اسمحوا لي أن أكون مباشرا وصريحا وبكلمات بسيطة فالقلم يأبى الا أن يكون رصاصا ضد الرصاص فالدماء الطاهرة الزكية أسقطت كل الأوراق وليس لي إلا أن أنحني أمام شهداء تونس وأمام هذا الجيل والشباب الذي عشق وصنع الحياة وكسر الخوف ولايهاب الموت و المتمسك بحقوقه فلن يسمح لأحد أن يؤخذ منه زمانه لست أعلم لماذا العمى والصمى غالبا على بن علي ولماذا يدير الأزمة بمزيد فتح ثغرات وتوسيع الهوة مع الشعب ولا ينتبه إلى حقائق لا يمكن فيها المغالطة ولا ينفع معها التهديد الجميع يتفق أن المجزرة التي وقعت في تونس أي القصرين وتالة و وغيرها من المدن كانت بتنسيق وتخطيط وإذن مسبق من بن علي ومعاونيه وهو ما أكده أحد قيادات رجالات الأمن الذي لم يرد الكشف عن اسمه وما أكده خطاب الرئيس نفسه الذي لم تصدر منه إدانة أو حتى التصريح باعطاء أوامر لوقف إطلاق النار على مواطنين عزل كان فيهم الرجال والنساء والأطفال وحتى الرضع وقد شاهد العالم الجثث والجرحى والرصاص الذي نهش وقتل تونسيين من مختلف الأعمار بحيث كشفت الصور والأشرطة حقيقة المجزرة الرهيبة ورأينا بكاء الأطباء والممرضين وتعاطفهم مع أسر الضحايا وتوحدهم مع المواطنين لاسعاف الجرحى وطلب التبرع بالدم لاإنقاذ من يمكن انقاذه وكانت صور على قساوتها تكشف حقيقة بنية الشخصية التونسية ووحدة الشعب العظيم وتضامنه ضد إرهاب الدولة وضد الظلم كل شيء موثقا الرصاص موجها للعنق والصدر وحتى الرأس أي قتلا متعمدا مشاهد رهيبة شبيهة بصبرا وشاتيلا وشاهد التونسيون والعالم هول مااقترفته الأيادي القذرة وتواصلت عمليات القنص والقتل حتى وصل الرصاص أمام المحكمة جهارا نهارا ووقع اطلاق الرصاص وقنص وقتل شابا كان واقفا أمام المحكمة ويسقط في دمائه أمام مرأى المحاميين و كانوا محاصرين داخل المحكمة لا يستطعون الخروج خوفا من رصاص القناصة ووقع قنص و قتل امرأة أمام منزلها وأصبح شغل القناصة المجرمون صيد وقتل المواطنين ليصل عدد القتلى إلى خمسين قتيلا وهي بلا شك وبكل المقاييس الدولية مجزرة رهيبة وجريمة كبرى لها ما بعدها وفي عالم الانترنات وتكنولوجيا المعلومة يأتي خطاب الرئيس ليعري الرئيس ويقدمه للشعب والعالم لا فقط كذابا مراوغا مجانبا للحقيقة بل كذلك الخطاب يدينه قانونيا وواقعيا ويحمله مسؤولية ما وقع وما سيقع فالرئيس يبرر عمليات القنص وقتل مواطنيه بالرصاص واعتبر الاحتجاجات وصفها بأنها عمل ارهابي لا يمكن السكوت عنه وهنا لا بد من الانتباه للأمرين : 1- أولا لخطورة النص وكلماته التي لا فقط تأمر وتأذن للقناصة والأعوان والفرق الأمنية المختصة بمواصلة اطلاق الرصاص والقتل على اعتبار أن من يقتل " قلّة مأجورة وإرهابية تسيرها من الخارج أطراف يغيظها نجاح تونس الذي تشهد به مؤسسات دولية نزيهة". بحسب تعبيره 2- وثانيا قد يكون مؤشرا لخطة خلط الأوراق وصناعة أحداث إرهابية كتفجيرات ونحوها وركوب سناريو الارهاب لتبرير مزيد القتل وانتهاك البيوت وجعل البلاد ساحة مفتوحة للعمليات القذرة ومحاولة كسب الرأي العام وتأييد بعض الدول له. وهنا تبدو قناعة الرئيس واضحة بسناريو الارهاب وبلغة الرصاص وربما قناعته بأنه متورط فعلا وأنه ليس مستعدا لأية تنازلات وأنه مستعدا لادخال البلاد لما هو أخطر و أمر ولا يقبل لحد الآن وبعد مجزرة الخمسين قتيلا بأية مخارج أو حلول ويعول كالعادة أ على أمرين أولا 1- الحل الأمني والأسطول الجرار من الفرق والبوليس والحرس والجواسيس والأعوان السريين وغيرهم للحرب ضد مواطنيه والعدد المصرح به مائة وستون ألفا والعدد الخفي قد يصل المليون مع الميليشيات الحزبية على شاكلة الأحزاب الشمولية في عهد لينين وهتلر وعززه التصريح الذي أدلى به وزير العدل البشير التكاري في القول بأننا نظام قوي لا يتقهقر وليس نظاما يتجه لنهايته وهو ما يعني استعمال كل القوة وإلى النهاية لبقاء من في الحكم و يعلم االرئيس ومعاونوه أنه يفتقد للثقافة وليس له عقلا سياسيا وليست له كريزما كالرئيس الحبيب بورقيبة رحمه الله وليس محل ثقة وحب الجماهير لذلك لم تستمع إليه ولم تتوقف عن الاحتجاج بل العكس تماما كان خطابه الأول مخيبا للآمال وزاد من حدة التوترات وجاء خطابه الثاني كارثيا لأنه بعد مجزرة واحتجاجات لللأسبوع الرابع لم يفهم شعبه ولم يقرأ جيدا أن جيل اليوم ليس بجيل الأمس وأن الشباب والشعب اليوم متعدد الحاجات و أن الاحتجاجات رفعت عديد المطالب إجتماعية إقتصادية وسياسية تتلخص في رفض الظلم والفساد والحق في الشغل وفي الحرية وفي العيش الكريم ويتفق الجميع أنها مطالب مشروعة وأساسية ولا يمكن التغاضي عنها أو تأجيلها ولا بد أن تدعمها إجراءات على الأرض للاعادة بناء الثقة والغربب أن الوحيد الذي يرى قوة النظام تكمن في قتل المواطنين واطلاق الرصاص عليهم وعدم الحوار وعدم الاستجابة لمطالب الشعب هو النظام ولأن الشعب يفهم ويعرف طبيعة النظام لذلك لا يثق بوعود الرئيس ويرفض العودة للارتهان رزقه وحياته بيد الطرابلسية وبيد من يسميهم عصابة الفساد ولا بد من الاشارة هنا إلى أهمية العرض المغري والافت الذي قدمه ودعى إليه الحزب الديمقراطي التقدمي والمتمثل في تشكيل حكومة إنقاذ وطني،لللانتقال بتونس إلى الديمقراطية في غضون 2014 ويراه بعض المراقبين الفرصة والمخرج الأخير قبل هبوب تسونامي تونس خاصة بعد تورط بن علي في أكثر من عملية قتل وفساد وصعود سقف المطالب في الشارع التونسي مطالبين برحيله مع الطرابلسية وحتى تقديمه لمحكمة الجنايات الدولية وبحسب بعض التحاليل أن من مصلحة بن علي استلام الرسالة قبل فوات الأوان ودون التطرق أكثر للمبادرة وأبعادها يبدو بن علي قد اختار لغة الرصاص وقد يستعمل أوراقا أخرى بما فيها امكانية طلاقه والتخلص من زوجته ليلى الطربلسي على أمل استعادة حكمه الآخذ في السقوط ورأية الجماهير تهتف باسمه وقد تخلصت من أكبر جناح فساد مكروه جدا من الشعب التونسي 2 -والحل الثاني الذي يعرضه الرئيس هي العصى أيضا أوصناعة الوهم والوعود الكاذبة لكسب الوقت و اعادة احكام قبضته إن ادارة الناس باستبلاههم وتوعدهم بالقتل بالرصاص بالسجن ثم بالاستعمال العصى السحرية لمعالجة البطالة والحال أن كل الخبراء يعلمون أن الحلول الترقيعية تؤجل المشكل ولا تعالجه و أن الجميع في تونس يعرف كيف ستقع عملية "خلق" مواطن الشغل ولأن الهدف من هاته الدعاية معلوما وواضحا فلا خطط ولا مشاريع تنموية ولا نية لمعالجة وطنية حقيقية تمكن البلاد من تأمين تقدما وازدهارا على جميع المستويات ككل التجارب الناجحة في العالم وفق رؤى وطنية وأسس واستراتيجيات اقتصادية وسياسية علمية وعلمية وحتى أمنية تدعم التنمية وتجعل بلادنا قطبا استثماريا وأرض حرية وعلم وخدمات وأمن وسلام حقيقي ويرتفع مستوى عيش المواطن وترتفع قدراته الشرائية ويتم القضاء على الفساد وتسترجع الدولة مكانتها كطرف مهم في الاستثمار مع الخواص وتحقق التوازن المطلوب بين الجهات داخل مناخ سياسي وإجتماعي صحي وسليم يساعد الجميع ويشجعهم على مزيد العمل وتأسيس صندوق تعويض للبطالة يؤمن كرامة العاطل عن العمل مع السعي الجاد والمسؤول لتأمين فرص العمل بلا محسوبية وتونس مؤهلة لتحقيق أكثر من ذلك بعقول وسواعد وكفاءات أبنائها ولكن المؤكد أن بن علي مؤسس مجزرة القصرين بعيدا كل البعد عن هذه المطالب ويدير الأزمات ويصنع المعجزات بطريقته ومعلوما أنه سيسلط ناس على ناس وسيقع اجبار المواطنين ولو كان صاحب مقهى بقبول انتدابات وكذلك سيفعلون بعديد المؤسسات للرضى والقبول بالانتداب الوقتي إلى حين مرور العاصفة وستتحرك ماكينة الطرابلسية والهادي الجلاني ومن معهم في نفس الاتجاه ومعهم قناة سبعة ونسمة وبسيس لتصوير وتسويق المعجزة ليصبح التشغيل لعبة بيد نفس المجموعة ويفقد أسسه ومعناه ويدخل تحت مقياس مع أو ضد هكذا تقع ادارة الأزمات ومعالجة الملفات المصيرية ببركة الرئيس وصحبه ليستعيد الحوت الكبير مكانته للادارة الأسواق والبضائع والميناء والبنوك وبيع ما تبقى من أملاك الدولة وترجع ريمة لعادتها ليكون القضاء وكل من هب ودب تحت الحذاء هم فوق القانون ويفلتون من العقاب والشعب ذليلا مغلوبا على أمره لا حرية ولا حقوق مواطنة ولا مسائلة ولا شفافية ينظر كيف تنهب الدولة وتثقل البلاد بالديون ثم لا أمل لا في عمل ولا في تقاعد كله أعلن إفلاسه والبلاد مقسمة لعصابات والشعب يدفع لهم أتوات وضرائب هذا هو الواقع الذي ثار عليه المواطن ولا يمكن بعد ثقافة ويكيليس وثقافة سرعة ودقة المعلومات وثقافة إضراب الجوع والانتحار الاحتجاجي وبعد أن صرخ المواطن التونسي عاليا من بنزرت إلى بن قردان وألقى صدره لرصاص دون خوف لا يمكن بعد مقدمة ابن علي في مجزرة القصرين أن يرجع الزين ولا هتلر ولا لينين لا يمكن لا أخلاقيا ولا وطنيا ولا سياسيا ولا بأي معيار أن يعترف بالمجرم رئيسا وهو يقتل أبنائنا ويطلق عليهم الرصاص ويتوعد ويهدد بمزيد القتل لا يمكن أن يرجى منه خيرا وأن يؤتمن على مستقبل أبناؤنا وأفضل له أن يرحل بسلام في مقابل ترك البلاد في سلام هذا الجيل مصرا أن لا يؤخذ منه زمانه وسيغير كل الموازين ولو بعد حين و أختم هنا بما كتبه أحد أفضل صحفي وإعلامي تونس : تونس ليست مزرعتهم الخاصة وهي أبدا لن تكون نسأل الله أن يحفظ تونس وأبنائها وشعبها من كل سوء وأن ينعم على كل أبناء وطننا بالخيرات والرقي وبالسلام والأمان والطمأنينة لتونس السلام ولأعدائها خزي وعار في الدارين بقلم أب تونسي