بعد الإعلان عن مقتل خمسة أشخاص في احتجاجات السبت ، أعلن الرئيس التونسي المؤقت فؤاد المبزع مساء الأحد تكليف الباجي قايد السبسي وزيرا أول خلفا لمحمد الغنوشي الذي أعلن استقالته من منصبه في وقت سابق . وقال المبزع في بيان بثه التليفزيون التونسي الرسمي إنه تم تكليف السياسي المخضرم الباجي قايد السبسي بمنصب الوزير الأول وإن الأخير قبل ذلك وطالب في كلمته المقتضبة الجميع بالهدوء والتعبير عن آرائهم بكل موضوعية للخروج من حالة الفوضى.
ويعد الباجي قائد السبسي "85 عاما" من السياسيين التونسيين المخضرمين وتولى مسؤوليات هامة بين 1963 و1991، منها حقائب وزارات الداخلية والخارجية والدفاع في عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة ورئيس مجلس النواب في عهد الرئيس المخلوع بن علي. ومن جهة أخرى ، طالب المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل، أكبر منظمة نقابية في البلاد، بتشكيل مجلس تأسيسي منتخب من الشعب يضمن الديمقراطية وحرية الاختيار، وذلك في أعقاب استقالة رئيس وزراء الحكومة التونسية المؤقتة محمد الغنوشي. ونقلت قناة "الجزيرة" عن المكتب القول في بيان له إن الدعوة لتشكيل حكومة جديدة تأتي لعجز الحكومة المؤقتة الحالية عن ضمان أمن المواطنين وعن الدفاع عن مؤسسات الإنتاج والممتلكات العمومية والخاصة وعدم التسريع بحل هياكل التجمع الدستوري الديمقراطي من أجل الاستجابة لمطلب كل المكونات المدنية والسياسية وعموم الشعب.
استقالة الغنوشي
وكان الغنوشي أعلن في وقت سابق الاحد استقالته من منصبه وعرض في مؤتمر صحفي متلفز وضع البلاد منذ تكليفه برئاسة الحكومة الانتقالية إثر فرار الرئيس السابق زين العابدين بن علي بتأثير ثورة سلمية توالت أحداثها خلال شهري ديسمبر/كانون الأول ويناير/كانون الثاني الماضيين.
وقال الغنوشي إنه لا يقبل أن يكون مسؤولا عن إجراءات ينجم عنها سقوط ضحايا وإن المسؤولية تقتضي إفساح المجال أمام وزير أول آخر قد يكون أكثر قدرة وأضاف أنه يغادر المنصب وضميره مرتاح. وأكد أنه شكل لجنة للتحقيق بعمليات التخريب التي جرت وأن بعض الأشخاص أوقفوا وسيحالون إلى العدالة واستعرض عمله خلال أقل من شهرين في رئاسة الحكومة، مشيرا إلى أنه قبل تولي المسؤولية بعد مغادرة الرئيس السابق "حتى لا تسيل أنهار من الدماء في تونس". واختتم الغنوشي الذي يرأس الحكومة التونسية المؤقتة منذ 17 كانون ثان/ يناير الماضي قائلا :"قررت الاستقالة من منصبي كوزير أول ، استقالتي ليست هروبا من المسؤولية بل إفساحا للمجال أمام وزير أول آخر ، ضميري مرتاح ولست مستعدا لأكون الرجل الذي يتخذ إجراءات ينجم عنها ضحايا ، تلك الخطوة هي في خدمة ثورة تونس". مواجهات دامية
وتشهد تونس منذ يومين مواجهات بين عناصر مجهولة وقوات الأمن التونسي في القصرين "200 كيلومتر غرب العاصمة" تلتها عمليات نهب لمركز البريد ومتاجر وبنوك وقتل خلالها ثلاثة أشخاص تبع ذلك مظاهرات سلمية في عدد من المدن تطالب باستقالة رئيس الحكومة. وتظاهر الجمعة أكثر من مائة ألف شخص أمام مقر الحكومة في "ساحة القصبة" وسط تونس العاصمة وفي الشوارع المؤدية إليها للمطالبة بتنحي الغنوشي وحكومته التي عدوها "امتدادا" لنظام الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي. ويعتقد على نطاق واسع أن المشاغبين وأغلبهم من المراهقين مأجورون من حزب التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم في عهد الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي. وأعلنت وزارة الداخلية التونسية أن خمسة أشخاص قتلوا خلال "أعمال العنف والتخريب والشغب والحرق" التي وقعت السبت في شارع الحبيب بورقيبة وسط تونس العاصمة. وقالت في بيان وزعته الأحد إن القتلى سقطوا "أثناء تصدي أعوان قوات الأمن الداخلي لمحاولات مداهمة وإقتحام مقر وزارة الداخلية من قبل مجموعة من الشبان الحاملين لأسلحة بيضاء وحجارة"، على حد تعبيرها. وأضافت أن هذه الأحداث تسببت أيضا في إصابة 16 عون أمن بجروح متفاوتة "نتيجة تعرضهم للرشق بالحجارة وبمقذوفات أخرى"، وأشارت إلى أن التحقيق يجري حاليا للوقوف على ظروف وملابسات تلك الوفيات والإصابات. ووصفت الداخلية التونسية هذه الأعمال ب"الإجرامية والممنهجة"، وقالت إنها لا تمت بأي صلة للإحتجاجات السلمية والزج بالشبان فيها وإستخدامهم دروعا بشرية. وأعلنت وزارة الداخلية التونسية في بيان ثان الاحد أنه تم "فقدان أسلحة وذخيرة" خلال أحداث النهب والحرق التي إستهدفت مراكز ومناطق للأمن والحرس الوطنيين التي عرفتها البلاد في المدة الماضية. ولم تحدد وزارة الداخلية التونسية كمية هذا الأسلحة ونوعيتها، ولا المكان الذي فقدت فيه، ولكتفت بدعوة المواطنين الذين يعثرون على هذه الأسلحة إلى تسليمها إلى أقرب مركز أمن أو ثكنة عسكرية. وبحسب شهود عيان ، فإن تلك الأسلحة والذخائر الحربية سرقت من مراكز أمنية في مدينة القصرين "200 كيلومتر غرب تونس العاصمة أثناء عمليات حرق ونهب وتخريب عاشتها المدينة السبت.