عاد الحبيب عاشور إلى الساحة النقابية في مطلع السبعينات وانتخب بالاجماع أمينا عاما للاتحاد في المؤتمر الاستثنائي الذي انعقد يوم 29 ماي 1970 وأعيد انتخابه أمينا عاما، وبالاجماع أيضا، في المؤتمر الثالث عشر الذي انعقد في أواخر مارس 1973. وتزامنت سنة 73 مع انطلاق المخطط الرابع الذي سهر على إعداده الوزير الأول الجديد، رجل السبعينات، الهادي نويرة. إرث الستينات كان ميراث الستينات ثقيلا وكارثيا وهو ما كان يردّده نويرة في خطبه من ذلك ما لاحظه في الخطاب الذي ألقاه يوم 27 جويلية 1973 في مجلس الأمة بمناسبة عرض المخطط الرابع في سياق استعراضه لسياسة القبضة الحديدية في الستينات وما تسببت فيه من عثرات في مسيرة البلاد التي انطلقت فجر الاستقلال: «لكن هذه المسيرة الطيبة تثاقل خطوها ويا للأسف، ثم تعطلت تماما، وانبثقت عنها حكومة احتلت فيها مراكز التقرير فئة من الشبان لا مكانة سياسية لهم، حول رجل آل أمره إلى الاستحواذ على جل مقاليد السلطة الاقتصادية، كما استحوذ على الحزب ومكاسبه وهياكله ليسلك سياسة يعرف الجميع ما كان من نتائجها، وآل الأمر بالنظام السياسي إلى توقف عجلة التطور فيه، بينما المجتمع يتزايد فيه التعليم شمولا ويرتفع مستوى، كما يزداد وعيا ويقظة وتعطشا إلى الرقي والرفاهية والمساهمة في تحمل المسؤوليات. وكانت القطيعة بين النظام السياسي وبين الشباب والمثقفين ورجال التعليم والاطارات المنتظرة وجماهير العمال والقوى الخلاقة. ذلك هو ميراث الستينات.» والي تونس على رأس الاتحاد تزامن تولي الهادي نويرة الوزارة الأولى والأمانة العامة للحزب الاشتراكي الدستوري مع إعادة الاعتبار إلى الحبيب عاشور والاتحاد العام التونسي للشغل الذي كانت أوكلت قيادته منذ منتصف الستينات إلى والي تونس البشير بلاغة بعد إقصاء عاشور والتليلي وإبعادهما. ورغم انتمائه النقابي، فإن تنصيب بلاغة على رأس الاتحاد كان بمثابة الرسالة الواضحة وهي تكريس العلاقة العضوية بين الحزب والادارة والمنظمات الوطنية. وبعودة عاشور على رأس الاتحاد والخطاب الانفتاحي للوزير الأول الهادي نويرة، بدا وكأن المنظمة الشغيلة ستستعيد استقلاليتها، لكن ما حصل اعتبر أول نقطة سوداء في علاقة الوزير الأول بالمنظمة الشغيلة. الدشراوي والمأزق رغم انتخاب عاشور في اللجنة المركزية للحزب، في مؤتمر المنستير الأول في أكتوبر 1971 تأكيدا لروح الانسجام بين الحزب والاتحاد، فقد عمد الوزير الأول الى تعيين فرحات الدشراوي وزيرا للشؤون الاجتماعية، بعدما كان انتخب عضوا بالمكتب التنفيذي للاتحاد في المؤتمر الاستثنائي الذي انعقد يوم 29 ماي 1970 وكرس عودة عاشور على رأس الاتحاد. ووجد المؤتمرون أنفسهم في المؤتمر الموالي الذي انعقد في أواخر مارس 1973 في مأزق حقيقي. نظر المؤتمر في مسألة عضوية فرحات الدشراوي بالهيئة التنفيذية بوصفه وزيرا لم يكن في وسعه الترشح للمكتب التنفيذي حسب القانون الأساسي المنقح الذي صادق عليه المؤتمر في اليوم الأول من الأشغال، والذي يشترط في كل مترشح التفرغ للمسؤوليات النقابية. الفصل 10 وباقتراح من لجنة القانون الأساسي صادق المؤتمر على التوصية التالية: «بناء على الفصل 10 الجديد للقانون الأساسي الذي صادق عليه المؤتمر، واعتبارا الى أن الأخ فرحات الدشراوي عضو المكتب التنفيذي الحالي، متحمل لمسؤولية وزارية، فإن المؤتمر يوصي بصفة استثنائية بتطبيق الفصل المذكور على الأخ فرحات الدشراوي ابتداء من تاريخ هذا المؤتمر، واعتباره عضوا بالمكتب التنفيذي الجديد في حالة مكلف بمهمة حكومية»! المكتب التنفيذي الحبيب عاشور (أمين عام بالاجماع) عبد العزيز بوراوي (544 صوتا) محمد عزالدين (534 صوتا) مصطفى مخلوف (530) أحمد عمارة (523) الحبيب الشاوش (520) عامر بن عائشة (514) الصادق علوش (508) خير الدين الصالحي (469) محمد الوسلاتي (450) مصطفى الغربي (434) اسماعيل الآجري (424) عبد الحميد بلعيد (412).