توقيع اتفاقيات ثنائية في عدة مجالات بين تونس و المجر    عاجل/ سعيّد: الدولة لن تبقى مكتوفة الأيدي أمام من يحاول المساس بأمنها    وزير خارجية المجر يدعو الاتحاد الاوروبي الى عدم التدخل في السياسة الداخلية لتونس    وزارة التجارة تنفي توريد البطاطا    عاجل/ وزير داخلية إيطاليا يوضّح بخصوص إقامة نقطة لاستقبال المهاجرين في تونس    صفقة الهدنة مع «حماس» زلزال في حكومة نتنياهو    بطولة مدريد للتنس.. أنس جابر تتعرف على منافستها في ربع النهائي    الليلة: أمطار في هذه المناطق..    حادثة قطع أصابع تاكسي في "براكاج": الكشف عن تفاصيل ومعطيات جديدة..#خبر_عاجل    قبلي: حجز 1200 قرص مخدر و10 صفائح من مخدر القنب الهندي    بين غار الدماء وعين دراهم: حادثا مرور واصابة 07 أشخاص    دامت 7 ساعات: تفاصيل عملية إخلاء عمارة تأوي قرابة 500 مهاجر غير نظامي    النادي الافريقي: 25 ألف مشجّع في الكلاسيكو ضد النادي الصفاقسي    خالد بن ساسي مدربا جديدا للنجم الساحلي؟    وزيرة الصناعة تشارك في فعاليات المنتدى الاقتصادي العالمي بالرياض    درة زروق تهيمن بأناقتها على فندق ''ديزني لاند باريس''    المجمع الكيميائي التونسي: توقيع مذكرة تفاهم لتصدير 150 ألف طن من الأسمدة إلى السوق البنغالية    الطلبة التونسيون يتحركون نصرة لفلسطين    نادي تشلسي الإنجليزي يعلن عن خبر غير سار لمحبيه    نائبة بالبرلمان: ''تمّ تحرير العمارة...شكرا للأمن''    الجامعة التونسية المشتركة للسياحة : ضرورة الإهتمام بالسياحة البديلة    السنغال تعتمد العربية لغة رسمية بدل الفرنسية    الرابطة الأولى: تفاصيل بيع تذاكر مواجهة النادي الإفريقي والنادي الصفاقسي    مليار دينار من المبادلات سنويا ...تونس تدعم علاقاتها التجارية مع كندا    بطولة الرابطة المحترفة الاولة (مرحلة تفادي النزول): برنامج مباريات الجولة التاسعة    إنهيار سد يتسبب في موت 42 شخصا    عاجل/ هذا ما تقرر بخصوص محاكمة رجل الأعمال رضا شرف الدين..    "بير عوين".. رواية في أدب الصحراء    بعد النجاح الذي حققه في مطماطة: 3 دورات أخرى منتظرة لمهرجان الموسيقى الإلكترونية Fenix Sound سنة 2024    سليانة: 4 إصابات في اصطدام بين سيارتين    كأس الكونفدرالية الافريقية : نهضة بركان المغربي يستمر في استفزازاته واتحاد الجزائر ينسحب    وزير الخارجية الأميركي يصل للسعودية اليوم    مدنين : مواطن يحاول الإستيلاء على مبلغ مالي و السبب ؟    قيس الشيخ نجيب ينعي والدته بكلمات مؤثرة    تصل إلى 2000 ملّيم: زيادة في أسعار هذه الادوية    ما حقيقة انتشار "الاسهال" في تونس..؟    تونس : ديون الصيدلية المركزية تبلغ 700 مليار    الإطاحة بشبكة مختصّة في الإتجار بالبشر تنشط في هذه المناطق    جائزة مهرجان ''مالمو'' للسينما العربية للفيلم المغربي كذب أبيض    بعد مظلمة فرنكفورت العنصرية: سمّامة يحتفي بالروائية الفسطينية عدنية شبلي    هام/ بشرى سارة للراغبين في السفر..    الرابطة الأولى: برنامج مباريات الجولة السادسة لمرحلة التتويج    زلزال بقوة 4.6 درجات يضرب هذه المنطقة..    زيارة ماسك تُعزز آمال طرح سيارات تسلا ذاتية القيادة في الصين    يوميا : التونسيون يهدرون 100 مليار سنويا    دكتور مختصّ: ربع التونسيين يُعانون من ''السمنة''    خط جديد يربط تونس البحرية بمطار تونس قرطاج    معز السوسي: "تونس ضمن القائمة السوداء لصندوق النقد الدولي.."    تونس توقع على اتفاقية اطارية جديدة مع المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة    عملية تجميل تنتهي بكارثة.. وتتسبب بإصابة 3 سيدات بالإيدز    تونس تحقق عائدات سياحية بحوالي 7 مليار دينار خلال سنة 2023    انطلاق فعاليات الدورة السادسة لمهرجان قابس سينما فن    في اليوم العالمي للفلسفة..مدينة الثقافة تحتضن ندوة بعنوان "نحو تفكرٍ فلسفي عربي جديد"    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شركاء الكارثة: القاعدة والصهيونية والصليبية وطواغيت العرب
نشر في الحوار نت يوم 12 - 09 - 2010


بين يدي الذكرى التاسعة لكارثة سبتمبر...
11 سبتمبر ( أيلول) 2001 / 11 سبتمبر ( أيلول) 2010

تسع سنوات مضت على كارثة الحادي عشر من سبتمبر. تسع سنوات عجاف ما رآها ملك مصر أيام يوسف عليه السلام في نومه ولكن عاشتها الأمة الإسلامية يوما بيوم سيما أمة الغرب وأمريكا وأروبا وجزء كبير من الأمة الرازحة تحت نير الاستعباد والاسترقاق في بعض البلدان العربية والإسلامية التي استباح الطواغيت أرضها وعرضها يعرضونه بالمجان أو بثمن بخس دراهم معدودات في أسواق النخاسة التي يهمين عليها كبراء الأرض اليوم.

شركاء الكارثة: القاعدة والصّهيونية والصّليبية وطواغيت العرب

1 التنظيم بين الاستدراج والانتصارات الوهمية...

لسنا ندري إن كان يجوز لنا نحن أسرة الحوار نت من حيث مقتضيات العمل الإعلامي أن نوجه رسالة إلى التنظيم بدءً بزعيمه السّيد أسامة بن لادن حتى آخر واحد من أتباعه. هي كلمات تمليها المسؤولية الإسلامية قبل حتى المسؤولية الإعلامية نريد أن نتوجه بها إلى زعيم التنظيم وإلى كل جنوده. كلمات قليلات مختصرها أن يراجع التنظيم كسبه بعد زهاء عقدين من تأسسه بحسبان أن "أول عملية نوعية" تبناها التنظيم هي عملية دار السلام في نيروبي ثم تلتها بعد ذلك بسنوات قليلات عملية نيويورك التي لا نسميها كارثة عبثا ولكن لأنّ آثارها الماثلة حتى اليوم سيما على مسلمي أروبا وأمريكا لن تمحى من الذاكرة وهي آثار يحمل عبئها الذين يحملون هم الصحوة الإسلامية في أروبا بكل اهتماماتها من حركة اعتناق للدين الخالد الخاتم ومن إقبال على التدين غير مسبوق. بكلمة ظلت وستظل : كارثة سبتمبر سيفا مسلطا على مسلمي أروبا وتهمة تلاحقهم تحاول نسف كسب عقود وتجميد مشاريع كثيرة من الخير الإغاثي والتعليمي والتربوي. وكارثة ظل أعداء الإسلام يبحثون عنها في السماء فما إن انحسرت أبصارهم حتى ألفوها هدية بالمجان بين أيديهم.
مختصر هذه الكلمات أن يراجع التنظيم كسبه على قاعدة أسس إسلامية ناصعة في منهاج الإصلاح الإسلامي بحسب ما ورد في الكتاب العزيز الذي ما فرط فيه سبحانه من شيء وبحسب ما ورد في السنة والسيرة ومنهاج الخلافة الراشدة المشهود لها بالخير. أليس ذلك المنهاج صريحا حتى النخاع في أنّ استهداف الأبرياء يجلب سخط الله سبحانه حتى لو كان الأبرياء أعتى الناس كفرا وحقدا ما ظلوا مسالمين في الظاهر. أجل!.. يمكن أن يخطئ (المجاهد) مرّة أو مرّتين فيصيب بريئا ولكن أن يظلّ عمل التنظيم مبنيا دوما على استهداف مقرات الحكام في الشرق والغرب وبالنتيجة الميدانية الإحصائية الصّحيحة يذهب الأبرياء دوما ضحية القتل الجماعي العشوائي... فإنه ليس لأمة الإسلام سوى إدانة ذلك والتبرّؤ منه، أما حساب الآخرة فلا يجرؤ عاقل لا من التنظيم ولا من غير التنظيم على النبس ببنت شفة واحدة فيه.

فما هو كسب الميزان السياسي؟

تقويم كسب التنظيم بعد زهاء عقدين من العمل الحثيث على أساس المنهاج الإصلاحي الإسلامي الثابت أصولا في القرآن والسنة لم يخلص حتى اليوم عند العقلاء من المهتمين بالدعوة الإسلامية ذاتها والعاملين في الحقل الإسلامي نفسه منذ عقود طويلة سوى إلى أنه كسب خصيم للإسلام خصومة تتعاظم آثامها مع كل قطرة جديدة من قطرات دم امرؤ بريء يقتل إلا أن يكون التنظيم قد أخّر مكانة الحرمة البشرية من منزلتها الأولى المقدمة في الإسلام إلى مكانة أدنى من مكانة الكلاب والقطط. لأنّ مكانتها في الإسلام فهي محفوظة بحسبانها من ذوات الأكباد الحرى ناهيك بامرأة مسلمة دخلت النار في هرة جائعة بينما دخلت بغي إسرائيلية الجنة في كلب ظمآن.
أما الكسب السياسي فإنّ الصورة اليوم توضحت فيه بما فيه الكفاية إذ لم تكن كارثة سبتمبر سوى مصيدة ناجحة نصبتها الإدارة الأمريكية المتصهينة سيما في عهد سفاح العصر بامتياز جورج بوش . فخ مكين استدرجت به التنظيم فأسالت لعابه وهو يظنّ أنه يحسن صنعا وبذلك انتزعت الصهيونية المتصلبة (أو الصليبية المتصهينة) صك انتفاء الحرج والمسؤولية في متابعة الإسلام وملاحقة أهله وضرب مؤسساته وتوسيع دائرة الخطة الماسونية المعروفة وفرضها رغبا ورهبا (خطة تجفيف منابع التدين ومراجعة التعليم الديني لتنقيته مما اعتبر مسيئا إلى اليهودية والصهيونية وغير ذلك) وهي الخطة التي تبنتها تونس بالكامل منذ عام 1989 لتكون بذلك أول دولة عربية وإسلامية تبوء بوزرها.هل يشرف ذاك التنظيم ؟ أم أنّ الغاية تبرر الوسيلة؟ بل هب "أنّ التنظيم هومن ضرب أبراج نيويورك" ولا وجود لحكاية الفخ المنصوب..هب ذلك جدلا. ما هي النتيجة؟
أليست احتلال العراق وأفغانستان وفرض مزيد من الذلة والهوان والاستسلام على الأمة الإسلامية كلها ومطاردة طلائعها الإسلامية المقاومة والمجاهدة سواء في الأرض المحتلة فلسطين أو في الأرض التي تخضع لاحتلال إقتصادي وسياسي أنكى وغزو عولمي واندياح للبضاعة الأمريكية والنمط الأمريكي في الحياة واضطرار عجلات الحركة الإسلامية المعاصرة لأول مرة إلى التراجع أو الاختفاء؟؟؟
بالخلاصة كسبُ التنظيم بعد زهاء عقدين من العمل كسبٌ سيء بالميزان الإسلامي وكسب سيّئٌ بالميزان الميداني وأسوأ ما في ذلك الكسب السيّئ إجمالا أن التنظيم أضحى ملكا مشاعا لكل رجل في عالم المسلمين نجح المكر السيّئ من لدن أعداء الإسلام والمسلمين في جعله لقمة سائغة يستخفها الذين لا يوقنون من هؤلاء وأولئك سواء بسواء.
أسوأ ما في كسب التنظيم هو أنه أمضى على صك أبيض مكتوب عليه: الغرب كافر جملة وتفصيلا والشرق كفرة حكامه ومن يتعامل معهم من المسلمين فتصيد كل فرصة للتفجير وليذهب الأبرياء إلى الجحيم فتلك ضريبة تخاذلهم عن الجهاد. رسالة دعوتك كلمتان لا ثالث لهما: الحكام ومن والاهم ولو كرها كفار بالجملة والحل الأوحد هو التفجير. أي: تأميم التكفير والتفجير وتصديرهما إلى كل عقل مسلم ورأس مال الحياة الإسلامية المعاصرة: مجاهد يحمل حزاما ناسفا يفجر به ما يظن أنه تابع للحكومات والدول.

التنظيم ليس هو البديل الوحيد لمواجهة المكر السيّئ

يسير عليك أن يتملأ صدرك غيظا من المكر السيّئ الذي يدبره أعداء الإسلام (من داخل البلاد الإسلامية وخارجها) وأيسر عليك منه أن تنفجر أضلاع صدرك حنقا حتى يقول قائلك: لو أنّ لي بكم قوة.. ولكن الأيسر لك وفق المنطق الإسلامي الوسطي المعتدل المتوازن أشده وفاء للكتاب والسنة أن تجاهد بالكلمة وتقاوم بالقرآن وتصبر على ذلك صبرا طويلا جميلا حتى تمحصك الليالي العجاف السوداء فإن ثبتّ وصمدت وآثرت هوى الإسلام وليس هواك.. اصطفيت بالرسوخ في المقاومة الإسلامية ونبتت منك أجيال المقاومة بمثل نباتك من أجيال مقاومة خلت. أما التكفير والتفجير فيحسنه كل أحد وأي جهد في التكفير وأي بطولة في التفجير. أما فقه التنظيم حتى الآن أنّ الإسلام إنما سمّى الفتح يوم الحديبية فتحا مبينا بسبب معاهدة الصلح التاريخية طويلة الأمد (10 سنوات) مع قريش رغم شروطها التي اعتبرها الصحابة أنفسهم مجحفة إجحافا شديدا؟ ألم يع التنظيم أنّ الفتح هو فتح مجال حرّ للكلمة الحرّة بمقتضى معاهدة الحديبية حتى لو رجع نبيّ الإسلام وقائد الدعوة عليه الصلاة والسلام قافلا إلى المدينة ممنوعا من مجرد الطواف بالكعبة؟ ألم يعلم التنظيم أنّ عدد المسلمين يومئذ لم يتجاوز 1.500 ثمّ طار العدد بعد ذلك إلى 130.000 في غضون بضعة عشر شهرا فحسب؟ ألم يسألوا أنفسهم عن سبب ذلك؟ أليس السبب سوى: أنّ الإسلام كسب معركة الكلمة الحرة فانداح وأنّ الإقبال عليه على امتداد زهاء عقدين كاملين قبل ذلك (من البعثة حتى الحديبية) لم يكن بسبب دحوض حجته ولكن بسبب سيف قريش المسلط ثم تأيد بسيف القبائل اليهودية في المدينة؟ ألا يحتاج التنظيم إلى شجاعة علمية ورسوخ فقهي في الإسلام وفي الحياة وفي المقاومة بعدما أثبت شجاعته في القتال والمواجهة؟

التنظيم المطلوب الأول لبعض الحكومات العربية

مازال بعض السذج يصدقون أنّ الأنظمة العربية الوالغة في التصهين والسلب والنهب والإفساد في الأرض تواجه التنظيم.. أما الراسخون فإنهم يهتدون إلى أنّ تلك الأنظمة الطاغوتية إنما تستجلبه بأيّ ثمن إلى أراضيها لاستدرار العطف الدولي سياسيا وماليا وحماية عروشها المتهالكة من نجاحات الحركة الإسلامية والمعارضة بصفة عامة. الخلاف الوحيد في المسألة هو حجم الدور وزمانه وثمنه المقبوض. تسعى تلك الأنظمة إلى استجلاب تنظيم يهدد بالتفجير ثم يفجر في مكان تحدده الأنظمة وزمان تهيئه هي لذلك ومقابل ثمن مقبوض مسبق من دوائر المال والهيمنة الدولية. ثم يتباهى التنظيم بنصر موهوم وتبيع الأنظمة مظلمتها ويحسن الإعلام في إخراج المسرحية.

المقاومة ماضية ولكن بالمنهاج الإسلامي

كثيرا ما تختفي الحقائق وتشوهها المغالاة ذات اليمين أو ذات الشمال وليس هناك ربما حقيقة نالها من ذلك الذي نالها بمثل ما نال قيمة الجهاد والمقاومة. استغل غلاة العالمانيين وأعداء الإسلام ومشروعه التحرري بصفة عامة... استغلوا أعمال التنظيم ليلغوا قيم الجهاد والمقاومة جملة وتفصيلا ودعوا إلى تسليم فلسطين إلى المحتل سوى أنّ الذين استدرجتهم العداوات الأمريكية والصهيونية والصليبية والعربية فورطتهم في العدوان على الأبرياء باسم الإسلام والجهاد في سبيله ليسوا أقل حظا في حظوظ الطغيان من أولئك وبالنتيجة وجدت حركة حماس الفلسطينية نفسها مثلا في حرج شديد بين ذينك الغلوين فكان عليها أن تتميز عن التنظيم من جهة وأن تحافظ على خطها التحريري المقاوم من جهة أخرى.

2 الصهيونية شرّ كبير يتهدد البشرية

ذلك هو نصيب التنظيم عدة من كارثة سبتمبر فلا يلوذنّ أحد بالقول أنّ زعماء التنظيم أو جنوده أصحاب نوايا حسنة وإن أخطأوا الطريق لأنّ حسن النوايا يجزى عنه يوم القيامة أما في الدنيا فلا يحسب لذلك حساب وفضلا عن ذلك فإنّ مجرد التطرق إلى النوايا هو خروج بأي موضوع من الجدية والموضوعية والمسؤولية إلى اللهو واللعب. هل كانت نية ابن الوليد سيف الله المسلول سيئة لما قتل مشركا في حالة حرب وهو يهوي بسيفه على مسلم فلما أدركه الموت نطق بشهادة الإسلام؟ ولكن هل أعفته تلك النية الحسنة من غضب محمد عليه الصلاة والسلام وأليم عتابه وشديد لومه حتى قال: ليتني لم أسلم قبل ذلك اليوم!
نصيب الصهيونية والصليبية وأعداء الإسلام ومشروعه بصفة عامة من كارثة سبتمبر لا يحتاج لكلمة واحدة بسبب أنه لم يعد مؤامرة تحاك في الخفاء ولكنه عمل بالمكشوف. بل إنّ ذلك هو منطق التدافع الذي شدد عليه القرآن الكريم مرات ومرات ليبني العقل الإسلامي على أساسه. أما تخفي الصهيونية وراء اليهودية فهو بمثل تخفي الصليبية وراء المسيحية ومثل تخفي أنظمة الفساد في بلداننا وراء الديمقراطية. صحيح أنّ ذلك يضيف حلقة تحد جديدة على جدول أعمال المقاومة الإسلامية المعاصرة سواء كانت مقاومة استبداد داخلي أو مقاومة احتلال خارجي ولكن لا بد مما ليس منه بد كما قالت العرب.
هناك حقيقة مازالت محل تردد من قبل أكثر المسلمين وربما من قبل كثير من العاملين منهم بصفة خاصة. تلك الحقيقة هي أنّ دوائر العداء للإسلام وأمته ودعوته تميز تمييزا صحيحا جدا بين أصناف المسلمين وطرائق تفكيرهم ومناهج المصلحين منهم والمقاومين. تمييزا قادها إلى بناء خطة استراتيجية ذكية مفادها: تصعيد حركة العداء للإسلام بغرض حقن الصدور الإسلامية بالكراهية الشديدة ثم تصعيد حلقة أخرى من ذلك العداء لتفجير تلك الصدور وفي مقابل ذلك الحيلولة دون الأنظمة العربية الفاسدة ودون الحريات والديمقراطية وبذلك تضيق تلك الصدور بالعداء الدولي ضد الإسلام ولا تجد فرصة للتعبير عن ذلك داخليا فتضطر عندها إلى التكفير ثم إلى التفجير وبذلك تتحقق الخطوة الأولى لدوائر العداء ضد الإسلام أي: اكتساب مشروعية الهجوم ضد الإسلام أو ضد المسلمين بحسبانهم أعداء الحضارة والثقافة والآخر والحرية والديمقراطية والتعاون والمرأة وغير ذلك وكلما اشتد ذلك الهجوم حقنت صدور أخرى جديدة بغيظ جديد وتكفير جديد وتفجير جديد وتصبح بمقتضى ذلك الأنظمة العربية في حماية تلك الدوائر العدائية نبذا لما تسميه تطرفا وأصوليه ثم يتحقق المقصد الثاني أي: تجميد عمل الحركة الإسلامية الوسطية المعتدلة وعضلها عن مطالب الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وإفساح المجال لحركات التكفير والتفجير وإحلال ما سمته سياسة الخارجية الأمريكية حديثا الفوضى الخلاقة، وبذلك تتحكم تلك الدوائر في الأوطان والحكومات والدول وتصبح الأمة عندها رهينة فهي بين صدر مملوء غيظا يتحين فرص التفجير وبين مسلم مستسلم ساكن يائس وبين حاكم مختطف لأجل حماية عرشه وتأمين كرسيه ثم يتحقق الهدف الثالث الأخير أي: يسر سرقة الثروة البترولية والثروات العربية الباطنية والسطحية وتأبيد الإلحاق الاقتصادي قسرا على الأمة وشعوبها وفي مقابل ذلك تأمين الوقود الكافي من الطاقة للاقتصاد الغربي. تلك هي الحكاية بكل يسر وبساطة وسهولة وتفصيل وإجمال معا. خطة استراتيجية أمريكية أروبية محكمة لا ينفع معها لا تكفير لأبناء الأمة ولا تفجير في أمريكا ولا في الرياض ولكن ينفع معها أن تقابلها بخطة أشد ذكاء وحكمة وطول نفس وإلا فإنّ الغلبة هنا للأذكى والأحكم والأطول نفسا، أما الإيمان وحده فحسبه منجيا من عذاب الآخرة وبمثله الدعاء الذي نلهج به. لو كان الإيمان وحده كافيا لما أنزل سبحانه الميزان جنبا إلى جنب مع الكتاب ولو كان الدعاء وحده كافيا لما فرض العمل بل فرض الإحسان فيه بل فرض الاجتماع عليه والصبر عليه والتواصي به.

3 طواغيت العرب هم شَرٌّ مَكَانًا

ذلك هو نصيب تنظيم القاعدة وذلك هو نصيب الصهيونية والصليبية ودوائر العداء المستحكم تاريخيا ضد الإسلام. أما نصيب طواغيت العرب فهو مختلف حتى وهو عضو في المشهد التخريبي نفسه. نصيب طواغيت العرب هو أداء دور "التيّاس" في عملية العدوان ضد الأمة ... الطواغيت العرب يطوعون شعوبهم ومجتمعاتهم وأوطانهم بهويتها وثقافتها وتراثها وتاريخها ومقدراتها البشرية والمالية لتحل للمحتل والغازي والمعتدي بعد أن أكرمنا الله بالإسلام دين التحرر والمقاومة والكرامة والقوة والحق والخير. صورة كريهة أخرى تغري التنظيم ومن في حكمه باغتيال تلك الطواغيت ولكن تماما بمثل ما يغرى الطفل غير المميز بقطعة حلوى فإذا وضعها في فيه تبين أنه سم زعاف ولات حين مناص... كثير من أولئك الصبيان يصرون إصرارا عجيبا على تكفير أولئك الحكام بحسبانهم أنّ الكفر هو آخر الطريق ولكن ذلك ليس صحيحا وكل من يعرج في القرآن الكريم مرة واحدة بتدبر وتأمل يدرك لأول وهلة أنّ الحملة ضد الظلم حتى لو كان الظالم مسلما مؤمنا أشد ألف ألف مرة من الحملة ضد الكفر إلا إذا اجتمع الكفر مع الظلم فتكون الحملة أشد بطبيعة الحال. ولكن السؤال المحير هو: هل يقرأ أولئك الكتاب بمثل ما نقرأ أم يستخدمون آليات أخرى للفهم غير آلية اللغة العربية والمقصد والتكامل والتاريخ والعلم والسياق والتجربة والإجماع والميزان وغيرها؟ يظن أولئك أنه لا بد من تكفير الحاكم العربي حتى تعارضه ناسين أنّ المعارضة عندما تجب تجب حتى في حق أمير المؤمنين الحقيقي وليس المزيف. دعك من تكفيره وصمه بالظلم وعارضه وأعلم علم اليقين أنّ: "أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر". وليس (تكفيره ولا تفجيره). من يعجز عن ذلك هو في الحقيقة عاجز عن تعلم الكلمة التي بها يقاوم. الكلمة التي بها تقاوم ليست سماع شريط أو خطبة أو قراءة كتاب أو انتظاما في جماعة. الكلمة علم ويقين وإيمان وعمل وخلق وميزان وقوة لا تضارع ولا تقاوم ولكن فاقد الشيء لا يعطيه كما قالت العرب.

ذكرى الكارثة بين يدي حرق المصحف الشريف وتكريم الرسام الساخر

كادت ذكرى الكارثة أن تموت في الإعلام سيما بعد رحيل سفاح العصر بامتياز جورج دبليو بوش سوى أنّ دوائر الحقد أبت إلا أن تحييها من جديد في الذكرى التاسعة لهذا العام فكانت فكرة حرق المصحف الشريف في أمريكا من جهة وكان إقدام المستشارة الألمانية مركل على تكريم الرسام الساخر من النبيّ الأكرم محمد عليه الصلاة والسلام من جهة أخرى.

لا يندرج ذلك سوى في الخطة الإستراتيجية العدائية آنفة الذكر

لك أن تُبغض من تشاء وتحقد على من تشاء ولكن ليس لك سوى أن تكبر في كثير من أعداء الإسلام ومشروعه التحريري الجامع ثباتهم على خطتهم الاستراتيجية. تكريم المستشارة الألمانية مركل للرسام الدنماركي الساخر من النبيّ عليه الصلاة والسلام ليس سوى استفزاز للمسلمين و اسلاموفوبيا اخرى ودعوة غير مباشرة إلى التنظيم لستهداف ألمانيا وليس الغرض من ذلك سوى البحث عن ذريعة لمزيد من إحكام القبضة ضد الأجانب بصفة عامة والمسلمين منهم بصفة خاصة. الخطة ذاتها تتكرر حلقاتها ولكن هل من مدّكر؟ تعرف مركيل أنّ المسلمين لا يصوّتون لها ولحزبها بسبب مواقفها ومواقفه من القضايا العربية بل وحتى الداخلية، فكان لا بد لها أن تنتظر عملا إرهابيا في ألمانيا في أقرب وقت ممكن ليجد حزبها اليميني المحافظ متنفسا جديدا لمزيد من فرض القيود القانونية والعملية ضد الإسلام والمسلمين سيما بعد صدور كتاب لأحد كبار رجال المال في ألمانيا يحذر فيه من ابتلاع الإسلام لألمانيا... لا يملك المرء سوى أن يرجو أن يتأهل المسلمون في ألمانيا إلى مزيد من الحكمة والرشد ويسفهوا كل دعوات التفجير والإرهاب. يرجو المرء ذاك مخلصا واليد على القلب كما يقال..

الأمر نفسه بالنسبة لحرق المصحف الشريف

هي دعوة أخرى صريحة من دوائر العداء المستحكم ضد الإسلام لاستمطار كارثة أخرى بعد برود الكارثة الأولى وذهاب ريحها. لا شيء يثير المسلمين أكثر من حرق المصحف والإعلام الفضائي الحي ينقل المشهد لحظة بلحظة. هي مناسبة إذن لا بد من اهتبالها وليكن بناء مسجد بجوار مكان الكارثة الأولى شماعة نعلق عليها الأمر ولكن المقصد الأكبر هو: حاجتنا إلى كارثة أخرى ونحن على يقين من أنّ التنظيم يتبناها حتى لو لم يفعلها ولتنطلق حرب أخرى جديدة ضد الإسلام المنتشر المنداح في أرجاء الأرض سيما أنّ الرئيس أباما ليس حازما بما فيه الكفاية بمثل ما كان سلفه سفاح العصر بامتياز جورج دبليو بوش.
مسؤولية الحركة الإسلامية المعاصرة تتعاظم يوما بعد يوم .
كل ذلك يحمل الحركة الإسلامية المعاصرة مسؤوليات جديدة ويضعها أمام جبهات مقاومة جديدة منها ما هو للترشيد ومنها ما هو للثبات على المنهاج الإسلامي الإصلاحي الأصيل. ذاك قدرها وليس من القدر من مفر. وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم وللتحديات الجديدة رجال وللمعارك الجديدة رجال. "وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ". الذين لا يوقنون منا والذين لا يوقنون منهم. الاشتراك في نبذ اليقين واحد حتى لو كان يقين هذا متخلفا عن الحياة ويقين ذاك متخلفا عن ميزان الحياة.


الحوار.نت


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.