عادت حركة النهضة لإقامة الخلافة الإسلامية في تونس... هكذا يقولون ويحقنون العقول من خلال الأعلام ومن خلال ما يسربونه في كل مكان أينما وجدوا في مقهى أو مؤسسة وغيرها, والخلافة على حد تسريباتهم هي نظام حكم طالبان وربما أبشع, والشعب التونسي قادم على محنة وقمع وإرهاب على أيادي نشطاء النهضة. هي الحرب الباردة التي تستهدف هذه الحركة, ولماذا الاستهداف؟ فهل النهضة بالفعل تسعى لفرض هذا الواقع, أم انه خوف من شعبية هذه الحركة التي حسمتها الجماهير منذ 1989؟ يقول السيد عادل الشاوش, عضو المكتب السياسي لحركة التجديد, في تصريح له في موقع "ميدل ايست اونلاين" في 18/01/2011, ان الأسلاميين في إشارة منه الى حركة النهضة, يسعون الى اعادة انتاج الخلافة الإسلامية من خلال الثورة المرشدية. كما أشار السيد عادل في تقرير بموقع "وطن يغرد خارج السرب" في 18/01/2011 في تساؤل مهم طرحه هل تتجه تونس لتطبيق نموذج الخلافة الإسلامية؟ وطبعا مشيرا لحركة النهضة. وهذه التصريحات للسيد عادل, لا تجد لها دليلا ماديا في أدبيات الحركة منذ 1989, فهل أصبح السيد عادل وغيره من قارئي الفنجان والعالمين بغيب النوايا, أم انه الاعتراف الرسمي منهم بان حركة النهضة أكثر شعبية منهم, وإنهم سيبقون على الهامش لذلك توجّب الهجوم. ثم أليست حركة التجديد قد انضمت إلى هذه الحكومة الالتفافية, مع جملة وزراء بن علي للانقضاض على حركة النهضة بتنسيقات أجنبية لا تغيب على أحد, وقد ألقت بثورة الشعب ومطالبه في سبيل هدف غير نبيل هو الحكم بالالتفاف وفرض أمر واقع على الجماهير وهي بذلك خسرت ما تبقى لها من مصداقية التي فقدت منها الكثير عندما كانت تسمى الحزب الشيوعي التونسي. ونعود لفزاعة الخلافة الإسلامية التي يروج لها الكثير, فهذا السيد راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة يصرح وبكل وضوح في برنامج حوار مفتوح الذي عرض يوم 17/01/2011 على قناة الجزيرة, إذ يقول بان المهمة الرئيسية هي بناء مجتمع ديمقراطي, ضمن دستور ديمقراطي في حكم يتداول فيه على السلطة, ثم يؤكد بان على الجميع تبني القيم المشتركة بين كل المنظومة الديمقراطية, وأكد بأنه لا بد من التعددية بدون وصاية لأحد إسلاميا كان أو غير إسلامي. هذا هو خطاب حركة النهضة, ولا خطاب وراءه, بناء مجتمع ديمقراطي تعددي يسوده الدستور و لا وصاية أحد على أحد, والقانون هو الفيصل, والدليل على صدق هذه المقولات هو طلب ترخيص للعمل ضمن هذه الأطر, ولا أعتقد بان الدستور التونسي ينص على إقامة الخلافة الإسلامية, وان كان كذلك فعليهم تغيير الدستور لا الهجوم على النهضة. أن وعي شباب الثورة لا يجب التغافل عنه, هؤلاء الشباب اسقطوا دكتاتورا ولم تتفطن حتى المخابرات الأمريكية لهذه الثورة, انهم واعون جدا وخبروا بمنطق الواقع بان الأعلام والعديد من الأشخاص بإمكانهم تزييف الحقائق مثلما فعل بن علي على مدار 23 سنة, فكيف لهم أن يصدقوا كلاما لا دليل عليه, ولكن أمامهم إجراءات عملية وتصريحات واضحة وضوح الشمس. هؤلاء الشباب الأكيد بأنهم سيطالبون السيد عادل الشاوش وغيره من تقديم أدلتهم على ما يقولون وإلا فان تصريحاتهم لا تعد سوى قراءة في الفناجين وفي الكفوف, وهي مهمة لم تعد تطلى على شباب مثقف, خبروا كذب وزيف بن علي وأسقطوه. واذا كانت القوى التي تروج ضد حركة النهضة من خلال دعايات موجهة لقصد الترويع والتخويف, وذلك لخوف منهم من انتصار حركة النهضة في الانتخابات المقبلة, فماذا عليهم لو يفسحوا المجال لصناديق الاقتراع بان تجيب عن أسئلتهم وتخوفاتهم, لعل النهضة لا تجد من يصوت إليها. حركة النهضة, حركة ديمقراطية ذات مرجعية إسلامية ستعمل في إطار القانون والدستور ضمن مفاهيم التعددية والحرية بدون وصاية أحد ولا تدعوا إلى إقامة الخلافة الإسلامية, وتؤمن بان الشعب هو صاحب الكلمة الفصل. الدكتور محجوب أحمد قاهري