تونس تحتفل بعيد الشغل العالمي وسط آمال عمالية بإصلاحات تشريعية جذرية    دوري ابطال اوروبا.. التعادل يحسم مباراة مجنونة بين البرسا وانتر    شهر مارس 2025 يُصنف ثاني الأشد حرارة منذ سنة 1950    يظلُّ «عليًّا» وإن لم ينجُ، فقد كان «حنظلة»...    الاتحاد يتلقى دعوة للمفاوضات    تُوّج بالبطولة عدد 37 في تاريخه: الترجي بطل تونس في كرة اليد    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    قضية مقتل منجية المناعي: إيداع ابن المحامية وطليقها والطرف الثالث السجن    رحل رائد المسرح التجريبي: وداعا أنور الشعافي    القيروان: مهرجان ربيع الفنون الدولي.. ندوة صحفية لتسليط الضوء على برنامج الدورة 27    الحرائق تزحف بسرعة على الكيان المحتل و تقترب من تل أبيب    منير بن صالحة حول جريمة قتل المحامية بمنوبة: الملف كبير ومعقد والمطلوب من عائلة الضحية يرزنو ويتجنبو التصريحات الجزافية    الليلة: سحب مع أمطار متفرقة والحرارة تتراوح بين 15 و28 درجة    عاجل/ الإفراج عن 714 سجينا    عاجل/ جريمة قتل المحامية منجية المناعي: تفاصيل جديدة وصادمة تُكشف لأول مرة    ترامب: نأمل أن نتوصل إلى اتفاق مع الصين    عاجل/ حرائق القدس: الاحتلال يعلن حالة الطوارئ    الدورة 39 من معرض الكتاب: تدعيم النقل في اتجاه قصر المعارض بالكرم    قريبا.. إطلاق البوابة الموحدة للخدمات الإدارية    وزير الإقتصاد يكشف عن عراقيل تُعيق الإستثمار في تونس.. #خبر_عاجل    المنستير: إجماع خلال ورشة تكوينية على أهمية دور الذكاء الاصطناعي في تطوير قطاع الصناعات التقليدية وديمومته    عاجل-الهند : حريق هائل في فندق يودي بحياة 14 شخصا    الكاف... اليوم افتتاح فعاليات الدورة العاشرة لمهرجان سيكا جاز    السبت القادم بقصر المعارض بالكرم: ندوة حوارية حول دور وكالة تونس إفريقيا للأنباء في نشر ثقافة الكتاب    عاجل/ سوريا: اشتباكات داخلية وغارات اسرائيلية وموجة نزوح..    وفاة فنانة سورية رغم انتصارها على مرض السرطان    بمناسبة عيد الإضحى: وصول شحنة أغنام من رومانيا إلى الجزائر    أبرز مباريات اليوم الإربعاء.    عملية تحيّل كبيرة في منوبة: سلب 500 ألف دينار عبر السحر والشعوذة    تفاديا لتسجيل حالات ضياع: وزير الشؤون الدينية يُطمئن الحجيج.. #خبر_عاجل    الجلسة العامة للشركة التونسية للبنك: المسيّرون يقترحون عدم توزيع حقوق المساهمين    قابس: انتعاشة ملحوظة للقطاع السياحي واستثمارات جديدة في القطاع    نقابة الفنانين تكرّم لطيفة العرفاوي تقديرًا لمسيرتها الفنية    زيارات وهمية وتعليمات زائفة: إيقاف شخص انتحل صفة مدير ديوان رئاسة الحكومة    إيكونوميست": زيلينسكي توسل إلى ترامب أن لا ينسحب من عملية التسوية الأوكرانية    رئيس الوزراء الباكستاني يحذر الهند ويحث الأمم المتحدة على التدخل    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    ابراهيم النّفزاوي: 'الإستقرار الحالي في قطاع الدواجن تام لكنّه مبطّن'    القيّمون والقيّمون العامّون يحتجون لهذه الأسباب    بطولة إفريقيا للمصارعة – تونس تحصد 9 ميداليات في اليوم الأول منها ذهبيتان    تامر حسني يكشف الوجه الآخر ل ''التيك توك''    معرض تكريمي للرسام والنحات، جابر المحجوب، بدار الفنون بالبلفيدير    أمطار بكميات ضعيفة اليوم بهذه المناطق..    علم النفس: خلال المآزق.. 5 ردود فعل أساسية للسيطرة على زمام الأمور    بشراكة بين تونس و جمهورية كوريا: تدشين وحدة متخصصة للأطفال المصابين بالثلاسيميا في صفاقس    اغتال ضابطا بالحرس الثوري.. إيران تعدم جاسوسا كبيرا للموساد الإسرائيلي    نهائي البطولة الوطنية بين النجم و الترجي : التوقيت    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    في جلسة ماراتونية دامت أكثر من 15 ساعة... هذا ما تقرر في ملف التسفير    ديوكوفيتش ينسحب من بطولة إيطاليا المفتوحة للتنس    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    شحنة الدواء العراقي لعلاج السرطان تواصل إثارة الجدل في ليبيا    الميكروبات في ''ديارنا''... أماكن غير متوقعة وخطر غير مرئي    غرة ذي القعدة تُطلق العد التنازلي لعيد الأضحى: 39 يومًا فقط    تونس والدنمارك تبحثان سبل تعزيز التعاون في الصحة والصناعات الدوائية    اليوم يبدأ: تعرف على فضائل شهر ذي القعدة لعام 1446ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تفجير إخواننا من أمامنا وتربص أعداء الإسلام بنا من خلفنا
نشر في الحوار نت يوم 25 - 11 - 2010


موعظة الحوار

مشاهد من خلق الصادق الأمين

تفجير إخواننا من أمامنا وتربص أعداء الإسلام بنا من خلفنا
((( 32 )))

أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن حذيفة إبن اليمان عليه الرضوان قال : „ كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني فقلت : يا رسول الله إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال : نعم. فقلت : هل بعد ذلك الشر من خير؟ قال : نعم وفيه دخن. فقلت : وما دخنه؟ قال : قوم يستنون بغير سنتي ويهدون بغير هديي تعرف منهم وتنكر. فقلت : هل بعد ذلك الخير من شر؟ قال : نعم. دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها. فقلت : يا رسول الله صفهم لنا. قال : نعم . قوم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا. قلت : يا رسول الله فما ترى إن أدركني ذلك؟ قال : تلزم جماعة المسلمين وإمامهم. قلت : فإن لم تكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال : فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض على أصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك”.

هذه هي الفتن التي يغدو فيها الحليم حيران

هناك حقيقة تواضع عليه الدين كله مع تجارب الناس من عرب وعجم ومؤمنين وكافرين. حقيقة لم تعد تحتمل الجدال. تلك هي : حفظ الوحدة الداخلية لأي أمة أو شعب أو مجتمع أو حزب أو حركة أو طائفة أو عشيرة مقدم على كل ما سواه بل إن ذلك هو حافظ وجود ذلك الكائن وعاصمه من بطش الأقوياء من حوله. حقيقة عبر عنها القرآن الكريم بتعبيرات كثيرة منها تعقيبه على هزيمة أحد بقوله : „ قل هو من عند أنفسكم”. بمثل ما قرر تلك الحقيقة في صياغة أخرى قال فيها : „ لن يضروكم إلا أذى “. ليست هي حقيقة إسلامية فحسب بل هي حقيقة فطرية وإجتماعية وتاريخية. ولكن بمثل ظهورها وضوحا وجلاء تكون الغفلة عنها وكان الإنسان أكثر شيء جدلا.

ما هي أكبر الفتن التي تعرض علينا اليوم؟

ليست كثيرة العدد ولكنها خطيرة الأثر.

1 فتنة الحكم بغير ما أنزل الله سبحانه سيما من لدن سلاطين الجور ممن إغتصب الأمة حقها في أمرها يستوي في ذلك المنتسب زورا أو حقيقة إلى البيت النبوي الكريم مع المحتمين بالعسكر والحرس والشرط والعسس. أسوأ الآثار للحكم بغير ما أنزل الله سبحانه هو التهوين من شأن من كرم الله سبحانه أي الإنسان. لقد ثبت بالتجربة المرة لمن لا يطيق الحكم بما أنزل الله سبحانه أن إستبعاد الإنسان من دائرة المشاركة في الحكم سياسة ومالا وعلاقات وغير ذلك هو الحالقة التي حلقت دين البلاد ومال البلاد وكرامة البلاد وإستقلال البلاد فهي وجبة دسمة لكل غاز قاهر ممن لا يرضى للإسلام أن يظهر ولأمته أن يكون لها في الأمر الدولي رأي أو جهد وبلاء.

2 فتنة الخروج على أمر الأمة من لدن قطاع من الشباب ممن يستمرئ التكفير بالجملة والتفجير بالجملة. خروج أولئك على أمر الأمة معناه قلب المنهاج الإصلاحي الذي رسمه الكتاب العزيز ونفذته السيرة النبوية. هل ترك الإسلام منهاج التغيير داخل الأمة مرسلا أو منطقة فراغ وعفو ليملأها المجتهدون؟ كلا. بل رسم الإسلام في آيات محكمات ذلك رسما دقيقا ولكن على طريقة القرآن الكريم الذي يبث توجيهاته وينوع تعليماته فمن قصة حينا إلى مثل حينا آخر ومن تقرير سنة إجتماعية إلى أمر صريح أو نهي صريح حينا ثالثا ومن سورة لأخرى وسياق لآخر حتى يكون البنيان القرآني متلبسا بعضه ببعض من جهة وحتى تشمر العقول على سواعد الإجتهاد والإكتشاف والإستنباط من جهة أخرى.

الفتنة الحادثة أشد علينا لو تدبرنا الحال بروية

فتنة الحكم بغير ما أنزل الله سبحانه بما دعا إلى إعادة إحتلال بلداننا إحتلالا سياسيا وثقافيا وإجتماعيا ( العولمة) إحتلالا مقنعا أنكى من الإحتلال العسكري المباشر بما يوفر ضده من نفير من الناس.. تلك فتنة دون ريب سوى أن ما يطامن من غلوائها بالمقارنة مع ما يأتي هو أن أكثر الناس اليوم لا يرون لأولئك الحكام أو لأكثرهم ولاء لعدو الأمة وأشدهم نكاية وتشفيا بالحرمات والكرامات والدماء أي حق من حقوق الطاعة والولاية والسلطان ولذلك تلفاهم ينتفضون من حين لآخر وتنشأ فيهم المعارضة ويتحينون الفرص المواتية لسلب المتغلب قهره إياهم. الإتجاه العام للناس اليوم حيال أولئك هو إتجاه الرفض حتى لو أكرهتم الحاجة على الأكل من سحت موائدهم أو لجم الأفواه والأقلام إتقاء لبطشهم. أي : الناس فيما يشبه الوحدة في ذلك الإتجاه العام.

أما فتنة الشباب ممن إستمرأ التكفير لعموم المسلمين أو يتحين فرص التفجير خارج الأرض المحتلة عسكريا من مثل فلسطين.. تلك فتنة أشد علينا عندما نمحص مختلف زوايا أحوالنا بعين العقل والتدبر والتأمل والتفكر. ولكن لم وكيف؟ أولا لأنها كما سبقت الإشارة آنفا تنقلب بفجاجة وجهالة على منهاج الإصلاح والتغيير الذي رسمه الإسلام بآيات محكمات وثانيا لأنها فرقت الأمة أو جزء كبيرا منها بين مؤيد تحت مطارق الشماتة بأعداء الإسلام سواء كانوا حكام جور وبغي والوا العدو بإسم الواقعية أو إنخرام الموازين أو لقمة العيش أو تفرق الأمة أو غلبة الصهيونية وأذيالها أو كانوا صليبيين أو صهاينة أو غير ذلك .. وبين معارض. ولكن بين المؤيدين والمعارضين فئات عريضة من الناس ما إستبانت من الأمر شيئا لأسباب كثيرة منها عدم الإهتمام بالشأن العام أو اليأس من الإصلاح جملة وتفصيلا أو نقص حاد في الوعي والفهم وكثير منهم معذور بسبب أن مثل هذه الأمور الخطيرة والكبيرة لا بد لها من أهل الذكر من كل تخصص وتجربة ولو كان الحسم فيها يتأتى لفرد فذ أو آحاد الناس حتى لو كانوا من خيرة الخبراء لما أولاها الإسلام ما نعرف من مثل قوله : „ وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم”. وثالثا وهو العامل الأهم لأن تلك الفتنة تفرق الناس بحد السيف وهو سيف الإغتيالات الغادرة ولو كان سيف المقابلات الحربية المباشرة بمثل الحروب التقليدية المعروفة لظهر من يدافع عن نفسه وإيمانه وعرضه وماله وأهله وبلاده. ورابعا وهو عامل مهم كذلك لأنها فتنة زادت على فرقة الأمة فرقة ولذلك تلفى عددا كبيرا من الناس يلتجئ إلى الحاكم يحتمي به من أولئك وهو يعلم أنه يجلد ظهره ويأكل ماله ويصفع خده ويبيع عرضه وعرض دينه وبلاده إلى عدو الإسلام.

ألا يخوفكم هذا الوعيد؟

أخرج الإمام مسلم عن أبي هريرة عليه الرضوان أنه عليه الصلاة والسلام قال : „ ومن خرج على أمتي يضرب برها وفاجرها ولا يتحاشى من مؤمنها ولا يفي لذي عهد عهده فليس مني ولست منه”.

هل نحن في عصر ليس فيه جماعة ولا إمام؟

من له حق الإجابة عن مثل هذا السؤال الخطير؟ لا شك أن كل فرد من أفراد الأمة معني به ولا حظ هنا لزيد على عمرو إلا بتقليب الشورى بين المسلمين فما رأوه حسنا فهو عند الله حسن. ليس لنا من الوحي المعصوم شيء من ذلك فلم تبق لنا إذن سوى شورانا. هل يزعم عاقل اليوم بأنه ليس لنا جماعة؟ الأمة الإسلامية اليوم هي جماعتنا وهي موعودة بالظهور والخيرية والشهادة على الناس والوحدة ولا يضيرها كثيرا أن تتخلف بها المراكب عن ذلك قليلا أو كثيرا إذ لا يلغي ذلك لا وجودها ولا قابليتها للتجدد من جديد. الموغلون في التكفير والمتوسعون فيه هم الذين يروجون لإفك مفاده أنه ليس لنا أمة ولا جماعة وأكرم به من هزيمة داخلية طوعية كمن أسلم نفسه برضاه إلى الذئب ليفترسه. الناس من حولنا لا يشكلون عشر معشار جماعة بأي معنى من معاني الجماعة إجتماعيا ولكن تراهم يلفقون حولهم ما يوطد أقدامهم في الأرض ويحلو لبعضنا أن ينكث غزل أمة مطلوب منها أن تهدي الناس إلى ربها الحق سبحانه بعقيدة الإسلام وشريعته.

ولكن هل لنا إمام؟ بالمعنى المقصود من الحديث ليس لنا إمام. ولكن في مقابل ذلك لسنا هملا نرعى. هناك حال وسطى. ليس لنا الإمام المطلوب شرعا لا من حيث أنه واحد وحدة رجل أو مؤسسة ولا من حيث أنه يسوسنا بما أنزل الله سبحانه. ولكن علينا وليس لنا أئمة غلبوا فقهروا وإستتب لهم الأمر وما إستتب لهم أمر سوى بضعفنا وتفرقنا وإيثارنا العاجلة وجعل بأسنا بعضنا على بعض أشد من بأسنا عليه. هي حال جديدة في الأمة أي خاصة بعد تقويض الخلافة العثمانية ولكنها حال من الأحوال الواقعية التي لا ينفع معها عويل ولا صراخ ولكن نستعين عليها بالمعالجة المستنبطة من الإسلام أي بتنفيذ المنهاج الإسلامي في التغيير والإصلاح : ( الحكمة + الموعظة الحسنة + الجدال بالتي هي أحسن + الدعوة إلى الإسلام + إتخاذ ذلك سبيلا في الحياة وليس مهنة جانبية + الإجتماع منا جميعا على ذلك + العمل الصالح + إعلان ذلك للناس + الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر + تخير الخير ومحاولة تنزيله + البصيرة + الجهاد في الله حق جهاده + المعرفة متى يكون التغيير باليد ومتى يكون باللسان أو بالقلم ومتى يكون بالقلب .. إلى آخر ذلك من مفردات الإسلام التي لو جمعت بعضها إلى بعض لظفرت بملامح كافية لمنهاج الإصلاح الإسلامي).

حالة اللا إمام تعالج بالتدرج

1 أول ما تعالج به هو إعتصامنا نحن بأمرين : أولهما بالإسلام أي بمحكماته القطعية الثابتة إتاحة لقيم التعدد والتنوع التي تفرزها بالضرورة مظنونات السنة ومتشابهات القرآن الكريم. الأمر الثاني الذي نعتصم به هو : نحن أنفسنا أي الإعتصام بالأمة أمة واحدة بمواصفاتها الإسلامية في القرآن والسنة. الإعتصام بالإسلام فكرة ولكن الإعتصام بالأمة منهاج ينفذ الفكرة.

2 ثاني ما تعالج به هو إفراز أئمة وقادة وزعماء ورؤوس في مختلف الحقول المعرفية من دين ودنيا على نحو يجمعون الناس من حولهم بما أنسوا فيهم من إخلاص وعلم وفقه وصدق وتضحية وفداء وعمل صالح ونصيحة وليس كالأيام عند الناس عرائك تصطفي المؤتمن وتنبذ الخؤون. أي إنتاج وحدات وحركات وجماعات وكيانات داخل الأمة نفسها في مختلف المجالات لتكون وسائل وسطى للوحدة الكبرى المنشودة على أن تكون تلك الكيانات متآلفة متكاملة وليس متهارشة متنابذة كما هو حال كثير منها بل ربما أكثرها اليوم.

3 ثالث ما نعالج به هو توخي التدرج ورعاية عامل الزمن والصبر على طريق طويل وشائك للم الصف الواحد لعله يكون يوما : „ صفا كأنهم بنيان مرصوص”. فما إندك في تاريخنا الطويل لبنة من بعد لبنة لا يمكن لا عقلا ولا تجربة ولا شرعا ولا حقيقة أن يلتئم في عقد أو عقدين أو حتى قرن أو قرنين.

أما إستغلال حالة اللا إمام لمزيد من العبث بمصير أمة مزقتها الفتن الداخلية وطحنتها العداوات الخارجية .. ذلك عمل غير صالح ولا يشفع لأهله إخلاص إن كانوا فيه مخلصين ولكن العادة من الإسلام أن الله سبحانه يثبت المخلصين فيسدد عملهم ولذلك قال : „ ومن يؤمن بالله يهد قلبه”. من معانيها : الهداية صنيعة الإيمان والإيمان صنيعة الإخلاص فمن تحقق إخلاصه لا بد أن يهدى إلى ما إختلف فيه الناس من الحق بإذن الهادي سبحانه.

ألستم تلاميذ إبن تيمية؟

ألا يقول إبن تيمية “: ليس العاقل من يعرف الخير من الشر ولكن العاقل من يعرف خير الخيرين وشر الشرين”. ذلك هو الميزان في مثل هذا. موازين الإسلام تزيد عن خسمة منها : ميزان الكفر والإيمان أو الحق والباطل وهو في العقائد وليس فيما عدا العقائد. وميزان العدل والجور وهو في معاملة الآخرين بما يصدر عنهم من ظاهر وليس بما تلبسوا به من نيات علمها عنده وحده سبحانه. وميزان المصلحة والمفسدة وهو في الشؤون العامة سواء بالعلاقة مع الناس داخل البلاد الإسلامية أو خارجها فما رجحت مصلحته كان إيمانا وحقا وعدلا حتى لو كانت مفاسده كثيرة وكبيرة وما رجحت مفسدته كان باطلا وجورا حتى لو كانت منافعه كثيرة وكبيرة وليس أدل على ذلك من آية الخمر والميسر في البقرة ولم يسق ذلك لمجرد بيان الحلال من الحرام ولكن ليكون المقياس الإسلامي منهاجا لتعيير المصلحة من المفسدة.

ما أنتم فيه فتنة هي أشد من القتل وأكبر ولا بد فيها من الشورى

أخرج الإمام مالك عن علي عليه الرضوان قال : قلت يا رسول الله : الأمر ينزل بنا لم ينزل فيه القرآن ولم تمض فيه منك سنة؟ فقال عليه الصلاة والسلام : „ إجمعوا له العالمين من المؤمنين فاجعلوه شورى بينكم ولا تقضوا فيه برأي واحد”. هل هناك أولى في دين الله الذي تدينون به من الدماء والحرمات والكرامات والأموال سواء كانت لمؤمنين أو لكفار مسالمين؟ اللهم لا. أم هل ضاقت ساحات الجهاد العسكري في فلسطين وغزة وكل أرض محتلة؟ اللهم لا. أم هل يقودكم الثأر الأعمى من أمريكا وأذناب أمريكا فتستبيحون دماء الناس المحرمة. والذي نفسي بيده لو رجحت لكم حجة بأن الثأر من أمريكا أو الصهيونية ( بسبب الإحتلال وليس لأي سبب آخر) يمكن أن يكون عبر تفجيرات في أوربا أو خارج أوروبا يذهب ضحيتها أبرياء لأعملت معكم بسهم ولكن أنى لي أن أقصف حياة رجل غربي أو إمرأة لا ناقة له ولا جمل بل إن كثيرا منهم تحدى كل الموانع ظاهرة و باطنة فجمع الأموال لغزة وذهب إلى غزة مواسيا ومتكافلا ومتضامنا؟

إئتوا لنا بقائمة من العلماء تضم مائة إسم وليس أكثر يفتي كلهم بمشروعية التكفير والتفجير لعلنا نطمئن إلى مسعاكم. مائة عالم يتجرأ على ذكر إسمه الحقيقي وليس : أبو فلان أو أم علان! مائة عالم يعيش بين ظهرانينا ليحاسب على إجتهاده إن كان حقا ليجزى وإن كان غير ذلك ليعاتب وليس ممن يختبئ في الأحقاف يتحصن بها وكل جهاده أن يهدي لقطب من أقطاب اليمين الأروبي المتطرف المتشدد أثمن وأجود ما يحتاج إليه في غمرة الإنتخابات فيطيح بشريط المجاهد على قناة الجزيرة بغريمه الإشتراكي أو الأخضر أو البيئي.

هذا أمر لا يحق لنا جميعا الإختلاف فيه ولا عليه يرحمكم الله. هذا أمر فتنة يزيد الأمة تمزقا من بعد تمزق ويدعو حكام الجور والبغي إلى مزيد من الإحتماء بأعداء الأمة. ليس هذا نافلة من الدين ولا فرعا من فروعه ولا ذيلا من ذيوله ولكنه مما تعم به البلوى فلا بد فيه من إجماع أهل الذكر. لا بد فيه من أهل الذكر شرعا وسياسة أما البت فيه برأي واحد هو رأيكم فهو ليس سوى الوقوع في التحذير النبوي بمثل ما جاء في حديث السفينة. لستم أحرارا لخرق خرق فيها بما يليكم. مروا على أهل الذكر يرحمكم الله فإن وافقوكم فنحن لكم تبع.

أنتم وقود اليمين الأروبي المتطرف المتربص بالإسلام

عوا هذا يرحمكم الله جيدا. لا تظنوا أن اليمين الأوروبي المتطرف المتشدد المتربص بالوجود الإسلامي الأوربي ( ومنه نصيب وافر كبير أروبي قح) صادق في بغضكم. هو يبغض دينكم وهويتكم ولكنه يسعى بما أوتي من حيل وجهد وإستخبار وإستعلام ليستقدم تفجيراتكم عنده فإذا حصل منكم على ذاك حصل منكم على شهادة إبادة لذلك الوجود الإسلامي الأوربي سيما أنه يراه بأم عينيه يترعرع يوما من بعد يوم. قال قائلهم قبل أيام قليلة : „ مشكلتنا ليست في تضخم الإسلام ولكن مشكلتنا هي في هزال المسيحية”. أي أنهم يرون مستقبلا أسود مظلما لثقافتهم وحضارتهم وهويتهم ولكن الرجوع منهم إلى الحق وهو فضيلة كبير والذئاب تسوقهم إلى حتفهم فلا بد أن يستخفوكم لإرتكاب حماقات التفجير وعندها تكون مرحلة جديدة من مراحل حروب التطهير العرقية والدينية البغيضة وما بالعهد من قدم عندهم هم والحنين إليها في تيقظ.


آخر كلمة : أنصر أخاك ظالما أو مظلوما

أخرجه البخاري عن أنس عليه الرضوان. قيل : كيف ننصره ظالما؟ قال : تأخذ على يده.لا نملك أخذا على الأيدي ولكن نملك كلمة حق نسأله سبحانه أن يمكن لها وأن يخلصها له وحده سبحانه. عوا يرحمكم الله أنه ليس لكم مصير مختلف عن مصير الأمة بل مصيرها هو مصيركم ومصيركم هو مصيرها فأنتم جزء منها وهي أمكم والإسلام أبوكم فلا تعقوا أمة عقت من قبلكم كثيرا بدء بإغتصاب البغاة من الأمويين لأمرها بما مهد لأغتصاب الصليبيين لها والصهاينة وأعداء الإسلام من كل ملة ونحلة من بعد ذلك ثم حلت الفرقة القاسية. عدم وجود إمام واحد مصطفى من الأمة يرفع الخلاف لا يبرر لكم أن يكون كل واحد منكم إماما لنا. ولا جور الحكام والطغاة ونحن نتلظى بذلك منذ عقود يبرر لكم ذلك ولا وجود دوائر غربية كثيرة تخطط ليل نهار للإطاحة بأمة الإسلام ونهب ثرواتها وبيع رجالها وقيمها في أسواق النخاسة الأوربية.

نحن متفقون على الداء. ولكن يجب أن نتفق على الدواء. لأن الإختلاف على الدواء يجعل من الداء داءين مرين علقمين. كفوا أيديكم عن دماء الناس يرحمكم الله وأعراضهم وأموالهم ما لم يكونوا مقاتلين ولا نعلم مقاتلا إلا تأولا بجهل أو هوى سوى المحتل الصهيوني في فلسطين أو المحتل الأمريكي في أفغانستان أو غيرها من البلاد المحتلة. توسعكم في التأويل يقودكم إلى تكفير الأمة قاطبة جمعاء ثم يقودكم إلى مقاتلة كل من سواكم ثم يقاتل بعضكم بعضا وتلك هي تجربة التاريخ.

اللهم هل بلغت!
اللهم فاشهد!

والله تعالى أعلم.

الهادي بريك ألمانيا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.