رغم شهاداتهم الجامعية، غالبا ما يصارع الشباب التونسي للعثور على عمل يليق بدراساتهم. منية غانمي من تونس لمغاربية – 15/02/11 غالبا ما يقبل حاملو الشهادات التونسيون أعمالا بسيطة. بعد أن أغلق سوق العمل أبوابه وأصبحت مناصب العمل شحيحة بالنسبة لتزايد عدد الطلبة، التجأ بعض الشباب التونسي من الحاصلين على شهادات عليا إلى العمل في وظائف متواضعة. مهن التنظيف أو العمل في المقاهي أو في حظائر البناء لم تعد تقتصر على الفئة غير المثقفة في تونس، بل أصبحت تستقطب حتى خرّيجي الجامعة العاطلين عن العمل الذين يعتبرونها حلا وقتيا لمشاكلهم المادية والاجتماعية يتقون به شر البطالة. فتحية خير الدين هي إحدى الذين لم يسعفهم الحظ في العثور على وظيفة حكومية أو شغل يليق بمستواها العلمي. وفي ظل هذا الواقع، لم تبق فتحية، الحاصلة على شهادة جامعية في اختصاص التوثيق والأرشيف منذ ثلاث سنوات، مكتوفة الأيدي منتظرة أن تجود عليها الدولة بوظيفة في القطاع العام، بل اختارت الاتكال على نفسها. وقالت لمغاربية "بحثت طويلا عن عمل في اختصاصي ولم أوفق، بل إنني اصطدمت بواقع مرير وأدركت أن الحصول على عمل مرموق هو أمر في غاية الصعوبة. لذلك، فقد قررت البحث عن بديل". البديل الذي تحدثت عنه فتحية وجدته في مهن التنظيف حيث أصبحت تشتغل كمعينة منزلية عند إحدى العائلات الميسورة "أنا لست نادمة على اختياري، كما أنني لست محرجة من كلام الناس طالما أنني أشتغل في عمل شريف يقيني من شر البطالة ويضمن لي لقمة عيش حلال بعرق جبيني. فهذا أحسن من سلك طرق مشبوهة في سبيل كسب العيش". ويتفق معها الشاب أيمن الرزقي الذي حصل على دبلوم في الرياضيات ويعمل نادلا بأحد المقاهي. وقال لمغاربية "أيّا كان العمل فهو أفضل من البطالة والكسل والرضاء باللقمة الباردة". الرزقي تعلّم أن "ما كل ما يتمنى المرء يدركه"... ولهذا فضّل عدم الركون إلى الراحة وإضاعة الوقت في انتظار وظيفة يمكن أن تأتي ويمكن أن لا تأتي. فحتى الأعمال المتواضعة كفيلة بمنح نوع من الأمن المادي والمعنوي ومساعدة الخريجين على تفادي مرارة البطالة حسب قوله. وعلّق الرزقي قائلا "عملي بالمقهى هو بمثابة الحل الوقتي وهو أفضل من أن أظل عاطلا عن العمل عالة على عائلتي وعلى المجتمع، فيما أنني بكامل صحتي وقوتي". وأضاف بأنه ليس مستاء من هذا العمل رغم سنوات الدراسة التي قضاها في التعليم والكدّ والاجتهاد، لأن العمل حسب رأيه، بغض النظر عن نوعيته، يحفظ كرامة الإنسان ويجلب له الاحترام. وقال "صحيح أنني أحصل على أجر زهيد لكن بالنسبة لي أفضّل العمل في المقهى عن البقاء عاطلا عن العمل، فهذه المهنة هي أشرف من الانحراف أو التسول". ودعا الرزقي في هذا الإطار أصحاب الشواهد العليا إلى التحلي بروح المغامرة والطموح والابتعاد عن التكاسل والتواكل والسعي إلى الانخراط في مجالات العمل مهما كانت صفتها، لأن المجتمع التونسي بحاجة اليوم إلى الشباب في سبيل بناء مستقبله. وتعتبر مشكلة التشغيل سببا في اندلاع الثورة التونسية. وتأمل الحكومة الانتقالية إنشاء أكبر عدد ممكن من فرص العمل