تونس - الحوار نت - مهزلة الاعتمادات التي أعلن عنها ممثلو بن علي ومبعوثوه إلى سيدي بوزيد والكاف والقصرين بل أغلب المدن العائمة على أحزمة الفقر، أججت المظاهرات أكثر فأكثر وساهمت في خروجها عن سيطرة الأجهزة الأمنية وميليشيات الحزب الحاكم، هذه الاعتمادات المضحكة التي أعلنت عنها عقلية ما قبل قناة الجزيرة وقناة الحوار واليوتوب والفايس بوك وغيرها من المنابر الإعلامية والمساحات الإجتماعية الناقلة للخبر دون مساحيق أو إعادة إنتاج وتوجيه، هذه الاعتمادات نفسها التي ورطت السلطة وحفزت المظاهرات على تطوير نفسها، لقد ظهر الإعلام الرسمي غارقا في البداوة السياسية وهو يسرد أرقاما هزلية رصدها النظام إلى الجهات المحرومة. إعلام يعتقد أنه يخاطب شعبا أميا مغيبا عن الحضارة، يُمَنّيه بمبالغ لا تصلح لترميم جسر تساق على أنها اقتطعت لبعث مشاريع ستحتضن الآلاف من الأيدي العاملة، نسى هذا الإعلام كما تناست عائلة السابع من نوفمبر أن الشعب الذي يتلاعبون أمامه بالأرقام هو خريج كلية الإقتصاد والتصرف وكلية العلوم الإقتصادية والسياسية وكلية العلوم الإنسانية والمدرسة الوطنية للمهندسين... شعب غارق في الحساب حين درسه، وغارق فيه مرة أخرى حين مارسه حيث يعدّ الجامعي البطال أيام بطالته، والمريض الذي لا يملك دواء أيام شقائه، والعامل المهضوم الحق يعد راتبه بحكمة ويقسمه على المتطلبات بشكل سحري يعجز أمامه حتى أينشتاين، وحتى القلة الأمية في البلاد لا تنطلي عليها أرقام السلطة لأن "الشكبة والرمي والبيلوط والديمينوا" مع ساعات البطالة الطويلة جعلت منهم عباقرة في مجال الحساب و"المحاسبة" حين يحين وقتها.. وإنّ غداً لناظره قريب.