جاءت تصريحات السيد الراجحي على صفحات الفيسبوك قنبلة سياسية في حجم قنابل النار على سكبوها على رؤوس العراقيين, عرى بعض الغموض وعرى ايضا مخططا شيطانيا في حجم قوى الردة التي كانت بن علي ومن عمل معه. الوطن هكذا بيد التجمع, فلا السبسي يحكم ولا غيره, كلهم مجرد أدوات لعودة الوطن إليهم مقموعا مدحورا. إنها أياد خفية تحكم وتخطط من وراء ستار. كان موازيا لحملات إعلامية صاخبة والكل موجه بنادقه إلى من؟ إلى النهضة. ربما صبر الآراء الذي كشفت عنه منظمات عالمية تجعل دائما من النهضة في طليعة اختيار الشعب. غاضهم صبر الآراء وقد يكون خاطئا, خرج بعض اليسار من مخابئهم في هجوم محموم غير عاقل على النهضة وكأنها هي التي تحكم وتقود البلاد. كانت دعاياتهم خائبة وتجانب الحقيقة, ولم يكن أحدا يتصور بان هناك مشروعا اكبر من مجرد حملات انتخابية سابقة لأوانها. لكن السيد الراجحي قد كشف عن جانب من المستور, وقد عوقب بطرده لأنه تمكن من حل التجمع, الراشدي تحدث بوضوح عن الأيادي الخفية, ثم ذهب إلى ابعد من ذلك بكثير حينما تحدث عن إمكانية الحكم العسكري لو نجحت النهضة في اختيار الشعب لها. وهنا يصبح المشهد أكثر وضوحا برغم كثير من الغموض بان هناك تحالفا قائما ما بين التجمعيون وبعض اليسار والجيش لسرقة الوطن من ثورته ومن حريته التي قدم من اجلها الفقراء أرواحهم ودمائهم. التجمعيون, يحكمون من خلف ستار, يعينون من شاءوا في المناصب الهامة, ويحرقون البلد عندما يقررون, ويخرجون المساجين من سجونهم لبث الفوضى في البلد, وهدفهم البقاء في الحكم بأي ثمن. وبعض اليسار والعلمانيين وبعض دعاة التقدمية, كانت مهمتهم الهجوم على الحركة التي من المفترض فوزها برضاء الشعب, فسيطروا على الأعلام بشتى جوانبه, محاولين تشويه النهضة بشتى الطرق, ولما لم يفلحوا انتقلوا الى المربع الثاني ألا وهو العنف, العنف على النهضة مثل ما حدث في المنستير والأعتداء على الشعب لتخويفه مثلما حدث في سليانة وتبين تورط حزبا يدعي الديمقراطية. وأما الجيش, وحسب السيد الراجحي فمهمته تبتدئ عند سقوط الخيارات الأولى وانتصار النهضة, بانقلاب عسكري يفتك السلطة افتكاكا من الشعب. هذا التحالف لم يكن غائبا عن التحاليل السياسية سابقا, ولكن الراجحي قد أكده بأكثر تفاصيل ووضوح. تونس ليست كالجزائر مثلما ذهب الراجحي, لأن النهضة سلمية ولن تدخل في ردات فعل مع أي طرف, وقد وعد الجنرال الحبيب عمار بحماية الشعب والثورة وقد يحميها بالفعل, مع إن أسئلة كثيرة تصدع رؤوس الكثير حول أداء الجيش ما بعد الثورة. التجمع فهمنا بأنه سيقاتل لبقاءه حتى ولو يحرق البلد وقد فعلها مرات, واليسار الذين انخرطوا في هذه المؤامرة, هل يريدون أن يبقى التجمع لأنهم غير قادرين على كسب ود الشعب حتى لو دخلوا الانتخابات بمفردهم, في مقابل أن لا تنجح النهضة, أم لأنهم وقفوا مع بن علي على مدى تاريخ حكمه ويوفون بالعهد الذي بينهم. والسؤال الذي لا يجد تفسيرا قاطعا, هل يتحالفون لأنهم اعتقدوا بان الشعب هو النهضة, أم لأنهم أعداء الإسلام, أم لأنهم يريدون البقاء وسرقة الشعب مثلما كانوا يفعلون؟ وما أدراهم لعل النهضة لا تنجح ولن يختارها الشعب, والحقيقة التي يجب ان يعلمونها هي ان الشعب ليس هو النهضة, فهي ليست سوى فصيل من كل القوى الحية بالبلاد. الدكتور محجوب احمد قاهري 06-05-2011