اليوم العالمي لحرية الصحافة /اليونسكو: تعرض 70 بالمائة من الصحفيين البيئيين للاعتداءات خلال عملهم    اخلاء محيط مقر مفوضية شؤون اللاجئين في البحيرة من المهاجرين الافارقة    لجان البرلمان مستعدة للإصغاء الى منظمة "كوناكت" والاستنارة بآرائها (بودربالة)    وزارة الفلاحة ونظيرتها العراقية توقعان مذكرة تفاهم في قطاع المياه    توننداكس يرتفع بنسبة 0،21 بالمائة في إقفال الجمعة    كفّر الدولة : محاكمة شاب تواصل مع عدة حسابات لعناصر ارهابية    معهد الصحافة يقرر ايقاف التعاون نهائيا مع مؤسسة كونراد أديناور الألمانية    كأس تونس لكرة القدم- الدور ثمن النهائي- : قوافل قفصة - الملعب التونسي- تصريحات المدربين حمادي الدو و اسكندر القصري    بطولة القسم الوطني "أ" للكرة الطائرة(السوبر بلاي اوف - الجولة3) : اعادة مباراة الترجي الرياضي والنجم الساحلي غدا السبت    الرابطة 1- تعيينات حكام مقابلات الجولة السادسة لمرحلة التتويج    تفكيك شبكة مختصة في ترويج المخدرات بجندوبة ..وحجز 41 صفيحة من مخدر "الزطلة"    سليم عبيدة ملحن وعازف جاز تونسي يتحدث بلغة الموسيقى عن مشاعره وعن تفاعله مع قضايا عصره    مركز النجمة الزهراء يطلق تظاهرة موسيقية جديدة بعنوان "رحلة المقام"    قابس : انطلاق نشاط قاعة السينما المتجولة "سينما تدور"    رئيس اللجنة العلمية للتلقيح: لا خطر البتة على الملقحين التونسيين بلقاح "أسترازينيكا"    القصرين: اضاحي العيد المتوفرة كافية لتغطية حاجيات الجهة رغم تراجعها (رئيس دائرة الإنتاج الحيواني)    86 مشرعا ديمقراطيا يؤكدون لبايدن انتهاك إسرائيل للقانون الأميركي    بوريل..امريكا فقدت مكانتها المهيمنة في العالم وأوروبا مهددة بالانقراض    تصنيف يويفا.. ريال مدريد ثالثا وبرشلونة خارج ال 10 الأوائل    قرعة كأس تونس لكرة القدم (الدور ثمن النهائي)    إفتتاح مشروع سينما تدور    فتحي الحنشي: "الطاقات المتجددة والنجاعة الطاقية أصبحت أساسية لتونس"    المدير العام للديوانة يتفقّد سير عمل المصالح الديوانية ببنزرت    منير بن رجيبة يترأس الوفد المشارك في اجتماع وزراء خارجية دول شمال أوروبا -إفريقيا    فيلا وزير هتلر لمن يريد تملكها مجانا    القصرين: تمتد على 2000 متر مربع: اكتشاف أول بؤرة ل«الحشرة القرمزية»    بداية من الغد.. وزير الخارجية يشارك في أشغال الدورة 15 للقمة الإسلامية    بطاقتا إيداع بالسجن في حقّ فنان‬ من أجل العنف والسرقة    إنه زمن الإثارة والبُوزْ ليتحولّ النكرة إلى نجم …عدنان الشواشي    المحمدية.. القبض على شخص محكوم ب 14 سنة سجنا    تالة: مهرجان الحصان البربري وأيام الاستثمار والتنمية    حالة الطقس هذه الليلة    مجلس وزاري مضيق: رئيس الحكومة يؤكد على مزيد تشجيع الإستثمار في كل المجالات    عاجل/ قضية "اللوبيينغ" المرفوعة ضد النهضة: آخر المستجدات..    عاجل/ أعمارهم بين ال 16 و 22 سنة: القبض على 4 شبان متورطين في جريمة قتل    العثور على جثة آدمية مُلقاة بهذه الطريق الوطنية    حجز 67 ألف بيضة معدّة للإحتكار بهذه الجهة    ألكاراز ينسحب من بطولة إيطاليا المفتوحة بسبب الإصابة    توطين مهاجرين غير نظاميين من افريقيا جنوب الصحراء في باجة: المكلف بتسيير الولاية يوضّح    كرة اليد: بن صالح لن يكون مع المنتخب والبوغانمي لن يعود    بطولة افريقيا للسباحة : التونسية حبيبة بلغيث تحرز البرونزية سباق 100 سباحة على الصدر    الحماية المدنية:15حالة وفاة و500إصابة خلال 24ساعة.    مواطنة من قارة آسيا تُعلن إسلامها أمام سماحة مفتي الجمهورية    منظمة إرشاد المستهلك:أبلغنا المفتي بجملة من الإستفسارات الشرعية لعيد الإضحى ومسألة التداين لإقتناء الأضحية.    السعودية: انتخاب تونس رئيسا للمجلس التنفيذي للمركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة "أكساد"    التلقيح ضد الكوفيد يسبب النسيان ..دكتور دغفوس يوضح    أعمارهم بين 13 و16 سنة.. مشتبه بهم في تخريب مدرسة    دراسة صادمة.. تربية القطط لها آثار ضارة على الصحة العقلية    زلزال بقوة 4.2 درجة يضرب إقليم بلوشستان جنوب غرب باكستان    خطبة الجمعة ..وقفات إيمانية مع قصة لوط عليه السلام في مقاومة الفواحش    خطير/ خبير في الأمن السيبراني يكشف: "هكذا تتجسس الهواتف الذكية علينا وعلى حياتنا اليومية"..    العمل شرف وعبادة    ملف الأسبوع .. النفاق في الإسلام ..أنواعه وعلاماته وعقابه في الآخرة !    "أنثى السنجاب".. أغنية أطفال مصرية تحصد مليار مشاهدة    بايدن يتحدى احتجاجات الطلبة.. "لن أغير سياستي"    وزارة الشؤون الثقافية تنعى الفنان عبد الله الشاهد    موعد عيد الإضحى لسنة 2024    ''أسترازنيكا'' تعترف بأنّ لقاحها له آثار قاتلة: رياض دغفوس للتونسيين ''ماتخافوش''    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المرحلة القادمة لشباب الاخوان بعد الثورة : ياسر حسن
نشر في الحوار نت يوم 22 - 04 - 2011

ان المرحلة القادمة التى ستشهدها مصر خاصة والامة العربية العربية عامة أصعب بكثيرمن وجهة نظرى من قيام الثورة نفسها .فهنا نقف على صرخة فى صحراء قاحلة نادى نحن قوم لا نضر بل نح منكم وبكم ومعكم وإليكم ، ولكن هل ستجد اناس يسمعونك وانت تنادى .لربما يسمعك مخلوق او اثنان او فريق ولكن هل هو الهدف الذى من اجله داعية ودعوة وجماعة. إن الداعية الناجح هو القادر على الإيغال والتأثير بدعوته وفكرته في الناس كل الناس على اختلاف مشاربهم وطبائعهم ومستوياتهم وعلى اجتذاب مساحة كبرى من الجماهير واستيعابها فكرياً وحركياً .
لذا يحبذ الاستيعاب لان لديه قدرة شخصية ومؤهلة خلية وصفة إيمانية ومنة ربانية تساعد الدعاة وتجعلهم منارات هدى في مجتمعاتهم وأقطاب رحى في مواطنهم يستقطبون الناس ويلتف من حولهم الناس .
والحقيقة إن القدرة على الاستيعاب تعتبر المؤهل الأول والأهم في شخصية الداعية .. وبدونها لا يكون داعية ولا تكون دعوة

والعلاقة بين الاستيعاب ونجاح الدعوة علاقة جذرية إذ لا نجاح بدون قدرة على الاستيعاب .. والدعوة الغنية بالدعاة القادرين على اجتذاب الناس إلى الإسلام وإلى الحركة يصبح حظها من النجاح ومن تحقيق أهدافها قوياً إذا ما توفرت لها المناخات اللازمة والشروط الأخرى ..

وعكس ذلك كذلك حيث أن الدعوة الفقيرة بالدعاة القادرين على استيعاب من حولهم قد تبقى عقيمة محدودة الانتشار والآثار إلى أن يقبض الله لها رجالاً تتوافر لديهم أسباب الهداية والتأثير والاستيعاب أو يستبدلها بدعوة أخرى لا تكون مثلها وتلك سنة الله { ولن تجد لسنة الله تبديلاً } { ولن تجد لسنة الله تحويلاً } وصدق الله تعالى حيث يقول { وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم.

دور الداعية فى المرحلة القادمة

ان من شروط نجاح الداعية في دعوته والتي تمكنه من النفاذ بدعوته في المجتمع الذي يعيش فيه قيامه بخدمة الآخرين والعمل على قضاء حوائجهم ...
فالدعوة ليست منبراً لعرض الأفكار والنظريات .. والداعية ليس (مذياعاً) يردد الأفكار المجردة فحسب .. بل إن الدعوة والداعية يجب أن ينتقلا نقلة نوعية تجعلهما يعيشان هموم الناس ويحملان بقسط وافر من هذه الهموم ..
وهذا الأمر ليس من قبيل الدعاية والمتاجرة والاستغلال كما هو الشأن لدى الجمعيات التبشيرية وغيرها وإنما هو مبدأ في صلب المنهج الإسلامي . لا يصلح الإسلام إلا به وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يقول :(( من بات ولم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم ))
في كثير من الأحيان تحول هموم الناس ومشكلاتهم بينهم وبين التلقي .. وتصبح هذه الهموم والمشكلات سداً منيعاً في وجه ما يردهم من أفكار مجردة ونظريات ومن هنا كان من واجب الداعية أن يبادر إلى إزالة العوائق من طريق دعوته وإلى فتح القنوات الموصلة لأفكاره إلى قلوب الناس وعقولهم ..
وإن كان صحيحاً أن الداعية لن يسع الناس بماله وجهده وخدماته ولكن ليس من الصحة في شئ اعتباره حائلاً بينه وبين قيامه بما يستطيع فالمطلوب منه ابتداء القيام ببذل ما يستطيع من جهد فإن قصر به جهد عوضه وأكمله بحسن الخلق .. وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يقول ((إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فسعوهم بأخلاقكم)).
والإيمان نفسه يجب أن يدفع الداعية إلى أن يحب لغيره ما يحب لنفسه .. وهذا لن يكون إلا بالسعي في شؤونهم وقضاء حوائجهم ..
والأخوة الإسلامية نفسها والتي تقوم على الحب في الله لا يمكن أن تتحقق على أرض الواقع ويتحقق نقلها من حيز الادعاء إلى حيز التطبيق إلا من خلال المساعدة والمساندة والاهتمام والسعة وقضاء الحاجة ..
وإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتبرأ من إنسان يبات شبعان وجاره جائع وهو يعلم فهو أكثر تبرأ من إنسان يقدر أن يرفع الظلم عن أخيه أو يقضى حاجته أو يفرج كربه أو يزيل همه ثم لا يفعل ؟؟
إن الداعية بحق هو الذي يعيش لسواه لا لنفسه ويكون ديدنه الدوران حول مجتمعه وحول المسلمين وليس حول ذاته .. وهو الذي يعمل على توفير الراحة للآخرين ولو على حساب راحته بل إن الداعية بحق هو الذي تسعده سعادة الآخرين وتشقيه شقاوتهم يرتاح إذا ارتاحوا ويطمئن إذا اطمأنوا ويسعد إذا سعدوا ..
فإذا قامت هذه الوشائج بين الداعية وبين الناس تحقق الوصال والاتصال وتحقق التأثر والأثر ونجحت المهمة وآتت الدعوة أكلها بإذن ربها وإن كان غير ذلك لم تكن دعوته ولم يكن داعية ..
وكيما يتمكن الداعية من خدمة الناس وقضاء حوائجهم فإن عليه أن يكون قريباً منهم موصولاً بهم غير مقطوع عنهم كما أن عليه أن يجالسهم ويحادثهم ويستمع إليهم ..
ولقد كان من صفاته صلى الله عليه وسلم إنه كان يجلس إلى الناس ويستمع لهم حتى وقع الظن لدى البعض وأشاع البعض الآخر من المنافقين أن رسول الله (أذن) يستمع إلى هذا ويصدقه أي تنطلي عليه الأمور فنزل في ذلك قوله تعالى : { ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن قل أذن خير لكم يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين ورحمة للذين آمنوا منكم والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم }.
أعرف داعية كثير الجلوس إلى الناس والاستماع إليهم وإلى ما عندهم حتى غدا بيته مقصداً للناس ومرجعاً لهم يبثون فيه همومهم ويستقضون فيه حوائجهم ويحلون عن طريقه مشاكلهم ولقد شق هذا الأمر على بعض أصحاب الداعية واعتقدوا أن في ذلك مضيعة لوقته ومشغلة عن دعوته .. ولم يعلم هؤلاء وأولئك حتى الآن أن هذا هو ميدان الدعوة العملي وأن هذا هو الطريق الذي يصلها بالناس وصلاً مباشراً وإن التوجيه والتوعية الذين يمكن أن يكونا من خلال ذلك أكثر أثراً من التوجيه العام النظري الذي يكون عادة عن طريق الخطبة والمحاضرة والحديث ...
إن من الأسباب الرئيسية لركود الدعوة أو جمودها أو عقمها أحياناً اكتفاء أصحابها بالإطلال على الناس في المناسبات بمكتوبات أو مقولات -
والدعوة الناجحة هي الدعوة الموصولة بقضايا الناس لأنها ستكون عند ذلك موصولة بقلوبهم ومشاعرهم ..
إن الفكرة المجردة تدب فيها الحياة وتصبح قضية متحركة إذا ما تجسدت في الواقع وطرحت على أرض الواقع والفكرة تبقى نظرية وبعيدة ما لم ترتبط أو تحاكى واقعاً معاشاً أو بالتالي تكون معالجة ومتعاملة مع هذا الواقع سلباً أو إيجاباً ..
إن قضايا الناس كثيرة ومتشبعة فمنها الخاص ومنها العام ومنها النفسي ومنها الحسي ومنها التافه ومنها المهم والداعية يجب أن تكون معالجته لها بحسب الأولويات والأهميات ..
والأمر الذي لا مناص منه ولا فائدة بدونه أن يكون ارتباط الحوائج وبذل المساعي بفكر الداعية ودعوته لا بشخصه وأن يبدأ بهذا الربط ويسعى له من أول يوم وإلا كان الاستقطاب حول الشخص وليس حول الفكرة أو الحركة وهذه قضية مهمة يجب التنبه إليها والحذر منها قبل أن تصبح باباً للشيطان ووبالاً على الدعوة والداعية ..
وإذا كان المنهج الإسلامي قد حض عموم المسلمين وعامتهم على القيام بقضاء حوائج الناس فإن دعاة الإسلام معنيون بذلك أكثر ..
- فمما ورد عن رسول الله في الحض على قضاء الحوائج قوله :
(( المسلم أخو المسلم : لا يظلمه ولا يسلمه من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة )
(( لأن يمشى أحدكم مع أخيه في قضاء حاجته وأشار بإصبعه أفضل من أن يعتكف في مسجدي هذا شهرين )).
((لا يزال الله في حاجة العبد مادام في حاجة أخيه)).
- وفي حضه على السعي والسعاية للمسلمين يقول :
((الساعي على الأرملة والمساكين كالمجاهد في سبيل الله وكالقائم الليل الصائم النهار )).
((من كان وصلة (أي شفيعاً موصلاً)) لأخيه المسلم إلى ذي سلطان في مبلغ بر أو إدخال سرور رفعه الله في الدرجات العلى من الجنة )).
((من لقي أخاه المسلم بما يحب ليسره بذلك سره الله عز وجل يوم القيامة )).
((من مشى في حاجة أخيه حتى يثبتها له أظله الله عز وجل بخمسة وسبعين ألف ملك يصلون له ويدعون له إن كان صباحاً حتى يمسي وإن كان مساء حتى يصبح ولا يرفع قدماً إلا حط الله عنه خطيئة ورفع له بها درجات ))
- وفي حضه على إدخال السرور إلى قلب المسلم يقول :
((إن من موجبات المغفرة إدخالك السرور إلى أخيك المسلم )).
((أفضل الأعمال إدخال السرور على المؤمن كسوت عورته أو أشبعت جوعته أو قضيت حاجته)).
((من أدخل على أهل بيت من المسلمين سروراً لم يرض الله له ثواباً دون الجنة )).
((أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم تكشف عنه كربة أو تقضى عنه ديناً أو تطرد عنه جوعاً ولأن أمشى مع أخ في حاجة أحب إلى من أن أعتكف في هذا المسجد شهراً ومن كظم غيظه ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه يوم القيامة رضى ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى يقضيها ثبت الله قدميه يوم تزل الأقدام )).
وهكذا تتكاثر وتكثر التوجيهات النبوية التي تدعو وتحض على قضاء حوائج المسلمين وبذل المساعي الخيرة لهم وإدخال السرور إليهم ودعاة الإسلام أولى الناس جميعاً في الإقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم واتباع سنته ..
وبذلك نأتي إلى ختام الكلام عن الصفات والشروط التي يحتاجها الداعية ليتمكن من نشر دعوته وتأدية رسالته على أكمل وجه وليتمكن من استقطاب الناس حول الإسلام واستيعابهم في دعوته ..

الشروط الواجب توافرها للفرد فى المرحلة القادمة

ان استيعاب الحركة لأفرادها هو الشرط الأول والأساسي لنجاحها فكم من حركة تضم الآلاف من الناس لكن من غير استيعاب له واستفادة من طاقاتهم وإمكانياتهم مما يجعلها عديمة الأثر محدودة السير بينما وجد في المقابل حركات تضم بضعة عشرات ن الأفراد مستوعبين بالكلية لحركاتهم ومن حركاتهم أصبحت ذات شأن وأثر وفاعلية في المجتمع ..
فما هي الشروط التي تمكن الحركة من استيعاب أفرادها :
الشروط الأول : أن تكون قد نجح ابتداء في عملية التكوين ومرحلة التربية لأن استيعابها للأفراد حركياً يجب أن يسبقه الاستيعاب التربوي والبناء الحركي يجب أن يسبقه بناء تربوي فإن لم يتحقق ذلك أصبح البناء الحركي عملية غير مضمونه النتائج والعواقب ..
الشرط الثاني : أن تكون الحركة قد اكتملت لديها الطاقات والإمكانيات اللازمة لعملية الاستيعاب هذه كالقدرات التنظيمية والتربوية والتخطيطية والفكرية والسياسية الخ ..
فالحركة كل حركة تبقى قاصرة ومحدودة وضعيفة حتى تتمكن ن توفير الأجهزة والبدائل اللازمة لكل جانب من جوانب العمل .. وعندما تتمكن من ذلك تصبح حركة أصيلة قادرة على إنجاز عملية الاستيعاب الخارجي والداخلي بنجاح وإتقان ..
إن التفسير الصحيح لتعثر الحركة أحياناً وتخبطها كونها لا تزال في طور النمو والبناء ولم تصبح بعد قادرة على القيام بواجباتها والنهوض بمسئولياتها على الوجه الأكمل ..
الشرط الثالث : أن تعي حقيقة أفرادها وأن تعرفهم حق المعرفة هذه المعرفة التي تكشف لها طاقاتهم ميولهم مواطن القوة والضعف عندهم والتي من خلالها يمكنها أن تصنفهم وأن تعين لهم وتحدد مهماتهم ومسئولياته وأن تضعه في المكان المناسب .
إن حسن توظيف الإمكانات هو الذي يؤدى إلى الإثمار والنماء والعطاء أما إذا كان التوظيف عفوياً وكيفياً فإن إنتاجه لن يكون موفوراً ولا مشكوراً ..
الشرط الرابع : أن تقوم بتجنيد كافة أفرادها في العمل وليس فريقاً منهم أو المتفوقين فيهم إن إيجاد عمل معين لكل فرد مهما كان بسيطاً ومحدوداً من شأنه أن يضاعف الإنتاج وأن يجنب الحركة الفتن والمشكلات الناجمة عن العاطلين الذين ليس لهم دور ومهمة والذين يصبحون بؤرة ضعيفة يدخل من خلالها البلاء إلى الجسد كله ...
فالحركة الأصيلة الناجحة هي التي تحرك أصغر الإمكانات فضلاً عن أكبرها وتحسن الاستفادة من أضعف الأفراد إمكانية فضلاً عن أقواهم كل في مجاله وضمن إمكاناته ..
ثم أن الحركة بمسيس الحاجة إلى جميع أنواع وأصناف الإمكانيات واكتفاؤها بنمط معين من الإمكانيات يعرضها للفشل والإخفاق ..
فالذين يخططون قد لا يحسنون التنفيذ أو أن من المستحسن أن لا يتولون ذلك والذين يشتغلون في التربية قد لا يحسنون العمل السياسي أو العمل العسكري أو العمل الرياضي أو العمل الاجتماعي .. وتوزيع المهمات على المجموعة كلها أفضل بكثير من حصرها في نطاق ضيق ...
إن حصر المهمات والمسئوليات في عدد محدود من الأفراد له كثير من النتائج السيئة ويكفي من ذلك أنه يعرض الحركة للانهيار لدى أقل محنة أو مكروه يصيب القيادة لأنه يحول دون توافر البدائل ويبقى الأفراد متفرجين وبدل أن تكسبهم الأيام خبرة وتجربة وقدرة على تحمل المسئولية وتجشم الصعاب واقتحام العقبات يصابوا بالبلادة في الحركة والتفكير وباللامبالاة واللاشعور بالمسئولية ويصبحوا كلاً وعبئاً على الحركة بدل أن يحملوا أعباءها وأثقالها .
الشرط الخامس : أن تقوم الحركة بتوظيف القدرات بشكل جماعي وليس بشكل فردى إن من أخطر الأمراض التي تعانى منها الحركة ويعانى منه العمل الإسلامي النزعة الفردية في العمل أو بتعبير آخر قيام العمل على كاهل الأفراد لا الأجهزة وهذا بالتالي يجعل العمل مرتبطاً بالفرد متأثراً بطبيعته مرتهناً لإمكانياته وطاقاته محكوماً بأفكاره وتوراته واجتهاداته مما يجعله عرضه وباستمرار للتعثر والتوقف وللانحراف والتشوه كما يعرض القائم به للغرور والانتفاخ ويجعله في الحركة في موقع الإملاء عليها والتحكم فيها لشعوره بأنه على ثغرة لا يسدها غيره وبأنه يقدم أكثر مما يقدم سواه وأن الحركة لا تملك حياله شيئاً وأنه لا عوض عنه ولا بديل ..

رسالة اخيرة لمن اراد النجاح والاستمرار

إن الدعوة حتى تكون مستوعبة للمجتمع ، وأن الدعاة حتى يكونوا مستوعبين للناس ، بحاجة إلى معالجة ظاهرة الاستنكاف .
وظاهرة الاستنكاف هذه آخذة في الاتساع والانتشار في محيط الدعوة وواقع العاملين للإسلام يوماً بعد يوم ... وفي بعض الأقطار الإسلامية أخذت هذه الظاهرة منحى مخيفاً وطابعاً خطيراً .
فالاستنكاف عن مخالطة الجماهير و التعامل معها بالإسلام ودعوتها إليه من شأنه أن يجعل هذه الجماهير عدوة للإسلام و الحركة ويجعلها مسخرة ضد الدعوة و الدعاة من قبل أعداء الإسلام .
والاستنكاف عن العمل السياسي من الدعوة و الدعاة بحجة أن محيط العمل السياسي فاسد ويفسد من يلج إليه ، وأن السياسة ملعونة ملعون من يمارسها - إلى ما هنالك من أقوال ما أنزل الله بها من سلطان - سيجعل سياسة البلد وقيادته وقراراته بيد أعداء الإسلام ، وموجهة ضد الإسلام و العاملين له ...
واستنكاف الحركة في قطر من الأقطار عن المشاركة في الأجهزة المكونة من تيارات مختلفة لمعالجة مشكلة من المشكلات ، سيجعل تلك التيارات هي الحاكمة و الفاعلة وهي المهيمنة حتى على الشارع المسلم ، مسخرة جماهيره لأغراضها وأهدافها ، ومحرضة إياه ضد الحركة الإسلامية نفسها ...
واستنكاف العاملين عن التوظف في أجهزة الدولة المختلفة - التربوية والإعلامية و العسكرية وغيرها - بحجة أن نظامها غير إسلامي ، سيجعل هذه الدولة بكل أجهزتها ومؤسساتها بؤرة لأعداء الإسلام ، مما يعيق أو يحول دون تحقيق أهداف الحركة القريبة و البعيدة ويجعلها مشلولة مغلولة ...
والاستنكاف عن الاختلاط بالناس بحجة بعدهم عن الإسلام وسوء أخلاقهم وكثرة انحرافاتهم من شأنه أن يزيد المشكلة تعقيداً ، ويوسع الهوة بين هؤلاء وبين الإسلام ...
وإذا كان الناس مرضى واستنكف الطبيب عن معالجتهم ، فإن هذا المر سوف يستفحل ، وسيقتل الطبيب نفسه فضلاً عن المريض .
ثم إنه ما قيمة الدعوة وما قيمة الدعاة إن كانوا مستنكفين عن خوض عملية التغيير في المجتمع ... وهل يظن هؤلاء أن عملية التغيير يمكن أن تتم من خارج المجتمع وبدون اختراقه و الدخول إليه و التأثير فيه و التعامل معه ؟..
إن الدعوة حيال هذا الموضوع أمام خيارين لا ثالث لهما :
الأول : أن تبقى الدعوة دعوة لأصحابها قاصرة عليهم مهتمة بهم دون غيرهم ، غير عابئة بالناس وبهدايتهم ... وعند ذلك تكون دعوة ( صالحين ) غير مصلحين ، ودعوة ( صفوة ) لا جماهيرية ... وعليها أن تدرك إن كانت كذلك ، أن نهجها هذا مخالف للإسلام ولطبيعة الدعوة ، وأن عملها هذا قد لا ينجيها ويعصمها من طغيان الجاهلية وطوفان الفساد ما دامت مستنكفة عن العمل لمواجهته ووقفه أو الحد منه ...
الثاني : أن تكون الدعوة للناس كل الناس - المريض منهم قبل المعافى - و المنحرف فيهم قبل المستقيم - تحمل الهداية إلى الجميع وتحنو على الجميع ، وتريد الخير للجميع ، وتحرص على الاستفادة من كل طاقة وتوظيفها في خدمة الدعوة ومعركة الإسلام

إن عقائدية التغيير الإسلامي يحتاج من الحركة أن تكون ( صفوية ) قيادة وطليعة ، كما أن الجذرية التغيير و الشمولية يحتاجها إلى أن تكون ( جماهيرية ) كذلك .
أما إن بقيت الحركة تراوح مكانها بعد مرحلة الاصطفاء دون أن تخرج بمن اصطفتهم إلى دنيا الناس ، ومن غير أن تدربهم على ذلك ، أو تدفعهم إلى تجربة ذلك ، أو تقودهم من خلال ذلك فإن مآلها إلى انعزال ، وإن أثرها إلى انحسار ، كما وأن عناصرها ( المحنطة ) المستنكفة عن المخالطة الناس والاهتمام بشئونهم وتبنى مشكلاتهم ورفع ظلامتهم ستصاب بإدبار قبل إقبال ، وبتآكل بعد تكامل ، لأنها تكون قد فقدت عنصر القوة في معاركة ( تصارع البقاء ) وصدق الله تعالى حيث يقول { وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم } .
**الاعداد من عدة مصادر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.