المجلس المحلي بقابس المدينة يطالب بتفكيك الوحدات الصناعية الملوثة للمجمع الكيميائي التونسي    الاثنين المقبل: اطلاق آلية تمويل الاقتصاد الأخضر في تونس    250 مؤسسة من 19 دولة في الصالون الدولي للنسيج بسوسة    أسطول الصمود: التونسي علي كنيس مازال رهن احتجاز الاحتلال    بطولة كرة اليد: برنامج مواجهات اليوم من الجولة التاسعة ذهابا    الخارجية المصرية: قمة دولية في شرم الشيخ برئاسة السيسي وترامب    كميات البذور الممتازة المجمعة موسم 2025-2026 تسجل ارتفاعا ملحوظا مقارنة بالموسم الفارط –المرصد الوطني للفلاحة-    تونس تتحصّل على جائزة "الصحة الواحدة 2025"    الحمامات: المؤتمر الوطني الرابع لطب المسنين يسلّط الضوء على استقلالية كبار السن وجودة حياتهم    عاجل: ترامب يصدم الفائزة بجائزة نوبل بعد أن أهدتها له    عاجل/ قضية ذبح خرفان مريضة بمسلخ بلدي: هذا ما قرره القضاء في حق الموقوفين..    مباراة ودية: المنتخب الوطني لأقل من 23 سنة مساء يواجه اليوم نظيره العراقي.. ومجانية دخول الجماهير    المهدية:أول إقامة ريفية ووجهة للسياحة البديلة و الثقافية في طور الانجاز    حفاظا على التراث غير المادي : المتحف الأثري والايثنوغرافي بالمكنين يحتضن تظاهرة ثقافية يوم 17 أكتوبر    "تأثير الموسيقى الأندلسية في البلاد التونسية" عنوان أولى الندوات الفكرية ضمن تظاهرة "نسمات أندلسية" في باردو    من دون دواء..علاج سحري لآلام المفاصل..    هام/ عادات صباحية تُساعدك في علاج الإمساك والانتفاخ..تعرف عليها..    بعد رفضه الادلاء بأي تصريح, سماح مفتاح لمدير المجمع الكيميائي: غيرك ما ينجمش يتنفّس وانت ما تنجمش تتكلّم!؟    البيت الأبيض: ترامب يغادر غدا نحو فلسطين المحتلة ثم مصر    مقابلة ودية: المنتخب الوطني لأقل من 17 سنة ينهزم أمام نظيره المصري    إسرائيل تكشف مسارات ترحيل الأسرى الفلسطينيين ضمن صفقة التبادل المرتقبة    صفاقس تستقبل 7 حافلات جديدة : تفاصيل    عاجل : إيقاف لاعب تنس مشهور أربع سنوات و السبب غريب    الطقس اليوم: سحب وأمطار خفيفة بالشمال والوسط ورياح قوية في الجنوب    المكسيك: فيضانات تخلف عشرات القتلى والمفقودين    الدورة الثالثة لمعرض " لمة الصنايعية " من 16 الى 18 أكتوبر الجاري بتونس المدينة    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    وزارة الفلاحة:اجتماع لعرض محتوى التّقرير الوطني لقطاع المياه لسنة 2024 في نسخته النهائية    عاجل/ الإعلان عن انطلاق مشروع جديد لدعم تشغيل الشباب في هذا القطاع..    تبون يشيد بالعلاقات مع دول الخليج "ماعدا دولة واحدة" لم يسمّها    عاجل/ السواق التاكسي الفردي يهددون بالدخول في اعتصام مفتوح..    منظمة الصحة العالمية تؤكد ضرورة استئناف عمليات الإجلاء الطبي العاجلة من غزة..    كيف تتعامل مع الخوف من الطيران؟ خبيرة نفسية تشرح الأسباب والحلول    "انتصرت الإنسانية".. الرئيس الكولومبي يحتفل بمشاهدة عودة سكان القطاع إليها بعد وقف إطلاق النار    دوز تحتفي بالشعر الغنائي    جندوبة: زيارة متابعة لاستعدادات الضيعات الدولية لموسم الزراعات الكبرى    البطولة الوطنية المحترفة لكرة السلة (الجولة الخامسة - المجموعة الثانية - الدفعة الأولى): النتائج والترتيب    عاجل: تصفيات المونديال: تونس تفوز على ساوتومي وبرنسيب بسداسية نظيفة    البيئة والمرجعية الفكرية للروائي الأمين السعيدي وانعكاسها على أعماله الادبية    المعهد العربي لرؤساء المؤسسات يوصي بالاستفادة من النمو الملحوظ لقطاعي السياحة وزيت الزيتون    اقتحام معهد في سليانة وسرقة هواتف تلاميذ: الاحتفاظ بمشتبه بهم    'فيتامين سي' وقدرته على مواجهة نزلات البرد: حقيقة علمية أم وهم تجاري؟    تغييرات في الطاقم الفني للصفاقسي..شوف شكون    الزواج بلاش ولي أمر.. باطل أو صحيح؟ فتوى من الأزهر تكشف السّر    نقابة الصيدليات الخاصة تدعو لتمكين الصيدلية المركزية من مستحقاتها المالية    عاجل/ الفيفا تفجرها وتكشف: كرة القدم في خطر..!    تطور جديد في أزمة شيرين عبد الوهاب بعد اتهامها بالسبّ والقذف..شنيا الحكاية؟    عاجل: انطلاق The Voice رسميًا في هذا التاريخ... مفاجآت بالجملة!    هام/ هذه البلدية تنتدب..    يوم الجمعة وبركة الدعاء: أفضل الأوقات للاستجابة    وقت سورة الكهف المثالي يوم الجمعة.. تعرف عليه وتضاعف الأجر!    عاجل/ ضربة موجعة لمروجي المخدرات..    صادم-شط مريم: عصابة خطيرة تسرق المنازل.. الأمن يلقي القبض عليهم فجأة!    عاجل: انتداب جديد بالغرفة التجارة والصناعة.. إليك الشروط الكل!    الميناء البوني بالمهدية... ذاكرة البحر التي تستغيث    الجمعة: أمطار رعدية بهذه الجهات    أخطار التنازع والاختلاف على وحدة المسلمين    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زَيِّن أيَّامك و جَدِّدْها /ج 2: مصطفى الونيسي
نشر في الفجر نيوز يوم 08 - 11 - 2008


باريس
الفجرنيوز www.alfajrnews.net [email protected]
الحياة رحلة، زادها العمل الصالح:
زيِّن عُمُرَكَ و جدده بعبادة الله و الإحسان إلى خلقه ( ومن أحسن قولا مّمّن دعا إلى الله وعمل صالحا)(1). ومراقبة الله في كلّ صغيرة و كبيرة ( وهو الذي يتوفاكم بالليل و يعلم ما جرحتم بالنّهار ثم يبعثكم فيه ليقضى أجلٌ مسمّى ثمّ إليه مرجعكم ثم ينبئكم بما كنتم تعملون)(2). فما أروع أن يُعيد الإنسان ترتيب شؤونه و تنظيمها بين الفينة و الأخرى ويقاوم الفوضى و الكسل والعجز بلا كلل ولا ملل مستعينا بالله في كل وقت وحين أن يُعيذه و يحميه من الهم والحزن والجبن والبخل وضيق الدّنيا و غلبة الدَّيْنِ وقهر الرّجال.عن أنس بن مالك قال: سمعت رسول الله (ص) يُكثر من قول هذا الدعاء ( اللهم إنِّي أعوذ ُ بك من الهَمِّ و الحزن، و العجز و الكسل،و البخل،والجبنِ، وضلعِ الدّين وغلبةِ الرِّجال) (3). وما أجمل أن يراقب الإنسان أعماله وما يحسبه إنجازات بعين البصير النّاقد حتى لا تفوته وهو في سكرة الحياة السلبيات وهو يحسبها إيجابيات. ما أحوج الإنسان إلى مثل هذه المراجعات النقدية و الموضوعية ليميز الخبيث من الطيّب،والصواب من الخطأ . وما أشدّ حاجته بناء على ذلك ، ليرسم الخطط المرحلية و الإستراتيجية من أجل ترسيخ المكاسب وتأكيدها،وتعديل أو نسخ ما يُعتقد أنّه من فصيلة السلبيات والأخطاء. ما أحوجنا بعبارة أخرى إلى توبة نصوح في كُلّ مرة نجدد فيها و من خلالها العهد مع الله رب العالمين: ( وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيِّئات ويعلم ما يفعلون) (4). أليس الإنسان المؤمن حقا من أحوج الخلائق إلى التنقيب في أرجاء نفسه، و تعهُّد حياته الخاصّة و العّامة في هذه الدّنيا المائجة بما يصونها و يحفظها من كل سوء؟ ما أشّد حاجتنا،أيّها الحبيب، إلى أن ننتبه لفوائد هذه المحاسبة عند الحول إذا حال واستدار،وعند الشهر إذا انقضى،وعند اليوم إذا ولّى لينظُر كل واحد منّا فيمَ أفنى من ذلك؟ و ما كسب لنفسه فيه؟ جاء في رسالة المسترشدين للحارث المحاسبي ( و حاسب نفسك في كُلِّ خطرة وراقب الله في كل نفس)(5) إن استطعت. وللإمام ابن القيم كلام في الخطرة وما إليها في غاية الدقة ،ما أبلغه وما أصدقه و ما أجمله؟َ! وأنا ناقل لك منه شيئا يسيرا راجيا منك أن تتدبره ففيه الخير لك في دينك و دنياك. قال رحمه الله (دافع الخَطِرةَ ،فإن لم تفعل صارت شهوة،فحَاربها، فإن لم تفعل صارت عزيمة و همّة، فإن لم تَدَافَعْها صارت فِعلا ، فإن لم تتداركه بضِدِّه صار عادة، فيصعُبُ عليك الإنتقالُ عنها!! واعلم أن مبدأ كل علم اختياري هو الخواطر و الأفكار، فإنها توجب التصورات، والتصورات تدعو إلى الإرادات، والإرادات تقتضي وقوع الفعل. وكثرة تكراره تُعطي العادة. فصلاح هذه المراتب بصلاح الخواطر و الأفكار، وفسادها بفسادها. ............وقد خلق الله سبحانه النّفس شبيهة بالرّحى الدائرة التي لا تسكن و لا بُدّ َ لها من شيء تطحنه . فإن وُضِعَ فيها حبّ ٌ طحنتهُ ، وإن وُضِعَ فيها ترابٌ أو حصًى طحنته ُ ! .... فمن النّاس من تطحن رحاه حبّا يَخْرُجُ دقيقا ينفع به نفسه وغيره، وأكثرهم من يطحن رملا و حصى و تبنا ونحو ذلك ! فإذا جاء وقت العجن والخَبْزِ تبيّن له حقيقة طحينه !!)(6)
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلّم عندما قال : (.... ألا و انّ في الجسد مُضغة إذا صلُحت صَلُح الجسد كلُّهُ وإذا فسدت فسد الجسد كُلُّهُ ، ألا وهي القلب ).
......قال تعالى : (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله و لتنظر نفس مّا قدمت لغد وآتقوا الله إنّ الله خبير بما تعملون. و لا تكونوا كالذين نَسُوا الله فأنساهم انفُسهم أولئك هُمُ الفاسقون) (7). و قد كان ابن الخطّاب رضي الله عنه يقول : (حاسبوا أنفسكم قبل أن تُحاسبوا و تزّينّوا للعرض الأكبر و إنّما يخّف الحساب يوم القيامة على من حاسب نفسه في الدّنيا )(8 ). وفي صيغة أخرى للترمذي(حاسِبوا أنفسكم قبل أن تُحاسَبوا، و زِنُوها قبل أن تُوزنُوا، و تزَيَّّنُوا للعرض الأكبر يوم لا تخفى منكم خافية )( 9) أيها الحبيب عليك أن تُعِّدَ العُدّة قبل حلول المنايا، فالأيام لك مطايا، وملك الموت لا يقبل الهدايا وإذا أقبل عليك فإنّه لن يُدبر إلاّ إذا قضى ما هو به مأمور،فلا تَلُمْهُ حينئذ، فهو من الملائكة المكرمين المقربين الذّين لا يعصون الله ما أمرهم و يفعلون ما يؤمرون. فيا هذا عليك بالجِدّ و الإجتهاد ، وخلِّ عنك هذا الكسل وهذاالرّ ُقاد ،فطريقك لا بذَّ له من زاد، وخير الزّاد التقوى (فاتقوني يا أولي الألباب):
اِنهض إلى المعالي وَاجسُرْ ولا تُبالي
وخُذ ْ من الزّمانِ حظّا فأنت فان
المجّدُ بالمخاطرة والنّصرُ بالمُصابرة
فأيامك هي سفينتك ومركبك في دُنياك، وأذا أردت أن يكون مركبك هانئا ومريحا وأيامك بحق سعيدة و جميلة فعليك أن تُزّين كُلّ َ ذلك بالعلم والأيمان والعمل الصالح.
وحتى تعرف كيف ولماذا وبماذا تزيِّن أيامك و تجددها، كان لابد أن نتعاون جميعا للإجابة عن هذه الأسئلة مُستلهمين مصادر النور و الهداية، كتاب الله وسنة رسوله، ثم تجارب الأولين وما تفتق عنه العقل البشري من معارف وعلوم ،قدر المستطاع .
واعلم أخي المسلم في كُلِّ مكان أنَّ من نصحك فقد أحبّك وأراد لك الخير ورفع ذكرك بين النّاس ، ومن داهنك أو جاملك في أمر لا يحتمل المجاملة فقد غشك واستبلهك، ومن لم يقبل نصيحتك أو احتقرك فليس بأخ لك في الدّين . قال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه: ( لا خير في قوم ليسوا بناصحين،و لا خير في قوم لا يحبّون الناصحين) و هو القائل أيضا رضي الله عنه( رحم الله امرءا أهدى إلي عُمر عيوبه، فعدّ رضي الله عنه الإشارة إلى العيب من الأخ النّاصح هدية تستحق الدعاء لمهديها). وهذا ما نلتزم به أن شاء الله تعالى وننصح به إخواننا و أحبتنا بشرط أن تكون النصيحة خالصة لوجهه الكريم وثمرة للحب في الله ،وأن لا تكون تشويها أو تحريضا وانتصارا للذات ،أو حقا أُريد به باطلا أو دفاعا مزيفا عن الدّين بغاية إنتهاك أعراض المخالفين في الرّأي و استباحة حرماتهم .
فما هي مصادر النور و التجديد في حياة الإنسان عموما و المؤمن خصوصا؟ وما هي أهم عناوين تَجديد الأيّام والليالي التي كتب الله ان نقضيها .ما هي شموع الخير والهداية الرّبانية التي علينا أن نستهدي بها ونستنير في حياتنا ؟ ما هي السّبُلُ المُنْجِّيات لفهم تفاصيل النشأتين وتحقيق السعادتين ؟ ما هي شروطها وضوابطها الشرعية و العملية التي ينبغي علينا ان نعرفها ونستوعبها و نحيط بها ؟
هذا ما نحاول الإجابة عنه في الأجزاء القادمة أن شاء الله تعالى .
مصطفى الونيسي/ باريس
الأحد 9/11/2008

1)span style="font-family: "Times New Roman"; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: normal; font-size: 7pt; line-height: normal; font-size-adjust: none; font-stretch: normal; -x-system-font: none;" فصلت/ آية 33
2)span style="font-family: "Times New Roman"; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: normal; font-size: 7pt; line-height: normal; font-size-adjust: none; font-stretch: normal; -x-system-font: none;" الأنعام / آية 60
3)span style="font-family: "Times New Roman"; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: normal; font-size: 7pt; line-height: normal; font-size-adjust: none; font-stretch: normal; -x-system-font: none;" صحيح البخاري / كتاب الدعوات
4)span style="font-family: "Times New Roman"; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: normal; font-size: 7pt; line-height: normal; font-size-adjust: none; font-stretch: normal; -x-system-font: none;" الشورى/ آية 25
5)span style="font-family: "Times New Roman"; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: normal; font-size: 7pt; line-height: normal; font-size-adjust: none; font-stretch: normal; -x-system-font: none;" رسالة المسترشدين ص46/48للحارث المحاسبي ، حققه و خرّج أحاديثه و علّق عليه الشيخ عبدالفتّاح أبو غُدّة .
6)span style="font-family: "Times New Roman"; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: normal; font-size: 7pt; line-height: normal; font-size-adjust: none; font-stretch: normal; -x-system-font: none;" كتاب الفوائد لابن القيم الجوزية ، نقلا عن رسالة المسترشدين بتصرف ص46/47/48
7)span style="font-family: "Times New Roman"; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: normal; font-size: 7pt; line-height: normal; font-size-adjust: none; font-stretch: normal; -x-system-font: none;" الحشر 18/19
8)span style="font-family: "Times New Roman"; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: normal; font-size: 7pt; line-height: normal; font-size-adjust: none; font-stretch: normal; -x-system-font: none;" سنن الترمذي
9)span style="font-family: "Times New Roman"; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: normal; font-size: 7pt; line-height: normal; font-size-adjust: none; font-stretch: normal; -x-system-font: none;" نفس المصدر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.