إقامة موائد إفطار في معظم المدن الهولندية يجتمع عليها المسلمون وغير المسلمين.. محاضرات متنوعة للتعريف بالإسلام وإدماج المسلمين الجدد.. عروض فنية وموسيقية.. تلك أبرز فعاليات مهرجان رمضان الذي تنظمه الأقلية المسلمة في هولندا للعام الخامس على التوالي وطوال الشهر الكريم. وبرغم أن المهرجان ينطلق تقريبًا مع بدء شهر رمضان المبارك، فإن الصحف الهولندية أو الأوروبية لا تبدأ في تغطيته عادة إلا في النصف الثاني من الشهر الفضيل، حيث تكون الأنشطة قد بلغت ذروتها وازدادت نسبة المشاركة من غير المسلمين. وفي عددها الصادر الثلاثاء 8- 9-2009، قالت صحيفة "إرث تايمز" المعنية بأخبار القارة الأوروبية، إن المهرجان الذي يحرص عليه المسلمون للعام الخامس على التوالي هذا العام قد صار حدثًا مهمًّا على مستوى غالبية المدن الهولندية، حيث بات غير المسلمين ينتظرونه لما يحويه من أنشطة متعددة يقبل الجميع على متابعتها.
وأشارت الصحيفة إلى أنه برغم الهجوم الشرس طوال السنوات الماضية على المهرجان من قِبل زعيم حزب الحرية اليميني المتطرف جيرت فيلدرز، فإن المهرجان قد اكتسب شعبية بالغة، مدللة على كلامها بالأعداد التي تحرص على المشاركة سنويًّا، خاصة من غير المسلمين. ويتضمن المهرجان "إقامة موائد إفطار تقام في معظم المدن الهولندية، يجتمع حولها مواطنون هولنديون مسلمون وغير مسلمين، يتبادلون الحديث والمعلومات بشأن كل شيء يهم البيت والمجتمع ويمتد إلى الحديث عن الصيام ودوره في تحقيق التكافل الاجتماعي بين المسلمين وغيرهم، تتخللها فقرات ترفيهية يشارك فيها الحضور لإشاعة أجواء من البهجة والتلاقي بين أبناء الوطن الواحد"، بحسب الصحيفة. ويسعى المهرجان الذي يحظى بدعم قوي من الحكومة الهولندية -بحسب الصحيفة- إلى مد جسور التواصل بين المسلمين وغيرهم وترسيخ ثقافة الحوار، والعمل على محو الصور النمطية المغلوطة عن الإسلام والمسلمين والتي غالبًا ما تقترن بصور مشوهة، وذلك من خلال إلقاء محاضرات للتعريف بالإسلام وبثقافة المسلمين بالإضافة إلى عروض فنية وموسيقية، حيث يشارك في تنظيم المهرجان حوالي 150 منظمة إسلامية ومسجدًا، إلى جانب منظمات مسيحية ويهودية ولا دينية تعرض خدماتها. وتتواصل أنشطة رمضان في إطار ما يطلق عليه ب"دورة رمضان" وتمتد كامل الشهر يجوب خلالها المسلمون الجدد عددا من مساجد هولندا المختلفة. من جهته، قال نور الدين ستين فورد رئيس المنتدى الوطني للمسلمين الجدد: إن الهدف من هذا التجمع أيضا هو جمع كلمة المسلمين الجدد ودمجهم بإخوانهم من المسلمين القدامى حتى يتم التكامل ويتحقق التعاون". وبالرغم من أنه لا توجد إحصائيات دقيقة حول عدد المسلمين الجدد في هولندا فإن المركز الوطني للإحصاء الهولندي يقدر عددهم بحوالي عشرة آلاف، أي حوالي 1% من عدد مسلمي هولندا البالغ مليون نسمة، والذين يمثلون بدورهم 6% من العدد الإجمالي للسكان البالغ 16 مليونا. فرصة وعن المشاركين هذا العام في المهرجان، توقعت عائشة الأغا، المشرفة على تنظيم "مهرجان رمضان"، أن يكون هناك المزيد من المواطنين غير المشاركين، مشيرة إلى أن المهرجان بدأ هذا العام بحوالي 15 ألف فرد، كما لوحظ هناك إقبال بالغ خلال الأيام القليلة الماضية من غير المسلمين خصيصًا. وفي هذا السياق شددت عائشة على أنه "من الأمور التي تساعد على فهم الأفراد لبعضهم البعض أن يجلسوا على مائدة واحدة يأكلون ويتجاذبون أطراف الحديث حول كل ما يجول بخاطرهم"، مشيرة إلى أن "رمضان أعطانا الفرصة لتحقيق ما لم يكن يحدث بين المسلمين وغيرهم، فقد كان من النادر أن تجد مسلمًا على مائدة غير المسلم والعكس". "أنشطة المهرجان القوية جعلت الحكومة في أمستردام تعطيه الصبغة الشرعية، الأمر الذي شجعنا على توسعة نشاطنا وتحوله من مدينة إلى مدينة من بداية الشهر وحتى نهايته"، بحسب عائشة. وعن استيعاب الأعداد الضخمة على موائد الإفطار، أوضحت عائشة قائلة: "بإمكان الفرد الراغب في الانضمام إلينا أن يدخل على الموقع الإلكتروني للمهرجان ويسجل نفسه في إفطار المدينة التي يرغب فيها ويختار رقم المقعد الخاص به؛ ليتسنى له الحضور إلى الإفطار في الموعد المحدد ويجلس دون أي عوائق قد تعكر صفوه، كما أن بإمكان المسلمين أن يقوموا بالأمر ذاته لمن يرغبون في دعوته على الإفطار". ولفتت عائشة إلى أن الجالسين على موائد الإفطار ليسوا من طبقة بعينها، بل من كل الطبقات الاجتماعية على اختلاف مستوياتها في أي مدينة هولندية، كما تقوم المنظمة بدعوة عدد من السياسيين في كل مدينة هولندية من باب تشجيع المواطنين على الانضمام للإفطار والمشاركة وحتى الالتقاء بالسياسيين عن قرب.
