مظاهرات العالم العربي..! السيد البابلي بدأ العام الجديد بدخول العالم العربي عصر المظاهرات والاحتجاجات الجماعية العنيفة. وثبت أن معظم الدول العربية على فوهة بركان ساخن وأن مشاكلها واحدة وقضاياها تدور في نفس الفلك حول البطالة وارتفاع الأسعار. فالمظاهرات في الجزائر كانت بالغة العنف وتسببت في خسائر للاقتصاد تزيد عن ستة مليارات من الدولارات، والمظاهرات في تونس أجبرت الحكومة على إغلاق المدارس والجامعات حتى إشعار آخر وأوقعت أكثر من 35 قتيلاً، والمسيرات الاحتجاجية في الأردن تسعى لإسقاط الحكومة.. والأمر لا يختلف في بقية الدول العربية التي تنتظر الإشارة والتوقيت اللازم لبروز الاحتجاجات الشعبية. والأسباب واضحة وراء الغضب الشعبي العربي، فهناك نقص مستمر في الوظائف المتاحة وزيادة هائلة في أعداد العاطلين وعجز عن مواجهة متطلبات الحياة المعيشية في ظل ارتفاع أسعار السلع الغذائية عالميًا ومحليًا، ولعجز الدول العربية عن تحقيق الاكتفاء الذاتي في حاصلاتها الزراعية. ولأن معظم الدول العربية لا تملك استراتيجيات واضحة للتنمية ولا تستطيع التعامل مع متغيرات العصر بمرونة وواقعية فإنها تستمر في ضخ الدعم لتهدئة المواطنين إلى أن تواجه عجزًا ماليًا في دخلها القومي فتضطر إلى رفع أسعار الخدمات والمواد الغذائية لتواجه الاحتياجات المتوقعة. وحتى في الدول العربية النفطية فإن الأمر لا يختلف كثيرًا، إذ أن الشكل الظاهري للرخاء والاستقرار يخفي في داخله نيرانًا مشتعلة من الغضب الشعبي والمطالب الفئوية، ولكنه غير قادر عن التعبير عن نفسه أمام الوفرة المالية في اقتصاديات هذه الدول التي تخفي وتحجب وتمنع تفاقم أي مشاكل. وسوف تمتد مظاهرات الغضب إلى العديد من الدول العربية لأن الاحتجاج على الأسعار وعلى البطالة سوف يكون مقدمة لاحتجاجات أعنف تتناول القضايا السياسية وتثير قضايا أهم مثل غياب الممارسة الديمقراطية والفساد، وتفاوت الدخول وهي قضايا ينظر إليها البعض على أنها السبب الأساسي لعجز هذه الحكومات عن التنمية وتحقيق الرخاء لشعوبها. إن المواجهة الأمنية لهذه الاحتجاجات سوف تخلق ردة فعل أكثر عنفًا ودموية، ولا حل إلا في العدالة الاجتماعية ومزيد من الحريات والمشاركة الشعبية الفعالة في صنع القرار وتحمل نتائجه وعواقبه.