تطوير خدمات الطفولة المبكرة محور لقاء وزيرة الأسرة ورئيسة غرفة رياض الأطفال    فوز المرشح المدعوم من ترامب بالانتخابات الرئاسية في هندوراس    تحت شعار «إهدي تونسي» 50 حرفيّا يؤثّثون أروقة معرض هدايا آخر السنة    فاطمة المسدي تنفي توجيه مراسلة لرئيس الجمهورية في شكل وشاية بزميلها أحمد السعيداني    عاجل: الجزائر: هزة أرضية بقوة 3.9 درجات بولاية المدية    الفنيون يتحدّثون ل «الشروق» عن فوز المنتخب .. بداية واعدة.. الامتياز للمجبري والسّخيري والقادم أصعب    أمل حمام سوسة .. بن عمارة أمام تحدّ كبير    قيرواني .. نعم    تورّط شبكات دولية للإتجار بالبشر .. القبض على منظمي عمليات «الحرقة»    مع الشروق : فصل آخر من الحصار الأخلاقي    كأس إفريقيا للأمم – المغرب 2025: المنتخب الإيفواري يفوز على نظيره الموزمبيقي بهدف دون رد    الغاء كافة الرحلات المبرمجة لبقية اليوم بين صفاقس وقرقنة..    نجاح عمليات الأولى من نوعها في تونس لجراحة الكُلى والبروستاتا بالروبوت    الإطاحة بشبكة لترويج الأقراص المخدّرة في القصرين..#خبر_عاجل    مناظرة 2019: الستاغ تنشر نتائج أولية وتدعو دفعة جديدة لتكوين الملفات    كأس افريقيا للأمم 2025 : المنتخب الجزائري يفوز على نظيره السوداني    الليلة: الحرارة تترواح بين 4 و12 درجة    أستاذ قانون: العاملون في القطاع الخاصّ يمكن لهم التسجيل في منصّة انتداب من طالت بطالتهم    بابا نويل يشدّ في'' المهاجرين غير الشرعيين'' في أمريكا: شنوا الحكاية ؟    من الاستِشْراق إلى الاستِعْراب: الحالة الإيطالية    عاجل : وفاة الفنان والمخرج الفلسطيني محمد بكري    هيئة السلامة الصحية تحجز حوالي 21 طنا من المواد غير الآمنة وتغلق 8 محلات خلال حملات بمناسبة رأس السنة الميلادية    تونس 2026: خطوات عملية لتعزيز السيادة الطاقية مع الحفاظ على الأمان الاجتماعي    الديوانة تكشف عن حصيلة المحجوز من المخدرات خلال شهري نوفمبر وديسمبر    تمديد أجل تقديم وثائق جراية الأيتام المسندة للبنت العزباء فاقدة المورد    في الدورة الأولى لأيام قرقنة للصناعات التقليدية : الجزيرة تستحضر البحر وتحول الحرف الأصيلة إلى مشاريع تنموية    القصور: انطلاق المهرجان الجهوي للحكواتي في دورته الثانية    عاجل: بعد فوز البارح تونس تصعد مركزين في تصنيف فيفا    زلزال بقوة 1ر6 درجات يضرب هذه المنطقة..#خبر_عاجل    عدّيت ''كوموند'' و وصلتك فيها غشّة؟: البائع ينجّم يوصل للسجن    تزامنا مع العطلة المدرسية: سلسلة من الفعاليات الثقافية والعروض المسرحية بعدد من القاعات    قفصة: إصدار 3 قرارات هدم لبنانيات آيلة للسقوط بالمدينه العتيقة    عاجل/ بعد وصول سلالة جديدة من "القريب" إلى تونس: خبير فيروسات يحذر التونسيين وينبه..    قائمة سوداء لأدوية "خطيرة" تثير القلق..ما القصة..؟!    حليب تونس يرجع: ألبان سيدي بوعلي تعود للنشاط قريبًا!    هام/ المركز الفني للبطاطا و القنارية ينتدب..    عاجل: هذا موعد الليالي البيض في تونس...كل الي يلزمك تعرفه    قابس: أيام قرطاج السينمائية في الجهات ايام 25 و26 و27 ديسمبر الجاري بدارالثقافة غنوش    عركة كبيرة بين فريال يوسف و نادية الجندي ...شنوا الحكاية ؟    درجة الحرارة تهبط...والجسم ينهار: كيفاش تُسعف شخص في الشتاء    هذا هو أحسن وقت للفطور لخفض الكوليسترول    صفاقس: تركيز محطة لشحن السيارات الكهربائية بالمعهد العالي للتصرف الصناعي    تونس: حين تحدّد الدولة سعر زيت الزيتون وتضحّي بالفلاحين    عاجل: تغييرات مرورية على الطريق الجهوية 22 في اتجاه المروج والحمامات..التفاصيل    بول بوت: أوغندا افتقدت الروح القتالية أمام تونس في كأس إفريقيا    اتصالات تونس تطلق حملتها المؤسسية الوطنية تحت عنوان توانسة في الدم    البرلمان الجزائري يصوّت على قانون يجرّم الاستعمار الفرنسي    مع بداية العام الجديد.. 6عادات يومية بسيطة تجعلك أكثر نجاحا    تونسكوب تطلق نشيدها الرسمي: حين تتحوّل الرؤية الإعلامية إلى أغنية بصوت الذكاء الاصطناعي    عاجل/ العثور على الصندوق الأسود للطائرة اللّيبيّة المنكوبة..    وزارة التجهيز تنفي خبر انهيار ''قنطرة'' في لاكانيا    عاجل: اصابة هذا اللّاعب من المنتخب    عاجل/ قضية وفاة الجيلاني الدبوسي: تطورات جديدة..    كأس الأمم الإفريقية المغرب 2025: برنامج مباريات اليوم والقنوات الناقلة..#خبر_عاجل    دعاء السنة الجديدة لنفسي...أفضل دعاء لاستقبال العام الجديد    مع الشروق : تونس والجزائر، تاريخ يسمو على الفتن    في رجب: أفضل الأدعية اليومية لي لازم تقراها    برّ الوالدين ..طريق إلى الجنة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ألسنا اليوم في حال شبيه بحال الخندق؟ ( 24 )
نشر في الحوار نت يوم 30 - 09 - 2010


مشاهد من خلق الصادق الأمين.
ألسنا اليوم في حال شبيه بحال الخندق؟
((( 24 ))).


أخرج الشيخان عن أبي هريرة عليه الرضوان قال سئل عليه الصلاة والسلام : أي العمل أفضل قال : إيمان بالله ورسوله. قيل : ثم أي؟ قال : الجهاد في سبيل الله. قيل: ثم أي؟ قال: حج مبرور”.
كما أخرجا عن إبن مسعود عليه الرضوان قال قلت : يا رسول الله أي العمل أحب إلى الله؟ قال عليه الصلاة والسلام : الصلاة على وقتها. قلت : ثم أي؟ قال : بر الوالدين. قال قلت : ثم أي؟ قال : الجهاد في سبيل الله.

كما أخرجا عن أبي ذر عليه الرضوان قال : قلت يا رسول الله أي العمل أفضل؟ قال : الإيمان بالله والجهاد في سبيله.

لا يفقه الإسلام سوى من يحيط به.

تلك هي طبيعته. بسيط سلس يسير سهل من جانب. ومركب مزدوج من جانب آخر. لو تعجلت في الفقه فما تريثت وما تأنيت لمزيد من الإحاطة لعاجلتك المنايا ( منايا الدنيا) قبل أن تقضي وطرك. أرأيت الأحاديث آنفة الذكر وكلها متفق عليها أي أصح الصحيح بل موثقة بعنان الأصحاب المشهود لهم بالضبط والعدالة ( أبوهريرة وإبن مسعود وأبي ذر)؟ لو جمعت أفضل عمل وأحبه إليه سبحانه لألفيت ما يلي : الجهاد بسبب تكرره ثلاث مرات. ثم الإيمان لتكرره مرتين. ثم الصلاة. ثم الحج. ثم بر الوالدين. السؤال هو لمزيد من الفقه لم لم يذكر الإيمان في كل مرة مقدما على كل شيء بسبب أنه لا يقبل عمل ولا الجهاد ذاته إلا بعد إيمان؟ لأنه يخاطب كل سائل بحسب حاجته أو بسبب حاجة القوم الذين سيبعث إليهم أو غير ذلك من الملابسات. ولكن الترتيب الإسلامي هو : الإيمان أولا. ثم الصلاة ثانيا. ثم تترتب الفضائل الأخرى بحسب حال المؤمن وبحسب حال عصره ومصره وغير ذلك. غير أن المقصد الأسنى من ورود الأحاديث مشتملة على الجهاد هو : تعليم المسلم عدم التفريق بين العبادات سيما بين الإيمان والجهاد أو بين الإيمان والصلاة أو بين بر الوالدين والجهاد.

ولكن ما هو الجهاد الذي لا يفارق المؤمن؟

يخطئ الناس اليوم حتى في الجهاد بالنفس عندما يقصرونه على الجهاد الحربي العسكري البدني. ليس ذلك سوى ضرب من ضروب الجهاد بالنفس. الجهاد بالنفس أوسع دلالة وحقلا من الجهاد القاصر على الجهاد بالبدن. الجهاد بالنفس هو كل جهاد يختلف عن الجهاد بالمال أو بالعلم أو بالرأي والنصيحة. الجهاد بالنفس هو جهاد بالبدن والقوة وليس محله ساحات الوغى فحسب. ذلك أن الجهاد ليس سوى بذل أقصى الجهد إنتصارا للإسلام أو لبعض قيم الإسلام إبتغاء مرضاته سبحانه وإنقاذا للناس من كل ما يستعبدهم سواء كان فقرا أو جوعا أو خوفا أو عدوا أو مرضا أو جهلا أو غير ذلك. لو قصرنا الجهاد بالنفس على الجهاد بالبدن في ساحة الوغى رغم أن أكثر ساحات الوغى اليوم جهادها بالفكر والكلمة والقلم والتخطيط مع إنحسار مجالات الجهاد بالنفس أو بالبدن بالصورة التقليدية القديمة لو قصرنا ذلك على ذلك لغمطنا القرآن الكريم حقه كثيرا بسبب أنه يقصر الجهاد على : النفس والمال والقرآن. ولا حديث عن القتال بسبب أن القتال هو من جانب جهاد إضطراري دفاعي أو تحريري وليس إختياريا هجوميا وهو من جانب آخر أصبح اليوم يكتسي طابعا جامعا مثله مثل الجهاد بسبب أن القتال الإلكتروني اليوم هو قتال بأتم معنى الكلمة أي إختراق المواقع وتحصينها رباطا في سبيل الله وغير ذلك.

بذلك فحسب يصبح المؤمن مجاهدا أو لا يكون.

إذ لو قصرنا الجهاد بالنفس على المعنى التقليدي لأعفينا المسلم الفقير اليوم من الجهاد جملة وتفصيلا. مسلم أروبا مثلا. ألا يعد المجاهد في ساحات إفريقيا وآسيا بعلمه دعوة إلى الإسلام مجاهدا بنفسه بسبب أنه يعرض نفسه للأفاعي والهوام والسوام والدواب فضلا عن غلاة المنصرين وغير ذلك؟ ألا يعد المجاهد في ساحات الإغاثة اليوم أي الموظف أو العامل عليها بتعبير الإسلام دون صاحب المال نفسه مجاهدا بنفسه بسبب أنه يبذل من بدنه وراحته ونفسه ليأكل الفقير ويرغد المعدوم؟. ألا يعني ذلك أن العصر تبدل وتغير بحاجاته وضروراته ولكننا ورثنا تراثا بحاجة إلى إعادة صياغة بلغة العصر الجديدة حتى لا يستوعبنا الماضي الذي إجتهد له أهله؟ ألم يقبل الفاروق وما أدراك ما الفاروق فقها في الحياة بعدم تسمية الجزية بإسمها عند نصارى تغلب؟ إذا كانت كلمة الجزية كلمة قرآنية قحة وكان الفاروق هو من هو.. فمن نحن حتى نجمد على الأشكال والمباني؟ لم أجد توصيفا أدنى إلى الصحة ممن قال : من مشاكلنا أننا نعيش غيبوبة حضارية أو فقدان ذاكرة ثقافية. بمثل ما لم أجد توصيفا أدنى إلى الصحة ممن قال : إذا كان غائب الوعي لا بد له من صدمة كهربائية تناسب غيبوبته وتحمله فإن غيبوبتنا لا بد لها كذلك من صدمة تناسب حالنا. أما إنتاج الغثاء فيحسنه كل أحد.

شوال وذكرى الخندق.

نحن في شوال الذي شهد واقعة الخندق (5هج) التي خصص لها القرآن الكريم سورة كاملة سماها الأحزاب ضمن 9 غزوات كبرى سجلها في ذكره الحكيم. سماها الأحزاب ليدل منذ البداية على أن القصة هي شن التحالف العربي اليهودي ( قريش وغطفان من جانت وبنو قريظة ومن والاهم من جانب آخر) لأول أكبر غزوة إستئصالية كبرى ضد الإسلام في المدينة. ولكثرة المتحالفين عربا ويهودا من جانب ولإحكام الغزوة من جانبهم عددا وعدة من جانب آخر سمى الواقعة : الأحزاب. وما زال البلداء منا يرددون قالات غريبة ( بعضها تراثي وبعضها إستشراقي) مفادها أن الإسلام دين يغزو وأن نبيه عليه الصلاة والسلام سير 27 غزوة ضد الكافرين من مشركين ويهود ونصارى. وما زلنا نتفرج ببلادة على سفساف المسلسلات التي تقدم الإسلام وتاريخه مجموعة من الغزوات. لو رجعنا إلى ما يجب أن نرجع إليه أي إلى القرآن الكريم لألفينا أنه لم يستخدم جذر ( غ ز و) إلا مرة واحدة لا علاقة له ببلادتنا ولكن له علاقة بالعقيدة في أن الموت ضربة لازب على كل بشر يستوي في ذلك الظاعن مع المقيم وذلك في السورة التي تمحضت لأحد ( أو كانوا غزى) بل قدم عليها الضرب في الأرض أصلا. ذلك مثل من الأمثلة التي يجنى بها على الإسلام ونحن نتفرج تفرج المسلوبين. نتفرج ونحن نغزى ونتوهم أننا كنا نغزو. والحقيقة أننا لم نغز سابقا لأن الغزو لم يكن منه عليه الصلاة والسلام إلا ردا دفاعيا مناسبا ضد من حاربه أو ضد من تحرش به أو لتحرير المستضعفين تحت أكاسرة الفرس وأباطرة الروم. ودعك من الذين يهونون من أمر الإستخدامات الإصطلاحية سيما عندما تستخدم من لدن العدو لتوهين عرى الإسلام.

ألسنا في حال شبيه بحال الخندق؟

ذلك ما تراءى لي كلما قلبت الأمر وهو حال شبيه وليس حالا مطابقا. لم تكن قصة الخندق سوى قصة تحالف عربي غطفاني إسرائيلي واسع محبك ثأرا لهزيمتي بدر وأحد فضلا عن هزيمة بعض الفصائل اليهودية قبل ذلك. كانت واقعة الخندق مفصلية إستراتيجية بمعيار المتحالفين الذين سماهم أحزابا. أحزاب تحزبت على إختلاف مرجعياتها : عربي مشرك وإسرائيلي كتابي. أنى يلتقيان لولا التحالف لعداوة الإسلام وإستئصال شافته؟ كانت واقعة أو قل غزوة مضادة قادها التحالف العربي الإسرائيلي أيأست المتحالفين فضلا عن الشاهد الدولي يومئذ من خرافة إستئصال الإسلام. بل كانت واقعة حقنت الإسلام بأسباب المناعة الذاتية ولذلك كانت خاتمة مرحلة الدفاع عن المدينة التي إنتقلت بعدها مباشرة إلى مرحلة فرض الحريات الدينية في الجزيرة العربية كلها. كانت بعدها مباشرة : الحديبية وخيبر وفتح مكةومؤتة وحنين والطائف وحجة الوداع والرسل بكتبهم المختومة إلى الإمبراطوريات الحاكمة في شمال الأرض يومها وشرقها. كان الخندق المحفور يومها بحق خندقا بين مرحلتين. كانت إنكسارا رهيبا للأحزاب المتحالفة الغازية والضربة التي لا تقصم ظهرك تقويك كما قالت العرب بحق. كانت إمتحانا عسيرا نجح فيه الإسلام نجاحا باهرا. أعظم بشائر ذلك النجاح هي قالة إنداحت شرقا وغربا مفادها : محمد عليه الصلاة والسلام لن يهزم بعد اليوم وليس أمام القوى المتربصة سوى سلوك الدبلوماسية السياسية ولذلك كان بعدها بسنوات : عام الوفود أي عام إسلام الجزيرة العربية كلها حتى لو كان إسلاما سياسيا قال فيه سبحانه : „ قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا..“. وعلى كل حال ليس مطلوب الإسلام سوى إنبثاث الحرية ليتبين الرشد من الغي والحق من الباطل والخير من الشر والفضيلة من الرذيلة والحياة من الهلاك وعندها تكون رسالة الإسلام قد بلغت مبلغها الأعظم. إذ “ ليس عليك هداهم” و” ما أنت عليهم بمصيطر”.

أوجه الشبه وأوجه الإختلاف بيننا وبين أهل الخندق.

1 لأهل الخندق قيادة واحدة ولنا اليوم 57 قيادة إسلامية منهم 22 قيادة عربية ومؤدى ذلك أن قيمة الأمة الواحدة في خياراتها الكبرى مسألة نسبية جدا. لو كانت القيادات الإسلامية تتوافر على حد أدنى من الإتفاق على القضايا الحيوية المصيرية العظمى من مثل : الإحتلال والمقاومة والوحدة والهوية وغير ذلك لهان الأمر ولكنه إنقسام قاتل وتفكك وائد.

2 حركة النفاق يومها وغالبيتها العظمى إسرائيلية بعيدة عن النفاذ إلى مواقع القرار والتوجيه والتأثير إلا تأثيرا ماليا سرعان ما تداركت الأمة أمره. أما حركة النفاق فينا اليوم فهي الأكثر نفاذا إلى مواقع القرار والسيادة والتوجيه وليس المقصود النفاق السلوكي الذي لا يكاد ينجو منه مؤمن ولكنه النفاق العقدي أي : أصحاب النظرية الشيوعية والمادية والعالمانية عموما ممن لم يعد يناسب بعضهم سوى الظهور بمظهر الإسلام والوطنية وغير ذلك لعدم إحراج الحكومات التي يسيطرون فيها على مقاليد التوجيه و التأثير.( من أكبر أمارات أولئك اليوم : التهوين من الإحتلال والتطبيع والهوية الإسلامية والوحدة الإسلامية ..).

3 ومن أوجه الشبه الكبيرة جدا : وجود تحالف ضخم على إختلاف المرجعيات وإلتقاء المصالح ضد الإسلام وحركة الإسلام. السبب الذي يجعل العربي القرشي الذي لم يثبت أنه دفع بمنافق واحد إلى الساحة لأنفة العربي الحميدة يتحالف مع الإسرائيلي الذي كان بالأمس القريب يسميه : أميا ( أمية الخلو من صفة أهل الكتاب).. هو السبب ذاته الذي يجعل الإسرائيلي الجديد اليوم يتحالف مع المسيحي المتروم والصهيوني العربي للمقصد ذاته. أي : المصالح القريبة تحريرا لها من العدو الأوحد : الإسلام.

وسائل الحرب في المرحلتين.

1 التهوين من شخص محمد عليه الصلاة والسلام. „ لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا”. المقصود بها عدم الوقوع في الفخ الإسرائيلي المتدثر بدثار النفاق ( أو المواطنة بسبب أن المنافق يومها مواطن مسلم مدنيا) وذلك عندما يختبئ المنافق وينادي محمدا عليه الصلاة والسلام سيما في ظلمة الليل وزحمة حفر الخندق بإسمه المجرد بما يهون من صفته الرسالية بين الناس يوما بعد يوم.

2 ألا يقابل ذلك اليوم بما سمي الرسوم الساخرة التي لا يعرف دولة عربية واحدة أو إسلامية تحركت لمواجهتها ولو بدعوة سفير الدانمارك دعوة مجاملة وعتاب لين هين فضلا عن المقاطعة ولو إشهارا لسلاحها؟ كل ذلك للتهوين من محمد عليه الصلاة والسلام عند أمة الإسلام بدعوى حرية الرأي التي تقف حدودها عند الحديث عن المحرقة الهتلرية ضد اليهود بمثل ما جرى للسجين الإنجليزي حتى اليوم في سجون النمسا وهو من أكبر مؤرخي الدنيا لا بتهمة نفيها ولكن بتهمة التشكيك في العدد المبالغ فيه!!! وصدق الحق : „ وفيكم سماعون لهم”.

3 التعلل بحماية البيوت فرارا من حماية الأمة. „ إن بيوتنا عورة “. أي يدعون أن بيوتهم عارية يلجها الساطي متى شاء فلزم حمايتها وهو أولى ولو مؤقتا من الإشتراك في الخندق. وبذلك تكون حماية بيتك الشخصي أولى من حماية بيت الأمة حتى في أشد ساعات العسرة.

4 ألا يقابل ذلك قولهم اليوم : مصر أولا وتونس أولا والتنمية أولا والإقتصاد أولا .. لا تسمع إلا : أولا. ولكن ما هو : ثانيا أو ثالثا؟ لا وجود له. لأن الثاني والثالث : هو المسكوت عنه المقصود به الإحتلال والمقاومة والهوية والوحدة العربية والإسلامية. يسكت عنه ليرمى بعيدا. ألا يقابل ذلك قولهم : فلسطين مشكلة فلسطينية وقول بعضهم الآخر : لست رئيس وزراء فلسطين حتى أنشغل بالمقاومة.. وضروب أخرى من الفرار من قضايا الأمة الأوكد من قضية بيت عار.. عرى الله بيوتهم وخر عليهم سقفها من أسه.

كيف حمت الأمة مدينتها وكيف نحمي اليوم أنفسنا؟

1 ثلاث وسائل حماية إستهل بها الوحي سورة الخندق( كما يسميها الصحابة) :“ إتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين + وإتبع ما يوحى إليك من ربك + وتوكل على الله “.ألا تلاحظ أن تقوى الله هنا هي : عدم طاعة الكافرين والمنافقين. لاحظ أن ذلك لخطورته تكرر مرتين في الأحزاب.

2 تقديم الأمة للنبي على نفسها. „ النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم”. وإتخاذه أسوة كما جاء في السورة ذاتها. ويتبع ذلك مباشرة أمومة أزواجه لهم. كانت أمومتان في حقهم فأصبحت في حقنا أمومة واحدة. هي أمومة التبجيل والتوقير والتعلم منهن وخفض الجناح لهن أي لذكرهن بعدما ذهبت أمومة منع الزواج منهن.

3 إرسال جنود لا ترى منه سبحانه في وجه جنود العرب المتحالفين مع بني إسرائيل. سماهم جنودا لعتوهم وإستعدادهم للحرب والقتال ولم يهمل من جاء “ أسفل منكم”. فضلا عن الريح التي أكبت قدورهم وإقتلعت خيامهم. ولن يزال العاطلون عن العمل ينظرون مثل ذلك منه سبحانه متجاهلين أن ذلك إنما كان بعد توفير الأمة أسباب دفاعاتها الداخلية من جهة وأسباب دفاعاتها الخارجية من جهة أخرى ومن جهة ثالثة إنقطع حبل ذلك في الأصل بموته عليه الصلاة والسلام إلا إستثناء وأكرم بمعجزته الخالدة بيننا ناطقة بالحق وقوامة بالميزان. أما الكرامات التي تظل لها الأعناق خاضعة فقد ولى عهدها وإستبدل بكرامة لا تنضب إسمها : الإنسان قدر الرحمان .. الإنسان سنة .. الإنسان سبب..

4 كفايته سبحانه المؤمنين القتال. ولكن بشرط وفرته الأمة يومئذ. هو: إعداد القوة التي ترهب عدو الله وعدوها وعدوا آخر مستترا فيها. قوة تبعث الرهبة في النفوس المتعالية المتوثبة للعدوان. لما رأى المنافقون ذلك والعرب قالوا : لا طاقة لنا اليوم بمحمد وجنوده. أما قبل ذلك فهم جنود مجندة. لو لم يكن ذلك كذلك لما كفوا القتال وهو ما يسمى اليوم : توازن القوى أو توازن الرعب ولا يقع ظلم في العادة إلا عند إنخرام القوى عدوانا من القوي ضد الضعيف. أما عندما يكون سلاحنا المفضل : مفاوضات عبثية ويكون سلاحهم : توسع إستيطاني يبلع مع مطلع كل فجر جديد أرضا جديدة.. عندها لا نكفى القتال..عندها نذل.

5 إقتباس فكرة الخندق من الفرس. إقتبسوا الفكرة آلة دفاعية وليس فلسفة فارسية أو كسروية كما نفعل اليوم مع غالبينا. يتفوقون علينا في الطب فنظل لفلسفتهم الوجودية ساجدين.

والله أعلم.

الهادي بريك ألمانيا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.