حماية إنجازات الثورة المصرية الحمد لله الذي مَنَّ علينا بالشباب المصري الشجاع، الذي كسر حاجز الخوف وخرج لينادي بالحرية والكرامة والعدل، فقامت ثورة بيضاء شريفة صادقة تعلمنا منها الكثير، ومن أهم دروسها ما لم نفهمه من آية القرآن التي تقول:" ٱدۡخُلُواْ عَلَيۡہِمُ ٱلۡبَابَ فَإِذَا دَخَلۡتُمُوهُ فَإِنَّكُمۡ غَٰلِبُونَۚ وَعَلَى ٱللَّهِ فَتَوَكَّلُوٓاْ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ". فبمجرد إشتعال الثورة إلا وخرج الزبانية من الحزب الحاكم، والمنتفعون من الشرطة والبلطجية لقمع الثورة وإرهاب الشعب. ولكن بعد يومين أو ثلاثة أيام، إختفى كل هؤلاء، بل وسمعت من ضابط شرطة أن الوزير أمرهم بالفر و"خلع الميري" بمنتهى السرعة وإخلاء المواقع والأقسام. والنتائج للآن واضحة لكل مصري بعد تنحي مبارك وتنصيب مواليه من الجيش لحكم مصر، كي يضمن هو والمنتفعون أنهم إما خرجوا وأخرجوا ما لديهم من مسروقات، أو بقواْ تحت حماية الجيش وهرَّبوا مسروقاتهم إلى بلاد مارقة تحول دون ملاحقتها! ثم قرر الجيش إبقاء الحكومة التي عينها مبارك قبل رحيله بزعم تسيير الأعمال، ومنها السارق والخائن والفاسد و"المتخصصة في تقبيل أيادي السلطانة" وغيرهم ممن لا خلق ولا حياء ولا دين لهم. كما وقرر المجلس العسكري أيضاً إبقاء عمر سليمان وزكريا عزمي في الحكم لإبلاغ مبارك بالتطورات أولاً بأول، وإبقاء مبارك في القصر الرِئاسي شرم الشيخ وحمايته على نفقة الشعب. ألم يفهم المجلس طلب الشعب بتغيير النظام؟ وبعد إتصال هاتفي بين طنطاوي رئيس المجلس العسكري (حليف مبارك وإسرائيل) وقرينه في وزارة الدفاع الصهيونية، قام طنطاوي بإصدار قرار يقر فيه بأن النظام الجديد ملتزم بكل الإتفاقيات والمعاهدات الداخلية والخارجية، بمعنى أوضح إلتزام مصر باستمرار دعمها للدولة الصهيونية وتنفيذ كل المعاهدات الثنائية، العلنية والسرية، بغض النظر عن وجوب إلتزام الطرف الصهيوني، أو تعريض البلاد للمزيد من الخسائر والظلم! سبحان الله ... والله الذي لا إله غيره ... إنني لم أسمع ولم أقرأ أنه على مر التاريخ منذ ألاف السنين بوجود مثل هؤلاء الخونة الأذِلاء الخانعين، يزعمون بأنهم حماة البلاد وأنهم سيساعدون الشعب لتحقيق مطالبه لفترة مؤقتة، ثم يعطون راية الحكم للشعب أو لمندوبي الشعب بعد تأسيس المجالس الشعبية وإنتخاب رئيس للبلاد. تعهداتهم تتنافى مع أفعالهم، والواضح بأن رفضهم لإلغاء حالة الطواريء وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين وتكاتفهم مع الصهاينة هو دليل صريح عن إلتزامهم بتنفيذ قرارات مبارك حتى بعد تنحيه. خَدع وألاعيب لا تغيب إلا عن ساذج أو مُغَيَب! والغريب أن الشعب كله سمع بأن من هؤلاء من إقترح ضرب الشعب وقتل الألاف وقمع الثورة، والبعض خاف من تورطه في مثل هذه المذابح، فلما إختلفت الآراء وظهر في الجيش بعض الأشراف الذين إمتنعوا عن الإعتداء على الشعب، قرروا إعطاء الشعب فرصة أخرى قبل ذبحه! أين كانت قيادات الجيش أثناء جنازة سعد الدين الشاذلي بطل أبطال مصر والعرب، الذي لم يفِر في 67 وإنتصر لبلاده في حرب 73، ولم يرتشي ولم يسرق بل كان يسكن في شقة متواضعة مكونة من غرفتين. نريد أن نقارن غنائم هذا البطل بعد كل الإنتصارات مع مسروقات الخونة والجبناء. وأنا هنا أتكلم عن زعماء هذا الجيش والرتب العليا الذين إنتفعوا من حكم مبارك ومازالوا ينتفعون من إبقاء مصر ضعيفة وخانعة، فشاركوا في جني الغنائم من مسروقات الشعب، والحصول على عمولات ضخمة من صفقات السلاح المُهمل الآيل للخردة الذي لا يصلح إلا لقمع المتظاهرين من الشعب المصري. هؤلاء لم يتوقفوا عن نهب البلاد وقمع العباد والتخلي عن مصر في أشد المواقف حرجاً. أرجو أن أكون خاطيء التقدير ولكنني أرى هؤلاء العصابة سيحاولون التربع على عرش مصر ليخلفوا فرعونا جديداً أسوأ من سابقيه. لا يمكن تعليل مطالبتهم بإرجاع عمر سليمان، رجل إسرائيل الأول بعد مبارك وشريك المخابرات الأمريكية في خطف وتعذيب المسلمين، إلا بأنه تواطؤ في الجريمة والمشاركة في حياكة جرائم أخرى ضد الشعب. يجب على أفراد الشعب بجميع فئاته أن يطالبوا بالتغيير الكامل لكل براثم الفساد ومن كل العملاء الذين تورطوا في أي عمل ضد البلد أو ضد الشعب. ولا أقول الطلب الكامن في القلب ولكن توصيل الطلب بالكلمة للمجلس العسكري المؤقت وإعلامه بأن لا بديل للتغيير والتطهير. فمصر منصة العالم العربي، وكل الشعوب العربية تتطلع لمعرفة نتيجة الثورة المصرية وكيفية التعلم منها دروس تنفعهم في تطهير بلادهم من الظلم والفساد. وتحتم أهمية ومحورية دور مصر في المنطقة العربية على كل مواطن مصري أن يساهم في إنجاز ما بدأه الشباب المصري المخلص ومد يد العون لهم فيما قد يحتاجونه، حتى نطمئن أن الثورة قد نجحت تماماً ولا خوف من أحد ولا من فئة أن يرجعونا القهقري إلى أزمنة الديكتاتورية. أسامة القاضي