استبداد الحزب الحاكم هو أهم أسباب ثورة الكرامة التونسية ، فقد ظل هذا الحزب جاثما على قلب كل تونسي بتعلاّت مختلفة ، أهمها: أنه حزب الاستقلال ، و أنه الحزب الذي أخرج المستعمر ، و حزب المجاهد الاكبر . أتساءل هنا ألم يكن إلا منخرط في هذا الحزب حتي يكون مجاهدا عن الوطن ؟ ؟ أنا أعرف الكثيرين ممن جاهد أو سقط شهيدا يدافعون عن الوطن و لم ينضمّوا إلى هذا الحزب . ؟؟ و مهما يكن من أمر فقد أصبح أغلب منتسبي هذا الحزب فيما بعد استعمارا داخليا ، استعمر كل افراد الشعب ، و لم يكرّسوا إلاّ النهب و الاستغلال و الثراء الفاحش ، خاصة بعد انقلاب السابع من نوفمبر 1987 ، الذي يريدون ان يكرره التاريخ هذه الأيّام ، فما حدث في السّابع من نوفمبر و ما وليه من تعاسات ، يريد أصحاب الحزب الحاكم البائد ان يتكرر مع 14 جانفي 2011 ، نعم يريدون ان يتكرر ذلك جاهدين ، فكما سقط بورقيبة سقط بن علي ، و الحزب و الميليشيات ثابتة و جاثمة على صدور الشّعب ، لكن هذه المرّة حرص الشّعب الثّائر و مازال ، على تنظيف السّاحة وأسأل الله أن يوفّق أمّا إذا صمت الشّعب فإنّ الكارثة ستحصل لا محالة ، و يظلّ الحبل على الغارب ؟؟ و ما حرص الحكومة الحالية التي تزخر برموز بن علي على التّمسّك بالسّلطة رغم مطالبة الشّعب الملحّة ورغم ارهاقه و تعبه ، في العاصمة و في كل الولايات بل و حتى المعتمديات ، إلاّ دليلا على الحرص على بقاء النّظام النوفمبري البغيض بأيّ طريقة ... فإذا لم يأت وزيرا للداخلية و يلصقها بالشّعب الذي من المفروض أن تدافع على أمنه و راحته ، فلا خلاص للتونسيين من ديكتاتورية جديدة . وأضرب مثلا على استمرار الديكتاتورية التي نلحظها هذه الأيّام : رجوع القناة الوطنية للبرامج السّلبلية تماما ، بل إعلان بثّ الفرقة و التآمر كما حصل مع قناة حنبعل ، و توجّه الأخبار لخدمة أجندة الحكومة المرفوضة ، و بعدها عن مطالب الشّارع ، و تطبيلها لشريحة متواطئة ضد الثورة المباركة ، و خروج عصابات مؤيّدة للحكومة مستغلّة براءة المواطنين و حبهم للعمل و الدراسة ، و الاعتداء على مقرّات الاتحاد العام التونسي للشغل ، و على رموز وطنية ، و خلق التّشويش على المتظاهرين بل و الاعتداء عليهم ، كمحاولة لبدء حرب أهلية لا قدر الله و ما يفعل هذا إلاّ أناس منسلخون من الوطنية ، وهم الذين رأيناهم يفتكون ببلدنا في بداية سقوط الطاغية ، ... وما نريد هذا يكون من حكومة وطنية . إن الاجهزة الأمنية و رموز الحزب الحاكم البائد الذين لم يثوبوا الى رشدهم لا يزالون على حالهم قبل 14 جانفي 2011 ، يؤمنون بإرهاب المواطن و استعمال الخدع و القوة المفرطة و حتى الاغتيالات ، و كل الأساليب القذرة التي لا تراعي في مواطن " إلاّ و لا ذمّة " ، يحرّكونها كلما أرادوا ذلك ، يبثّون الرّعب بين المواطنين ، يخرّبون و يقتلون ... و لا يمكن ان يكون هذا من حزب يدّعي انه يدافع عن الاستقلال و الوطن . و لهذا فأهم أسباب ثورة التونسي نقمته على أجهزة الأمن المتسلّطة و التي أنشأها الحزب المجرم الذي يقتل أبناء الشّعب ، فهذه الاجهزة تحصي خطوات التونسي في الطريق ، و تضايقه في حركاته وسكناته ، و تصادر كل حرياته ، حتى علاقته بخالقه .. فأرانا فيهم الله سبحانه آياته إنّه القاهر فوق عباده . فلا للذلّ و لا للاستكانة و لا للاستعمار الدّاخلي و الخارجي . نحن الوطنيون ندافع على وطننا و ديننا مخلصين النية لله ، فمن أراد بقاء الوطن و رضاء الخالق فيد الله مع الجماعة ، و من لم يرد إلاّ مصالحه و مصالح أسياده الدنيوية الزّائلة ، فالمؤمن لا يلدغ من جحر واحد مرّتين ...