فيما يعد تغيرا في الموقف الأمريكي تجاه جماعة الإخوان المسلمين في مصر، ألمحت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون إلى عدم معارضة بلادها لوصول الإخوان للسلطة في البلاد "مادامت تلتزم بالديمقراطية وتنبذ العنف". وعبرت وزيرة الخارجية الأمريكية عن "فخرها" بما حققه الشباب المصري في ثورة 25 يناير التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك، مشيرة إلى أن الثورة المصرية أصبحت نموذج عالمي في الاحتجاج السلمي قد يغير كثيرا من الصورة السلبية عن العرب والمسلمين.
وقالت هيلاري في حوار لها مع موقع "مصراوي" الإلكتروني، نشر اليوم الخميس 24-2-2011، ردا على سؤال عن موقف الولاياتالمتحدة إذا فاز الإخوان المسلمون بالسلطة من خلال انتخابات ديمقراطية، "إن أي حزب يلتزم بنبذ العنف وبالديمقراطية وبحقوق كل المصريين، أيا ما كان ، يجب أن تكون لديه الفرصة للمنافسة على أصوات المصريين".
وأضافت وزيرة الخارجية الأمريكية "يرجع للشعب المصري أن يختار من ينتخبهم واللوائح للأحزاب السياسية التي تخوض الانتخابات".
وتابعت " أن الولاياتالمتحدة تدعم عملية ديمقراطية في مصر ولا تحدد الفائزين أو الخاسرين ..لكننا لا نريد أن نرى أي حزب سياسي أو أي إيديولوجية تحاول خطف العملية". ودعت هيلاري إلى "وجود ضمانات لديمقراطية حقيقية في الدستور المصري".
ويعتبر تلميح وزيرة الخارجية الأمريكية إلى عدم معارضة الولاياتالمتحدة لوصول الإخوان المسلمين إلى السلطة في مصر تحولا في موقف الإدارة الأمريكية التي عبرت عن تخوفها في أكثر من معرض، مثلها مثل دول غربية كثيرة، عن وصول الإسلاميين للسلطة بسبب مواقفهم المعارضة للسياسة الأمريكية، وكذلك قلقها من تعرض معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل إلى أي تهديد.
وقال الإخوان المسلمون، في وقت سابق، إنهم لا يطمعون في الفوز بمنصب الرئاسة لكن سيشكلون حزبا سياسيا تحت اسم (الحرية والعدالة) للمنافسة في الانتخابات البرلمانية.
وظلت جماعة الإخوان المسلمين - وهي أكبر تنظيم سياسي في مصر- محظورة منذ منتصف الخمسينات لكن دورها في الحياة العامة في البلاد تزايد سريعا عقب تنحي الرئيس السابق حسني مبارك في 11 من فبراير الحالي تحت ضغط احتجاجات شعبية لم يسبق لها مثيل في مصر.
تذبذب الموقف الأمريكي وحول الموقف الأمريكي المتذبذب خلال مراحل الثورة المصرية منذ بداياتها في 25 يناير، وحتى تنحي حسني مبارك قالت هيلاري "الإدارة الأمريكية كانت تحاول تحقيق توازنا، لأننا أردنا التأكد من أن رسالتنا لن تدفع طرف ما لعمل أي شيء لا نوافق عليه". وتابعت " أعني العنف.. الذي حاولنا منعه بكل وسيلة ممكنة".
وأشارت وزيرة الخارجية الأمريكية إلى أن " علاقة الإدارة الأمريكية مع النظام السابق أتاحت أن نبعث برسائل مثل: لا تستخدموا العنف، اتركوا هذا الاحتجاج السلمي يمضي، حان الوقت للتغيير".
ووجهت كلينتون رسالة إلى كل النظم الديكتاتورية في المنطقة قائله:" إن الإدارة الأمريكية تفضل أن تكون لها علاقة مع ديمقراطية حقيقية في مصر وليس مع ديمقراطية زائفة حتى لو خدمت مصالحها". وحول التحديات التي تواجهها مصر بعد الثورة، قالت "أبرز ما تواجهه مصر من تحديات هو أن تكون لديها ديمقراطية دائمة ومستمرة، يتم فيها حماية حقوق الأقليات، وحماية حقوق المرأة، وتكون لديك سلطة قضائية مستقلة، وإعلام حر ومستقل، بما في ذلك مواقع التواصل الاجتماعي على الانترنت، بالإضافة إلى التخلص من القيود الاقتصادية كي يتمكن الشباب من أن يؤسسوا شركات دون أن يكون عليهم دفع رشى لمسئولين حكوميين".
وأضافت هيلاري "يجب أيضا عدم وصف المسيحيين في مصر بأنهم أقلية.. إنهم مصريون ويجب دمجهم في كل المجتمع مثلما كانوا دائما من الناحية التاريخية". ثورة مصر وعن شباب الثورة ودورهم في إحداث التغيير في مصر قالت كلينتون " أنا فخورة جدا بالشباب المصري، لقد صنع نموذج حضاري عالمي للاحتجاج السلمي، وعدم استخدام العنف".
ووجهت كلمة للشباب المصري قائلة " بلدكم يحتاجكم.. بلدكم يحتاجكم .. أكثر من أي وقت مضى، وسوف نقف بجانبكم، نريد أن نكون شركاؤكم، لقد الهمتمونا، ونحن نثق فيكم، والولاياتالمتحدة مستعدة للمساعدة بأي طريقة تكون ملائمة".
وعن الطريقة السلمية التي اتبعها المتظاهرون في مصر للتغير قالت هيلاري " أعتقد أن الثورة المصرية والطريقة التي قامت بها ستغير كثيرا من النمطية السلبية عن المسلمين والعرب في أمريكا".
وأضافت هيلاري " أن الثورة المصرية هي رسالة لجميع المتطرفين مثل تنظيم القاعدة .. مفاداها أن التغيير والاحتجاج السلمي يجدي ويؤدي إلى التغير .. وأتمنى لهؤلاء "القاعدة" أن يكونوا تابعوا عبر التليفزيون كيف أثبت الشباب المصري أنفسهم سلميا".
وعبرت وزيرة الخارجية الأمريكية عن فخرها بأن الابتكارات الأمريكية مثل فيس بوك ، وتويتر، الموقعين الاجتماعيين الأكثر شهرة، ساعدت الثورة في مصر وكانت سببا من أسباب نجاحهم".
وطالبت هيلاري المصريين "بالصبر والمثابرة ومواصلة الالتزام بهدف الديمقراطية والعمل على بناء المؤسسات التي ستكون ضرورية للديمقراطية المصرية".