"لا تحملوا أنفسكم وزر فضيحة لن يمحوها الزمن، و لا تسجلوا أسماءكم في لائحة الطابور الخامس داخل هذا الوطن".. بهذه الكلمات خاطبت منظمات حزبية وحقوقية وجمعيات مجتمع مدني معهد "أماديوس" الذي يرأسه نجل وزير الخارجية المغربي إبراهيم الفاسي الفهري والمتهم بالتطبيع مع قيادات وشخصيات إسرائيلية تحضر الملتقيات الدولية التي ينظمها المعهد كل سنة. وفي رسالة وصفت بأنها "شديدة اللهجة" حصلت "أون إسلام" على نسخة منها، شددت المنظمات الغاضبة والتي وصل عددها إلى 18 تنوعت ما بين أحزاب يسارية وإسلامية وجمعيات حقوقية وثقافية على أن "المجرمين الصهاينة يجدون صعوبة في دخول البلدان الأوروبية وذلك لما اقترفته أيديهم من جرائم ولما يشكله خطابهم من تحريض على الحقد والكراهية والعنصرية" بينما يفتح المعهد أبوابه على مصراعيه أمامهم. وطالب الموقعون على الرسالة، ومن بينهم أحزاب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والعدالة والتنمية والعدل والإحسان والتوحيد والإصلاح، المشرفين على المعهد بالاعتذار الفوري إلى الشعب المغربي "عن تدنيس أرضهم باستقبال ممثلي أسوء نظام للتمييز العنصري عرفه التاريخ"، موضحين أن المعهد مطالب بالكف عن هذه "الخطة التطبيعية" والانصراف إلى البحث والدراسات كما هو نهج باقي مراكز الدراسات في العالم. جاء ذلك على خلفية المنتدى الدولي الذي نظمه "أماديوس" بمدينة طنجة في أقصى الشمال الغربي للبلاد، وامتد على أربعة أيام كاملة من يوم 10 نوفمبر، وشارك فيه أكثر من 170 شخصية دولية من 80 بلدا و1500 مختص وخبير دولي في المجالات الجيواستراتيجية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، وناقش الجميع عدة مواضيع منها قضية فلسطين والتحديات المناخية والتنمية المستدامة وحقوق الإنسان والإصلاحات المؤسساتية. مطالب بالإغلاق وتزامنت انتقادات التنظيمات السياسية والمدنية والتي سبق لها تنظيم وقفة احتجاجية قبالة مقر تنظيم نشاط "أماديوس" مع دعوى قضائية رفعها نقيب المحامين الأسبق عبد الرحمن بن عمرو طالب فيها بإغلاق المعهد نهائيا، موضحا أنه ارتكز في الدعوى على أن نشاط المعهد يخالف العهود الدولية التي صادق عليها المغرب وفي مقدمتها قرارات جامعة الدول العربية التي تنص على عدم التطبيع مع إسرائيل. وأوضح أن "اتخاذ العمل الأكاديمي جسرا لعبور القيادات الإسرائيلية إلى البلاد يعتبر أمرا مناقضا للقانون ولتاريخ الشعب المغربي الذي تعيش القضية الفلسطينية في دمه، وسبق أن خرج في مسيرات مليونية للتنديد بالجرائم الإسرائيلية المتتالية في حقه". ومن المرتقب أن تشهد القضية تطورات مثيرة من خلال دعوى ثانية رفعها بن عمرو برفقة ناشطين ضد المعهد نفسه تطالب هذه المرة بإغلاقه نهائيا، لكونه "مشروعا ضد إرادة الأمة المغربية في مقاطعة الاحتلال الصهيوني ودعم فلسطين". وبحسب مراقبين متتبعين للموضوع فإن الطريق ليس معبدا أمام الدعوى الجديدة بالنظر إلى أن القانون المغربي لا يجرم التعامل مع إسرائيليين، ولم يسبق أن أصدر حكما مماثلا ضد أي مؤسسة رسمية أو أهلية سبق لها أن استضافت مع ممثلين عن التنظيمات الإسرائيلية. وكانت المحكمة الإدارية بالرباط قد أصدرت الثلاثاء 9 نوفمبر الجاري قرارها "بعدم الاختصاص" في الدعوى التي رفعها حقوقيون مغاربة ضد معهد "أماديوس" عشية تنظيم لقاء طنجة. ويتهم الحقوقيون المغاربة والمؤسسات المناهضة للتطبيع المعهد الذي يرأسه نجل وزير الخارجية المغربي ب "فتح قنوات التطبيع غير المباشرة مع إسرائيل" حيث سبق له أن نظم ملتقيات مماثلة منذ 2008 حضرها مسئولون إسرائيليون في مقدمتهم وزير الخارجية السابقة تسيبي ليفني. نجل الوزير يرد من جانبه، حرص إبراهيم الفاسي الفهري نجل الوزير الخارجية، والذي تربطه علاقة عائلية بكل من رئيس الوزراء عباس الفاسي وعدة وزراء ومسئولين بارزين في الدولة المغربية ينحدرون من العائلة نفسها، على التزام الصمت إزاء انتقادات الحقوقيين والإعلاميين، وعدم الإدلاء بأي حديث لوسائل الإعلام بشأن نشاط المعهد الذي يرأسه. غير أنه سبق له أن أكد في حوار مع "الشرق الأوسط" اللندنية في فبراير من عام 2009 بمناسبة عقده لقاءا مماثلا بمدينة طنجة بحضور قيادات إسرائيلية بارزة أن المعهد الذي يرأسه "لا علاقة له بالتطبيع لا من بعيد ولا من قريب" بحسب تعبيره. وأضاف الفهري في الحوار نفسه بأن حضور وزير الخارجية الأسبق شلومو بن عامي أو تسيبي ليفني أو غيرهما لقاء 2009 جاء "لكوننا طرحنا قضية الشرق الأوسط في إطار المحور المتعلق بقضايا السلم العالمي، وإشراك إسرائيل عبر دعوة شخصية إسرائيلية للمشاركة في النقاش". وحول موضوع ليفني التي يصفها المغاربة بمجرمة الحرب التي تورطت في مجازر عدة أخرها الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة قال الفهري "بخصوص ليفني أود التوضيح أن دعوتها تمت بالتشاور مع ممثلي السلطة الفلسطينية، نحن نعرف أنه بعد الحرب على غزة توقف كل شيء بين الفلسطينيين والإسرائيليين، لم تعد هناك أي محادثات أو اتصالات بين الطرفين، وتوقف مسلسل السلام". وتيرة تطبيع سريعة وكانت آخر زيارة رسمية معلن عنها لمسئول إسرائيلي للمغرب هي زيارة رؤوفين ريفلين رئيس الكنيست الإسرائيلي للبرلمان المغربي ومشاركته في أشغال الجمعية البرلمانية للبحر الأبيض المتوسط المعقد في الرباط نهاية شهر أكتوبر الماضي. ونددت مجموعة العمل الوطنية لمساندة العراق وفلسطين وقيادات تنظيمات سياسية وحركات إسلامية في وقفة احتجاجية قبالة القبة التشريعية بزيارة ريفلين، وأكد خالد السفياني المنسق العام للمجموعة بما أسماها "الخطوات التطبيعية المتسارعة التي ينهجها دعاة التطبيع بالمملكة" معتبرا حضور مسئولين إسرائيليين للمغرب الأقصى "أمرا مقززا". وكانت قيادات حزب العدالة والتنمية المغربي المعارض قد رفضت الحضور إلى البرلمان احتجاجا على حضور المسئول الإسرائيلي وأصدر الحزب بيانا منددا بالزيارة، في الوقت الذي أعلن فيه وزير الخارجية المغربي الطيب الفاسي الفهري عدم استقباله لرؤفين ريفلين. وكان من المنتظر أن يحضر الرئيس الإسرائيلي إلى المغرب في وقت سابق من شهر أكتوبر الماضي لكن إعلان ملك المغرب محمد السادس عدم استقباله جعل بيريز يعدل عن قراره. وتحول "أماديوس" من جمعية إلى معهد عام 2008، ويضم أعضاء مؤسسين يبلغ عددهم 12 شخصا، ضمنهم 4 فرنسيين وجزائري، لا يتجاوز معدل عمرهم 30 سنة. واتخذ المعهد يتخذ شكل جمعية أهلية دون هدف تجاري، وينفي الحصول على أي دعم مالي رسمي ويؤكد أن تمويل أنشطته الدولية يعتمد أساسا على الرعاية من طرف شركات خاصة من المغرب والخارج، من فرنسا وأسبانيا ودول الخليج. وتنحدر العديد من الشخصيات الإسرائيلية من المغرب وفي مقدمتها وزير الخارجية الأسبق شلومو بن عامي المولود بمدينة تطوان عام 1943، والسياسي دافيد ليفي المولود بالعاصمة بالعاصمة الرباط عام 1937 تقدر الإحصائيات أن عدد اليهود المنحدرين من أصل مغربي بأكثر من 800 ألف منهم شخصيات سياسية وحزبية وفكرية، عادة ما تقوم بزيارات متعددة إلى المغرب وتزور المدن والقرى التي ولدت فيها. وبحسب مصادر تاريخية فإن عدد اليهود المغاربة الذين تم ترحيلهم إلى إسرائيل خلال عقدين الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي يتجاوز 250 ألف شخص تبقى منهم حاليا نحو 4000 آلاف.
مصدر الخبر : أون إسلام a href="http://www.facebook.com/sharer.php?u=http://alhiwar.net/ShowNews.php?Tnd=11569&t=غضب بالمغرب من مشاركة "إسرائيل" في مؤتمرات "أماديوس" &src=sp" onclick="NewWindow(this.href,'name','600','400','no');return false"