عندما نراجع التاريخ ونقلب في كتب تلك الحقب الزمنية من صراعات الشعوب ورجالاتها تستوقفنا بطولات وأمجاد وقصص للمروءة والشرف والعزة في أسماء لمعت ولا زال ذكرها يردد علي ألسن الناس ومن الشخصيات التي لا تنسي في تاريخ النضال الليبي الشيخ المجاهد عمر المختار الذي لا زالت صور تضحياته ماثلة أمامنا في أبهي صورها ومن يقرأ عنه يعرف مكانته وتاريخه ونضاله من أجل ليبيا وشعبها الأبي ولا زلنا نردد ونهتف باسم هؤلاء العظام من التاريخ المشرف ومن الذكريات التي تعيدنا إلي الأمجاد والشرف والنضال ،أنتصر الشعب الليبي علي الاستعمار حينها وكانت كلمة الشعب هي الأقوى وانتصر وأصبحت له السيادة واليوم تستعيدنا ضربات القذافي وخطابة الأخير بالقتل المتعمد لكل من يخالفه بتلك الحقبة من التاريخ لكن العدو اختلف فاللسان عربي والحال أقسي وأمر والاستعمار تبدل بصورة أكثر غرابة وشراسة وما أن استفقنا من غفلتنا كنخب ومثقفين وشعوب إلا وأتضح لنا أخيراً أن الشعوب برمتها مخدرة وأن الإنسان إذا رفض الظلم والاستبداد فليحتسب نفسه في عداد الأموات وان ما تعلمناه في مراحل التدريس الأولي من صورة المناضلين تبدل وتحول وأصبح عملة صعبة هذه الأيام لكن التغيير كان حلم كل إنسان وكانت كلمة قاضية في نفس الوقت إذا تسربت إلي نفوسنا،ووجدت لها طريقاً إلي عقل أحدنا ولكنها اليوم بعد الثورات الشعبية المتتالية وعلي رأسها المصرية والتونسية أصبحت تثير فكر كل إنسان منا أما آن الأوان،وجاء الدور علي الشعب الليبي ليحجر و يشاغر مكانه بجانب الشعوب التي أرادت الحياة فانتفضت ليبيا وأهلها لاقتلاع احدي رموز البلاهة في العالم العربي لكن أبت البلاهة إلا أن تبيد المدنين وهنا تبدلت الصور الحضارية التي كان يتستر خلفها الحكام بما يسمي الديمقراطية،وظهر الوجه الحقيقي والصورة الحقيقة لسياستهم الحمقاء وديدنهم المسخ تلك هي الصورة التي سيتذكر بها الشعب الليبي والشعوب العربية التي فهمت الدرس أخيراً أن تلك الزمرة ومن يسموا بالحكام العرب ما هم إلا مجرد أصنام كنا لهم عاكفين وهي الصورة التي ستدرس لأطفالنا في تاريخ ليبيا الحديث من غطرسة وتجبر وصلف ما يسمي بمعمر القذافي وسيبقي السؤال يطرح نفسه هل يعقل ما يحدث في ليبيا وأين هي الشعوب العربية المجاورة مما يحدث في ليبيا ومن أكبر مقاماً والأجدر في الحفاظ علي مكانتها أمعمر أم ليبيا ما نريد أن نؤكد عليه أن ما يحدث في ليبيا ليس شأنا داخليا وليبيا ليست عزبة حصرية للقذافي وأولاده أو أنها دكان ورثها عن أجداده هي قطعة من الوطن العربي الكبير الذي لا بد ان يغلب فيها رأي الشعب علي منظومة الرئيس الواحد المستبد الذي يحكم بثقافة التنحي بعد الموت ان ما يدور في ليبيا مسئولية وواجب عربي وإسلامي أن يكون لنا موقف في ذلك والوقوف بجانب أهلنا هناك وها هو الشعب الليبي الآن لم يعد يري في القذافي وزمرته إلا أنهم شله بلطجية سفاكين دماء قد زال عنهم القناع الحقيقي وكشفت سوأتهم من التمسك بالوطن الذي نهبوه طيلة حكمهم وتركوا المواطن يعاني من ويلات التفرقة بين القبائل وتقوية قبيلة علي أخري ولم يعد يخيفهم رصاص المرتزقة الذين يدعمونه و لم يعد يقنعهم كتاب القذافي الأخضر الذي أنقلب إلي أحمر بسبب دمويته وجرائمه الأخيرة التي تعدي فيها آلاف من القتلى أن القذافي بجرائمه ضد شعبه يعجل من مصيره المحتوم بالسحل والموت في شوارع ليبيا التي ولدت الرجال والمناضلين فمن يتهم شعبه بألفاظ لا تليق بمكانتهم وبتاريخهم ويصفهم بالجرذان والمهلوسين، والمقملين والوسخين، وشذاذ الآفاق، وعملاء الأمريكان ويبيدهم ويستخف بهم فلينتظر منهم ما لم يكن يتوقع والأيام القريبة ستكون شاهداً علي ذلك أخيراً وليس بآخر سقوط عرش الطواغيت بدأ منذ أن أنفرط العقد الأول ولا يوجد من مفر من توالي سقوط الحبات الباقية فمن كان يريد السلامة لشعبه ولبلده كما يدعي فهناك مجال للمصارحة مع النفس والإيمان التام بإرادة الشعوب التواقة للتغيير والإصلاح فمن كان يريد أن يزاحم العظام في كتب التاريخ فليمهد لشعبه الطريق ويفرش لهم الأرض نحو اختيار ديمقراطيتهم بالانتخاب وصناديق الاقتراع لا بالقتل والإجرام وتغليب الرصاص فاليوم لا يوجد كلمة ولا صوتاً يعلو فوق صوت الشعب فهنيأ لمن فهم الدرس نقطة أخر السطر ونستكمل حديثنا مع سقوط طاغية جديد أحمد عدوان