتلك الحركات يغلب عليه التسامح والاعتدال، وهو ما يمثل الإسلام في أنقى صوره.
دحض التهم الدكتور إسماعيل القاضي رئيس اتحاد المنظمات الاجتماعية (الرائد) قال في حديث مع الجزيرة نت إن الهدف من الطاولة هو التعريف بالتيارات الإسلامية الموجودة "لا انتقادها ولا فضحها أوالتشهير بها أو ببعضها"، مشيرا إلى أن ذلك من باب الأمانة التي يفرضها كون الرائد أكبر مؤسسة تعني بالمسلمين ومرجعية فكرية حول الإسلام بالنسبة للأوكرانيين من غير المسلمين. كما أن الطاولة استهدفت "دحض الكثير من التهم والمفاهيم التي تتناقلها وسائل الإعلام الأوكرانية والغربية عن الإسلام كدين يرعى فكر التطرف والإرهاب، وإثبات أنه دين سماحة ورحمة ووفاق وسلام". ويبلغ تعداد المسلمين في أوكرانيا نحو مليوني نسمة يعيشون بشكل رئيسي في إقليم شبه جزيرة القرم (تتار القرم)، وفي إقليم الدونباس الشرقي المتاخم للحدود مع روسيا (تتار كازان)، إضافة لوجود عريض للجاليات العربية والإسلامية المقيمة في شتى المدن وخاصة في العاصمة كييف حيث يزيد تعداد الجاليات العربية والإسلامية فيها عن سبعين ألف نسمة.