" مواطن كريم يحميه شرطي حكيم " بين مقدمة ابن خلدون و الضحية علي بن عون
كتبه ابراهيم بالكيلاني عندما كنت أشاهد التلفاز ، شدني عرض على قناة الجزيرة مباشر من غزة لاحتفال فريد من نوعه . يحمل الاحتفال شعار : " مواطن كريم يحميه شرطي حكيم " . استفزني الشعار من أجل البحث في دور الشرطة في التاريخ الاسلامي . و تذكرت بحثا للدكتور أبو يعرب المرزوقي بث فيه قراءته التاريخية و الاستشرافية في آن لأركان "الدولة الاستخلافية " و التي حددها بخمس . و ما يعنيني هنا هو الركن الخامس الذي أطلق عليه : ركن الوقاية و يتقوّم على أداتين هما : 1. أداة الأمن الخارجي ( الجيش ) : و يعرفه بكونه " قوة الأمة " و يتكون من "كل القادرين من شباب الأمة ذكورا و إناثا و الذين يكون إعدادهم الاساسي من وظائف اتحادية الأسر أو القبيلة بالمعنى الاسلامي للكلمة لئلا يكون الشعب أعزل أمام مافيا تستبد بالحكم " ( المرزوقي ، 1999 ، ص 184 ) . و قد أشار الكاتب إلى خطورة النتائج الوخيمة لتكوين الجيوش االمحترفة من المنظورالخلدوني " فالشعب يصبح أعزل و الحامية تصبح مستبدة بالأمر" ( المرزوقي ، 1999 ، ص 185 ) و " الظلم مؤذن بخراب العمران " ( ابن خلدون ، 2002 ، ص 223 ) . 2. أداة الأمن الداخلي ( الشرطة ) : و يؤكد المرزوقي على المبدأ الاسلامي الأساسي الذي يجب أن تتأسس عليه أداة الأمن الداخلي و هو أنه " لا يمكن للقوة العامة أن تخضع لغير سلطة القضاء " ( المرزوقي ، 1999 ، ص 185 ) . و يذكّر الكاتب بأن " الشرطة لم تصبح نكبة على المسلمين و العرب إلا منذ أن أصبحت تابعة للسلطة التنفيذية " ( المصدر نفسه ) . و يؤكد على أن ما نبّه إليه ابن خلدون في الأداتين و فيما يتعلق " باستقلال القضاء ، و خصوصية الملكية ، و استقلال مؤسسة صك العملة عن الحكم التنفيذي ، و سلامة اللسان القومي " ( المصدر نفسه ) و يعتبرها المرزوقي جميعها " الشروط الأساسية لقيام المواطن بواجباته و للتفاهم بين المواطنين و لتوفير العدالة الشارطة لكل الحريات و الحقوق و من ثم لشروط النمو في جميع المجالات " ( المرزوقي ، 1999 ، ص 186 ) . و بدأت أبحث عن مصادر أخرى تبيّن كيف كان تنظيم الأمن الداخلي في المراحل الاولى من التاريخ الاسلامي ، علّنا نجد في شعار غزة ما يدعّمه من الوقائع التاريخية و ما ينشر الأمل لصورة جديدة عن الشرطة و دورها و علاقتها بالمواطن ، حتى صدمني خبر وثّقه جسد علي عون النحيف قبل صوته و سجلات القضاء (القضية عدد 19635 في الدائرة الجناحية السادسة بالمحكمة الإبتدائية بتونس برئاسة القاضي فوزي الجبالي يوم 08/11/2010 ) . فانظري يا غزة حكمة الشرطي و هو ينحت ألوان الحقد و أنواع السادية في جسد نحيف لا يكسوه من اللحم إلا القليل ! و انظر يا ابن خلدون علامات خراب العمران و انقطاع النوع البشري ! فمن أي منطومة اجتماعية و أسرية برز إلينا هذا السادي ؟ و في أي نظام مدرسي تعلّم السادية ؟ فهل عجزت مادة حقوق الانسان عن تهذيبه ؟ لست بسبّاب و لا لعّان و لا ممن يغمط الحق الذي يتوزع بيننا جميعا مهما اختلفنا و بعدت الشقّة بين أبناء الوطن الواحد و لكن من حقنا أن نرفع صوتنا عال : أما آن لهذا الوطن أن ينعم بحب أبنائه ، و ينعم أبناءه بحبهم للوطن فكلنا شركاء في الوطن . فعلي بن فرحات من أنجب المربين الذين عرفتهم ولاية قبلي ، و مكانه الحقيقي في دور التوجيه و الارشاد و علي الحرابي من أخلص الناس للوطن و دوره في تعميق بناء التواصل في الشأن العام و الهاشمي بن طالب هو دائما شامخا كنخلة "الدقلة " التي تعطيه من بعد محنته من كثرة ما أعطاها ، فلا تحرموا واحات النخيل من فلاحيها ! المصادر : 1. ابن خلدون ، عبدالرحمن : المقدمة ، بيروت : دار الكتب العلمية ، ط 8 ، 2002 . 2. المرزوقي ، أبو يعرب : آفاق النهضة العربية ، بيروت : دار الطليعة ، ط 1 ، 1999 .