غابت الكتب ذات الطابع السلفي عن دورة معرض الكتاب الخامس عشر بالجزائر، والذي يستمر حتى 6-11-2010، في خطوة وصفها مراقبون بأنها تهدف للحد من "تأثير الأفكار السلفية على الشباب في البلاد". ولم يرد تعليق رسمي من الجهات المسئولة، لكن مصادر إعلامية جزائرية أشارت إلى أنه تم منع عشرات الكتب التي "تحرض على الإرهاب، أو التي تروج للفكر الشيعي، وأخرى اعتبرتها مسيئة للدين الإسلامي والأخلاق". وقال ناشرون لوكالة "رويترز" الخميس 4-11-2010 إن السلطات الجزائرية منعت دخول كتب مؤلفين وعلماء سلفيين مثل محمد ناصر الدين الألباني، وابن عثيمين، وعبد العزيز بن باز مفتي السعودية السابق، من العرض في معرض الكتاب. ويتولى موظفو الجمارك داخل معرض الكتاب التأكد من خلو الأرفف من الكتب الممنوعة، كما يفتشون الكتب التي يشتريها الزوار من المعرض في إجراء اعتبره مراقبون مؤشرا على عزم الحكومة الحد من تنامي نفوذ التيار السلفي في البلاد.
وتعليقا على الإجراء، قال الشيخ شمس الدين بوروبي، الداعية الجزائري المعروف والرئيس السابق ل"الجمعية الخيرية الإسلامية" "الكتب التي نراها اليوم والتي تختبئ وراء مذهب السلف هي كتابات سياسية هدفها تفجير المجتمعات الإسلامية من الداخل من خلال غزو عقول الشباب".
وأضاف بوروبي: "الشاب لا يعرف... الشاب يريد أن يتدين.. يريد أن يتقرب من الله وهو لا يعرف أن هذا الكتاب يحتوي على السم في الدسم.. لم نجن من هذه الكتب إلا زيادة التشتت والتفكك، ثم التكفير، وبعد التكفير جاء التفجير".
وشدد بوروبي على أنه يعارض هذه الكتب التي تحمل التيار السلفي قائلا: "أنا ما زلت أحذر من هذه الكتب، وأحذر من هذه المدارس، وأحذر من المال الذي يمول هذه الكتب". "تهدد المجتمع" من ناحيته قال الجزائري محمد مولودي أحد مستوردي الكتب ل"رويترز" إن القواعد الجديدة التي أسفرت عن منع كتب السلفيين جعلت نشاط المستوردين أكثر صعوبة. وأضاف: "عملية الاستيراد لم تعد سهلة، ولم تعد تمضي بانسيابية سريعة مثلما كانت في الأول، بل هناك الكثير من الشروط ولا أقول العراقيل، بل هي قواعد جديدة في التعامل مع عملية الاستيراد من الدول الأجنبية". لكن مولودي دافع عن ما أسماه البعض "النهج الصارم للحكومة" قائلا إن "تأثير الفكر السلفي على الشباب الجزائري خاصة الذين سافروا للدراسة في السعودية كان قوة دافعة للتشدد الديني من شأنها أن تهدد المجتمع". وأوضح "بالنسبة إلى تأثيرات المدرسة السلفية على الفكر في الجزائر.. هذا معروف أنه في العشرين سنة الأخيرة الماضية كان عدد هائل من الطلبة الجزائريين يدرسون في السعودية، وفي تلك المرحلة، وفي تلك الحقبة لا ننسى أحداث حرب أفغانستان".
وأشار مولودي إلى أن الشباب الذين درسوا بالسعودية جاءوا بحماسة الفكر الوهابي، لكنه أضاف "نحن في حاجة إلى مشاربنا الأصيلة والمتأصلة.. انتهت تلك الفترة.. نريد أن نعود بشبابنا إلى الوسطية والاعتدال". وكانت مصادر إعلامية جزائرية أشارت إلى منع مصلحة الجمارك الجزائرية دخول 17600 كتاب لعرضه في الدورة الحالية لمعرض الكتاب، وذكرت المصادر أن الكتب تحتوي على إساءات للقرآن الكريم وللرسول عليه الصلاة والسلام، إلى جانب أخرى تنشر الفكر الشيعي وأخرى إباحية. وذكرت صحيفة "الخبر" الجزائرية أن هناك قائمة تتضمن 70 عنوانا محظورا في الجزائر معظمها تنشر مذاهب غير المذهب المالكي، وتروج للفكر الوهابي والشيعي، وأخرى تحمل الأفكار الإلحادية، وتحرض على الإرهاب باسم الجهاد، أو تدعو للانقسام وتمس الوحدة الوطنية وتدعو للانفصال وتفصل منطقة القبائل وانتمائها للجزائر وتاريخ الثورة التحريرية. ويشارك في دورة العام الحالي للمعرض السنوي الذي بدأ من 26-10-2010 ويستمر حتى 6-11-2010 أكثر من 100 ناشر جزائري ونحو 400 ناشر من 30 دولة بينها دول تشارك للمرة الأولى بالمعرض وهي الولاياتالمتحدة والهند وفنزويلا وبولندا. ويحظى المعرض بإقبال كبير من الجزائريين خاصة الطلاب الذين يبحثون عن شراء أمهات الكتب لقاء أسعار زهيدة؛ حيث يزور المعرض نحو 15 ألف زائر يوميا.