عندما استقبل في مكتبه الاحد صحافيا من وكالة الصحافة الفرنسية داخل مقهى في تونس، لم يكن يتوقع الامين العام لحزب التجمع الدستوري الديموقراطي محمد الغرياني ان يتم وقف انشطة هذا الحزب الحاكم ابان عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي بعد ساعات قليلة. واعلنت الحكومة الانتقالية التونسية الاحد "وقف" انشطة التجمع الدستوري الديموقراطي واقفال مراكزه كافة تمهيدا لحله. وقبل ساعات من هذا الاعلان، كان الغرياني يؤكد ان الحزب-الدولة الذي اثار انتقادات الشعب على مدى السنوات الثلاث والعشرين لحكم بن علي يملك مكانا في العهد الديموقراطي الجديد في تونس. والقى الغرياني باللوم في ما الت اليه الامور الى مؤسس الحزب عام 1988 الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي الذي "اخذ هذا الحزب وقادته وقاعدته رهينة للحفاظ على مصالح" عائلته. وقال "لا يمكنكم الاقتصاص من حزب وقاعدته لان رئيسه كان فاسدا"، معتبرا ان حل الحزب سيكون "خطأ جسيما". ومع ذلك، تظاهر التونسيون منذ فرار بن علي من القصر الرئاسي الى السعودية في 14 كانون الثاني/يناير للمطالبة بحل التجمع الدستوري الديموقراطي. واكد الغرياني الاحد ان هذا الحزب الذي انضوى فيه يوم كان في اوج قوته مليونا منتسب من اصل عشرة ملايين تونسي بمكنه ان يتغير. وقال ان "الذين انقلبوا على مبادئهم" لن يجدوا لهم مكانا في النسخة الجديدة من التجمع الدستوري الديموقراطي"، مضيفا "اما بالنسبة للاعضاء المتورطين في الفساد، فيجب ان يحاكموا". واشار الى ان الحزب يشهد عملية مراجعة داخلية. ولم يعد الغرياني يتولى الا الشؤون العادية للحزب منذ حل مكتبه السياسي في 20 كانون الثاني/يناير. وفي هذا التاريخ، قررت السلطات الانتقالية في تونس فصل الدولة والحزب وتملك الاموال المنقولة وغير المنقولة للتجمع الديموقراطي الدستوري. ودعا محمد الغرياني الاحد الى "التعايش" مقرا بان التجمع الدستوري الديموقراطي "لن يكون حزبا-دولة" ولن يتمتع بالتأكيد "بهامش المناورة الذي كان لديه سابقا" لكنه يرغب في ان يكون "مكونا في المشهد الجديد" و"يريد المشاركة في الانتخابات التشريعية المقبلة". وموعد هذه الانتخابات الرسمي بعد ستة اشهر الا ان الغرياني يستبعد اجراءها "قبل عام" من اليوم. وقال الاحد "اننا سنحترم النتائج. هدفنا ليس العودة الى السلطة بل الانخراط في اللعبة السياسية لمرحلة ما بعد بن علي"، نافيا اي تحضير لثورة مضادة. وسأل الغرياني "منذ اسبوعين يتم اتهام التجمع الدستوري الديموقراطي بانه دفع اشخاصا للقيام باعمال تخريب ونهب ومهاجمة ادارات عامة لنشر الفوضى. هل اعتقل افراد من هذه العصابات؟ هل اعترفوا بانتمائهم الى الحزب او بانهم مدفوعين من جانبه؟". واضاف "اننا لا نريد حرف مسار العملية" الانتقالية، مقرا في تصريحات لافتة جدا "ان هذه الثورة وضعت حدا لوضع غير طبيعي على راس السلطة". وتعرض المقر الرئيسي للتجمع الدستوري الديموقراطي حيث كان الغرياني معتادا على استقبال زواره، للتخريب على يد متظاهرين وهو موجود حاليا تحت حراسة عسكرية مشددة.