يا أصحاب "الفخامة والسيادة والمعالي" لقد استصغر العدو شأن أمتنا بشكل لم يسبق له مثيل في تاريخ البشرية .. حتى التفاوض بين منتصر ومهزوم لم يحدث أن استخف الأول بالثاني بهذا القدر .. خاصة والأمة مازالت ترفض وتقاوم في العديد من مواقعها .. لقد وصل الاستخفاف بمقدرات الأمة وشأنها إلى درجة أن تطالب الولاياتالمتحدة الكيان الصهيوني بوقف الاستيطان لمدة عام حتى تشرع دولنا في التطبيع معه .. المطلوب فقط تجميد الاستيطان مؤقتا ، ليتم التطبيع ، وعندها لامانع من الاستمرار في زرع المستوطنات ، بل وتلبية جميع شروط نتنياهو في صياغة سوفسطائية خادعة، يقبض منها الفلسطيني الريح، ويتحمل مسؤولية الماضي ،ويتعهد بتوفير الأمن والسلام للكيان الصهيوني .. ويحل وجوب الخروج ، محل حق العودة !! أيها "السادة"إن مجرد قبولكم للتفاوض بعد هذه التصريحات والشروط يعني القبول المبدئي بها !! وبعد ذلك كله تطالبون أمتنا أن تعتبركم رموزا !!الغريب و مع كل ذلك ،يناور العدو حول مدة التجميد !! هل يُعقل أن تفكروا في إمكانية القبول بذلك ؟! الواضح من الطلب الأمريكي أن الأمر قابل للتحقيق !! لم نُهزم ، ولن يتأتى للعدو ذلك بإذن الله .فلماذا جعلتم أنفسكم في وضع أسوأ من المهزوم إذن؟! المهزوم عادة أيها " السادة " لم يعد لديه ما يقدمه برغبته ..وأنتم تقدمون بالمجان!! ثم أريد أن أضيف أن أمتكم غير قابلة للهزيمة .. أن جذورها ضاربة في أعماق الأرض ، وما قد يصيبها ، لا يعدو نكسات عابرة في ظلمات ليل التآمر، و ظلمات اختلاط الأمر عليكم .. انظروا ، لقد كان العدو يحتل المساحات الشاسعة في أيام ، واليوم يعجز عن احتلال أمتار في أسابيع .. وكانت مواقعنا ساحة لمعاركه ، والآن مواقعه تحت النار أيضا .. إذا التغير في مجمله لصالح الأمة ، وأعلموا أن النصر يتحقق بالأمل والإصرار عليه ،وقد لاحت بوادره . ولن تكونوا من ضحاياه ، لو قرأتم خريطة وقائعه جيدا ، وانتهجتم سبل مساره ..طبعا ،لا نجاة من الموت .. هذا قدر مقدور .. ولكن لكم أن تختاروا علي أي فراش مرقدكم ..لماذا هذا الحجم من التنازلات ؟! إنني استصرخكم بأن توقفوا هذا الهدر المستمر للحقوق والوقت ، أن صمود المقاومة ورقة ضغط هائلة في أيديكم ، ورفض شعوبكم سند وقوة في تفاوضكم ، فلماذا هذا التهاون المخجل أمام عدو الأمة ؟! بل لقد حولتم هذه الورقة لصالح عدوكم بإصراركم علي إجهاض مفعولها ، باختلاق الخلافات التافهة بشأنها ومعها !! دعوني لا اتهمكم بالتآمر .. واتركوا لي مساحة أشعر من خلالها بانتمائكم لهذه الأمة .. فرؤيتكم عقيمة ، وخوفكم علي كراسيكم ورءوسكم مبالغ فيه .. ارجعوا إلى التاريخ .. هل مجد يوما المهادن لعدوه المحتل لأرضه . التاريخ سجل الأمم ، ولا أظنكم ترضون أن يرجمكم بلعناته ، ولعنات الأجيال مدي الدهر .. التخاذل لن يطيل أعماركم ، والصمود لن يقصرها ، ومن يطبل في ركب أعراسكم ، لن ينفعكم مع أول بوادر الخطر حولكم ، بل سيكون أول الفارين ، وأول المطبلين للقادم من بعدكم .. والذي تظنون أنكم اشتريتموه بالمال والجاه ، سوف يبيعكم بالمال والجاه أيضا ،عند أول فرصة سانحة ، ولا يهمه من سيكون المالك لرقابكم .. إنكم بحاجة ماسة لمن يقول : لا .. لأنه صادق ، وكلمته نابعة من الأعماق ، وهو علي استعداد لتبعاتها معكم .. بالطبع، لا تنتظروا منه التطبيل والرقص ، فهي ليست من شيمه ، ولكنه سيكون أخر الصامدين ، إن لم يكن أول الشهداء.. مثل هؤلاء لا يريد مالا أو سلطة، بل يريد عزة لأمة تستحق أن تسود بما تملك من حق وبما تحمل من واجب تجاه الإنسانية .. أيها الملوك والرؤساء.. أن أمتكم مهددة في مصادر ثرواتها ومياهها ، بل في ثقافتها وتاريخها .. ولن تجدي مهادنتكم لعدوكم التاريخي ، إنه ينظر إلى أمتكم بعين التآمر ، وادعائه لصداقتكم ما هو إلا المدخل لتنفيذ مآربه في إجهاض كل مقوماتها .. أيها الملوك والرؤساء .. نحن لا نسألكم عن حقوقنا الإنسانية المهدورة في أوطاننا طيلة عهودكم ، فالخطر الآن يداهم أمة بكاملها ، وقد تجاوز مصاعبنا ، هنا أو هناك ، واشغلنا عن تفاصيل همومنا اليومية معكم .. أنتم تجروننا إلى الجحيم بخيوط الباطل ، ونحن ندعوكم إلى الجنة بسلاسل الحق .. اجعلوا من أنظمتكم جمهوريات أو ملكيات أو حتى جملوكيات ، ولكن احذروا أن تجعلوا من الفلسطيني هنديا أحمر ..فقط ، هل نطمع في أدني درجات الصمود ، بألا تعطوا صكوكا بيضاء ، أو تكبلوا شعوبكم بشروط مهينة ، واتركوا للحوادث أن تريكم ما يفعله المقاومون .. فإذا انتصروا ، فلكم في النصر سهم ، وان هُزموا " لا سامح الله " تخلوا عنهم ،وعذر جبنكم "مقبول" ، وعندها ، لكم أن تتمرغوا في أوحال السلطة ،وتشربوا أنخاب الصداقات الزائفة كما تشاءون .. ما نرجوه منكم أكبر من ذلك بكثير، لكن يبدو انه ليس في الإمكان أبدع مما كان .. فحسبنا الله ونعم الوكيل ..