و لا تركنوا للّذين ظلموا فتمسكم غضبة الجماهير عجيب أمر هؤلاء القيادات من الأحزاب االمعارضة الّذين قبلوا الدخول لما سمّوه حكومة وحدة وطنية أغلبها من مخلّفات نظام مجرم فاسد نهب و خرّب البلاد و قهر العباد، و قد انتفخت أناهم، و طنّوا أنّهم أكثر وطنية و أكثر غيرة و أحرص على سلامة الوطن و يخوفوننا بفقدان الشرعية - للنظام - و بالسقوط في الفراغ السياسي إن لم نتعامل مع نظام لا زالوا و حدهم يعتبرونه شرعي. غريب لهؤلاء كيف يرون الشرعية في حزب إغتصب السلطة و إحتكرها و كان فاسدا خائنا لبني وطنه، و لا يرون الشرعية في ثورة مدنية خرج فيها شعب بأكمله أعزل ، من أجل حركة تغييرية جذرية. إنّ الثورات الشعبية كما حصل في تونس تستمد شرعيتها من مبادئها ، ومن التأييد الشعبي لها و من الخروج الطوعي لشعب أعزل في ظل نظام بوليسي قمعي بامتياز وواجه الرصاص بصدور عارية من دون تأثير من أي طرف خارجي أو داخلي لا سياسي و لا غيره و عليه فهذه الثورة الشعبية هي بمثابة إستفتاء شعبي كان حتما عالية الصدقية و النزاهة نظّم من أعلا سلطة هي سلطة الشعب ، تلك السلطة التي تستمد منها سائر السلطات شرعية وجودها، و قد قال الشعب كلمته بوضوح و قوّة. يدافع السيد نجيب الشابي و بشدّة عن الوزاء السابقين من التجمّع الذين سيشتغل معهم في " حكومة الوحدة الوطتية " و وصفهم بالوطنية و النزاهة و استمات في الدّفاع عنهم و أنّى للشابي أن يقنع سامعيه و هم الّذين حرّكهم فساد النظام السابق فثاروا عليه. أ من المعقول أن يطمع الشابي في أنّ هناك من سيصدق أنّ الفساد و نهب الثروة الوطنية و القمع و الإجرام من طرف النظام السابق الذي عرفه القاصي و الداني و المسيّس و الغير مسيّس و الصغير و الكبير لم يعلمه وزراء حكومات بن علي، أمن المعقول أن من اشتغل مع بن علي لم يكن مشاركا و لا متواطئا و لا حتّى ساكتا شيطانا أخرص في كل ما ارتكب بن على و نظامه المجرم من مظالم في حق الشعب و الوطن. سئل الشابي عن الترخيص للإسلاميين في العمل السياسي وردّ الشابي بأنّ ملف الإسلاميين ملف شائك و سيكون على الطاولة وبأنّه ليس وحده من يقرّر فيه ولا نفهم كيف يحتكر السيد نجيب الشابي و من معه فيما سمّاها حكومة وحدة وطنية الشرعية حتّى يضفوا المشروعية على غيرهم . لقد منحت الثورة الشعبية المدنية الشرعية لكل الجمعيات ولفرقاء الحركات السياسيية و الإجتماعيةو النقابية و سلبتها فقط من الحزب الذي كان قد إغتصب السلطة و أحالته للقضاء لمحاكمة مجرميه و على هذا الحزب أن ينتظر تأسيس الدولة التي تمناها الشعب الثائر ليقول القضاء العادل كلمته في كل رجالاته و كلّ من تحمّل فيه مسؤولية هو متّهم حتّى يثبت القضاء العادل براءته. و أمّا ماحكم الشعب فيه و فعله من إسبرداد لبعض حقوقه و ممتلكاته زمن إنتفاضته فلا تعقيب عليه ذلك أنّ خروج الشعب للثورة هو إستفتاء يمنح الشرعية للثورة ، و يسبغ الحصانة على الثوار . إنّ بناء تونس التي يحلم بها الشعب المنتفض لن يكون بدون عملية تنظيف قانونية -ونقول هنا قانونية- شاملة لمخلفات و قاذورات النظام الذي أسقطه الشعب . لا عمل مشترك الآن و لا حوار مع رموز النظام السابق قبل المحاكمة فقط استلام للسلطة المغتصبة. فلكم تمنينا أن نتحاور مع هؤلاء و أن يكون بمقدورنا العمل في ميادين الإجتماع و الثقافة والسياسة و لم يترك النظام البائد أي فرصة لكلّ من خالفه. إنّ بقاء أزلام النظام السابق هو مؤشر عن المستقبل المفزع الذي ينتظر الشعب التونسي و وطنه و أولاده. و ليحذر كلّ من يقف أمام الثورة و كلّ من يحاول أو يساهم في وضع العراقيل لتأجيل تحقيق إنجازاتها كاملة. علي حميدي - هولندا