خطير/ منحرفون يثيرون الرعب ويهشمون سيارات المواطنين.. ما القصة..؟!    عاجل/ تعزيزات أمنية في حي النور بصفاقس بعد استيلاء مهاجرين أفارقة على أحد المباني..    منوبة: تقدّم ّأشغال بناء المدرسة الإعدادية ببرج التومي بالبطان    الحماية المدنية: 17 قتيلا و295 مصابا في ال 24 ساعة الماضية    فتح تحقيق في وفاة مسترابة للطبيب المتوفّى بسجن بنزرت..محامي يوضح    %9 حصّة السياحة البديلة.. اختراق ناعم للسوق    وزير الخارجية الأميركي يصل للسعودية اليوم    نقطة ساخنة لاستقبال المهاجرين في تونس ؟ : إيطاليا توضح    الخارجية الإيرانية تعلّق على الاحتجاجات المناصرة لغزة في الجامعات الأمريكية    كأس الكونفدرالية الافريقية : نهضة بركان المغربي يستمر في استفزازاته واتحاد الجزائر ينسحب    الدوري المصري: "معتز زدام" يرفع عداده .. ويقود فريقه إلى الوصافة    مدنين : مواطن يحاول الإستيلاء على مبلغ مالي و السبب ؟    نشرة متابعة: أمطار رعدية وغزيرة يوم الثلاثاء    تعرّض سائق تاكسي الى براكاج في سوسة أدى إلى بتر إصبعيه    17 قتيلا و295 مصابا في ال 24 ساعة الماضية    سليانة: 4 إصابات في اصطدام بين سيارتين    قيس الشيخ نجيب ينعي والدته بكلمات مؤثرة    ما حقيقة انتشار "الاسهال" في تونس..؟    تصل إلى 2000 ملّيم: زيادة في أسعار هذه الادوية    تونس : ديون الصيدلية المركزية تبلغ 700 مليار    هام/ بشرى سارة للراغبين في السفر..    كأس الكاف: حمزة المثلوثي يقود الزمالك المصري للدور النهائي    عاجل/ ستشمل هذه المناطق: تقلبات جوية منتظرة..وهذا موعدها..    الرابطة الأولى: برنامج مباريات الجولة السادسة لمرحلة التتويج    جائزة مهرجان ''مالمو'' للسينما العربية للفيلم المغربي كذب أبيض    بعد مظلمة فرنكفورت العنصرية: سمّامة يحتفي بالروائية الفسطينية عدنية شبلي    التونسيون يتساءلون ...هل تصل أَضحية العيد ل'' زوز ملايين'' هذه السنة ؟    زلزال بقوة 4.6 درجات يضرب هذه المنطقة..    أخيرا: الطفل ''أحمد'' يعود إلى منزل والديه    يوميا : التونسيون يهدرون 100 مليار سنويا    زيارة ماسك تُعزز آمال طرح سيارات تسلا ذاتية القيادة في الصين    دكتور مختصّ: ربع التونسيين يُعانون من ''السمنة''    عاجل/ تفكيك شبكة مُختصة في الإتجار بالبشر واصدار 9 بطاقات إيداع بالسجن في حق أعضائها    غوارديولا : سيتي لا يزال أمامه الكثير في سباق اللقب    معز السوسي: "تونس ضمن القائمة السوداء لصندوق النقد الدولي.."    تونس / السعودية: توقيع اتفاقية اطارية جديدة مع المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة    خط جديد يربط تونس البحرية بمطار تونس قرطاج    قرار جديد من العاهل السعودي يخص زي الموظفين الحكوميين    ثمن نهائي بطولة مدريد : أنس جابر تلعب اليوم ...مع من و متى ؟    بطولة ايطاليا : رأسية أبراهام تمنح روما التعادل 2-2 مع نابولي    طقس الاثنين: تقلبات جوية خلال الساعات القادمة    حزب الله يرد على القصف الإسرائيلي ويطلق 35 صاروخا تجاه المستوطنات..#خبر_عاجل    السعودية: انحراف طائرة عن المدرج الرئيسي ولا وجود لإصابات    عملية تجميل تنتهي بكارثة.. وتتسبب بإصابة 3 سيدات بالإيدز    أسير الفلسطيني يفوز بالجائزة العالمية للرواية العربية    البنك التونسي للتضامن يحدث خط تمويل بقيمة 10 مليون دينار لفائدة مربي الماشية [فيديو]    انطلاق فعاليات الدورة السادسة لمهرجان قابس سينما فن    50 % نسبة مساهمة زيت الزيتون بالصادرات الغذائية وهذه مرتبة تونس عالميا    وزير السياحة: عودة للسياحة البحرية وبرمجة 80 رحلة نحو تونس    بمشاركة ليبية.. افتتاح مهرجان الشعر والفروسية بتطاوين    برنامج الدورة 28 لأيام الابداع الادبي بزغوان    في اليوم العالمي للفلسفة..مدينة الثقافة تحتضن ندوة بعنوان "نحو تفكرٍ فلسفي عربي جديد"    البطولة الوطنية: النقل التلفزي لمباريات الجولتين الخامسة و السادسة من مرحلة التتويج على قناة الكأس القطرية    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ألا ما أجبن رجال الدين عندما يهجمون على النقاب
نشر في الحوار نت يوم 25 - 10 - 2009


ألا ما أجبن رجال الدين عندما يهجمون على النقاب.

ما برحت قضية النقاب تتفاعل قولا وعملا في مجتمعاتنا العربية والإسلامية بما فيها الأقليات الإسلامية المهاجرة والمعتنقين الجدد للإسلام في أروبا وخارجها..

ظل ذلك التفاعل في السنوات الأخيرة تفاعلا أدنى إلى التحضر الإنساني النائي بنفسه عن التوحش البهيمي حتى خرج أشقانا من بين صفوف رجال الدين يحمل على ظهره وزر الوأد الأكبر بمثل ما خرج أشقى قوم صالح عليه السلام فعقر الناقة وحلت الكارثة..

ربما يكون الفارق بين الشقيين هو أنّ أشقى قوم صالح عليه السلام (ثمود الذين جابوا الصخر بالواد) تعاطى فعقر.. تعاطى خمرا يذهب العقل أم تعاطى استكبارا يتأله به الإنسان على الحق يغمطه ويعتدي على الناس من حوله.. يستوي التعاطيان في النتيجة في لحظة غفلة عن أصل الإنسان (نطفة من ماء مهين)..

أما أشقانا اليوم (رجل الدين الإسلامي المنتصب على عرش أكبر وأعرق مؤسسة إسلامية بعد الزيتونة التونسية الموؤودة أي المسمى شيخ الأزهر الطنطاوي).. أشقانا اليوم يتميز بكونه رجل دين في دين لا يعترف بمؤسسة ولا بصفة رجال الدين ولا نسائه ولكن يرحب بكل مجتهد مجدد يفكر بحرية والتزام ومسؤولية تحت سقف الثوابت القطعية وفوق أديم الخلق الإنساني النبيل.. أشقانا رجل دين مهمته نحت صكوك الغفران لقيادة مصر المحروسة مباركا مرة الطريقة البدعية التي ابتكرها الأمويون انقلابا ضد القيم الشورية السياسية التي جاء بها النبيّ الأكرم محمد عليه الصلاة والسلام ونفذها رجال الخلافة الراشدة.. مباركا خلافة جمال مبارك لمبارك في ملكية مبطنة ظاهرها جمهوري وباطنها حكم جبري ديوث لعين.. ومباركا مرة أخرى العلاقة التطبيعية مع الكيان الإسرائيلي المغتصب.. ورابعة منتهكا القيم الإسلامية العليا الثابتة القطعية من مثل حرمة التعامل الربوي حسرا لقطار الظلم والبغي والجور أن يعصف بالفلاحين المصرين (الغلابى)..

أشقانا اليوم تعاطى هو الآخر بمثل ما تعاطى به أشقى ثمود قوم صالح عليه السلام.. ولكنه تعاطى بما زاده سكرة على سكرة ونشوة محرمة على نشوة محرمة.. تعاطى بتزكية حاكم مصر له فهو الذي يعينه وهو الذي يعزله وهو وليّ نعمته بمثل ما صرح هو بذلك بعظمة لسانة في وقاحة نادرة في التاريخ البشري وذلك عندما قال قبل شهور بأنه ينفذ أمر ولي الأمر.. تعاطى أشقانا من موقع أعظم رجل دين إسلامي رسمي معاصر في دين يجرم مؤسسة رجال الدين ونسائه تجريمه للاحتكار.. يستوي في ذلك الاحتكار الديني مع الاحتكار البضائعي.. تعاطى أشقانا بعد ما أغراه منصبه الذي لن يخلعه عنه إلا ملك الموت عزرائيل عليه السلام أو أحد جنده.. تعاطى أشقانا بعدما ثمل رضاعة من لبن السلطة المصرية سحتا مسحوتا.. بالنتيجة يستوي المتعاطيان: هذا تعاطى بلبن السحت المصري فثمل وسكر وذاك تعاطى بالخمرة أو بسكرة القوة فثمل وسكر..

بعد أشقى الأزهر جاء دور الشقية عفاف النجار..

تعرض شقي الأزهر قبل أسابيع إلى طالبة مصرية معتديا عليها بخلع نقابها وإهانتها وتسلميها إلى الحرس الأزهري يعلمها التدين في بلاد تدين سلطتها العليا للشيطان تقربا بالتقرب من الطاغوت الإسرائيلي زلفى.. أسال ذلك الذي أسال وأنشأ من البرامج والحوارات الفضائية الذي أنشأ.. كانت عاصفة في فنجان شغب بها الشيطان علينا لنغفل جانبا من الوقت عن قضيتنا المركزية العظمى: قضية القدس المهوّد والهيكل المزعوم الذي يهدد بحفرياته أول قبلة وثالث حرم إسلامي.. قضية الاحتلال الصهيوني لفلسطين التي بات العالم دون أدنى مبالغة لمن يفقه في عالم السياسة الدولية يتنفس على نبضها صباح مساء ليل نهار بمثل ما تفعل البورصات النقدية الدولية في أثمان العملات صعودا ونزولا حربا هوجاء ضروسا.. وقضايا أخرى قومية ووطنية ومحلية بمثلها وأدنى حيوية وخطورة على حاضرنا ومستقبلنا من مثل قضية الاستبداد السياسي ذلك الغول الأعظم الذي نخر المجتمعات العربية والإسلامية وأهداها بالمجان على طبق من ورد وفضة إلى حلفاء إسرائيل وما يثمره ذلك من فقر مدقع وتناحر اجتماعي وتفاوت طبقي وتهارج فئوي وتسارع في وتيرة التنصير المسيحي في البلدان الأشد فقرا والأقل مناعة قيمية..

بعد أشقى الأزهر جاء الدور على طالبة مصرية أزهرية أخرى هي السيدة: شريهان محمد التي اعترضت سبيلها بالأمس شقية أخرى هي عفاف النجار عميد كلية الدراسات الإسلامية بالأزهر الشريف.. شريف لولا أنّ المتحكم في بوصلته قد فارقه الشرف فما عاد له فيه فواق ناقة.. إنما شرفه أبدا بتوظيف العلوم الشرعية كلها من توحيد الديان المعبود بحق وحده سبحانه إلى فقه التغيير والإصلاح لخدمة حاجات الأمة وكرامة الإنسان إذ العلم خادم والعمل مخدوم وكلاهما يخدم الإنسان المكرم المحرر المستخلف المستأمن الذي لولاه لما كانت نبوات ولا رسالات ولا كتب منزلات ولا أديان ولا اجتهادات.. أما عندما يسخر الأزهر نفسه لخدمة العدوان على حريات الأيامى في التنقب غافلا عن قضية الاحتلال التي تتجرع مصر المحروسة ذاتها غصصه غصة بعد غصة.. عندها يكون الأزهر كنيسة ويكون شيخه قسا مترهبا بامتياز ويتحول الإسلام من دين يجرم مؤسسة رجال الدين ونسائه تجريمه للاحتكار الاقتصادي إلى دين كنسي مؤسساته العمرانية بيع وصلوات ومادته التعليمية لا تقدم بل تؤخر وأيّ تقدم علمي إذا كان لا يصنع أغلى وأقدس مقاصد الإسلام طرا مطلقا بعد توحيد الديان سبحانه أي: كرامة الإنسان وأي كرامة للإنسان إذا منع من أقدس حقوقه الشخصية الخاصة جدا من مثل لباسه وأكله وشربه وطريقة حديثه ونبرة قلمه واختيار زوجه واسم ولده..

جاء الدور على تلك الطالبة المصرية (الغلبانة) وجاءت شقية أخرى هي الأخرى امرأة من رجال الدين.. تعرضت الشقية إلى الطالبة المسكينة فنزعت نقابها بالقوة وأشبعتها ضربا ولكما وإهانة ثم سلمتها إلى الحرس الأزهري ليلقنها في التدين درسا لن تنساه: إنه درس يعرفه كل من وطأت قدماه مخافر قوات القمع في البلدان العربية والإسلامية.. درس العصا لمن عصى..

النقاب حق محقوق والعدوان عليه عدوان على الحرية المقدسة..

أجل. التنقب حق لكل امرأة بمثل حق حاسرة الرأس مثلا.. هذه لها حق عدم الاختمار فلا تكره على خمار أبدا حتى لو كانت مسلمة مؤمنة كلما كان مظهرها العام خارجا عن دائرة الغواية والإغراء ولا يتحقق فيه المقصد الأخبث الذي ذكره القرآن الكريم ذاته: "ليعلم ما يخفين من زينتهنّ".. إذ الضرب بالأرجل وسيلة غابرة لم يعد لها اليوم ذكر إلاّ في الرقص والعبرة بالمقاصد لا بالوسائل.. فينشأ من ذا أنّ كل مظهر أنثوي (بل حتى ذكوري في حالات معروفة من الشذوذ الفطري) يقدر المجتمع في عمومه أنه يدعو إلى الفاحشة بطريق الإغراء والغواية.. هو مظهر يجب منعه.. أجل. يجب منعه ولكن دون التورط في الجانب الثاني المقابل لحرية الإنسان أي: عدم الإكراه على الاختمار أو تغطية شعر الرأس.. ذلك هو الجانب النظري في القضية المعقدة تعقيدا إيجابيا بسبب جمعها بين طرفين مقدسين في الإسلام أيما تقديس وعلى ذات المقياس التقديسي: طرف الحرية البشرية التي لا يقبل تدين ولا تقبل طاعة إلاّ بها من جانب وطرف الالتزام بالإسلام فكرا وسلوكا لمن يقبل بالعقيدة ابتداء من جانب آخر. أما من رفض العقيدة الإسلامية فلا شأن له بذلك إلاّ شأنا يحاسب عليه أمام الديان ملك يوم الدين سبحانه.. هي إذن سياسة اجتماعية تتطلب وعيا وفقها وحسن فهم وحسن تنزيل ليس بالدين فحسب بل بالدنيا كذلك وليس بنصوص الدين فحسب ولكن بمقاصده ومآلاته وموازناته كذلك وليس بجانب واحد من جوانب الدنيا فحسب ولكن بكل الجوانب من مثل: جانب الحرية الشخصية من جهة وجانب حق المجتمع في الحماية ضد أدواء الرذيلة وسرطان الغواية والإغراء المفضي إلى الفاحشة والترهل القيمي من جهة أخرى.. سياسة هي إذن وليست مجرد علم بالدين ولا مجرد علم بالدنيا.. هي سياسة سماها الأولون بحق: السياسة الشرعية جمعا فيها بين السياسة التي تتطلب الفقه والحنكة وبين الدين الذي يتطلب حسن الفهم..

النقاب حق للمرأة محقوق إذن بمثل حقها في كشف الرأس حتى لو كانت مؤمنة.. ذلك من جانب نظري بسبب أن المؤمنة التي استجمعت شروط الإيمان الأساسية المذكورة في القرآن الكريم لا تتبرج سيما أن الخمار للمؤمنة بالله واليوم الآخر واجب إسلامي أصيل عليه من القرآن الكريم دليلان (النور والأحزاب).. دليلان ظاهران قوامها الإجماع الذي لم ينقطع قولا وعملا جيلا بعد جيل على امتداد خمسة عشر قرنا.. فضلا عما ورد في السنة والسيرة وسيرة الخلافة الراشدة..

عدم سنية النقاب لا تبرر العدوان عليه..

أجل. النقاب ( وهو غير الخمار) ليسة سنة من سنن الحبيب محمد عليه الصلاة والسلام ولو كان ذلك كذلك لتواتر الأمر به والتحريض عليه ولظهر ذلك في النصوص النبوية والإجماع العملي للأمة.. ولكن أفضى العلمي المتوازن بأن التنقب ليس سنة .. ولكنه في المقابل ليس بدعة .. أصح ما قيل فيه : عادة عربية قديمة . إذا وجد من أراد إحياء تلك العادة العربية القديمة فلا حرج عليه ولا تثريب..

أما أن يتذرع أشقياء الأزهر من الطنطاوي الذي يعقد لسانه كلما كان الحديث عن إسرائيل وينطلق كالمارد المجنون المسعور عندما يكون الحديث عن العدوان ضد حريات ( الغلابي ) من المصريين والمصريات .. أن يتذرع أشقياء الأزهر من الطنطاوي والنجار بمنع النقاب على الطالبات والعدوان عليهن بنزعه بله الضرب والإهانات بدعوى أن النقاب ليس سنة فذلك هو التلبيس الإبليسي الأخبث وذلك هو توظيف الدين لأغراض دنيئة خبيثة جائرة..

القاعدة في الشريعة بيضاء ناصعة : ما ثبت جوازه وثبتت إباحته فيبقى على ذلك إستصحابا ولا يجوز تقييده إلا بقرينة أقوى من ذلك .. لقد ثبت لكل ذي بصيرة أن النقاب مباح وجائز دونما نكير فلا يصح إذن أن يمنع بأي سبب من الأسباب إذ منع الحلال في الإسلام يستوي جرمه مع الترخيص في الحرام .. بالنتيجة لا نحتاج إلى أن يقول لنا شقي الأزهر ومساعدته بأن الذي جد ليس تحريما لمباح ولكنه مجرد تقييد أو منع إجرائي وذلك بسبب أن العبرة بالنتائج والمعقبات .. وما وزن كلام يساق كذلك في حين أن النتيجة هي : عضل المرأة أن تستمتع بحق من حقوقها من مثل حق التنقب .. ومن جانب آخر فإن النقاب ليس بدعة يعاقب عليها الدين حتى يهب شياطين الأزهر لمنعه.. في الأمر إذن فسحة شرعية شاملة كبيرة لا يعد المعتدي عليها إلا معتديا على الإسلام ذاته..

الأكبر من ذلك كله هو : العدوان على حرية الإنسان عدوان على الفطرة ..

عضل النقاب لا يقتصر على الجانب الشرعي بسبب كونه لا سنة ولا بدعة فهو إذن مباح جائز لا يقيد .. عضل النقاب في الأصل والحقيقة هذا الأصل في الحقيقة هو قبل الأصل الشرعي ذاته وذلك بسبب أن الفطرة أسبق من الدين فالدين ثمرة الفطرة وليس العكس حتى لو كان المتفيهقون يعدون مثل ذلك كفرا وزندقة وهرطقة عضل النقاب في الأصل والحقيقة هو عدوان على الفطرة البشرية والعدوان على الفطرة البشرية هو الذي يعبر عنه اليوم في معاجمنا المعاصرة بالعدوان على الحريات والحقوق وخاصة الشخصي منها والخاص.. العدوان على الفطرة أي العدوان على حريات الإنسان وحقوقه هو العدوان الذي توعد الله سبحانه في مرات كثيرة في كتابه العزيز فضلا عن سنة الحبيب محمد عليه الصلاة والسلام بأنه لا يغفر إلا بالتوبة قبل الموت .. تلك ثقافة مجهولة عندنا مقبورة مطمورة .. أي حرية وأي حق في الإسلام .. ليس في الإسلام إلا ما ينضوي تحت الفرائض والواجبات والمحرمات وغير ذلك .. أجل ذلك صحيح ولكن الأصح منه هو أن الحرية البشرية في الإسلام فريضة الفرائض مقدمة حتى على التوحيد. لماذا؟ لأن التوحيد فريضة لا يتم إلا بفريضة أخرى وسيطة هي فريضة الحرية البشرية. الحرية البشرية إذن هي فريضة لا تتم الفريضة العظمى إلا بها .. كلما كان ذلك غائبا عن وعينا أمسينا متخلفين متقهقرين ..

في تونس حرب ضد الخمار وفي مصر حرب ضد النقاب ..

ماهي النتيجة في الجملة .. النتيجة بالجملة مع تأخير التفاصيل في هذا المقام هي : حرب ضد الإسلام. في تونس يزعم بأن الخمار غير واجب تارة وهو بضاعة شرقية غريبة عن الزي التقليدي التونسي تارة أخرى وفي مصر ومن رحم الآلة السياسية الحاكمة ذاتها في البلدين يزعم بأن الخمار دخيل على التدين فلا بد من منعه.. وبالتنيجة فإن الضحية في الحالين قبل المعيار الديني أصلا : الضحية في الحالين هي الحرية البشرية التي لأجلها نزلت الشرائع تترى والرسالات والكتب والنبوات وكانت جنة ونار ودين ودنيا .. تلك ثقافية كفرنا بها كفرنا بالإنسان زاعمين الإيمان برب الإنسان متذرعين عبثا بالتفريق بين الإيمان برب الإنسان وتكريم الإنسان صناعته سبحانه والتفريق بينهما هو عين الكفر لمن فقه أم الكتاب أما من تتبع المتشابهات إبتغاء الفتنة أو إبتغاء تأويل بعيد فحسبه إيمان بني إسرائيل : إيمان ببعض الكتاب وكفر ببعضه..

التنقب ثمرة لمناخ عام سار في الأمة..

النقاب عادة عربية قديمة ومن شأن العادات التي لا يحرمها الإسلام قطعيا وليس بمجرد التخمينات والظنون المتخرصة الفاسدة أن تحيا لأن العادة أقوى الأشياء في حياتنا .. لو كان النقاب أمرا مذموما في الإسلام لنهى عنه عليه الصلاة والسلام إذ أثبتت الروايات أن بعض النساء حافظن على نقابهن بعد إسلامهن فلقينه وكلمنه ولم ينههن عن ذلك فكان ذلك منه عليه الصلاة والسلام بما يعرف في فقه السنة : إقرارا. والإقرار هو الجزء الثالث من معاني السنة تشريعيا قبل إضافة ما عرف بجزء الصفة.. حتى نساءه لم يتنقبن عليهن الرضوان عندما خرجن بعد قوله سبحانه : " وقرن في بيوتكن " ففهم أن المعنى هو : ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى أما الأمر بالقرار في البيوت فإنما ورد مورد الغالب من جهة ومورد التأكيد على المقصود الأكبر أساسا أي : عدم التبرج ولو كان ذلك غير ذلك لما خرجت الأم العظيمة الكريمة عائشة في معركة الجمل وليس خروجا عاديا بل خروجا مسلحا في مقابل جبهة علي عليه الرضوان والفريقان المتواجهان بالسيف مبشران بالجنة : من هنا طلحة والزبير وعائشة ومن هناك علي ومن معه عليهم الرضوان جميعا .. كان الأمر إذن بالقرار في البيوت أمر وسيلة كما يقال وليس أمر غاية والغاية هي دوما : عدم التبرج وخاصة تبرج الجاهلية الأولى ولكن عشنا في أيامنا جاهلية معاصرة أضحت معها الجاهلية الأولى لها حسنات وحسنات الأبرار سيئات المقربين كما يقال ..

أما المنزلة الإجتماعية للتنقب اليوم فهي معروفة عند علماء الإجتماع : سلوك رد فعلي لظواهر إجتماعية كثيرة منها الإحتلال الصهيوني لفلسطين وحركة التطبيع النامية فينا والإستبداد السياسي الذي أكل الأخضر واليابس والفجور المتبرج الذي فاق كل التوقعات والتصورات بما وجد من فضائيات وهدير إعلامي لا يهدأ لحظة من يوم أو ليل بل تعدى ذلك إلى العدوان البليغ المشين ضد الفطرة من مثل ما وطأ له مؤتمر السكان في القاهرة ذاتها عام 1994 تلك النابتة الخبيثة شجرة الزقوم التي أرست لثقافة الزواج المثلي والسحاق عربيا وإسلاميا وكذلك الجور الإقتصادي والطغيان الإجتماعي وظواهر إجتماعية أخرى لا تحصى ولا تعد تصب كلها بالنتيجة والمحصلة في بوتقة إسمها : شريعة الغاب يأكل فيها القوي الضعيف والغني الفقير ثقافيا ودينيا وماليا و تسحق فيها الحريات والكرامات والحرمات والحقوق البشرية سحقا بمزيد من التنكيل والتشفي والهوس ..

ردود الأفعال بين الظواهر الإجتماعية بعضها ببعض لا يمكن حصرها ولا التنبؤ بها إتجاها وحجما حتى أكدت القاعدة الإجتماعية المعروفة : كل غلو في إتجاه ما يقابلة بالضرورة ولو بعد حين غلو يساويه حجما وثقلا ولكن في الإتجاه المعاكس.. ذلك هو خير ما يفسر ظاهرة التنقب دون أن يشغب ذلك على حق المرأة المتنقبة بأصل ديني ولو كان أصلا لا يثبت عند التحقيق العلمي الكفيل بإظهار الصواب وإزهاق الخطل..

في ذلك الإطار الحضاري والثقافي دوليا وعربيا إذن تتنزل ظاهرة التنقب.. هما طرفان وبينهما وسط واسط معتدل مقبول شرعا وعرفا .. طرف الفجور الغاوي الذي أضحى الخبز اليومي للثقافة العربية بل ظل الطعم الذي تنخرنا المخابرات الصهيونية والغربية من خلاله .. ذلك الطرف الذي يريد إنتشار الفاحشة في الذين آمنوا عاملا على ذلك مدعوما من الشرق والغرب يقابله سنة من ربك سبحانه وقانونا إجتماعيا ماضيا مطردا لا يتخلف .. يقابله طرف آخر في الإتجاه المعاكس بالتمام والكمال وهو طرف : الغلو.. الغلو لا يكون إلا رد فعل أبدا مطلقا عندما تخرس الألسنة العاجزة وتنطلق ألسنة الإجتماعيين الذين لهم مع إبن خلدون وإبن نبي صلة حسب ونسب..

أما عندما يكون العلاج بيد رجال الدين الفاسدين فإن الخطب أثقل..

عندما يزج رجال الدين بأنفسهم في علاج ظواهر إجتماعية معقدة تتجاوز ألسنهم المقعدة وأقلامهم الباردة في دين يكفر بطبقة رجال الدين كفره بالإحتكار الإقتصادي والظلم السياسي .. عندما يكون العلاج لمثل تلك الظواهر الإجتماعية المعقدة يكون الخطب أثقل وهل تستأمن حدادا على معدتك أو تستأمن طبيبا على حذائك.. رجال الدين الذين ألبستهم الدكتاتورية العربية الصماء لبوس الزور والكذب أما الفقهاء المبرزون الذين جمعوا إلى خبرات الدين خبرات الدنيا بمثل ما عليه الأوائل عامة فأولئك ليسوا برجال دين ولكنهم رجال الإسلام دينا ودنيا..

رجال الأزهر منتدبون لغير قضية النقاب لو كانوا جديرين ..

إذا حاد الأزهر عن رسالته العلمية التي لا بد من توظيفها لخدمة الإنسان في هذا الزمان تخليصا له من براثن الإحتلال الصهيوني والإستكبار الإسرائيلي في الأرض .. إذا حاد الأزهر عن رسالته المعاصرة : المساهمة في نقض حبائل الإحتلال الصهيوني بالمطرقة العلمية الشرعية من جهة والمساهمة في نقض حبائل الإستبداد السياسي ومن علاماته في مصر التوريث الأخبث من جهة أخرى .. إذا حاد الأزهر عن رسالته الحقيقية في نشر العلم الإسلامي الذي يحقق مقاصده تحريرا للإنسان وتكريما له لأجل عبادة الواحد الديان سبحانه دون إكراه وعمارة الأرض .. إذا حاد الأزهر عن ذلك إلتفت إلى القضايا الصغيرة الهامشية المحدودة من مثل النقاب.. إذا أعياه تعقب الصهاينة المتنفذين في دولة مصر.. فكان حيالهم بمثل النعامة صب جام غضبه على الطالبات المصريات الأزهريات يعضلهن عن طلب العلم بإسم محاربة النقاب.. أي رسالة وأي دين يارجال الكنيسة الأزهرية ويا بوليس حاكم مصر وأي شقاء ..

إذا خيرنا بين مواجهة غلوين فإن مواجهة الغلو العالماني أولى ..

الخمار وسط إسلامي معتدل بين النقاب ( رغم كونه حقا محقوقا للمرأة دون أدنى نكير عليها حتى لو لم يكن لا سنة ولا بدعة ).. الخمار وسط إسلامي معتدل بين النقاب من جهة وبين العري الفاضح الغاوي من جهة أخرى. ولكن لو خيرنا بين مواجهة هذا وذاك فإن الأولوية بحسب المقياس الإسلامي للسياسة الشرعية لا شك تفضي إلى مواجهة العري الفاضح ليس بسبب كونه عاملا من أقوى العوامل على إذكاء الغرائز الهاجعة وإندياح الفاحشة الكبيرة المغلظة بين الناس فحسب ولكن كذلك لأنه عادة ما يكون حمالة العالمانية المتطرفة بل الصهيونية والصليبية والنظرية الغربية بصفة عامة تتوسل إلينا ببناتنا اللاتي غرهن النموذج الغربي بطلاءاته من حرية وتقدمية وحضارة وثقافة وغير ذلك ..

إذا كان الخمار واجبا إسلاميا أصيلا لا يرتقي طبعا إلى وجوب الصلاة والصيام والزكاة والحج بله العقيدة فإن النقاب حق محقوق للمرأة كلما لم يكن لا سنة ولا بدعة بل هو عادة إجتماعية قديمة وحديثة بل كلما كان شأنا شخصيا لا يؤذي أحدا ..

إذا كان ذلك كذلك فإن المواجهة يجب أن تتوجه إلى محاربة نظرية التبرج الغاوي التي فاقت كل الحدود والتصورات فهي لسان العولمة وقلم الغرب وحمالة ثقافته إلينا .. ليس الحديث عن إمرأة ريفية لا تغطي شعر رأسها جهلا أو أنفة ولكن الحديث عن حركة ( القهرمانات ) اللائي يشكلن جيشا لجبا من الجيوش النظامية الفعلية لحركة العولة والعالمانية والنظرية الغربية والإستبداد السياسي وبعد ذلك كله : طعم المخابرات الصهيونية والصليبية فينا..

مواجهة ذلك النوع من التبرج الفاضح والعري البهيمي هو الذي يجب أن يكون مقصودا من كل فعاليات الإصلاح والتغيير أما مواجهة ظاهرة التنقب فهي المعركة الخاسرة لأنها معركة هامشية محدودة فضلا عن كون مواجهة التنقب لن تزيد النساء إلا إقبالا على التنقب.. مواجهة النقاب حربا ليست بعيدة عن مواجهة الخمار في تونس..

مواجهة النقاب هي مواجهة للحرية البشرية وهي جزء من مواجهة الإسلام ذاته..

أما مواجهة حركة العري الفاضح الذي يتخذ من نظرية الحرية الجنسية مبدأ إجتماعيا تتوسل به العولمة والعالمانية المتطرفة والنظرية الغربية المعبأة بنظرية فرويد ودوركايم وماركس وهيغل وغيرهم .. تلك هي المواجهة المفروضة علينا نخوضها والشهداء منا فيها شهداء الإسلام..

أما مواجهة التنقب فهي معركة الجرذان السمينة الكبيرة التي فرت يوم الزحف من المعركة مع الصهيونية والإحتلال ومواجهة الطغيان الإسرائيلي الذي يبتز العالم كله بإسم الهولوكوست ..

نحن بحاجة إلى فقه جديد معاصر يعيد رسم أولويات حياتنا..

هذا هو فقه السياسة الشرعية يا حاخام الأزهر الشريف ويا قس مصر الأكبر..
هذا هو فقه السياسة الشرعية يا سيدة عفاف النجار..
أما تجاهل الإحتلال والإستبداد والفحش الجنسي العاري والجور الإجتماعي .. تجاهل ذلك لأن ذلك يقود إلى المشانق والسجون والمنافي وضنك العيش ماديا والتفرغ لمواجهة التنقب .. تلك مهمة الحقراء والسفهاء ..

إذا نجحتم في حسر مناطق الشر سياسيا وإقتصاديا وإجتماعيا وثقافيا وقوميا ودوليا .. مناطق الشر الجنسي العاري الذي يتخذ له من حياتنا اليومية في الشارع والإعلام فضاء رحبا مبجلا مقدسا بما يحولنا إلى غابة للوحوش الكاسرة ويكسر فينا الهمة ويبدد العزيمة .. إذا نجحتم في ذلك فلن تواجهوا ظاهرة التنقب لأنها ستختفي نسبيا وما بقي منه هو حق محقوق لصاحباته يمارسن بمثل ما تزاول كل إمرأة حقها الطبيعي في جسمها..

الهادي بريك المانيا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.