رئيس الجمهورية قيس سعيّد.. المفسدون... إمّا يعيدون الأموال أو يحاسبهم القضاء    فاتورة استيراد الطاقة لا تطاق .. هل تعود تونس إلى مشروعها النووي؟    في علاقة بالجهاز السرّي واغتيال الشهيد بلعيد... تفاصيل سقوط أخطبوط النهضة    مذكّرات سياسي في «الشروق» (5) وزير الخارجية الأسبق الحبيب بن يحيى... يتكلّم الصادقية حاضنة المعرفة والعمل الوطني...!    أخبار المال والأعمال    تقديرات بانحسار عجز الميزانية الى 6.6 ٪ من الناتج المحلي    مع الشروق .. «طوفان الأقصى» أسقط كل الأقنعة.. كشف كل العورات    مع الشروق .. «طوفان الأقصى» أسقط كل الأقنعة.. كشف كل العورات    مزاد دولي يبيع ساعة أغنى راكب ابتلعه الأطلسي مع سفينة تايتنيك    الرابطة الثانية (ج 7 إيابا) قمة مثيرة بين «الجليزة» و«الستيدة»    مانشستر سيتي الانقليزي يهنّئ الترجي والأهلي    ترشح إلى «فينال» رابطة الأبطال وضَمن المونديال ...مبروك للترجي .. مبروك لتونس    فضاءات أغلقت أبوابها وأخرى هجرها روادها .. من يعيد الحياة الى المكتبات العمومية؟    تنديد بمحتوى ''سين وجيم الجنسانية''    ابتكرتها د. إيمان التركي المهري .. تقنية تونسية جديدة لعلاج الذقن المزدوجة    الكاف..جرحى في حادث مرور..    نبيل عمار يؤكد الحرص على مزيد الارتقاء بالتعاون بين تونس والكامرون    استشهاد خمسة فلسطينيين في قصف لطيران الاحتلال لمناطق وسط وجنوب غزة..#خبر_عاجل    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    ماذا في لقاء وزير الخارجية بنظيره الكاميروني؟    طقس الليلة    تسجيل مقدّمة ابن خلدون على لائحة 'ذاكرة العالم' لدى اليونسكو: آخر الاستعدادات    بطولة الرابطة 1 (مرحلة التتويج): حكام الجولة الخامسة    البطولة الافريقية للجيدو - ميدالية فضية لعلاء الدين شلبي في وزن -73 كلغ    توزر: المخيم الوطني التدريبي للشباب المبادر في مجال الاقتصاد الأخضر مناسبة لمزيد التثقيف حول أهمية المجال في سوق الشغل    نابل: الاحتفاظ بشخص محكوم بالسجن من أجل "الانتماء إلى تنظيم إرهابي" (الحرس الوطني)    أكثر من 20 ألف طالب تونسي يتابعون دراساتهم في الخارج    التوتر يشتد في الجامعات الأمريكية مع توسع حركة الطلاب المؤيدين للفلسطينيين    مواطن يرفع قضية بالصافي سعيد بعد دعوته لتحويل جربة لهونغ كونغ    مدير عام وكالة النهوض بالبحث العلمي: الزراعات المائية حلّ لمجابهة التغيرات المناخية    الجزائر تسجل حضورها ب 25 دار نشر وأكثر من 600 عنوان في معرض تونس الدولي للكتاب    المؤرخ الهادي التيمومي في ندوة بمعرض تونس الدولي للكتاب : هناك من يعطي دروسا في التاريخ وهو لم يدرسه مطلقا    كتيّب يروّج للمثلية الجنسية بمعرض تونس للكتاب؟    وزارة التجارة تتخذ اجراءات في قطاع الأعلاف منها التخفيض في أسعار فيتورة الصوجا المنتجة محليا    الرابطة 1 ( تفادي النزول - الجولة الثامنة): مواجهات صعبة للنادي البنزرتي واتحاد تطاوين    افتتاح المداولات 31 لطب الأسنان تحت شعار طب الأسنان المتقدم من البحث إلى التطبيق    تضم فتيات قاصرات: تفكيك شبكة دعارة تنشط بتونس الكبرى    يلاحق زوجته داخل محل حلاقة ويشوه وجهها    عاجل/ إصابة وزير الاحتلال بن غفير بجروح بعد انقلاب سيارته    القلعة الصغرى : الإحتفاظ بمروج مخدرات    تراجع إنتاج التبغ بنسبة 90 بالمائة    هام/ ترسيم هؤولاء الأعوان الوقتيين بهذه الولايات..    تقلص العجز التجاري الشهري    الشابّة: يُفارق الحياة وهو يحفر قبرا    السعودية على أبواب أول مشاركة في ملكة جمال الكون    عاجل/ تحذير من أمطار وفيضانات ستجتاح هذه الدولة..    أخصائي في أمراض الشيخوخة: النساء أكثر عُرضة للإصابة بالزهايمر    التشكيلة المنتظرة للترجي في مواجهة صن داونز    تُحذير من خطورة تفشي هذا المرض في تونس..    عاجل : القبض على منحرف خطير محل 8 مناشير تفتيش في أريانة    دورة مدريد : أنس جابر تنتصر على السلوفاكية أنا كارولينا شميدلوفا    أمين قارة: إنتظروني في هذا الموعد...سأكشف كلّ شيء    هرقلة: الحرس البحري يقدم النجدة والمساعدة لمركب صيد بحري على متنه 11 شخصا    وصفه العلماء بالثوري : أول اختبار لدواء يقاوم عدة أنواع من السرطان    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خواطر حول : ماهية محمد صلى الله عليه وسلم بين نزع القداسة ونزع البشرية
نشر في الحوار نت يوم 03 - 12 - 2010


خواطر حول :
ماهية محمد صلى الله عليه وسلم بين نزع القداسة ونزع البشرية
لم يستطع العقل المشرك استساغة الدمج بين بشرية الموحى أليه والوحي وبين الله والأنسان وبين السماء والارض.فكان الأعتراض المستمر بقولهم كما ورد في القرآن الكريم :" فلعلك تارك بعض ما يوحى اليك وضائق به صدرك ان يقولوا لولا انزل عليه كنز أو جاء معه ملك أنما انت نذير والله على كل شيء وكيل".أنها عقلية تظهر انها ترجو الدليل وتتقصى شاهدا من "اهله" : ملك.لكنها عقلية أسطورية ميثية لا تسلم بوحي يمشي على الأرض .محمد كان قرآنا يمشي والجاهلية تريده قرآنا على الرفوف فأرادوا قتله.العقلية المشركة تعتقد في تنزل الملائكة والارواح في القوالب التي تصنعها لها بايديها : الأصنام ومن ثمة فلا ضير ان يزحزحوا عقولهم قليلا انتقالا من قبولهم تنزل الملك او الروح الالاهية وحلولها في صنم إلى قبولهم بمجيء النبي برفقة ملك فكلاهما يظل داخل دائرة الشراكة : الممزوجة أو المزدوجة . الملك مقبول ان ظهر عيانا وبموازاة أو برفقته وصرح بان ما يقوله النبي وحي أما أن كان مستترا و احتيج ألى الكشف عما القاه ألى النبي من قول وألى تامل وتدبر فهذا ما تتقاعس عنه العقلية المشركة وتأباه.ولو افترضنا أن القرآن استجاب لمطلبهم بارفاق النبي الملك حتى يؤمنوا فكيف يؤمن من ياتي بعدهم من اللاحقين الذين بلا شك ستراهم يطالبون بما طالب به السابقون وهكذا يتعطل العقل ويستقيل تاركا المكان للملائكة كي تقنع وتثبت وتحاجج مخرجة الأنسان من دائرة الفعل الاستخلافي تاركا المهمة للملائكة التي أبت كما الكائنات تحمل الامانة وابت الا ان تكون مسبحة لله مقدسة له في عالم الملكوت.
العقلية المشركة تريد أن تنسحب من الفعل وتخلع جلباب التكليف وتسلم وجهها للأسطورة وتكل تعمير الارض لأصنام تتنزل عليها الملائكة وتحل فيها الارواح العلوية.لقد ارادت العقلية المشركة أن تحول الرسالة من نص إلى صنم مشفوع بملك هي عقلية لا تقبل ان ينقل الوحي إنسي .
قام الشرك على فكرة الشراكة بين العوالم والدوائر أي لكل مهمته فللروح دائرتها وللارض دائرتها للآلهة السماء ولنا الارض تبحث العقلية الشركية على المفاصلة بين الوحي والانسان حتى يتسنى لأتباعها تحييد الوحي متى شاء الأنسان. لا يريدون ان يكون الوحي حكما على الحياة انما يودون لو انه شاهد على حكمهم ومزكي لمذهبهم فهم الاصل وهو الفرع وهكذا يتجسد الوحي في ملك او صنم منفصل عن الانسان.
العقلية الشركية تريد ان تكون هي الاله المتنفذ في الارض والآلهة الصنم المتعددة تزكي احكامها وتباركها.اذا هي عقلية اختارت المفاصلة بين الأنسان والوحي بين العقل والروح .للأنسان الحق في استخراج - ما يبرر اهواءه ومشاريعه ومنافعه- من سلة الآلهة التي أوقف عقد الشراكة بينهما للأنسان ان يخرج الآلهة في أي صورة ما شاء ركبها.يقول الحق تعالى واصفا العقلية الاتكالية الطهورية :"وما منع الناس ان يؤمنوا أذ جاءهم الهدى ألا ان قالوا أبعث الله بشرا رسولا".تستغرب ان يتصل الأنسان بالغيب ويستقبله وكان الأنسان بمكوناته الترابية لا يمكن ان يتقبل الفيوضات الغيبية التي هي من خصوصيات الله.تتأكد هذه العقلية الخرافية التي تفصل بين المادية والروحانية لغاية في نفس السياسي والاقتصادي : عقلية تعزف على نغم المعجزات والخوارق
كقوله تعالى : او يكون لك بيت من زخرف أو ترقى في السماء ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه قل سبحان ربي هل كنت ألا بشرا رسولا
ان الأستدلال بالمعجزات باستمرار يشل العقل عن الفعل ويصيبه بالخمول فالذي تعود الأتكال على المعجزات سيوغل فيها متبعا السهولة
.فواتح السور : ألم و كهيعص بدايات عسيرة محيرة للعقل البشري ورجات للابنية الاشراكية الجاهلية صعوبات البدايات تمهيد لاستقبال فكرة الأتصال بالأفق الانساني وبالافق الغيبي وبداية الظاهرة القرآنية باقرأ بداية مثيرة مستفزة "مؤلمة" للبيئة الأمية وبداية القرآن في الترتيب المصحفي بالحمد لله رب العالمين : من "السهل الممتنع" بدايات صادمة للعقل الجاهلي لأنها بداية بالنهاية : فالحمد لله رب العالمين يختتم به الكلام عادة أنها بدايات غير مألوفة غايتها فك الشراكة بين العوالم وأعادة تركيبها على أساس جديد غايتها أعادة بناء الرؤيته الشركية الأشراكية للوجود وفق مقياس جديد هو التوحيد :
فكان التوحيد في توحيد المرسل توحيد في البدء : "بشرا رسولا "
العقلية الجديدة التي جاء بها الاسلام : تقوم على ثنائية متوازنة "بشرورسول" توافق عجيب بين الافق الأنساني والأفق الغيبي. ثنائية تحتاج منا وقفة ورؤية متوازنة أي خلل فيها يؤدي بنا ألى الانزلاق في هالات التقديس أو الهوي أو ألى دركات التدنيس .ألى التردي من النظرة الأسطورية ألى النظرة التطبيعية أو من الرؤية "الهوائية " ألى الرؤية "الترابية" وفي كل شطط ومغالاة.
العقلية التوحيدية قامت على التوحيد القائم على اكمال العقل -العاجر بذاته عن القيام بالامانة- بالوحي ليضطلع بمهمته الاستخلافية.
الآيات جاءت مثاني مؤكدة على ثنائية البشر الموحى أليه والثنائية تعني صحة القول مهما قلبت اتجاهه فالقول يصح في كلا الأتجاهين : فهو بشر رسول من حيث المحصلة و الاستقبال والنتيجة ورسول بشر بالنظر ألى مصدر الوحي : .كقوله تعالى : "قل انما انا بشر مثلكم يوحى ألى انما الهكم اله واحد.فاستقيموا اليه واستغفروه وويل للمشركين".
واشكالية الثنائية يظل امرا عسيرا يجب ان يفصل في قضاياها. فهل تعني ثنائية تكوين وامتزاج أم هل هي ثنائية ازداوج ام ثنائية اتصال ؟
اطرت النصارى المسيح عليه السلام فذهبوا ألى القول بثنائية الأمتزاج والتكوين فقالوا بامتزاج الناسوت واللاهوت في تكوينه واختلفوا بعد ذلك في تحديد "كمية" كل مكون حتى اوغلوا في الاطراء ألى أن نزعوا عنه كل ناسوت فادعوا انه ابن الله ثم الله فجاء القرآن نافيا ثنائية التكوين بنفي "الولدية" عن المسيح بقوله تعالى :لم يلد ولم يولد.
الحلوليون من المسلمين وغيرهم لم يجانبوا التفكير المسيحي لما اعتقدوا الأتحاد بين الانسي والملكي او الألهي مسوغين باسم المحبة والصفاء الأنسلاخ عن الآدمية.ومن ثمة التقديس المفرط للموحي أليه أو لمن ورثه من المشائخ تقديس من ورائه تقديس الذات الألاهية الحالة فيه والمتناقلة في ورثته.
شطط الانسان لا يخفى اليوم في اعتقادات البوذيين القائلين بألوهيته وغيرها من الأعتقادات الهندوسية القائلة بقداسة الموجودات لتناسلها عن الذات الألاهية وفيضها عنه
العقلية الحلولية ليس عقلية توحيدية وان يبدو انها ابادت الحدود بين العالمين الغيبي والمادي انها عقلية لم تجد المعادلة التي تؤلف بين العالمين : الأنساني والألهي عجزت هذه العقلية عن توليف يحفظ لله قداسته وللأنسان مسؤوليته فلما عجزت خلطت العالمين خروجا من عسر تعقل الغيب وهروبا من مسؤولية الأنسان فصار الانسان هو الله والله هو الأنسان . ولكن ما حدود كل؟ يظل الأمر سرا فمتى شئنا بررنا الأمر بالالاهية وان شئنا بررنا الأمر بالبشرية وهكذا يصير الدين بايدي من خلطوا العالميين يستلون من أي كومة ما يبرر أهواءهم وما يقضي حوائجهم.
اليست الحلولية أو القائلون بالأزداوج التكويني للأنسان-الأله الا درجة من درجات "الترقي" من الاعتقاد بألاهية الكون ألى الهية الأنسان أليست اعتقادا ارقى من القول بالهية المادة الى ألهية الأنسان
العقلية الازداوجية حائرة في تفصيل الحدود الالهية والأنسانية في المعبود فظلت الحدود مائعة زئبقية بايدي المعتقد . لذلك فالحلولية والمسيحية والبوذية والحداثيون أو الباطنيون الجدد مؤسسون في الحقيقة وممهدون للقولة النيتشية : الأنسان الأله.التي قلبت اتجاه القول السائد : الاله الانسان.
فالأنسان مع الحلوليين بمشاربهم الأنفة الذكر أولوا المكون الألهي للأنسان قيمة أكبر من الانسان فظهر الأنسان المستقيل من الحياة فالاله حال منحصر في صنم او شيخ وهي في الحقيقة تدنيس للأنسان من حيث يراد تقديسه فما فائدة صنم او شيخ انحصر فيه الاله ؟ اما مع نيتشه فالأنسان تحول ألى أله باطش فعال لما يريد متجبر بالطبيعة فانتحر وجن .وهكذا تترنح الحلولية بين طرفين :طرف تدنيس الانسان – بتعطيل مكانته- من حيث تريد تقديسه بجعله الها قديما وبين طرف تقديس الأنسان-بتضخيم مكانته- من حيث تريد تدنيسه بفصله عن الله حديثا.
ما الفرق بين الحلولية القديمة والحلولية النيتشية الحديثة ؟
مع الحلولية القديمة كان الله حالا بذاته فقط في الأنسان ام مع الحلولية النيتشية فالاله حال بصفاته فقط.فالأنسان الحلولي القديم: ليس فيه شيء من صفات الله بل هو مقدس في ذاته يتمسح به فتنال منه البركات ويطاف به فتلحق المطيف الكرامات فقيمته في ذاته اما المعبود الحلولي الجديد مع نيتشه فبركاته في أفعاله وكل ما يصدر عنه مقدس فكرا وفعلا .
افكار الفارابي القائلة بالفيض من هذا الصنف: التفكير الحلولي القديم الذي يعزو الفعل ألى الكواكب والعوالم الثواني والعقول العشر.الانسان عند الفرابي في آخر السلم في عالم تحت القمر هو مفصول عن المصدر والعالم الأقرب أليه هو القمر وهو المدبر لشؤونه. الأنسان ما هو الا نتيجة فيض وأي فائدة لمن مصيره متوقف على قطرة تفيض؟ أي قيمة لوعاء لا قيمة له ألا الاستعداد لاستيعاب ما يفاض فيه ؟ولا هم له ألا التخلص من هذا الوعاء أسست هذه الأفكار اليونانية الاصل لعجز الأنسان من حيث انها تظن انها تقدس الله .فشتان بين من ينقب حفرا وبين من يخرج كل يوم يستسقي فيضا.
هل العقلية القائمة على الثنائية المزدوجة ام الثنائية المزجية خير؟
الثنائية المزدوجة هي العقلية المعتقدة بتوازي العوالم وكل في فلك يسبحون للروح عالمها وللانسان عالمه بينهما برزح لا يبغيان عقلية اشبه ما تكون بالعلمانية حديثا.تعتقد بان للروح منطقها الخاص وللعقل منطقه الخاص
للأسطورة فلكها وللحقيقة فلكها لا تؤمن بما بين السماء والارض.فالسماء منفصلة عن الارض .أختارت هذه العقلية الفصل حلا و هروبا من اشكال المزج والخلط الذي كان مطية للاستبداد باسم الدين والحلول.
اختارت هذه العقلية العيش بالتوازي بين المادة والغيب بين العقل والوحي عقلية اشبه ما تكون بالثنوية التي تفصل بين الليل والنهار بين الديني والعلمي. هي الطرف المقابل للقول الرائي بالمزج
يفصل بين النبي والفيلسوف أو المفكر .النبي يستقبل الحكمة المطلقة والفيلسوف يجتهد ويشقى من اجل الحصول على النزر القليل منها وقد يخطأ.أصول هذه النظرة تعود الى اعلاء جانب من جوانب الأنسان : فالروح مقدمة على الجسد والعقل مقدم على الروح وهكذا تتقابل المكونات لما يفصل بينها وتتناحر لاننا بلا شك فصلنا لا هروبا فقط من المزج واشكالياته بل لنصرة جانب نميل أليه على حساب جانب. لا يوجد فصل عادل وتوزيع فيديرالي لاجهزة الحكم : العقل والروح والعمل فالقائلون بقيمة العقل فاصلون منتصرون للعقل مضعفون من قيمة الروح والعمل وكذلك بقية الفرق.
الذين فصلوا لم يتقبلوا أن يتصل عالم الروح بالعقل ا وان تتصل البشرية بالملكية لذلك طلبوا من النبي ان يأتيهم بملك منفصل عن العالم العقلي .ابتعد الأنسان عن نفسه حين قطع العالم جزرا وعين على كل جزيرة صنما متحكما. تاه الأنسان في خضم الآلهات المتعددة المنفصلة الحاكمة كل في حدودها: الهة التجارة ألهة المطر وألهة الطرق وتشظى الأنسان قطعا ممزقة بقدر الآلهة التي نصبها
يقول الحق عن هؤلاء: "ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون ورجلا سلما لرجل هل يستويان مثلا الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون"
اشكال الحلول هو الحيرة في تحديد ما لله وما للانسان واشكال الفصل التمزق بين آلهة متعددة.عالمنا اليوم بين هذين الطرفين لا يدري اين يولي وجهه. فالأطراف دائما تمنح المتطرف وضوحا موهوما وطمانينة غير دائمة.
تسربت فكرة الفصل والازدواج الى التدين الأسلامي فصرنا نحيى حيوات متعددة حياتنا اشبه ما تكون بشريط سينيمائي : يسمى "ماتريكس" حيث يعيش الناس في عوالم متوازية.حياة المسجد تختلف عن حياتنا الأسرية عن حياتنا العملية. الأزدواج منذر بانحصار فكرة الله في المسجد ومن ثمة خروجها من الحضور في الحياة المتدينة إلى الفناء في الحياة الملحدة.
ما هو الحل ؟ اذا فشلت فكرة الازدواج : او الفصل بين الغيب والشهادة وكذلك مشروع المزج بينهما فما هو المشروع الثنائي الذي جاء به الأسلام ؟
جاء الاسلام بثنائية الأتصال بين البشرية والوحي وهي المعادلة الموفقة بين العالمين والأتصال يعنى التواصل لا انقطاع فيه بعالم الغيب: جبريل أو بالنص الغيبي المتجسد كتابا يقرأ .
الاتصال لا يغيب طرفا من الاطراف " لا فصلا ولا تذويبا يحافط على العالم في أطار علاقة متوازنة يحافط فيها الغيب على قدسيته ويحفظ الأنسان مكانته في الكون مسؤولا ومكلفا
لكن ما معنى بشر ؟
يسود اعتقاد ان البشرية تعنى ان بشرية النبي صلى الله عليه وسلم تعني انه ياكل الطعام ويمشي في الأسواق وياتي النساء .وهذا اعتقاد واضح لا يحتاج استدلالا ألا ردا على القائلين بانه ذو خوارق فوق-بشرية أو ملك . فاضافة للأعتقاد السائد فالبشرية واسعة المعاني ألا تعني بشريته انه بشر في عواطفه وبشر في انتمائه البيئي وبشر في عمله وبشر في استئهاله للاصطفاء؟
ففي عواطفه كان النبي يحزن ويهتم ويلجأ إلى ربه ويستريح بالصلاة
البشرية التي اريد التركيز عليها هي بشرية التفكير والتامل فالرسول صلى الله عليه وسلم
ان بشرية الرسول صلى الله عليه وسلم تحتاج منا تحديدا لمعالمها .لاننا ضمن جموح ألى التقديس و الاطراء جمدنا الأسوة بالنبي صلى الله عليه وسلم وجعلنا الأمكان شبيها بالأستحالة لما أكثرنا من التقديس حد ان الصورة والمثال صار عاليا جدا ففي السائد ان مبلغ العلم فيه انه بشر فكأن القائل يريد افهامنا ان النبي صلى الله عليه وسلم اشبه ما يكون بملك وضع في قالب بشري ونحن نعلم ان الأنسان –على رأي – هو اعلى شأنا من الملائكة لقيامه بمهمة العمارة والاستخلاف وللأرادة والحرية الذان اوتيهما. بل ويذهب فلاسفتنا ألى ان النبي لما يرتقي. يتصل بالعقل المحض او العقل المجرد : وهو جبريل ولكن متى كان جبريل- على عظيم شانه - ارفع درجة من الرسول صلى الله عليه وسلم؟ أليست هذه لوثة يونانية اغريقية تراتبية ؟
الأعتقاد السائد ينسب ألى النبي صلى الله عليه وسلم التألق الأخلاقي فحسب فهو صادق امين وهي صفات أخلاقية راقية بلا شك لكن حصر شخصية النبي صلى الله عليه وسلم في التميز الاخلاقي دون أشارة الى تالقه العقلي يجعلنا نتساءل.يرجو قراء السيرة تضخيم جانبين في النبي صلى الله عليه وسلم : الأخلاق والامية حتى نفاجأ فيما بعد بما حدثه الوحي في بناء شخصية النبي صلى الله عليه وسلم. وكأن الغاية من السيرة أعلاء شان النبي صلى الله عليه وسلم فحسب دون ايلاء القرآن مقام الأعجاز.فصرنا عندما نقرأ القرآن نقرا ما قرأ محمد ولا نقرؤه كما قراه محمد صلى الله عليه وسلم
الأخلاق قوة وامية النبي صلى الله عليه وسلم قوة ترتكز ألى قوتين قوة شخصية النبي صلى الله عليه وسلم وقوة العناية الالهية : أما اخلاق النبي صلى الله عليه وسلم فتدل على أن اليتم لم يفسد من اخلاقه بل أن توازن النبي صلى الله عليه وسلم ورجاحة عقله والعناية الألاهية به جعلت منه رغم الظروف القاهرة صادقا أمينا وهذا ما نفهمه من قوله : ادبني ربي فاحسن تأديبي فكان خلقه مؤهلا لأن تكون قرآنا.أن الظروف التاريخية والعناية الألهية صنعت الصادق الأمين.لكن هل تعني العناية الالهية تدخلا خارقا للعادة . السنن الانسانية الأجتماعية عكس السنن الطبيعية لا تعرف المعجزات ولا الخرق لذلك قال تعالى : ولكن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا . محمد صلى الله عليه وسلم كان راجح العقل وإلا فكيف يتقبل تأديب الله له كم من ابن يسعى ابواه جاهدين انفسهم في تاديبه دون جدوى إذ تتدخل العوامل الذاتية : النفسية والوراثية في لفظ التربية الواردة . كان محمد صلى الله عليه وسلم مؤهلا للصدق والامانة فلو لم يكن فيه استعداد فطري هل سيختار ويصطفى .هذا الجانب البشري يغفل عنه كتاب السيرة وليس هذا من شانهم بل هو من شان علماء الأجتماع وعلماء النفس ان يثبتوه
يركز علماء السيرة على العناية الالهية فحسب في اصطناع الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم حين يذكرون أنه حتى لما أن أراد أن يطلع على حفل جاهلي أخذته سنة من النوم فما استيقظ ألا صباحا وقد انقضى الحفل.كيف كان يعيش محمد صلى الله عليه وسلم في تعامله مع القوم ؟ كان محمد راجحا العقل والعقل أساس الأخلاق : والعاقل يقدر عواقب سوء الخلق وخواتم حسنها فيختار الذي هو خير . اضافة ألى الجوانب الوراثية وغيرها من الظروف البيئية التي تؤثر بلا شك ولكن الأخلاق مسؤولية فردية لذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : انما بعثت لأتمم مكارم الاخلاق والاسلام فكر وعبادة غايته تعبيد السلوك واكسابه الأخلاق . فجاء الاسلام لاكمال الأنجازات العقلية الأخلاقية للأنسان . علينا ان نوحد العقل والأخلاق لا كما نسمع الكثير يفصل بينهما فيجعل الأخلاق والعقل كل في فلك يسبح .
أن قوة اخلاق النبي صلى الله عليه وسلم تكمن في سر صدق النبي صلى الله عليه وسلم وامانته والتي مصدره رجاحة عقله التي ورث منها قسطا وطور منها قسطا واكتملت الرجاحة بالعناية الألهية أي الوحي
أميل ألى هذا التفسير الذي أزعم أنه يوازن بين البشرية والعناية الالاهية خروجا من هالات التقديس التي تريد اخراج النبي صلى الله عليه وسلم عن غير قصد من الطور البشري كما اميل ألى هذا الرأي ردا على طائفة تنزع عن النبي كل اتصال بالسماء لتحصر اعماله في أطار العبقرية البشرية البحتة. فتجدها تلهث وراء أي خبر يرج القداسة التي يضفيها الفكر الاسلامي احيانا يصل الى الاطراء الذي نهانا عنه النبي صلى الله عليه وسلم .فتجد هؤلاء يلهثون وراء الأخبار الشاذة التي تقدح في العناية الألهية وفصل الرسالة عن السماء وربطها بالتاريخ فحسب
اما قوة النبي صلى الله عليه وسلم من خلال ظاهرة الأمية التي تكلم فيها الكثير -وأنا اميل الى الرأي القائل بانه لم يكن يعرف القراءة والكتابة- الى ان النبي صلى الله عليه وسلم كانت قوته الذهنية مستمدة من عمق تفكره وتدبيره لا من مطالعته للكتب فغيره يحتاج ألى مصادر للوصول ألى الحقائق ربطا بين جزئياتها اما النبي صلى الله عليه وسلم فامتاز بذهنية عصامية جعلته من العمق بحال يسر له سبر اغوار الحقائق.وهذا مبلغ العلم فيه . فسهل ان تطلع على الافكار و معارف البيئة التي تعيش فيها ثم تؤلف بين الافكار لتنشا فكرا جديدا ولكن من الرجاحة الذهنية القصوى ان تستخرج نظرية بتأملك وبمفردك. ومع ذلك حتى ولو افترضنا عدم امية الرسول صلى الله عليه وسلم واطلاعه على كتب فكر قومه كما يدعي البعض فان الوصول ألى نظرية : الأسلام لا يمكن ان يكون ممكنا دون استكمال بالوحي.
استند الكثير ألى أمية النبي صلى الله عليه وسلم ألى محاولة نفي الذكاء والفطنة والتفكر عن النبي صلى الله عليه وسلم .لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أذكى الناس وارجح انسان عقلا عرفته البشرية كما ساعمل على أثبات ذلك لاحقا
ولكني هنا أريد أن اركز على قوة العقل الذي لا يتنافى مع الأمية وهذا وجه المفاجأة والقوة في شخصية النبي صلى الله عليه وسلم.
فلا نتصور أن النبي صلى الله عليه وسلم عاش ما قبل تجربة الغار بمعزل عن التفكر والتقليب للبيئة الجاهلية.بل أنه كان دائم الفكرة كثير التساؤل سنة كل العباقرة والمفكرين والمحررين الذين عاشوا غرباء عن بيئتهم غير العالمين : البشرية ماضيا وحاضرا ومستقبلا والجن والجماد والحيوان .ومن الجبل رأى محمد العالم من فوق من الغار غاص في أعماق الجاهلية ليقوضها .صعد من الارض الجاهلية ألى سماء العالمية : أول "أسراء"كان ترقيه ألى هذه الآفاق الواسعة.لقد اتحد النبي صلى الله عليه وسلم بالكائنات قبل ان يصير رحمة لها لقد رآها من فوق ليتعرف عليها ثم يلجها فتحا ورحمة.فكانت الحجارة التي رافقته في الغار تشهد على رسالته وحجر مكة يسلم عليه.لقد انسلخ النبي من الجاهلية ليغترب عنها كي يتوطن في الكون.كانت مرحلة الغار مرحلة عسيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم التهبت فيها الأسئلة واشتدت حرارة الحيرة واشتعلت الثورة على الجهل والبؤس العربي في بيئته لقد وفر محمد صلى الله عليه وسلم شروط الاستئهال والأصطفاء حين ثار ثورة داخلية قلبت بنى الجاهلية القائلة على الموازاة والعلمانية بين الأله والحياة.صعد محمد صلى الله عليه وسلم بحثا عن توحيد الحياة وعن حياة يتوحد فيها العالم.لقد كان عالم الغار نافذة على العالم.كان خروجا من الذات. لقد وجد محمد صلى الله عليه وسلم حائرا فهدي : وو جد ك ضالا فهدى والهداية معرفية ردفت بكفاية مادية تجسد كلاهما في خديجة : فكانت دثارا فكريا وعاطفيا : بتطمينه حين زملته حتى ذهب عنه الروع وزادت في اسكان فؤاده المرتجف بقولها:كلا والله ما يخزيك الله ابدا انك لتصل الرحم وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الدهر. انها العناية الروحية وقد اردفت بالطمأنينة المعرفية بالكشف له عن حقيقة ما رأى طلب منه أن يسأل الذين يقرؤون الكتاب من قبله فلديهم علم بانك نبي ياتي من بعد عيسى
ورقة بن نوفل كان العلم القديم الذي يمثل بداية الاتصال بالماضي ولم يكن اضافة او بدءا بقدر ما كان تثبيتا وتاكيدا للواردات الألاهية التي طرأت
تاكيد على ان ما ورد هو الناموس الذي ورد على موسى هو روح القدس المصدر الذي تلقى عنه الرسل . وموسى كليم الله كما نعلم .لقد بدء محمد صلى الله عليه وسلم باعلى ما وصل أليه الانبياء من القرب والمناجاة : الكلام. اثبت ورقة سنة الاتصال البشري بالوحي لمحمد صلى الله عليه وسلم من حيث مماثلة الاتصال الحاصل بالاتصال الذي الفه الانبياء والرسل عليهم السلام . والناموس القانون اننا امام سنة كونية . لقد استوفى محمد صلى الله عليه وسلم سنن الوحي كان محمد صلى الله عليه وسلم فقيرا قال تعالى ووجدك عائلا أي فقيرا فكانت خديجة بتجارتها موفرة له شروط التلقي المادية وهو الكفاف المادي بعد الحاجة الكفاف أفهم محمدا صلى الله عليه وسلم معنى الحياة وانها يسر بعد عسر حتى لا يركن اليها ويستكين او يجزع ويخشى.
لقد فهم محمد صلى الله عليه وسلم حقيقة الحياة بخديجة رضي الله عنها ثم كانت خديجة الحصن المعرفي والروحي والعاطفي . لقد اطلع ورقة بن نوفل النبي محمدا صلى الله عليه وسلم على مسار الحياة الرسالية ومصيره. انه الأتصال الأول باول عقل انساني يطلعه بعبقريته على المستقبل من خلال استقراء السنن النبوية التي خلت في الأنبياء والمصلحين من قبله.
ندرك من ثمة أن عبقرية محمد صلى الله عليه وسلم تكمن في اتصاله بالعقول البشرية مكتملة بالأتصال بالوحي وقد تجلت بالاتصال المحسوس المباشر مع ورقة غير أنه أوتي لذكائه القدرة على الاتصال غير المباشر مع غيره من العقول الأنسانية
كان الغار نارا ملتهبة اطفاها ماء الوحي لذلك عاد محمد صلى الله عليه وسلم يرجف فؤاده : ويطلب بالتزميل لاجتماع الحرارة والبرودة معا . وهي حالة تشابه حال الذي تعتريه الحمى.كل نبي حكيم وليس كل حكيم نبي كما يقول ابن رشد.
لقد عمل-بغير قصد- بعض من المفكرين الاسلامي على فصل الدين عن العقل والعقل عن الاخلاق أسس الى العلم اللادني المتاتي من الملء الروحاني القائم على المجاهدة
و ربما أصل الفارابي للعقلية الفوق-بشرية حين أصل لمقولة المخيلة وهي القدرة الخاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم على استيعاب الوحي لقد حاول الفكرالاسلامي الصوفي في بعض جوانبه نزع البشرية عن النبي صلى الله عليه وسلم.أنني – من خلال هذا لابحث - أريد اثبات عبقرية النبي صلى الله عليه وسلم دون القول بتصرفه العقلي في الوحي وأنما بالقول باستعداده العقلي القبلي لتلقي الوحي وأن يكون من المصطفين . وأقول هذا لنزع العقلية الميثية التي تحيط النبي صلى الله بهالة تنزع البشرية عنه مخالفة خقائق ما اثبته الله له. هذا النزع للبشرية تطرف سيكون طعما لتطرف أشد :ألا وهو نفي الوحي عن النبي صلى الله عليه وسلم وعده انسانا عبقريا وحسب. "رهبانية" انتجت "وضعانية ".أطراء انتج تطبيعا .
لقد كان القرآن صادما في اختصار حين تحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم فأثبت أنه : بشر رسول هكذا دون حرف عطف يعطف متفاصلين ولكن مثبتا التوازن بين ثنائية الرسالة والبشرية.البشرية نزع للهالة و"الاطراء المسيحي " الذي نسب لعيسى والوحي نزع لتبسيط النص القرآني في كونه ابداعا ادبيا ذاتيا.
الوحي استحقاق لم يستحقه ألا من بلغه ولم يبلغه ألا محمد صلى الله عليه وسلم خاتما لما ختم الاسئلة الأنسانية وهي الأولويات لجميع المجتمعات فواطلع عليها ولا يمكن لاحد أن يبلغ منزلته لان الوحي اخبرنا بذلك "ولكن رسول الله وخاتم النبيين".
محمد صلى الله عليه وسلم ميت ولكن القرآن باق معجزا وقوة محمد صلى الله عليه وسلم انه الوحيد الذي استطاع ان يستاهل الوحي حين فكك قضايا الأنسانية وتبناها. يرى البعض ان أثبات الحكمة والفلسفة للنبي قدح في الوحي واتهام له بالتصرف في الوحي وخوفا ودرءا لهذه الشبه نفوا عنه كل ذكاء شخصي. وما به من قدرات نسبت للأرادة الالهية حصرا. نعم لا ننفي العناية الألهية ولكن هل شذ محمد صلى الله عليه وسلم عن قانون القدر الالهي هل اخبرنا القرآن ان مكونات النبي صلى الله عليه وسلم من طينة اخرى غير البشر لقد كان محمد رجلا وبشرا وامر بالابلاغ : قوة النبي صلى الله عليه وسلم في توفيره شروط الأستقبال للوحي ومن ثمه في قوته على الصبر على الأبلاغ والتبليغ : وفي الاولى والثانية يتطلب الامر أخلاقا وقدرات ذهنية : أمشاج صدق وامانة و قدرة على التساؤل في التلقي وأمشاج قدرة على الصبر والاقناع كذلك في تبليغ الرسالة
فالبشرية رافقت النبي صلى الله عليه وسلم طيلة حياته ولم يتحول في لحظة من اللحظات ألى ملك ولما جاءه الوحي شعر بما يشعر به سائر البشر الذين يفاجؤهم الجديد ويرعبهم فلجأ الى خديجة وألا فكيف نفسر ذلك؟ لم لم يعده الله لكي لا يرعب؟ أنه بشر.
أني لا اريد ان يكتفى في علاقتنا بالنبي صلى الله عليه وسلم ان نكتفي بالتصلية عليه ولكن اريد ان يصير النبي روحا تسري فينا أريده قريبا منا لا متناه في الكبر ولا متناه في الصغر ولكن أحب ألينا من أنفسنا وأولادنا واهلينا ونريد أن نراه بهم.أريد أن نكون من احبابه والصورة التهويلية او التبسيطية لا تخدم هذا الغرض.
ومن ثمة يكمن الجهد التفسيري الجديد في اكتشاف الأولويات او الاسئلة التي جالت بعقل النبي وحيرته قبل أن يتنزل القرآن مجيبا لها. ما قبل النص له أهمية كبرى في فهم النص ويكفيك ان تعلم أن التدبر من الدبر والدبر هو الخلف فعلينا العمل على كشف ما قبل النص وهي الأسئلة الانسانية الكبرى الصالحة لكل زمان ومكان و التي سبقت نزول الآيات. تلك الاسئلة تمنعنا من التيه في التفاصيل وتقوي سيرنا نحو قراءة النص والواقع معا . ما هي أسئلة حضارتنا اليوم لا بد من البحث عنها فأن طرحنا السؤال المطلوب وجدنا في القرآن الجواب المطلوب. وإلا فسنظل نكرر ما اجاب به السابقون.
لقد اتصل العقل المحمدي باشكاليات عصرنا ألا يكفي انه يعرفنا ألا يكفي انه يسلم علينا كلما سلمنا عليه الم تعلم انه تعرض عليه اعمالنا فكيف يخفى عليه وكيف خفي عليه عقلنا ومشاكلنا وتحدياتنا؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.