إن حال أمتنا الإسلامية اليوم - من أدناها إلى أقصاها ومن مشرقها إلى مغربها – لا يرضي منصفاً ولا يسر صديقاً، وإن الهوان الذي تعيشه الأمة اليوم ليس إلاّ بسبب الظلم والظالمين، الذين باتوا يتصرفون في كل صغيرة وكبيرة من أمورها، ويتحدثون باسمها وهم الذين يحاربونها في دينها ودنياها، حتى جعلوها في ذيل الأمم في عهودهم النجسة، بعد أن كانت في مقدمة الركب، ورائدة للأمم. فكيف نتصرف مع هذه الزمرة الفاسدة الظالمة التي قفزت إلى الحكم ومراكز اتخاذ القرار في غفلة من الناس؟ والجواب في ديننا وشرع الله الذي أرسله إلينا، وهو المحرك القوي لسلوكنا تجاه الظلم والظالمين. إن الإسلام يأمر المسلم أن يكون صاحب موقف واضح لا لبس فيه من الظالمين ومن نصرة المظلومين، إن الإسلام والاستبداد ضدان لا يلتقيان , فتعاليم الدين تنتهي بالناس إلي عبادة الله و حده , أما مراسيم الإستبداد فترتد بنا إلي وثنية سياسية عمياء إن الإستبداد السياسي الذي وقعت له الشعوب المسلمة فريسة له منذ آمد طويل و ظلت إلي اليوم ترسف في قيوده, ليس مرده إلي أن الإسلام نقصته عناصر معينه فأصيب معتنقوه بضعف في كيانهم , بل الضعف أصاب المسلمون أنفسهم . ففي تعاليم الإسلام وفاء بحاجات الأمة كلها و ضامن لما تريد من حريات و حقوق , و إنما بطشت مخالب الإستبداد ببلادنا ,لأن الإسلام خولف عن تعمد و إصرار , و طرحت أرضاً البديهيات الأولي من تعاليمه , و قام فى بلاد المسلمين حكام تسري في دمائهم جراثيم الإلحاد و الفسوق و المنكرات فخرجوا مصرين عن حدوده و أخلاقه. مع ذلك فقد فرضوا أنفسهم علي الإسلام, ولو أن الإسلام ظفر يوماً بحريته, وأمكنته الأقدار أن يحكم لكان جمهور هؤلاء الحكام بين مشنوق و مسجون. فما نراه اليوم من ظلم الحكام للشعوب الإسلامية إنما هو بسبب توسيد الأمر إلى غير أهله، فحكامنا قراصنة لكراسي الحكم في بلادنا ، ولأعدائنا موالون، ويكفي للدلالة على ظلمهم أن منهم من يقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس كما يفعل الطواغيت عموماً، وأما باقي الحكام فليسوا أقل ظلماً وإجراماً من غيرهم ولكن لكل ظالم لونه في الظلم، وطبعه في الغدر والخيانة، ومنهجه في أكل الأموال وتبديدها وهضم الحقوق وتضييعها. . فلنعمل على رفع الظلم عنا وعن إخواننا المظلومين بالعمل علي إزالة هذه الأنظمة الفاسدة من بلاد المسلمين، وهذه الحكومات التي لا تراعي فينا إلا و لاذمة , إنهم القنطرة التي يعبر عليها اليهود لكي يتجبروا في الأرض ويقتلوا إخوانا لنا في غزة و الضفة و لبنان، وهم أصدقاء الإنجليز وحلفاء الأمريكان الذين يذبحون المسلمين في العراق وأفغانستان وفي باكستان بدعوي الحرب ضد الإرهاب, وما إرهاب إلا وجود مثل هؤلاء الحكام علي كراسيهم. إن من حكام المسلمين اليوم من له أكثر من ثلاثين عاماً في الحكم, ويحكم شعبه بالديكتاتورية, وأبواب السجون مفتوحة لمن تسول له نفسه التفكير في ما يمس الحكم, ولا أستثني بلداً فهذه هي السعودية الدولة التي تحمل الإسلام تقول عنها منظمة العفو الدولية في تقريرها \" “إن آلاف الناس دُمرت حياتهم جراء انتهاك حقوقهم الأساسية، واعتُقل البعض واحتجزوا في إطار من السرية، ولقي آخرون حتفهم في ظروف غير معروفة، في حين يواجه المئات غيرهم محاكمات سرية عاجلة يمكن أن تصدر أحكام إعدام بحقهم، كما واشتكى الكثير منهم من التعرض للتعذيب بهدف انتزاع اعترافات منهم \" أننا أصبحنا ولا نملك إلا الدعاء في جوف الليل وقنوت الصلوات والسجود على أكابر المجرمين، فالدعاء سهام ربانية وصواعق مرسلة لا تخطئ هدفها ولا تضل طريقها، بل تقصف عقول المجرمين الظالمين وقلوبهم، وتمهد السبيل لقلعهم من مواقع ظلمهم، وتدمير ملكهم ونزع سلطانهم ومحق جبروتهم. قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ عندما أرسله إلى اليمن: (اتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب). وقال عليه السلام: (دعوة المظلوم مستجابة وإن كان فاجراً، وفجوره على نفسه)، ويقول النبي محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم: (اتقوا دعوة المظلوم فإنها تحمل على الغمام، يقول الله سبحانه عز وجل: وعزتي وجلالي لانصرنك ولو بعد حين). فالحذر الحذر من الظلم، والحذر الحذر من السكوت على ظلم الظالمين، ولنحدد مواقفنا ولنسأل أنفسنا: هل نحن من الظالمين أم من المظلومين؟ ولنعمل على نزع فتيل الظلم من أنفسنا ومن غيرنا، ولا نكون لهم في الظلم شركاء. ولا يحسبن البعض أنه إذا لم يكن ظالماً بيده فقد نجا، بل إن الساكت والظالم في الإثم والعقوبة سواء، قال الله تعالى: (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة) محمود طرشوبي كاتب مصري