يتسبب صمت الرئيس المصري بشأن الخلافة رغم اقتراب انتخابات الرئاسة في إثارة الشكوك حول ما إذا كان حسني مبارك استقر على خليفة له وسيضمن انتقالا سلسا للسلطة في حياته. ويُعتقد على نطاق واسع أنّ رجل السياسة جمال مبارك ابن الرئيس المصري هو الأكثر ترجيحا لقيادة مصر حليفة الولاياتالمتحدة حال ترك والده (81 عاما) الحكم... لكن مبارك لم يُعط مؤشرا على أنه يعتزم التنحي حين تنتهي فترته الحالية عام 2011. وكلما طال انتظار مبارك قبل أن يتخذ قرارا بشأن الخلافة زاد احتمال مرضه أو وفاته وهو في الحكم بدون تأمين بديل له، وهو سيناريو يمكن أن يؤدي إلى فراغ في سلطة في وقت يتنافس فيه مرشحون على المنصب. وقال المحلل السياسي المستقل ايساندر العُمراني: "لا أعتقد أنّ هذا يعني بالضرورة فترة ممتدة من عدم الاستقرار أو صدمة مفاجئة أو قتال في الشوارع لكنه يعني على نحو أكبر أنّ الرئيس الجديد أيا كان سيكون على نحو كبير أضعف من مبارك." وأضاف: "يمكن أن تتزايد صعوبة تعزيز (السلطة)." وأثار غياب الوضوح قبل انتخابات الرئاسة المُقررة لعام 2011 امتعاض المستثمرين والحلفاء السياسيين التواقين إلى تجنب عدم الاستقرار خلال نقل السلطة. وهم يدركون جيدا أنّ مبارك سيكون عمره 89 عاما في نهاية فترة ولاية سادسة. وقال مدرس العلوم السياسية في جامعة القاهرة مصطفى السيد: "إنّه يبدو في صحة جيدة." وأضاف: "ما لم تنفذ إرادة الله، أعتقد أنه إذا بقي على قيد الحياة عام 2011 سيسعى لفترة رئاسة سادسة". وتركزت التكهنات حول المتنافسين المحتملين لخلافة مبارك على ابنه. والآخرون الذين يمكن أن يكونوا مرشحين، بينهم الوزير عمر سليمان مدير المخابرات العامة أو مرشح عسكري آخر. وهناك مرشح أقل ترجيحا هو الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى وهو وزير خارجية سابق صريح القول يتمتع بشعبية في مصر لانتقاده لإسرائيل والسياسة الأميركية في المنطقة. وفي تصريحات مفاجئة هذا الشهر لم يستبعد ترشحه للمنصب حين سُئل عن ذلك. وقدم آخرون محمد البرادعي مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية كمرشح يمكن أن يكون عليه توافق. ومن غير المحتمل أن يخلف مرشح من جماعة الإخوان المسلمين المحظورة أو حزب ليبرالي مبارك في وقت لا يوجد فيه لأحزاب المعارضة الشرعية أيّ نفوذ تقريبا كما تجعل قواعد الترشيح أي محاولة حقيقية من قبل مرشح مستقل أمرا مُستحيلا تقريبا. وقال رئيس مجلس الوزراء أحمد نظيف: أنّه من غير المتوقع أن يختار الحزب الحاكم مُرشحا للرئاسة في مؤتمره السنوي الذي تبدأ أعماله في غضون أيام. وفي عام 2006 قال مبارك الذي لم يعين نائبا له أنّه سيحكم مصر حتى آخر نفس. وقال نظيف: أنّه من غير الواجب توقع أن يتخذ مبارك أي قرار بالترشح لفترة جديدة قبل الانتخاب بعامين. ومن الناحية العملية بإمكان مبارك ألا يكشف عن أي أوراق قبل ربيع عام 2011. وفي نفس الوقت زادت التكهنات بأنه يمكن أن يكون قائما بتمحيص اختياراته بشأن خليفة. وجمال مبارك - بخلاف الرؤساء السابقين - ليس له خلفية عسكرية. وقال وليد قزيها مدرس العلوم السياسية بالجامعة الأميركية في القاهرة: "لن يكون الأمر سهلا بالنسبة لجمال. سيكون أمامه وقت عصيب للغاية قبل أن يؤكد ذاته وإذا لم يستطع فإنّ هناك كثيرون يمثلون تحديا له." وبغض النظر عمن سيشغل المنصب فإنّ المرجح أنّ أيّ رئيس جديد سيتمسك بإجراءات الإصلاح الاقتصادي التي بدأها التكنوقراط حلفاء جمال في الحكومة وأن يبقى قريبا من واشنطن والسلام مع إسرائيل. وقال محمد يونس رئيس شركة الأسهم الخاصة كونكورد انترناشونال: "الشيء المهم هو الاقتصاد. ستكون هناك مشكلة إذا تصورت أنهم سيؤممون الأشياء". وأضاف: أنّ مثل هذا التحول الضخم "لن يحدث". ويقول محللون أنّ مبارك الذي ينفي أنه يعد ابنه للرئاسة ربما يريد أن يؤخر إعلانا بشأن الخلافة لإعطاء جمال مزيدا من الوقت لبناء علاقات أقوى مع الجيش أو الإشراف على إحياء اقتصادي. ومن الناحية الأخرى... إذا رأي مبارك أنّ مرشحا ذا خلفية أمنية سيكون اختيارا أفضل قد يؤجل إعلان ذلك للشعب تجنبا لمشكلة مع ابنه. ويتفق محللون كثيرون على أنّ فرص جمال أكبر إذا رفض مبارك الترشح لفترة رئاسة جديدة وأقر ابنه كمرشح للحزب الوطني الديمقراطي لانتخابات الرئاسة العام بعد المقبل لأنّه بذلك يقوده إلى الحكم من موقع قوة. ولكنهم يقولون أيضا: إنّ هذا السيناريو غير مُرجح. وحين سُئل نظيف قال: إنّ هناك "إمكانية" أن يكون جمال مرشحا للخلافة لكنه قال: أنّه سيؤيد من يختاره الحزب الحاكم. ويقول محللون: أنّه من غير المرجح لكن من غير المستحيل أن يعيّن مبارك ابنه في منصب نائب الرئيس ليكون ذلك بمثابة صلاحية له لشغل منصب الرئيس إذا مات والده أو ترك الحكم قبل نهاية فترته. وتشنّ المعارضة حملة ضد نقل السلطة لجمال. لكن من الناحية التاريخية فشلت المعارضة في الحصول على تأييد واسع مما أبقى أوراق اللعبة في يد مبارك