عبد الحفيظ خميري - باريس 11 جانفي 2011 طوى تالةوالقصرين ما طوى البحر إلى الجريد... شرارة ألهبها ثائر على الظلم بسيدي بوزيد... خبرٌ فموت فنعيٌ فُجعت فيه أمهاتٌ وآباءٌ وبنينْ... خبرٌ لم يترك لي صدقُه إلّا غضبا يموج بكياني... على تشاوسكي وستالين... وكلّ السّفاحينْ... غضبا قد ماج موجا حين غزاني... غضبا للسنين الخوالي غضبا للجراح والأشجانِ غضبا للغياب والأحزانِ غضبا على عجز بمنفاي مزّقني، يرشُقني سهاما وينغرس في الصدر شوكا مع الدقائق والثواني حين ذكرت وطني يشعلها انتفاضة من بين الأوطانِ فإذا الدمُ الزكيّ مراقٌ من غزّة حتّى القصرينْ يلهب الوجدانْ... وإذا الحناجر تهتف في كلّ مكانْ: في حيّ الزّهور ومن حيّ النور إلى حيّ السلام: يا طاغية يا جبانْ الشّعب التونسي لن يُهانْ.. فساحات الغرب في كلّ عواصمه: ردّدت هتاف فرسان الشوارع من بنزرت حتّى بن قردان: فلا عاش في تونس من خانها ولا عاش من ليس من جندها نموت ونحيا على عهدها حياة الكرام وموت العظام... تونس... تونس... تونس... لبيك يا خير الأوطانْ... اليوم رغم الجوى والحزن ووجع السنين أرفع صوتي وأنا أجوب شوارع باريس غاضبا: لله درك يا مدينة القصرين حين أسندت ظهر سيدي بوزيدْ... فإذا الوطن كلّه ثائر على الأصنام والأوثانْ فتفجّرت الحجارة وذاب قلب الحديدْ لله مدينة أفخر بها أمام الملايين... ماج صوتها فوق القممْ أيّها السّفاح العجوز الهَرِمْ اليوم منك ننتقِمْ ****** ما بين غزةوالقصرينْ... لم تترك المشاهد والصور للمرء شكّا... فإذا الحقيقة مُوجعة واليقينُ يقينْ... بأن أرض القصرين تخضبت بدم الشّباب من رجاله الميامينْ... حكايات تلهب أديم الأرض عشقا وشرفا... وتفجرُ الغضب في الملايينْ ... دم الشباب مراق على الطرقاتْ... والطرقات مسدودة ولا إسعافاتْ... يا للغوث... يا للغوث... وتتالت الاستغاثاتْ... وبكاء أمهات ثكالى يودّعن الفلذّاتْ... وعيون أطفال عبر الشّرفاتْ غاطسة في دموع حارقاتْ تشتعل وجعا وأنينْ: يا للقصرين يا للقصرينْ... حزن الآباء وقد تمادى زفرات تأكلها زفراتْ... يا للقصرين يا للقصرينْ... ها قد تفجّر وجع السنينْ... يا جبل الشّعانبي فجرها ثورة طالما غلت في الشرايينْ... على من طغى وتجبّر ونام في فراش فرعون وتغطى بمعطف ستالينْ... ****** ما بين غزةوالقصرينْ... يا حامي الحمى والدينْ... مهما طالت أيّامك ودام عرشك... لن تنام بعد اليوم قرير العِينْ... ولك مهما تجبّرت يومٌ مع ربّ العالمينْ... ****** ما بين غزّة والقصرينْ... غضب الشّباب... دم ثائر في الشرايينْ... دم مراق ومستشفيات تغص بالشهداء... وزفرات آباء وبكاء أمهات وبنات وبنينْ... يا لملحمة غزّة الصامدة عادت تعيشها القصرينْ... كلّ الوطن من بنزرت إلى الجريدْ فيا ملك الملوك يا رب العالمينْ... حرّر تونس بكل ترابها واحمها... واحفظ لنا القصرين...