حالة من الاشتباك الناعم بين النخبة السياسية المصرية بمختلف ألوانها وأطيافها وعقائدها ، بين التوافق والإنكار سجال متبادل بين الإسلاميين والعلمانيين في التوظيف السياسي للدين كمشاعر وشعائر سواء بسواء ، والتوظيف السياسي للمؤسسات الدينية ودور العبادة "المساجد والكنائس " فضلاً عن الدور السياسي لعلماء المسلمين وكهنة وقساوسة الأقباط ، وفي الأخير الإعلام الموالي لهؤلاء وهؤلاء ، مصر ليست بحاجة لافتعال معارك في المكان والزمان الخطأ نحن بحاجة ملحة لميثاق شرف وطني ملزم للجميع خاصة على مستوى لغة الخطاب والتأطير الحزبي والفعاليات حفاظاً على النسيج المجتمعي ، المتاح من الأماكن لعقد الندوات والمؤتمرات والفعاليات يسع كل المهتمين بالعمل السياسي لذا من اليسير أن يعقد من يشاء ما شاء من فعاليات في أماكن كثيرة غير دور العبادة خاصة بعد انهيار معاقل أمن الدولة وإزاحة عشرات الآلاف من المخبرين والمرشدين وضباط المذكرات المفبركة والتعذيب والإهانة والقتل ، لسنا بحاجة أن نفتعل معارك في غير ميدانها ومجالها وأطرافها ، دور العبادة بحاجة ملحة للقيام بدورها الوظيفي والأصلي المهمش منذ عقود ، دور العبادة "المساجد والكنائس" لها أدوار غير مقرات الأحزاب ، نحن بحاجة للتربية الخلقية والنفسية والإيمانية ربما أكثر بكثير من حاجتنا للتربية السياسية خلال هذه الفترة الحرجة ، نحن بحاجة لأجواء الاعتدال والأخوة والتعايش والتسامح والعمل في هذه الفترة ربما أكثر من حاجتنا للسجالات السياسية وعرض الأفكار والبرامج التي لا يوجد بينها اختلاف جوهري من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار مروراً بيمين الوسط ، الواقع المصري يؤكد أنه وفي جميع الأحوال لن يهتم بالسياسة ولن ينتمي للأحزاب السياسية إلا نسبة محدودة من المصريين لأنهم ينشدون احتياجات معيشية أهم من وجهة نظرهم ، وفي نفس الوقت من المطلوب أن يتمثل المصريين كل المصريين منظومة القيم الحضارية والإنسانية التي ظهرت في ميدان التحرير وكل ميادين وشوارع مصر أثناء فعاليات ثورة 25 يناير، من المتوقع أن تقوم الأحزاب بالتثقيف السياسي والتدريب على لغة الخطاب والطرح النظري لقبول الآخر ، لكن تأتي المؤسسات الدينية خاصة دور العبادة لتقوم بالجزء الأكبر في تربية الضمير وإحياء الوجدان لنمارس السياسة وفقاً للمعايير الأخلاقية وليس وفقاً لمعيار الغاية تبرر الوسيلة ، نعم اتفق مع غيري أن المساجد بصفة خاصة ريادة وعبادة وأن الإسلام نظام شامل يتناول مظاهر الحياة جميعاً وبالتالي فان المؤسسات الإسلامية ينسحب عليها نفس الصفة ، هذا طرح نظري لا خلاف عليه لكن من باب التنوع الوظيفي أو التخصص المطلوب والمنشود لهذه المرحلة من الممكن أن نتفق أو نتوافق أن تتخصص مؤسسات المجتمع في أدوارها ومهامها الوظيفية ، فيكون لدور العبادة وظيفة ودور نتفق عليه وللأحزاب وظيفة ودور وللنقابات المهنية والعمالية وهكذا ، نحن بحاجة ملحة لعبور هذه المرحلة الحرجة من حياتنا كمصريين حفاظاً على ثورتنا المجيدة وآمالنا العريضة من خلال وحدة النسيج المجتمعي للوطن .... حفظك الله يا مصر الثورة والأمل .... محمد السروجي كاتب مصري