في ذكرى عيد الجلاء: قراءة تاريخية مع د عبد الواحد المكني - "معركة بنزرت بين الدم والدبلوماسية"    تونس.. من الجلاء إلى الإجلاء    تونس تحتفل بالذكرى الثانية والستين لعيد الجلاء    واشنطن تلغي تأشيرات 6 أجانب بسبب تعليقات حول اغتيال تشارلي كيرك    الزهروني : الاطاحة بعصابة السطو على المنازل    بين الأسطورة والذكاء الاصطناعي: قصة جواز سفر من دولة لا وجود لها تهزّ الإنترنت    يوم مفتوح لتقصي هشاشة العظام لدى المرأة يوم 18 أكتوبر بالمتشفى الجامعي بالرابطة    عاجل : 7 منتخبات عربية تتأهل إلى مونديال 2026 وتونس في الموعد    وزارة الفلاحة:جلسة عمل حول مقاومة الحشرة القرمزية في ولاية القصرين    طقس اليوم: أمطار مُرتقبة بعدّة مناطق مع إمكانية تساقط البَرد    عاجل : من اليوم المطاعم والمقاهي لازم يسجّلوا كل حاجة: تفاصيل مهمة !    توزر على إيقاع مهرجان "مسرح الجنوب": عروض في المعتمديات.. قطار المسرح ..وندوة مع بيت الحكمة    الاحتلال يقرر فتح معبر رفح وإدخال 600 شاحنة مساعدات للقطاع    لأول مرة في التاريخ.. 7 منتخبات عربية في نهائيات كأس العالم    خلف القضبان.. ماذا ينتظر الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي؟    تونس تحيي الذكرى 62 لعيد الجلاء: كل ما تحب تعرفوا على ذكرى التحرر    تصفيات إفريقيا لمونديال 2026: السنغال وكوت ديفوار وجنوب إفريقيا تكمل عقد المنتخبات المتأهلة إلى النهائيات    تونس تُحيي الذكرى ال62 لعيد الجلاء    ترامب: تحدثت إلى حركة حماس وطالبتها بالتخلي عن سلاحها ووافقوا وإذا لم يلتزموا سنتكفل بذلك    فرنسا.. الاشتراكيون يرفضون سحب الثقة من الحكومة الجديدة    من الإبادة الصاخبة المكثفة إلى الإبادة الباردة عبر ومضات تدميرية    ترامب: بوتين لا يريد إنهاء حرب أوكرانيا    التلقيح ضدّ النزلة الموسمية سيكون مُتوفرا ابتداءً من يوم غد الأربعاء    قابس: الخميس 16 أكتوبر يوم غضب جهوي... التفاصيل    الفريق المشترك لوزارتي الصناعة والبئية يستمع لحلول مقترحة لإيقاف مشكل الثلوث في قابس    صندوق النقد الدولي يتوقع ان تبلغ نسبة النمو في تونس 2،5 بالمائة سنة 2025    منتجو التفاح بفوسانة يعبّرون عن استيائهم من مداهمات المراقبة الاقتصادية المتكرّرة لمخازن التبريد وحجز محاصيلهم    الترجي يعلن عن نتائج الفحص الطبي للاعب يان ساس    الفنان الملتزم سمير ادريس ل«الشروق» فلسطين هي محور الكون والقضايا    سوسة: وكر دعارة داخل مركز تدليك    عاجل: لتفادي حجب الثقة.. الحكومة الفرنسية تعلق إصلاح نظام التقاعد    المنتخب التونسي تحت 23 عاما يجدد فوزه على نظيره العراقي وديا 3-0    لقاء إعلامي للتعريف ببرنامج "أوروبا المبدعة"    عاجل: غدا...تغيير في قطار صفاقس -تونس    عاجل: مطالب بضرورة إقرار إجباريّة مُناظرتي ''السيزيام'' و''النوفيام''    جريمة قتل بشعة تهزّ منطقة باب سويقة    وزارة الصحة تحذّر من السّمنة    تكريم الدكتور عبد الجليل التميمي في نوفمبر المقبل خلال حفل تسليم جائزة العويس للثقافة    عاجل: تفاصيل محاولة اقتحام فرع بنكي بالمنستير دون سرقة أموال    الكرة الطائرة: تحديد موعد إنطلاق منافسات البطولة    باجة: رئيس اتحاد الفلاحة يدعو الى توفير الاسمدة مع تقدم عمليات تحضير الارض بنسبة 85 بالمائة    إنفانتينو: الفيفا ستساعد غزة في استعادة البنية الأساسية لكرة القدم    عاجل : حبيبة الزاهي بن رمضان: تونسية تدخل قائمة أفضل 2% من علماء العالم    عاجل/ بشرى سارة بخصوص صابة زيت الزيتون لهذا العام..    غرفة التجارة والصناعة لصفاقس تستعد لإطلاق المنصّة الرقمية لإصدار شهادات المنشأ    عاجل: غدا...الصيد البرّي ممنوع في أريانة وبنزرت    الكاف: يوم تنشيطي بدار الثقافة بالقصور بمناسبة الاحتفال بالذكرى 62 لعيد الجلاء    هل عادت كورونا؟: الدكتور رياض دعفوس يكشف..#خبر_عاجل    بطولة اولبيا الايطالية للتنس: معز الشرقي يودع المنافسات منذ الدور الاول    وزارة التربية تصدر روزنامة المراقبة المستمرة للسنة الدراسية 2025-2026    طقس الثلاثاء: سحب كثيفة وأمطار غزيرة بالشمال والوسط ورياح قوية    بنزرت.. في الذكرى 62 لعيد الجلاء .. خفايا معركة الجلاء محور لقاءات فكرية    مهرجان الرمان بتستور يعود في دورته التاسعة..وهذا هو التاريخ    أولا وأخيرا .. البحث عن مزرعة للحياة    الزواج بلاش ولي أمر.. باطل أو صحيح؟ فتوى من الأزهر تكشف السّر    وقت سورة الكهف المثالي يوم الجمعة.. تعرف عليه وتضاعف الأجر!    يوم الجمعة وبركة الدعاء: أفضل الأوقات للاستجابة    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أبوالقاسم الشابي.. شاعر الثورات العربية
نشر في الحوار نت يوم 01 - 05 - 2011

أصبح الشاعر التونسي الراحل أبوالقاسم الشابي شاعر الثورات العربية بلا منازع بعد أن اتخذت هذه الثورات من أحد أبياته الشعرية شعارا لها وهو البيت الذي يقول فيه:
إذا الشعب يوما أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر
ولابد لليل الطويل أن ينجلي ولابد للقيد أن ينكسر

ردد ثوار تونس هذا البيت حتى انتصرت ثورتهم وردده المصريون حتى رحل نظام الرئيس مبارك لتتأكد مقولة الشابي ذلك الشاعر مرهف الحس، رقيق العاطفة، الذي عكست تجربته الشعرية آمال وآلام شعراء الحركة الرومانسية، وكان ينشد السعادة والجمال المطلق، ويرى في الحب سبيلا لتحقيق الخير والجمال.

الحب والمرض
ولد أبو القاسم الشابي في يوم الأربعاء 24 فبراير من عام 1909م في بلدة "الشابة" التابعة لولاية توزر المعروفة في تونس بكثرة العلماء و الشعراء فيها وهو نجل الشيخ محمد الشابي الذي تلقى تعليمه بالقاهرة ومكث بها حتى حصل على "إجازة الأزهر".

وكان الشيخ محمد الشابي رجلاً صالحاً تقياً يقضي يومه بين المسجد والمنزل وفي هذا الجو نشأ أبو القاسم الشابي حيث ادخله والده "الكُتاب" وهو في الخامسة من عمره، وأتمّ حفظ القرآن بكامله في سنّ التاسعة، ثم بدأ والده في تعليمه أصول العربية ومبادئ العلوم الأخرى ولما بلغ الحادية عشرة من عمره التحق بجامع الزيتونة المعمور في 11 أكتوبر 1920م وتخرّج عام 1928م ثم التحق بمدرسة الحقوق التونسية وتخرج فيها عام 1930م.

كان الشابي مريضا بالقلب ولم تظهر أعراض المرض عليه واضحة إلا في عام 1929 عندما ألح عليه والده في الزواج الأمر الذي استدعى استشارة الطبيب الذي حذره من عواقب الإجهاد الفكري والبدني ولكن امتثالاً لرغبة والده عزم الشابي على الزواج وعقد قرانه.

ولكن حالته ازدادت سوءاً فيما بعد بعوامل متعددة منها التطور الطبيعي للمرض بعامل الزمن، وضعف بنيته وأحوال الحياة التي تقلّب فيها طفلاً والصدمة التي تلقاها بموت حبيبته الصغيرة وإهماله لنصيحة الأطباء بالاعتدال في حياته البدنية والفكرية بالإضافة إلى زواجه.

يقول الشابي في إحدى يومياته وقد مر ببعض الضواحي: "ها هنا صبية يلعبون بين الحقول وهناك طائفة من الشباب الزيتوني والمدرسي يرتاضون في الهواء الطلق والسهل الجميل ومن لي بأن أكون مثلهم ؟ ولكن أنى لي ذلك والطبيب يحذر من ذلك لأن بقلبي ضعفاً ! آه يا قلبي ! أنت مبعث آلامي ومستودع أحزاني وأنت ظلمة الأسى التي تطغى على حياتي المعنوية والخارجية ".

عمر قصير
في عام 1933م ازدادت الحالة الصحية للشابي سوءاً واشتدت عليه الآلام فاضطر إلى ملازمة الفراش مدة، ثم دخل مستشفى الطليان في العاصمة التونسية في اليوم الثالث من شهر أكتوبر قبل وفاته بستة أيام وتوفي أبو القاسم الشابي في المستشفى في فجر التاسع من أكتوبر من عام 1934م، ونقل جثمانه في نفس اليوم إلى توزر ودفن بها، وقد نال الشابي بعد وفاته اهتماماً كبيراً ففي عام 1946م تألفت لجنة لإقامة ضريح له نقل إليه في احتفال كبير.

ويمكن القول أن الظروف الاجتماعية والسياسية وأيضا الخاصة التي عاشها الشابي قد ساهمت في تشكيل رؤيته وتجربته، فقد عانى ظلم مجتمعه، وتأثر بما كان سائدا فيه من تخلف وجمود، كما عانى آلام الوحدة بعد أن فقد حبه الذي ظل يبكيه طوال حياته، وبعد أن فقد أباه الذي كان رمزا لكل المبادئ والمعاني السامية التي يؤمن بها، وعانى آلام المرض الذي أصيب به في مرحلة شبابه، وكان سببا في وفاته وهو في ريعان الشباب.

كل هذه العوامل أدت إلى الإحساس بالألم النفسي الحاد بداخله كما أدت إلى ثورته على الجمود والتخلف من جهة أخرى، وقد عبر عن ذلك في شعره الذي يبدو فيه الصراع بين الحزن والسعادة، وبين الموت والحياة، وينتهي هذا الصراع بتفضيل الموت الذي إعتبره الشابي بداية لحياة أخرى مليئة بالسعادة والجمال المطلق، بعيدة عن الآلام والقبح الذي انتشر في حياة البشر.

وقد اعتمد الشابي في تشكيل موقفه ورؤيته التي تصور الصراع والآلام بداخله على التشخيص الذي ينتشر في شعره انتشاراً واسعاً، حيث يعتبر وسيلته للكشف عن انفعالاته وآلامه الداخلية وصراعه مع مجتمعه، فالتشخيص ذو قدرة كبيرة على التكثيف العاطفي، وعلى الإيجاز والإيحاء، وهذا أمر يسعى إليه شعراء الرومانسية ومنهم الشابي بصفة خاصة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.