تمهيد المحرك الأول : النظرية النقدية المحرك الثاني : القيم و الإجراءات المحرك الثالث : احتضان التميز والإبداع والاختلاف خاتمة ----------------------------------------------------------------------------- تمهيد ونحن على أبواب خريطة سياسية جديدة تتشكل في مصر ما بعد ثورة 25 يناير ، يرى البعض حتمية سقوط الأحزاب القديمة لاعتبارات عدة أهمها أنها كانت جزءً عضوياً ووظيفياً من النظام الساقط ، ويرى البعض الآخر – وأنا منهم - ضرورة الإبقاء على الرصيد الإيجابي من الفترة السابقة مع تطويره وما يناسب طبيعة المرحلة الجديدة التي تعيشها مصر الثورة ، لذا أطرح بعض النقاط الشائكة والحرجة التي تبدو كسلاح ذو حدين في عمليات التطوير الخاصة بالأحزاب المصرية ، وهو ما أطلقت عليه محركات القوة الثلاثية لحركة التطوير . المحرك الأول : النظرية النقدية بمعنى "تمرير الأفكار والمشروعات والأنماط على محكمة الدليل والبرهان وفق منظومة منهجية في القياس" هنا سنحدد وبدقة أين نحن؟! وبالتالي من اليسير أن نحدد المسافة أو الفجوة بين ما كان مستهدفاً وبين ما وصلنا إليه ، من هنا سنقف وبسهولة على مدى جاهزية وكفاءة الاستراتيجيات والهياكل الإدارية واللوائح المنظمة ، أيضاً مدى كفاءة مراكز التخطيط وأجهزة التنفيذ ومؤسسات الرقابة والمتابعة .. لكن هناك إشكالية تواجه هذا المحرك الفاعل وهي إشكالية موروثة في النظر إلى مفهوم النقد والذي يحمل لدى العديد معان سلبية تدخل في باب الطعن والتجريح والانتقاص وهو مفهوم يحتاج لاتفاق وتحرير حتى نتعامل مع المفاهيم والمصطلحات العلمية بقدر من الجرأة والحرية ... فضلاً عن مقاومة من يدخل هذا الباب بالمزيد من التبرير والدفاع وربما الاتهام أحياناً وفي كثير من الأحيان يتم نوع من الفرز والتصنيف لمكونات الكيان الواحد وهو معمول به في عالم السياسة حين نجد من يسمون بالإصلاحيين والحرس القديم والصقور والحمائم وغير ذلك المتداول إعلامياً المحرك الثاني : القيم و الإجراءات هناك العديد من القيم المعلنة داخل الأحزاب المصرية ، وهي قيم حضارية ورائعة لكن تكمن الإشكالية أو العقبة في كيفية ترجمة هذه القيم إلى إجراءات عملية بمقاييس أكثر جودة ، مثلاً "قيمة الديمقراطية" ... حين يختزلها البعض في نسبة التصويت العددي للموافقين على أمر ما أو المعارضين له ، متجاهلاً أن الديمقراطية منظومة متكاملة من المعارف والمعلومات والقيم والأخلاقيات وأخيراً المهارات والممارسات ، مثال آخر ... "قيمة مؤسسية الإدارة" ... هناك فرق شاسع بين المؤسسية العلمية والمؤسسية بمفهومها العشوائي، حين يخلط البعض بين المؤسسية والجماعية ، وهو خلط غير متعمد لكنه واقع ، المؤسسية تعنى منظومة متكاملة من الأفكار والمشروعات لا ترتبط بشخص أو هيئة ويتم التعاطي معها وفقاً لرؤية الكيان ورسالته المنشودة المحرك الثالث : احتضان التميز والإبداع والاختلاف وهي قضية القضايا داخل المجتمعات العربية الرسمية والخاصة ، حين لا تنجح المؤسسات في التعاطي الفاعل مع قوة الإبداع والتميز الكامنة فيها ، بل ترى بعض الكيانات أن من يسمون بالمبدعين أو المتميزين هم أكثر الناس فوضى وعشوائية وأقلهم انضباطاً بالنظام العام ، وهي إشكالية تعانيها المؤسسات الاجتماعية والتربوية والسياسية " البيت ، المدرسة ،المسجد ،الكنيسة ، الحزب ، ....." أكثر ما تعانيها المؤسسات الأخرى خاصة الاقتصادية التي تميل دائماً للمغامرة من أجل تحقيق القدر الأكبر من الأرباح والمكاسب ، إشكالية الإبداع والتميز بحاجة ملحة إلى خريطة واضحة تحدد فيها معايير التميز والاختلاف الخلاق وكيفية التوظيف الأمثل له ، وبالتالي هو يحتاج لفرق عمل مدربة على هذا النوع من البشر وإلا تكون النتيجة هي الإهمال ثم الإقصاء وأخيراً المغادرة "راجع واقع الأحزاب المصرية في غياب الوفاق وحضور الشقاق" خاتمة تطوير الحياة المصرية بكل مكوناتها خاصة السياسية مسئولية وطنية انطلاقاً من مكانة الإصلاح السياسي في سلم أولويات الإصلاح وهو أمر ممكن ما توفرت الإرادة لأن ثورة 25 يناير أكدت لنا جميعاً أننا نستطيع إذا أردنا .... حفظك الله يا مصر الثورة والأمل ... محمد السروجي مدير مركز الفجر للدراسات والتنمية